تزامنا مع الجدل القانوني الذي أثارته المادة التاسعة من مشروع قانون المالية لسنة 2020، التي تمنع الحجز على أموال وممتلكات الدولة لتنفيذ الأحكام القضائية النهائية، كشفت مصادر من وزارة التجهيز والنقل، عن حجز أزيد من 27 مليار سنتيم بحساب الوزارة المفتوح لدى الخزينة العامة لتنفيذ أحكام وقرارات قضائية نهائية صادرة في حقها.
وتفيد وثائق يتوفر عليها موقع "تيلي ماروك" بأنه بالنسبة لتنفيذ الأحكام القضائية والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة الوزارة، فقد عرفت هذه السنة على غرار السنوات السابقة الحجز على اعتماداتها المالية بين يدي الخازن الوزاري المعتمد لديها، في إطار مسطرة الحجز ما للمدين لدى الغير التي تمت مباشرتها على الخصوص من طرف المحكمة الإدارية بالرباط، حيث بلغ المبلغ المحجوز عليه إلى حدود الآن، حوالي 273 مليون درهم تنفيذا لـ 195 حكما قضائيا، بالإضافة إلى 168 حكما قضائيا نفذتها الوزارة بشكل تلقائي، بمبلغ مالي قدره 13 مليار سنتيم، لتصل مجموع المبالغ إلى 40 مليار سنتيم، وكشفت المصادر ذاتها، أنه خلال السنة الحالية، قامت الوزارة بتفويض اعتمادات مالية بلغت حوالي 135 مليون درهم للمصالح الترابية للوزارة، من أجل تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية على الصعيد المحلي.
وحسب وثائق الوزارة، فقد مكنت هذه العملية من تصفية تقريبا جل الأحكام القضائية المتراكمة منذ سنوات، بحيث أصبحت الوزارة تنفذ حاليا الأحكام والقرارات القضائية الصادرة خلال سنة 2017 وما يليها، بما فيها الأحكام الصادرة خلال سنة 2019، ورغم الاعتمادات المخصصة لتعزيز القدرات في مجال الدفاع وتتبع القضايا والوقاية من المنازعات، فإن الوزارة خسرت خلال الولاية الحكومية السابقة والحالية، العديد من الدعاوى القضائية، حيث يستعين وزراء "البيجيدي" الذين يتحملون مسؤولية القطاع من 2012، بمحامين ينتمون إلى نفس الحزب.
وقد بلغ عدد الأحكام القضائية التي خسرتها الوزارة ما بين 2012 ونهاية شهر شتنبر 2019، وهي الفترة التي تحمل فيها مسؤولية تدبير القطاع، الوزير السابق، عزيز رباح، والوزير الحالي، عبد القادر اعمارة، وكلاهما من حزب العدالة والتنمية، (بلغ) ما مجموعه 2610 أحكام أو قرارات قضائية بمبلغ إجمالي يصل إلى حوالي 470 مليار سنتيم، وبلغ عدد الأحكام المنفذة عن طريق مسطرة الحجز خلال سنة 2015، 14 حكما، بمبلغ يقدر بأزيد من 91 مليون درهم، وارتفع عدد الأحكام المنفذة بمسطرة الحجز خلال سنة 2016، ليصل إلى 665 حكما، بمبالغ مالية تفوق 187 مليار سنتيم، فيما بلغ مجموع الأحكام خلال سنة 2017 ما مجموعه 446 حكما، بمبالغ تقدر بحوالي 679 مليون درهم، ووصل عدد الأحكام المنفذة بالحجز خلال السنة الماضية، 719 حكما، مقابل 385 حكما نفذتها الوزارة عن طريق التنفيذ التلقائي، بمبلغ إجمال تجاوز 136 مليار سنتيم.
وأصدرت المحكمة الإدارية بالرباط أحكاما تقضي بتنفيذ أحكام قضائية صادرة ضد الوزارة، وتم تنفيذ الأحكام بالحجز على ما يناهز 300 مليون درهم من أموال الوزارة، وذلك بعد موافقة الخازن المالي للوزارة على تنفيذ أحكام الحجز، وإقراره بوجود سيولة مالية في خزينة الوزارة.
ويعود سبب حجز أموال وزارة التجهيز والنقل، إلى تنفيذ أحكام قضائية صادرة ضدها، تتعلق بتعويضات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وسارع مسؤولو الوزارة إلى عقد اجتماع طارئ للحيلولة دون تنفيذ باقي الأحكام القضائية، والبحث عن سبل إيجاد حلول لتسوية الأحكام التي تنتظر التنفيذ، ومن أبرز الملفات التي لازالت عالقة، هي تسوية وضعية نزع ملكية الأراضي لإقامة بعض المشاريع.
وأكدت مصادر حكومية، أن أخطاء بعض الوزراء تسببت في تكبيد خزينة الدولة خسائر مالية كبيرة، بالإضافة إلى ضعف جيش المحامين الذين تتعاقد معهم بعض القطاعات الحكومية للدفاع عنها أمام القضاء، ويتجلى ذلك في عدم احترام الإدارة لضوابط نزع الملكية، ما يفرض على الدولة أداء تعويضين عن نفس العقار، التعويض الأول المتعلق بالأضرار اللاحقة بصاحب العقار جراء منعه من استغلاله، والتعويض الثاني المتعلق بقيمة ما تم الاستيلاء عليه من عقار في إطار القواعد "العامة" للتعويض وبدون التقيد بالمعايير والمزايا التي يخولها القانون للإدارة في إطار الفصل 20 من قانون نزع الملكية.