خلال افتتاح السنة التشريعية الحالية، دعا الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه بالبرلمان، إلى تمليك الأراضي الجماعية البورية لفائدة ذوي الحقوق على غرار تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري. وبعد الخطاب الملكي، سارعت وزارة الداخلية إلى إخراج ثلاثة مشاريع قوانين صادق عليها المجلس الحكومي، وستحال على غرفتي البرلمان للمصادقة عليها، خلال الدورة الاستثنائية، التي ستنطلق أشغالها ابتداء من اليوم الاثنين، بموجب مرسوم للحكومة، طبقا للفصل 66 من الدستور. ويتعلق المشروع الأول منها بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والثاني بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، فيما يتعلق مشروع القانون الأخير بتتميم وتغيير الظهير الشريف المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري. وفي هذا الملف نكشف تفاصيل هذه النصوص القانونية، وكذلك إجراءات ومراحل تمليك الأراضي السلالية.
أكد الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية، أن تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي، لا يمكن إلا أن تشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي وخاصة لذوي الحقوق، وأضاف قائلا: «وهو ما قد يمكن من تعبئة، على الأقل، مليون هكتار إضافية من هذه الأراضي». وأوضح الملك في الخطاب نفسه بالقول: «وعلى غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فإنه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق». ودعا الملك إلى القيام بذلك وفق شروط محددة تجمع بين الإنجاز الفعلي للمشاريع، والحد من التجزئة المفرطة للاستغلالات الفلاحية، وتوفير المواكبة التقنية والمالية المطلوبة.
تمليك الأراضي السلالية
أثناء مثوله أمام مجلس المستشارين في إطار الجلسة الشهرية المخصصة للسياسة العمومية، كشف رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، عن سياسة الدولة في معالجة الإشكالات المرتبطة بالأراضي السلالية وأراضي الجموع، مشيرا إلى أن هذه السياسة ترمي، في مجال تدبير الأراضي السلالية وأراضي الجموع، البالغة مساحتها الإجمالية حوالي 15 مليون هكتار، إلى التصفية القانونية لهذا الرصيد العقاري وحل الإشكاليات المرتبطة به وتثمينه من أجل إدماجه في دينامية التنمية، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الجماعات السلالية وذوي الحقوق. وأضاف العثماني مخاطبا المستشارين البرلمانيين بالقول: «ولا يخفى عليكم أن هذا الموضوع حظي بالتفاتة ملكية كريمة تضمنتها الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للسياسة العقارية للدولة».
وتطرق العثماني إلى التوجيهات الملكية الرامية إلى إصلاح نظام الأراضي الجماعية، واستثمار وترصيد نتائج الحوار الوطني بشأنها ومخرجاته الأساسية لتأهيل أراضي الجماعات السلالية لتساهم بنصيبها في النهوض بالتنمية وجعلها آلية لإدماج ذوي الحقوق في هذه الدينامية الوطنية، وذلك في إطار مبادئ الحق والإنصاف والعدالة الاجتماعية، وكذلك تضافر الجهود من أجل إنجاح عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق، مع مجانية هذا التمليك، بالإضافة إلى تسريع وتيرة تصفية الوضعية القانونية للأراضي الجماعية، بهدف توفير مناخ ملائم لدمج أمثل لهذه الأراضي في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وتفعيلا لهذه التوجيهات الملكية، ترتكز استراتيجية الحكومة في مجال تدبير العقار الجماعي والإشكالات المرتبطة بالأراضي السلالية وأراضي الجموع، على عدة محاور، تتجلى في تصفية الوضعية القانونية للأراضي السلالية وأراضي الجموع، وفض النزاعات المرتبطة بها، وذلك من خلال مراجعة الإطار القانوني المنظم للأراضي السلالية من خلال إعداد ثلاثة مشاريع قوانين، وهي مشروع قانون يتعلق بتغيير وتتميم ظهير 27 أبريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية، وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها، ومشروع قانون بتغيير وتتميم ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، ومشروع قانون بتغيير وتتميم ظهير 25 يوليوز 1969 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، والرفع من وتيرة التحفيظ العقاري للأراضي الجماعية في أفق تحقيق هدف استراتيجي متمثل في تحفيظ 5 ملايين هكتار في أفق سنة 2020، وضبط القاعدة المعلوماتية والأرصدة العقارية الجماعية وضبط عدد الجماعات السلالية وعدد ذوي الحقوق المرتبطين بها، والدفاع عن مصالح الجماعات السلالية من خلال توحيد قواعد الترافع وتكوين اجتهادات قضائية في مجال الأراضي السلالية، وفض النزاعات بين أفراد الجماعات السلالية والأغيار من خلال تسريع عمل مجلس الوصاية.
كما ترتكز الاستراتيجية الحكومية على تثمين الأراضي السلالية وأراضي الجموع، وذلك من خلال تعبئة العقارات الجماعية الواقعة داخل المدارات الحضرية وضواحيها، وإعداد دليل مرجعي للأثمنة بمثابة محاسبة عقارية للجماعات السلالية، وادماج ذوي الحقوق في إطار التنمية المحلية من خلال إنجاز المشاريع الاجتماعية والمشاريع المدرة للدخل على أساس تجميع ذوي الحقوق في إطار تعاونيات وجمعيات، والشروع في عملية تمليك الأراضي السلالية لذوي الحقوق.
وفي هذا الصدد، أكد العثماني أن الحكومة تعمل على تسريع عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لذوي الحقوق المستغلين، مع الحرص على مجانية مسطرة التمليك، حيث عملت الحكومة على إعفاء هذه العملية من الضرائب والرسوم، وتهدف هذه العملية إلى تثمين هذا العقار وإدراجه في الدورة الاقتصادية والرفع من مردوديته.
وفي إطار هذه العملية، سيتم تسريع وتيرة استكمال مسطرة تمليك 36 ألف هكتار من الأراضي السلالية الواقعة في المدار المسقي بجهة الغرب لفائدة ذوي الحقوق وتحفيظها لفائدتهم، كما سيتم العمل، من جهة خرى، على تمليك 46 ألف هكتار إضافية من الأراضي نفسها لفائدة ذوي الحقوق وفق مسطرة جديدة ومبسطة، بشراكة مع برنامج تحدي الألفية الأمريكي في إطار نشاط «العقار القروي» الذي يشكل جزءا من برنامج الميثاق الموقع مع هذه الهيئة، على أن يتم تعميم هذه التجربة في المدارات السقوية بباقي المناطق في ما بعد، بحيث ينتظر أن تشمل نحو 300 ألف هكتار.
سنة 2019.. أجرأة الورش الملكي
أكد العامل مدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية، عبد المجيد الحنكاري، أن سنة 2019 ستكون بداية الشروع الفعلي في أجرأة الورش الملكي لتعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية. وأوضح الحنكاري، في تصريح بمناسبة الخطاب الملكي خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، أن أجرأة تعبئة الأراضي الفلاحية البورية تتم عبر التحفيظ العقاري، باعتباره هو الذي يؤمن العقار، مشيرا إلى أنه خلال سنة 2020 سيتم تحفيظ ما يناهز 5 ملايين هكتار من الأراضي السلالية، وذلك في إطار برنامج مشترك طموح ومفتوح مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية ووزارة الداخلية.
وأضاف الحنكاري أن عملية التمليك كمستوى ثان، بعد تحديد هوية المستغلين الفعليين، تتم عبر اعتماد السجل الفلاحي الذي أعدته مصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كمرجع. وأشار إلى أن تعبئة الأراضي السلالية، التي تمثل مساحة كبيرة جدا على المستوى الوطني، ستواكبها مجموعة من الإجراءات المرتبطة أساسا بالجانب الإداري والمالي والتقني والقانوني، وذلك بتنسيق بين مختلف القطاعات المعنية من وزارات الداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والمالية، كل في مجال اختصاصه، من أجل توفير ظروف نجاح هذه التعبئة، مبرزا أن مواكبة الورش الملكي لتعبئة مليون هكتار تتطلب تغيير الآلية القانونية المنظمة لهذا النوع من الأراضي الجماعية، والتي تعرف تقدما كبيرا حيث بلغت حاليا المراحل النهائية. أما المواكبة الإدارية، يضيف المسؤول ذاته، فتتم عبر نقل تجربة وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في إطار مخطط المغرب الأخضر (الدعامة الأولى)، لتشمل هذه الفئة من المواطنين عبر تخصيص برامج مواكبة لهم، فيما تتجلى المواكبة المالية، حسب العامل مدير الشؤون القروية، في توفير الدعم والقروض اللازمة لهؤلاء المستثمرين الذين سيستفيدون من هذه الأراضي سواء من ذوي الحقوق أو من الأغيار.
وبخصوص التصور الأولي لاستغلال الأراضي السلالية، أكد الحنكاري أن القطع الأرضية يجب أن تكون على مساحات قابلة للاستغلال، وأن يتم تجميع القطع الأرضية الصغيرة (هكتار أو أقل) في إطار وحدة استغلالية. وحول تمليك الأراضي السلالية الواقعة خارج دوائر الري، شدد الحنكاري على أن التمليك يتم لفائدة ذوي الحقوق تحت شروط واقفة، بمعنى أن يكون المنتفع من هذه الأراضي مستغلا فعليا، وأن يكون استغلاله مجديا ومنتجا لنفسه ولغيره، وأن تكون القطعة الأرضية المستغلة قابلة للإنتاج (وحدة استغلالية متوسطة)، لأن الهدف هو خلق طبقة فلاحية متوسطة قادرة على إحداث فرصة أو فرص للشغل في الوسط القروي، وخاصة في صفوف الشباب.
وأشار الحنكاري إلى أن الالتفاتة المولوية ذات البعد الإنساني والاجتماعي والاقتصادي التي خص بها جلالة الملك في خطابه السامي هذه الشريحة من المواطنين، الذين يمثلون أفراد القبائل والجماعات السلالية، ستجعلهم ملاكا حقيقيين يتوفرون على رسم عقاري، يتيح لهم حق الولوج للقروض والمؤسسات البنكية والتداول العقاري.
ومن جهة أخرى، أشار الحنكاري إلى أن المساحة الإجمالية للأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية، التي يمكن أن تصنف كأول نظام عقاري في المغرب، تبلغ حوالي 15 مليون هكتار، فيما يقدر عدد الجماعات السلالية بحوالي 4900 جماعة سلالية على المستوى الوطني، ينوب عنهم 6680 نائبا سلاليا أو هيئة سلالية، أما عدد السلاليين والسلاليات فيتراوح ما بين 8 و10 ملايين نسمة، مما يؤكد أهمية هذه الشريحة من المواطنين التي ليست لها إمكانية الولوج للقروض وليست لها ملكية اقتصاد معيشي.
تحذيرات من «مافيا» العقار
حذر مستشارون برلمانيون من مختلف الفرق البرلمانية، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، من خطورة نهب الأراضي السلالية وأراضي الجموع من طرف «مافيا العقار»، وذلك في ظل عدم تسوية وضعيتها، أمام صمت الحكومة وعدم اتخاذها أي إجراءات لحماية هذه الأراضي، وأكدوا أن الحكومة لا تتوفر على خريطة طريق متكاملة، تستند على استراتيجية شمولية في مجال حماية الأراضي السلالية وأراضي الجموع، مشيرين إلى أن اهتمام الحكومة بقطاع العقار لم يرق إلى مستوى الطموح الملكي الذي عبر عنه الملك في رسالته الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية المنعقدة في دجنبر 2015، كما أن هذا الاهتمام لم يرق أيضا إلى الأهمية الكبيرة التي يحتلها العقار في الدينامية الاقتصادية والتنموية للمغرب.
ووضعت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية برنامجا معلوماتيا لتدبير الأراضي السلالية، وذلك لمواجهة أي محاولة للسطو أو الترامي على هذه الأراضي. وأوضحت المصادر أن مصالح الوزارة تعمل على ضبط كل المعطيات المرتبطة بالجماعات السلالية وأملاكها وهيأتها النيابية وأعضائها. ويعتبر كناش محتويات أملاك الجماعات السلالية إحدى الآليات الرئيسية لضبط المعلومات المرتبطة بالأرصدة العقارية الجماعية حسب طبيعتها ووضعيتها القانونية وموقعها ومحتوياتها وأوجه استغلالها، وذلك في ارتباط عضوي بالجماعة المالكة ومختلف المساطر المنصبة على هذا العقار.
وذكرت المصادر أنه تم توطين النظام المعلومياتي لكناش المحتويات، حيث باشرت أقسام الشؤون القروية بمختلف عمالات وأقاليم المملكة بداية استغلاله وتحيين قاعدته المعلوماتية، الشيء الذي مكن من إحراز تطور نوعي في ضبط المعلومة الخاصة بالأرصدة العقارية الجماعية، وتدبير أنجع، وتوفيرها بشكل آني لكافة المستعملين، كما تم توطين الشق الخاص بمرجع الأثمان بوصلة كناش المحتويات.
واتخذت مصالح وزارة الداخلية مركزيا ومحليا كافة التدابير والجهود من أجل التعرف على هذه العقارات التي يفترض أنها جماعية، حيث مكنت الجهود من التعرف على مساحات هامة واتخذت في شأنها كافة التدابير لحمايتها وتحصين وضعيتها القانونية. وأكدت المصادر أن هذه السنة ستكون بداية الشروع الفعلي في أجرأة الورش الملكي لتعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية، وأوضحت أن أجرأة تعبئة الأراضي الفلاحية البورية تتم عبر التحفيظ العقاري، باعتباره هو الذي يؤمن العقار، مشيرة إلى أنه، خلال سنة 2020، سيتم تحفيظ ما يناهز 5 ملايين هكتار من الأراضي السلالية، وذلك في إطار برنامج مشترك طموح ومفتوح مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية ووزارة الداخلية، ثم تتم عملية التمليك بعد تحديد هوية المستغلين الفعليين، عبر اعتماد السجل الفلاحي الذي أعدته مصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كمرجع.
وحسب مشروع القانون المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، الذي صادق عليه المجلس الحكومي، أخيرا، فإنه يمكن للجماعات السلالية أن تتصرف في أملاكها حسب الأعراف السائدة فيها والتي لا تتعارض مع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في هذا المجال، وذلك تحت وصاية الدولة وحسب الشروط المقررة في القانون. ويتمتع أعضاء الجماعات السلالية، ذكورا وإناثا، بالانتفاع بأملاك الجماعة التي ينتمون إليها، وفق التوزيع التي تقوم به جماعة النواب، ولا يخول لهم هذا الانتفاع إلا الاستغلال الشخصي والمباشر للأملاك المذكورة. ويجب على أعضاء الجماعة السلالية المحافظة على أملاك جماعتهم وعدم القيام بأي تصرف يضر بها، ولا سيما منع أو عرقلة عمليات التحديد الإداري والتحفيظ العقاري المتعلق بأملاك الجماعات السلالية، والترامي على أملاك الجماعة السلالية، أو على نصيب عضو من أعضائها في الانتفاع من تلك الأملاك أو استغلالها دون إذن من جماعة النواب المعنية، وعدم الامتثال لمقررات جماعة النواب أو للمقررات الصادرة عن مجلسي الوصاية المركزي والإقليمي، أو عرقلة تنفيذ عقود الكراء أو عقود التفويت أو الشراكة أو المبادلة المنصبة على أملاك الجماعة السلالية، والتي يتم إبرامها بطريقة قانونية.
وينص القانون على أنه يتم توزيع الانتفاع بأراضي الجماعة السلالية، من طرف جماعة النواب، بين أعضاء الجماعة، ذكورا وإناثا، وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي. ويعتبر الانتفاع حقا شخصيا غير قابل للتقادم أو للحجز، ولا يمكن التنازل عنه إلا لفائدة الجماعة السلالية المعنية. ويمكن تقسيم أراضي الجماعة السلالية المخصصة للحرث، والواقعة خارج دوائر الري وغير المشمولة بوثائق التعمير، وإسنادها على وجه الملكية المفرزة أو المشاعة، لفائدة عضو أو عدة أعضاء بالجماعة السلالية المعنية، ذكورا وإناثا. ويمكن للجماعة السلالية، بعد إذن سلطة الوصاية، أن تطلب تحفيظ أملاكها العقارية وتتبع جميع مراحل مسطرة التحفيظ العقاري بواسطة جماعة النواب، كما يمكنها أن تتعرض على مطالب التحفيظ التي يتقدم بها الغير، إلا أن رفع هذا التعرض، كليا أو جزئيا، لا يمكن أن يتم إلا بإذن من مجلس الوصاية المركزي. ويمكن لسلطة الوصاية، بمبادرة منها أو بطلب من الجماعة السلالية المعنية، أن تباشر مسطرة التحفيظ العقاري باسم هذه الجماعة السلالية.
القوانين الجديدة تكرس المساواة بين الرجال والنساء السلاليات
من بين القوانين التي ستعرض على الدورة الاستثنائية للبرلمان، مشروع قانون يتعلق بالوصاية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، بما فيها مشروع 17-62 المعدل لظهير 27 أبريل 1919، والذي نص في المادة 6 منه «على تمتيع أعضاء الجماعات السلالية ذكورا وإناثا بالانتفاع بأملاك الجماعة التي ينتمون إليها..»، وأكد في المادة 9 منه على تمكين النساء من الحق في الولوج إلى الهيئة النيابية أسوة بالرجال، الشيء الذي يكرس المساواة بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات طبقا لأحكام الدستور، وذلك بعد عقود من حرمان النساء السلاليات من حقهن في تملك واستغلال أراضي الجموع.
وثمنت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، مبادرة وزارة الداخلية لتقديمها لهذا المشروع وسهرها الحثيث على إخراجه إلى حيز الوجود، واعتبرت ذلك مكسبا وثمرة نضالات الحركة المطلبية للنساء السلاليات منذ أبريل 2007، والتي عرفت محطات تاريخية مهمة مكنت من الاعتراف بالنساء السلاليات كذوات حقوق، من خلال إصدار الوزارة الوصية لدوريات تعترف بأحقيتهن في الانتفاع من الأراضي الجماعية على قدم المساواة مع الرجال (الدورية 2026 سنة 2009 والدورية 60 سنة 2010 والدورية 17 سنة 2012). إلا أن هذا الاعتراف، حسب بلاغ صادر عن الجمعية سالفة الذكر، ظل محتشما نتيجة ثقافة الأعراف السائدة والمقاومات والتفسيرات الخاطئة للمتوخى من هذه الدوريات، مما ساهم في تعطيل الولوج الفعلي للنساء إلى حقوقهن في الممتلكات الجماعية.
وسجلت الجمعية ارتياحها لهذا المشروع، والذي سيشكل لا محالة منعطفا تاريخيا في مجال تكريس المساواة والمواطنة الكاملة للنساء السلاليات، وأشارت إلى أن التحدي الأساس لإنهاء التمييز الذي تعاني منه النساء في الأراضي الجماعية، يكمن في التسريع بإخراج هذا القانون والمراسيم التطبيقية المرافقة له إلى حيز التنفيذ، وتوفير كل الشروط الضرورية لتفعيله.
وينص مشروع القانون الجديد على إدخال تعديلات على الظهير الشريف الصادر في 27 أبريل 1919 المتعلق بالجماعات السلالية، من أجل تقييد اللجوء إلى العادات في تدبير شؤون الجماعات السلالية واستغلال أراضيها واعتمادها في الحدود التي لا تتعارض مع النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل، وأيضا تكريس المساواة بين النساء والرجال أعضاء الجماعة السلالية في الحقوق والواجبات. ويحدد المشروع كيفية اختيار نواب الجماعة السلالية والالتزامات التي يتحملونها وكذا الالتزامات التي يتحملها أعضاء الجماعة والجزاءات المترتبة عن الإخلال بهذه الالتزامات، وكذا إعادة تنظيم الوصاية على الجماعة السلالية من خلال إحداث مجلس الوصاية على الصعيد الإقليمي، يتكلف بمواكبة الجماعات السلالية في التدبير العملياتي وحماية الأملاك الجماعية وتصفية وضعيتها القانونية، إلى جانب مجلس وصاية مركزي الذي يختص أساسا بتحديد المبادئ العامة لتدبير الأراضي الجماعية والبرمجة والتتبع والمراقبة.
ويتضمن القانون «فتح إمكانية تفويت الأراضي الجماعية للفاعلين الاقتصاديين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار، الشيء الذي سيمكن من إدماج الرصيد العقاري الجماعي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، بالإضافة إلى إعادة النظر في كيفية كراء العقارات الجماعية، من أجل تشجيع الاستثمار، وخاصة في الميدان الفلاحي، وتحديد مدة الكراء، حسب نوعية المشروع الاستثماري. وينص القانون على أنه يتمتع أعضاء الجماعات السلالية، ذكورا وإناثا، بالانتفاع بأملاك الجماعة التي ينتمون إليها، وفق التوزيع الذي تقوم به جماعة النواب. كما تشدد المادة الـ16 على توزيع الانتفاع بأراضي الجماعة السلالية، من طرف جماعة النواب، بين أعضاء الجماعة، ذكورا وإناثا، وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي».
ثلاثة قوانين تتعلق بالأراضي السلالية أمام الدورة الاستثنائية للبرلمان
يتضمن جدول أعمال الدورة الاستثنائية للبرلمان، التي دعت إليها الحكومة، ثلاثة مشاريع قوانين صادق عليها المجلس الحكومي، ويتعلق المشروع الأول منها بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والثاني بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، فيما يتعلق مشروع القانون الأخير بتتميم وتغيير الظهير الشريف المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، وستعقد لجنة الداخلية بمجلس النواب، غدا الثلاثاء، اجتماعا سيخصص لتقديم هذه المشاريع من طرف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ثم دراستها والمصادقة عليها.
ويهم النص الأول مشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، ويهدف إلى إعادة صياغة الظهير الشريف المؤرخ في 27 أبريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، وتحيينه شكلا ومضمونا. وتتلخص الخطوط العريضة لهذا النص في تحيين وتوحيد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالجماعات السلالية وأملاكها، وتقييد اللجوء إلى العادات والتقاليد في تدبير شؤون الجماعات السلالية واستغلال أملاكها، واعتمادها في الحدود التي لا تتعارض مع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛ وتكريس المساواة بين المرأة والرجل أعضاء الجماعة السلالية في الحقوق والواجبات طبقا لأحكام الدستور؛ وتحديد كيفية اختيار نواب الجماعة السلالية والالتزامات التي يتحملونها وكذا الالتزامات التي يتحملها أعضاء الجماعة والجزاءات المترتبة عن الإخلال بهذه الالتزامات.
ويهدف النص أيضا إلى إعادة تنظيم الوصاية على الجماعات السلالية من خلال إحداث مجالس للوصاية على الصعيد الإقليمي، إلى جانب مجلس الوصاية المركزي، وتحديد اختصاصات هذه المجالس؛ وفتح إمكانية إسناد أراضي الجماعات السلالية المخصصة للحرث على وجه الملكية؛ لفائدة أعضاء الجماعات السلالية من أجل تمكينهم من الاستقرار في هذه الأراضي وتشجيعهم على الاستثمار فيها؛ وفتح إمكانية تفويت أراضي الجماعات السلالية للفاعلين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار، الشيء الذي سيمكن هذه الأراضي من المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد؛ وإعادة النظر في كيفية كراء عقارات الجماعات السلالية، من أجل تشجيع الاستثمار، وخاصة في الميدان الفلاحي، وتحديد مدة الكراء حسب طبيعة المشروع الاستثماري المراد إنجازه.
أما النص الثاني، فيهم مشروع قانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، ويرمي إلى إعادة صياغة الظهير الشريف المؤرخ في 18 فبراير 1924 المتعلق بالتحديد الإداري لأملاك الجماعات السلالية وتحيينه شكلا ومضمونا، وتتلخص الخطوط العريضة لهذا النص في تبسيط المسطرة من خلال جعل الإشهار ينصب على المرسوم المتعلق بتعيين تاريخ افتتاح عمليات التحديد دون طلب إجراء التحديد الذي لا داعي لإخضاعه للإشهار؛ وتقليص أجل تقديم التعرضات ضد مسطرة التحديد الإداري من ستة أشهر إلى ثلاثة أشهر على غرار الأجل المحدد لتقديم التعرضات في الفصل 5 من الظهير الشريف الصادر في 3 يناير 1916 المتعلق بتحديد أملاك الدولة؛ وسن بعض القواعد المتعلقة بالإجراءات التي يقوم بها المحافظ على الأملاك العقارية بشأن التعرضات على التحديد الإداري، والبت في هذه التعرضات من طرف القضاء؛ وفتح إمكانية تجزيئ المسطرة حينما يكون التحديد الإداري موضوع تعرضات تشمل جزءا من العقار موضوع التحديد، وذلك من أجل المصادقة على الجزء الخالي من التعرضات، في انتظار البت في التعرضات التي تثقل الجزء الباقي.
ويهم النص الثالث مشروع قانون رقم 64.17 المتعلق بتغيير الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) بشأن الأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري. وينص على استثناء الأراضي المشمولة بوثائق التعمير من تطبيق أحكام الظهير المذكور، لكونها فقدت الصبغة الفلاحية، حتى يتسنى تخصيصها للاستعمالات التي تتناسب مع طبيعتها؛ وتحديد كيفية تبليغ لائحة ذوي الحقوق، بعد حصرها من طرف نواب الجماعة السلالية، باعتبارها نقطة الانطلاق لعملية التمليك، وتخويل مجلس الوصاية الإقليمي صلاحية البت في الطعون التي يمكن أن تقدم ضد اللائحة، وينص هذا النص كذلك على نسخ الفصل 8 من الظهير سالف الذكر الذي ينص على أنه «إذا توفي أحد المالكين على الشياع نقلت حصته لأحد ورثته على أن يؤدي للورثة الآخرين قيمة حقوقهم ...»، وذلك من أجل تمكين كافة الورثة، ذكورا وإناثا، من حصصهم في التركة، طبقا لأحكام القانون رقم 03-70 المتعلق بمدونة الأسرة.