شاءت الصدف الماكرة أن ينسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية في شهر نونبر من سنة 1984، وبعد مرور 30 سنة بالتمام والكمال خرج المغرب من منظومة الكرة الإفريقية، لكن هذه المعلومة لا تغيب عن عيسى حياتو.
أشر المغرب على قرار عزله كرويا على المستوى القاري، ولم يعد لنا من نشاط سوى الدورات العربية لمن استطاع إليها سبيلا، ودورة كأس شمال إفريقيا المتنافرة. لكن وزير الشباب والرياضة مصر على تشديد الحصار على الرياضة المغربية حين ألغى بجرة قلم تنظيم الدورة العربية للألعاب الرياضية التي كانت مقررة في المغرب خلال صيف 2015.
من مضاعفات صراع الحكومة مع الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، ظهور مؤشرات حصار، جعلت المغرب خارج النشاط الكروي، قبل أن تنصف المحكمة الرياضية المغرب وتعيده إلى دائرة التنافس القاري.
القضية لا تهم وزارة الشباب والرياضة وجامعة كرة القدم، فالحصار أمر يهم اللجنة الوطنية الأولمبية ووزارة الخارجية والتعاون ومختلف الجامعات والكفاءات المغربية الموجودة في مراكز القرار بالاتحادات القارية والعربية والدولية. بل إن صراعنا مع «الكاف» جعلنا نفكر بجدية في تأهيل الكفاءات الشابة وفتح المجال أمامها للاشتغال في الأندية والعصب والجامعات حتى تتأهل لولوج غرفة القرار، وتجعل من الرياضة ديبلوماسية موازية، سيما وأن التعاطي مع «الكاف» يتعارض من حيث الشكل مع رهان الانفتاح على إفريقيا الذي دعا إليه ملك البلاد محمد السادس وجسده بزيارات ميدانية وبشراكات حقيقية في إطار سياسة تتوخى الانفتاح لا الانغلاق.
الخلاف بدأ مع الرئيس السوداني للكاف عبد الحليم، وأعقبه الكاميروني حياتو قبل أن تنتقل العدوى إلى الملغاشي أحمد أحمد.
الوزير السملالي يقود حملة انتخاب حياتو في المغرب
رغم أن عيسى حياتو تربع مدة طويلة على عرش الكرة الإفريقية إلا أنه لم يكن لاعبا لكرة القدم، ولم يحمل قميص فريق القطن الكاميروني، فريق مسقط رأسه، بل ظل يبحث عن منفذ آخر يعوض ضعفه في مداعبة الكرة المستديرة، حيث مارس الجري وحاول الانضمام إلى فريق يمنحه توهجا رياضيا في المنطقة، كما مارس كرة السلة التي تألق فيها كلاعب حيث انضم للفريق الوطني الكاميروني وتم اختياره آنذاك ضمن المنتخب المشارك في الألعاب الإفريقية ببرازافيل.
قرر عيسى حياتو حرق المراحل نحو السلطة الرياضية، حتى يتمكن من منافسة أشقائه الذين اختاروا السلطة السياسية، فبعد مرور سنتين على تعيينه رئيسا لاتحاد كرة القدم الكاميروني، أعلن ترشيحه لمنصب رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، خلفا للإثيوبي إدنيكاتشيو تيسيما الذي ظل كرسيه شاغرا بعد وفاته. قرر عيسى الاعتماد على المغرب للوصول إلى هذا المنصب، سيما وأن الدار البيضاء كانت تستعد لاحتضان الجمع العام الاستثنائي الذي سينتخب خليفة الراحل تيسيما، بموازاة مع دورة كأس أمم إفريقيا 1988، وجعل عيسى من بيت وزير الشباب والرياضة المغربي عبد اللطيف السملالي منطلقه في حملة استمالة الرؤوس الثقيلة، قبل أن يقترح على الوزير المغربي إطلاق اسم تيسيما على ملعب في هوامش الدار البيضاء.
يقول زكي السملالي نجل وزير الرياضة السابق عبد اللطيف السملالي، إن عيسى حياتو كان اسما مغمورا في الساحة الكروية، قبل أن يدعمه المغرب وبعض أصدقائه ويحملوه إلى قمة هرم الكاف، في شهر مارس من سنة 1988، وبالتحديد في انتخابات أجريت بالمغرب على هامش احتضانه لنهائيات كأس أمم إفريقيا، لكن للتاريخ فالمغرب له فضل كبير على هذا الرجل الذي جاء خلفا للسوداني محمد عبد الحليم الذي شغل المنصب بصفة مؤقتة بعد وفاة الإثيوبي إدنيكاتشاف تيسيما صيف 1987.
«يرجع الفضل لوالدي رحمه الله عبد اللطيف السملالي الذي كان يعتبر أول عربي ينال صفة عضو في اللجنة التقنية للفيفا، بل ساهم في فوز جو هافيلانج كرئيس للاتحاد الدولي لكرة القدم، لأنه كان مكلفا بحملة انتخابية للرئيس جو في إفريقيا وفي دول عربية، لهذا وفي فترة التحضير لانتخابات الاتحاد الدولي طلب منه هافيلانج الاتفاق مع بعض الفعاليات الكروية على خلق الاتحادين العربي والإفريقي، لهذا كان لابد من التفكير في جهاز للعبة يتماشى ونوايا مؤسسيه، وفي سنة 1988 كبرت الفكرة وكان الظرف ملائما لتعيين رئيس يساير أفكار الاتحاد الدولي ويبني جسرا للتعاون مع الاتحاد العربي، لقد كانت حظوظ حياتو ضعيفة في مؤتمر المغرب، كان من بين ثلاثة مرشحين لكن بأضعف الحظوظ، لذا بذل المغرب، عبر وزيره في الشباب والرياضة وشبكة العلاقات التي يملكها، جهودا كبيرة لإنهاء فترة الرئيس المؤقت وحلفائه، فصعد حياتو إلى الرئاسة».
السوداني محمد عبد الحليم يغضب الحسن الثاني
يعود أصل الخلاف إلى سنة 1986. كان المنتخب المغربي في مصر يخوض نهائيات كأس إفريقيا، وقد تأهل الفريق الوطني إلى نصف النهاية وحكم عليه بمواجهة مصر بنجومه الكبار على أرضية ملعب القاهرة الدولي. كان منتخب مصر مهددا بالخسارة أمام المغاربة لأن لاعبه طاهر أبو زيد جمع بطاقتين، وبالتالي فهو محروم من خوض المباراة الهامة، لكن اللجنة المنظمة كان لها مخطط آخر، إذ عقد أعضاء الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم اجتماعا طارئا وقرروا الصفح عن نجم المنتخب المصري. كان حينها محمد عبد الحليم السوداني رئيسا مؤقتا للكاف بعد وفاة تيسيما، وحين أبلغ الوزير السملالي بخبر الاجتماع هب مسرعا نحو مقر اللقاء ووجد الباب مغلقا والأعضاء ينجزون محضرا يسمح لطاهر بتعزيز المنتخب المصري. كسر الباب واقتحم الاجتماع وهو في قمة الغضب محتجا على المؤامرة. حينها توعد بالمساهمة في تغيير هذا الجهاز، وأبلغ الملك الحسن الثاني بالنازلة، ولأن العاهل المغربي كان متابعا لأطوار النهائيات بكل تفاصيلها فقد دعا وزيره للاحتجاج لدى الاتحاد الإفريقي.
من هنا بدأ التحضير لخليفة للرئيس السوداني الذي كان متعاطفا مع المصريين، وهو ما حصل في المغرب بانتخاب عيسى وسقوط حليم الذي حاول الاعتذار عن الخطـأ مبررا صدوره بالدواعي الأمنية.
دعم عيسى من طرف المغاربة دفعه لدعمهم عربيا، خلال مرحلة التأسيس خاصة وأن المغرب كان يشكل قوة تنظيمية في تلك الفترة، بحكم استضافته للعديد من التظاهرات الكروية الكبرى، فلا يمر عام دون احتضان حدث قاري أو عربي أو جهوي أو دولي كبير. نال المغرب صفة عضو مدى الحياة في الاتحاد العربي لكرة القدم، وأصبح السملالي هو الرئيس الفعلي لأن انشغالات الأمير فيصل بن فهد لا تسمح له بمتابعة مجموعة من الملفات التي يسهر على إنجازها رفقة عثمان السعد الأمين العام السابق للاتحاد العربي لكرة القدم.
وباء إيبولا يجر المغرب والكاف للمحكمة الرياضية الدولية
لم يصدق عيسى حياتو رواية الخوف من وباء إيبولا، ولم يصغ لدفوعات الجامعة التي اعتبرت انتشار وباء إيبولا قوة قاهرة تبرر طلب التأجيل، من باب التخوف من انتشار العدوى بين مواطنيه، بسبب تدفق الجماهير صوبه.
بدأت العقوبات الزجرية حين رفض الاتحاد الافريقي لكرة القدم قبول طلب المغرب، وذلك خلال اجتماع بتاريخ 11 نونبر 2014، وبعد تبادل عدة مراسلات، تم سحب تنظيم بطولة أمم افريقيا 2015 من المغرب. وحين نام المسؤولون المغاربة على العسل، لجأ الكاف لمقتضيات الفصل 41 من القانون التطبيقي للنظام الأساسي لهيئته، وقرر عبر اللجنة التنفيذية توقيف المنتخب المغربي للكبار من المشاركة في دورتي 2017 و2019، إضافة إلى أداء غرامة مالية لفائدة الاتحاد الافريقي لكرة القدم قدرها 9.5 ملايين دولار. وعلل مقربون من الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم قرارها غير المسبوق في حق المغرب، بأنه يجسد رغبة «الكاف» في تحميل خسائره المالية للمغرب، والمترتبة عن نقل تظاهرة من المغرب إلى غينيا الاستوائية.
لكن المحكمة الرياضية ألغت العقوبات التي أصدرتها الكونفدرالية الإفريقية في حق المغرب، حيث اعتبرت الدفوعات التي تقدمت بها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم موضوعية، مشيرة إلى أن المحكمة الدولية ألغت أيضا التعويضات المالية التي فرضت على الجامعة المغربية.
القرار الذي اتخذه المغرب بتأجيل الدورة القارية بسبب إيبولا كانت له انعكاسات جانبية، فقد قدمت الحكومة المغربية ضمانات تنظيم دورة كأس أمم إفريقيا 2015، وسددت مبلغا ماليا لمؤسسة مكلفة بالتنظيم تجاوز المليون دولار، اعتبر مقدم تنظيم، ولأن المغرب تراجع عن قرار احتضان الدورة في الموعد المتفق عليه، فإن الأموال المدفوعة من ميزانية الدولة ذهبت أدراج الريح.
قطعت المفاوضات مع مستشهرين مغاربة أشواطا كبيرة، وعقدت اجتماعات مع ممثلي شركات مغربية وأجنبية من أجل دعم التظاهرة ماليا قبل أن تتحول التزامات الطرفين إلى موضوع سجال آخر، لكن العقوبات المالية الكبرى مؤجلة إلى حين اجتماع اللجنة التأديبية والتي لا تقل عن مليون دولار، ناهيك عن الضرر الذي قد يلحق المستشهرين المتعاقدين مع الأندية المغربية التي كانت مرشحة للمشاركة في كأس رابطة الأبطال الإفريقية وكأس الكونفدرالية، إذا تم تعليق مشاركتها قاريا. وأجمع المتتبعون للشأن الكروي في القارة السمراء، على أن خسائر المغرب كانت ستتضاعف في حالة عدم وصول «الكاف» إلى حل في شأن البلد البديل، إذ عليه أن يؤدي فاتورة التخلي لمجموعة من الشركاء لاسيما الشركة صاحبة حقوق النقل التلفزي.
حياتو يخضع لعملية تصفية الدم في المغر
كان عيسى حياتو رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، يخصص جزءا من برنامج زيارته للمغرب للجانب الصحي، حيث غالبا ما ينتقل إلى العاصمة الرباط حيث يشرع في مباشرة عملية تصفية الدم في إحدى المصحات الخاصة، بسبب قصور كلوي حاد، وهي العملية التي تدوم ساعة ونصف وتجبر المسؤول الأول عن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على إلغاء مواعيد تلك الأمسية.
كان المغربي سعيد بلخياط، العضو السابق بمجلس الكونفدرالية الإفريقية ومستشار رئيس اتحاد الكرة المغربي السابق ومدير مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، هو من يشرف على ترتيب موعد عملية تصفية الدم «دياليز» ويقوم بكل الإجراءات المتعلقة بالحالة الصحية لرئيس «الكاف» الذي بدا عليه الإرهاق في أيامه الأخيرة كمسؤول.
في آخر زيارة حجزت إدارة المصحة غرفة فخمة للمسؤول الإفريقي، منع فيها على المقربين منه ولوجها إلى أن غادرها صوب فندق بالعاصمة الرباط، حيث التحق بالجناح المخصص له، والتي حجزتها الحكومة المغربية باعتباره ضيفا رسميا، إلا أن عيسى ألغى كل المواعيد التي كان من المفترض أن يلتقي فيها بمسؤولين مغاربة بسبب وضعه الصحي.
معاناة حياتو مع المرض ليست وليدة اللحظة، لكن القصور الكلوي تفاقم بسبب الضغط الذي يعيشه المسؤول الأول عن الكرة الإفريقية في الآونة الأخيرة، واختناق أجندته لاسيما بعد الجدل القائم حول تأجيل دورة كأس أمم إفريقيا. أعراض المرض كانت بادية على حياتو فقرر مغادرة المغرب في نفس اليوم عائدا إلى بلده الكاميرون، وألغى لقاءات صحفية.
حياتو يوشح زوما راعية الانفصاليين
منح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وسام الاستحقاق لنكوسازانا دلامينى زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، خلال حفل الجمع العام للكونفدرالية المنعقد في القاهرة.
زوما التي لا تتوفر إلا على دكتوراه فخرية ورغم ذلك تحرص على تقديم نفسها بهذه الصفة، قالت بعد تكريمها إنها فخورة بالحصول على الوسام على ضفاف النيل العظيم شريان إفريقيا. وأضافت زوما: «نريد أن نحدث الفيفا عن زيادة النساء في الجمعيات العمومية للاتحادات المحلية والإقليمية وأن تنظم إفريقيا كأس العالم قريبا وليس كل مئة عام».
انتقدت زوما في وقت سابق موقف المغرب بشأن نهائيات كأس أمم إفريقيا بسبب وباء إيبولا، واعتبرت المبرر الصحي واهيا، لكنها تناست مطالبتها في أكتوبر الماضي إلى احتواء أزمة انتشار هذا الفيروس.
أصر عيسى حياتو على توشيح دلاميني زوما بعد مرور ثلاثة أيام عن تدخلها في أديس أبابا حين طالبت في رسالة بعثتها إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، إلى «تخليص الصحراء من السلطة المغربية وتقرير مصير الشعب الصحراوي، وتوسيع صلاحيات البعثة الأممية المينورسو ووقف النهب غير الشرعي للثروات الطبيعية الصحراوية».
قالت زوما في المغرب كلاما جعل الجميع يعتقد أن النازية لم تنته بنهاية هتلر، فنابت عن انفصاليي البوليساريو في الوعد والوعيد. رغم ذلك استقبلت في القاهرة استقبال الزعماء إذ حظيت باستقبال من نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، بل إن الأمانة العامة أصدرت بيانا أشاد بالجهود «الحثيثة المبذولة لتقوية العلاقات المؤسسية العربية الإفريقية».
للإشارة فدلاميني هي طليقة الرئيس الجنوب الإفريقي، جاكوب زوما، البالغ من العمر 72 عاما والذي عبر مؤخرا عن رغبته الزواج للمرة السابعة، لتصبح الزوجة الجديدة هي الخامسة بين زوجاته الحاليات، ولترافقه في أيام شيخوخته.
المتعارف عليه في ثقافة قبائل الزولو، التي ينتمي إليها جاكوب زوما، أن الرجال متعددي الزوجات يتخذون لأنفسهم في أيام الشيخوخة زوجة أخيرة تكون في أحيان كثيرة الشقيقة الصغرى لإحدى زوجاتهم، كما أن مسؤولية رعاية الزوج في أيام شيخوخته تقع بصفة خاصة على عاتق الزوجة الأخيرة، التي غالبا ما تكون أصغر سنا من زوجاته الأخريات.
زوما تزوج من قبل ست مرات، وأنجب 20 من الأبناء، ولديه حاليا أربع زوجات تتحمل الدولة نفقاتهن، ومن أبرز زوجاته السابقات كانت الوزيرة السابقة نكوسازانا دلاميني- زوما، التي تشغل حاليا منصب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، وقد طلقها عام 1998.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي يكرم فيها حياتو خصوم المغرب فقد أحدث جائزة أطلق عليها اسم جائزة مؤسسة عيسى حياتو للسلام، ومنحها لرئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو، لأنه قال لعيسى مرحبا بك في غينيا وإذا طردك «اللئيم عند الكريم تبات».
رئيس مؤسسة عيسى حياتو التي يقع مقرها بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان تطرق إلى دواعي وأسباب اختيار الرئيس الغيني إذ قال: «الموقف الأكثر تأثيرا يظل موافقته على تنظيم كأس أمم إفريقيا ببلاده شهرين فقط قبل انطلاق المسابقة بعد أن تخلى عليها المغرب».
الحسن الثاني يطوي نزاع المغرب أمام الزائير
طالب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بإنزال أقصى العقوبات على المغرب ومنعه من خوض التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 1978، على خلفية رفضه خوض مباراة الإياب أمام منتخب الزائير (الكونغو الديمقراطية)، وذلك بسبب احتجاج المغاربة على تحكيم مباراة الذهاب التي احتضنتها العاصمة كينشاسا وانتهت بفوز الزائير بثلاثة أهداف نظيفة، والتي عرفت مشاهد غريبة استهدفت حارس مرمى المنتخب المغربي محمد الشاوي، الذي تعرض لكل أشكال التنكيل، دون أن يحرك الحكم ساكنا. ورد المغاربة على جور الحكم بالامتناع عن خوض مباراة الإياب بالرغم من تحذيرات الكونفدرالية الإفريقية، بل إن المنتخب الزائيري حل بالمغرب دون أن يشارك في المباراة بعد أن أعلن المغرب رسميا انسحابه، مانحا للزائير بطاقة العبور نحو مونديال ألمانيا سنة 1974، رغم أنه حتى في حالة هزيمة الزائيريين فإن تأهيلهم محسوم، لأن المغرب خسر مباراتين أمام زامبيا والزائير الذي كان يشرف على تدريبه اليوغوسلافي فيدنيك الذي أشرف على تدريب المنتخب المغربي في مونديال المكسيك سنة 1970.
ونظرا للعلاقات الطيبة التي كانت تجمع الحسن الثاني والرئيس الزائيري موبوتو سيسي سيكو، فإن البلدين قررا طي ملف النزاع، بينما أدى الظهور الباهت لأبناء موبوتو في المونديال إلى تأليب الرأي العام ودفعه لمعاتبة «الكاف» على موقفها المحايد وعدم حسم ممثل القارة بالجدية اللازمة، بعد أن تذيـل منتخب الزائير مجموعته، وخرج من المونديال دون تسجيل أي هدف، مما عرضهم لعقوبات موبوتو فور عودتهم لكينشاسا.
وكاد المغرب أن يتعرض لعقوبات من طرف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في عهد تيسيما، على خلفية تقرير اللجنة المنظمة لكأس أمم إفريقيا لسنة 1978 بغانا، حين كشف عن أعمال تخريب في مقر إقامة الفريق الوطني المغربي في كوماسي التي ضمت منتخبات المجموعة الثانية وهي المغرب وتونس وأوغندا ثم الكونغو.
الدبلوماسي المصرى عبد العزيز سالم يقصي المغرب
كان عبد العزيز سالم عاشقا لكرة القدم ونادى بأن يكون لإفريقيا اتحادا قويا وأصر على الوصول للفيفا حتى نال مقعدا مهما.. ولذا أجمع عليه الأفارقة ليكون أول رئيس للكاف عام 1957.
الحكاية بدأت تفاصيلها قبل سنوات من هذا التاريخ وتحديدا عام 1953 حيث أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم آنذاك جول ريميه «مؤسس كأس العالم» رغبته في تأسيس اتحاد في كل قارة يكون تابعا للفيفا وأن يكون لها ممثلون دائمون فى الفيفا. لكنه توفى قبل أن تظهر الفكرة للنور إلا أن البلجيكي رودولف ويليام الذي تقلد المنصب من بعده أصر على تنفيذ فكرة جول ريميه وقام بضم عضو من كل قارة للجنة التنفيذية للفيفا. هنا اعترضت بعض الدول على ضم أعضاء من إفريقيا وآسيا وأستراليا بحجة أن كرة القدم لم تتطور هناك بالشكل الكافي، وكانت الأرجنتين هي الأكثر غضبا واعترضت بشدة على هذا القرار، لكن رئيس الفيفا طرح الفكرة للتصويت وانتصر الأفارقة في النهاية، حيث اجتمعوا لاختيار أول ممثل لهم بالفيفا فتم الاستقرار على اسم عبد العزيز عبد الله سالم برغم أن السوداني عبد الحليم محمد كان الأكثر نشاطا وحماسا إلا أن صغر سنه حال دون طرح اسمه لشغل المنصب.
خلال اجتماعات الجمعية العمومية للفيفا فى مدينة لشبونة البرتغالية فى يونيو 56 ظهرت فكرة تأسيس «الكاف» على هامش انتخاب رئيس جديد للفيفا خلفا للبلجيكي ويليام الذي توفي في نفس العام. تحرك الإنجليزي ارتو درورن لكسب أصوات الأفارقة الأعضاء بالفيفا «مصر والسودان وإثيوبيا وجنوب إفريقيا» فطلب منه عبد العزيز عبد الله سالم مساعدته في تأسيس الاتحاد الإفريقي، وبعدها بأيام تم عقد الاجتماع الرسمي وإعلان تأسيس «الكاف» وتنظيم أول بطولة لأمم افريقيا.
غاب المغرب عن أول اجتماع للكاف، واقتصر الحضور على عبد العزيز عبد الله سالم ومعه يوسف محمد ومحمد لطيف من مصر وعبد الحليم محمد وعبد الرحيم شداد وبدوي محمد من السودان وتسيمبا من اثيوبيا وفيل من جنوب افريقيا، وتم اختيار عبد العزيز عبد الله سالم رئيسا بالإجماع وهو نفس الشخص الذي كان له الفضل في إقامة بطولة أمم افريقيا عام 1957 وأهدى كأس البطولة للجنة المنظمة حيث تكفل بصناعة أول كأس من الفضة وكانت باهظة الثمن ليقرر أعضاء الكاف إطلاق اسمه على الدورة.
غضب المغاربة من رئيس الكاف المصري، بعد أن أقصى المغرب وكثير من الدول الحديثة العهد بالاستقلال، وظل الغضب ساري المفعول ما جعل المنتخب المغربي يقاطع هذه البطولات الإفريقية من تأسيسها إلى سنة 1972.