علم موقع "تيلي ماروك"، من مصادر مطلعة، أن وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، محمد ساجد، يعرقل توقيع عقد البرنامج الثاني بين الدولة وشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية، من أجل تمكين الشركة من مواكبة التقلبات الكبرى التي يشهدها قطاع الطيران عبر العالم، خصوصا مع بروز الشركات منخفضة التكلفة.
وأوضحت المصادر أن الوزير، منذ تحمله المسؤولية الحكومية، وإلحاق مديرية الطيران المدني بوزارة السياحة، بعدما كانت تابعة لوزارة التجهيز والنقل، يتجاهل هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي، ومنذ سنتين وهو يتماطل في إخراج العقد البرنامج الثاني بعد انتهاء فترة عقد البرنامج الأول سنة 2016. وكشفت المصادر أن هذا التماطل تسبب في عدة صعوبات أمام الشركة لتنفيذ مخططها الاستراتيجي الرامي إلى تحسين خدماتها، خاصة أنها تطمح إلى مضاعفة أسطولها في أفق 2020، ليصل إلى 120 طائرة عوض 58 حاليا، بعد شبه ركود دام لمدة 20 سنة. كما يهدف هذا المخطط إلى تعزيز القدرات التنافسية للشركة وتمكينها من مجابهة المنافسة الشرسة التي يشهدها القطاع وجعلها تقف في مصاف كبريات شركات النقل الجوي المنافسة في المنطقة، من خلال الرفع من عدد الوجهات التي تؤمنها الخطوط الجوية الملكية (حوالي 90 وجهة حاليا).
وأكدت المصادر أن ساجد رفع يده عن قطاع الطيران المدني، ويوجه كل اهتمامه وانشغاله لـ "سفريات" قطاع السياحة، بحيث تعرف المديرية العامة للطيران المدني فوضى حقيقية وغير مسبوقة في التسيير، وذلك منذ إلحاقها بوزارة السياحة، بعدما كانت تابعة لوزارة التجهيز والنقل. ومن بين الاختلالات التي تعرفها المديرية، شغور مناصب المسؤولية بهذه المديرية، ومن بينها أقسام حساسة، من قبيل قسم السلامة الجوية، وقسم تنظيم النقل الجوي، بالإضافة إلى الخصاص الكبير في أطر مهندسي الدولة، حيث يقدر الخصاص بحوالي 40 إطارا، كما ورد في تقارير الافتحاص التي أنجزتها المنظمة الدولية للطيران المدني، كما يسود استياء عارم في صفوف المهندسين العاملين بالمديرية، بسبب عدم الحسم في الترقيات منذ شهر نونبر 2018، كما يشتكي موظفو المديرية من تسلط مدير ديوان الوزير ساجد الذي يتدخل في اختصاصات لا علاقة له بها مستغلا الفراغ الإداري.
ويعتزم مجموعة من أطر المديرية توجيه تقرير إلى الديوان الملكي من أجل التدخل لإنقاذ قطاع الطيران، وذلك مع اقتراب مهمة افتحاص سيقوم بها خبراء منظمة الطيران المدني الدولي " OACI "، بعدما أسفرت مهام سابقة للافتحاص عن تسجيل أسوأ نتيجة في تاريخ الطيران المدني بالمغرب منذ الاستقلال، حيث أصبح المغرب قريبا جدا من تسجيل شركاته للنقل الجوي في اللائحة السوداء وما يترتب عن ذلك من منعها من ولوج واستعمال المطارات الدولية. وأفادت المصادر ذاتها بأنه منذ تعيينه، لم يزر الوزير ساجد المديرية العامة للطيران المدني إلا مرة واحدة قام فيها بتدشين مختبر تحليل بيانات مسجلات الطائرات، ولم يعقد الوزير بعد أي اجتماع مع مسؤولي القطاع لوضع استراتيجية ومخططات للعمل، الشيء الذي ساهم في تعفن مناخ العمل وتسميم الأجواء عوض تحفيز الموظفين.
وتعرف المديرية العامة للطيران المدني فوضى حقيقية في التسيير، حسب المصادر، حيث لا وجود لخطط عملية وفعلية للاستثمار في تكوين الموارد البشرية وصقل مواهبها وتحسين قدراتها، لأن "العنصر البشري هو محور كل شيء بما في ذلك رفع التحدي وتلميع صورة المغرب في المحافل الدولية". ويقترح أطر المديرية تحويلها إلى وكالة مغربية للطيران المدني للرفع من استقلاليتها في اتخاذ القرارات وتوفير جو محفز للعاملين بها لتفجير طاقاتهم قصد النهوض بهذا القطاع كما يقترحه خبراء المنظمة الدولية للطيران المدني.
وحذر أطر يشتغلون بالمديرية من المخاطر التي تواجه السلامة الجوية، وأوضحوا أنه بمناسبة الافتحاص الذي قام به خبراء المنظمة الدولية للطيران المدني، تم تسجيل وجود نقص حاد في الموارد البشرية والتكوين ومهمات التفتيش في مجال مراقبة السلامة الجوية، كما أن السيارات المرصودة لمهام التفتيش يتم استغلالها للتنقلات الخاصة لمدير ديوان الوزير وبعض رؤساء الأقسام، في حين تراجعت مهام التفتيش بشكل خطير نتيجة العراقيل الإدارية بدعوى التقشف في تسيير الميزانية، حيث لأول مرة، وفي سابقة خطيرة، يتم تكليف المهندسين الجدد بالقيام بمهام التفتيش، علما أن القوانين الجاري بها العمل تتطلب تجربة خمس سنوات وتكوينا ملائما مع الخضوع لدورات في التكوين.