شرعت الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، زوال أول أمس الإثنين، في مناقشة ملف الاختلاسات المالية التي هزت مديرية الضرائب وتحديدا الإدارة الجبائية للضرائب بالرباط والتي قدرت بحوالي 4 مليارات سنتيم، حيث أجرت مواجهات ساخنة بين المتهم الرئيسي وهو القابض الجهوي ومجموعة من المتهمين الذين يتابعون معه في حالة اعتقال بينهم زوجته الإطار بإحدى المؤسسات البنكية بالدار البيضاء ومقاول ومديرو شركات وصهره رجل الأعمال، إضافة إلى والديه اللذين يتابعان في حالة سراح رفقة مقاول شاب.
وكما كان متوقعا، لم ينف المتهم الرئيسي الذي ارتبطت الفضيحة باسمه كل تصريحاته التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق، حيث بسط أمام المحكمة سيناريو تلاعبه بملايير الإدارة الجبائية التابعة لمديرية الضرائب بالرباط، وكيفية اختراقه لأنظمة معلوماتية وبرانيم خاصة بإدارة الضرائب من أجل إجراء تحويلات مالية تقدر بمئات الملايين إلى حساب شركات وهمية، وتبييضها عن طريق اقتناء سيارات فارهة من نوع (BMW) و(رانج روفر)، التي سلمها بالوثائق لزوجته ووالدته، معللا تحويلها لملكيتهما بمحاولة تمويه مصالح المراقبة وإبعاد الشبهات عن ممتلكاته التي يصرح بها لدى المصالح المختصة حسب قوله.
وحاصرت الهيئة المتهمين الستة المتابعين في حالة اعتقال وكذا المتابعين في حالة سراح، باعترافات المتهم الرئيسي الذي ورطهم في جناية المشاركة في اختلاس أموال عمومية وجرائم التزوير واستعمال أختام وطوابع بريدية للدولة بهدف التدليس والتزوير، حيث عجز كل من المقاول ومديرا شركتين وصهر المتهم الرئيسي وهو مستثمر بمراكش وزوجته عن تبرير التحويلات المالية الدسمة التي استفادوا منها بعد قرصنتها من الحسابات الخاصة بالدولة وبمديرية الضرائب تحديدا، في الوقت الذي أكد البعض منهم أن تفاعلهم مع العروض المغرية للقابض الجهوي وسخائه في تلسيمهم الملايين من أجل إحداث شركات ومقاولات، يعزى إلى كونه كان صاحب شركة ضخمة متخصصة في "الإستشارات الجبائية" التي كانت تدر عليه مداخيل كبيرة كان يبرر بها إنفاقه وهوسه باقتناء العقارات والشقق والسيارات الفارهة.
وبالعودة لتفاصيل هذه الفضيحة التي تفجرت في مارس من السنة الماضية، كانت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الرباط قد فتحت بحثا قضائيا، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، مع شخصين، أحدهما قابض مركزي بالإدارة الجبائية للضرائب، وذلك للاشتباه في تورطهما في قضية تتعلق باختلاس أموال عمومية وغسيل الأموال، وفق ما كشفت عنه مديرية الأمن، وأوضحت الأبحاث والتحريات المنجزة، وعمليات التدقيق والافتحاص المحاسباتية التي أجرتها فرق مركزية مختصة من مديرية الضرائب، أن المشتبه فيه الرئيسي قام بتحويل مبالغ مالية مهمة لحساب شركة "واجهة" في اسم مشتبه فيه ثاني، بدعوى أنها مرجوعات الفائض الضريبي على الشركات، قبل أن يتم صرف المبالغ المختلسة، التي فاقت 4 مليار سنتيم، مع توظيفها في اقتناء أصول عقارية ومنقولات، علاوة على ضخ جزء منها في حسابات بنكية خاصة بأفراد من أسرة المتهم الأساسي.
وحسب معطيات التحقيق فإن الإجراءات والتدابير التحفظية التي باشرتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالبحث في هذه القضية مكنت من استرجاع كل الأموال السائلة المختلسة تقريبا، وحجز الأصول العقارية والسيارات المقتناة من العائدات الإجرامية، كما تم الحجز على الممتلكات التي تتواجد مابين مراكش وتمارة والأموال المختلسة والسيارات الفاخرة لفائدة مديرية الضرائب.