هل تحول هيرفي رونار مدرب المنتخب الوطني المغربي إلى مجرد فزاعة خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019 بمصر؟، هل وقف عاجزا أمام لاعبين احتلوا المنتخب المغربي وأحكموا السيطرة على منافذه؟، هل كان يخشى زعزعة استقرار مجموعة تحولت بفعل التقادم إلى محور شر يملك كل آليات الدمار الشامل لمن حاول تغيير الحال؟.
عندما يتحول الناخب الوطني إلى راعي رسمي للتحالفات فاقرأ الفاتحة على المنتخب، وحين يصبح فريق وطني يعزف في حضوره نشيد وطني واحد، بالرغم من تعدد اللغات واللهجات والانتماءات، عرضة للانقسامات فتلك تسمية أخرى لدولة المماليك.
في مباراة الخروج من ملعب السلام، تبين أن الرجل يجد صعوبة في تدبير غرفة الملابس، وقد نجزم بأن كثيرا من اللاعبين يختارون المباريات التي يخوضونها والمباريات التي يتابعونها من كرسي البدلاء.
يلعب عميد المنتخب المهدي بنعطية بمزاجه، ينضم لخط الدفاع حين يكون في أحسن أحواله، وحين تختل موازين عقارب دماغه يعلن التمرد ويرمي بشارة العميد إلى لاعب في حلفه الفرانكوفوني ويتوارى بعيدا عن الأضواء.
لا تخضع تغييرات الناخب "الوطني" لتصورات تكتيكية صرفة، فكثير من اللاعبين رفعوا أصابعهم مطالبين بالتغيير بعد أن تسلل العياء لأقدامهم، لذا وقفنا في مباراة العار أمام البنين على تغييرات طوعية، وفوجئنا بلاعبين يغادرون من تلقاء أنفسهم وآخرين يقومون بعمليات إحماء استعدادا للدخول دون أن يعرفوا الغاية من إقحامهم، والنتيجة فوضى حقيقية في تدبير إشكالية التغييرات.
قبل المباراة لم يضع رونار في ذهنيه فرضية انتهاء المباراة واحتمال الحسم بضربات الجزاء، لذا لم يكلف نفسه التحضير لهذا المستجد، ولم يختبر اللاعبين القادرين على التسديد، ولم يستعن بحارس مختص في صد ضربات الجزاء اسمه التكناوتي، لأن هذا الأخير ليس له حلف أو سند أو عنوان، فأريد له أن يتابع ضربات الترجيح من مقعد البدلاء وهو يردد في قرارة نفسه "آه لو كنت في مرمى المنتخب".
صحيح أن العبرة من الهزائم، وأن الانتصارات لا تقدم الدروس والعبر، لكن حين يذهب مجهود أمة هدرا بسبب سياسة الأحلاف، فاعلم أن شمس الفوز لن تسطع إلا بتمشيط صناع التفرقة وقادتها.