يخوض الموثقون، اليوم الخميس وغدا الجمعة، إضرابا وطنيا احتجاجا على الرأي الاستشاري لمجلس المنافسة الذي أوصى فيه بتحديد أتعاب الموثقين، بغية تشجيع التنافس بينهم، والسماح للممارسين الجدد باستقطاب الزبناء، فضلا عن تمكين مهنة التوثيق من منافسة المهن القانونية الأخرى.
فقد دعا مجلس المنافسة، في رأيه الاستشاري الذي جاء بناء على طلب من رئيس الحكومة بخصوص مطابقة مشروع مرسوم يتعلق بأتعاب الموثقين ومدى احترامه لمقتضيات القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، إلى ضرورة تحديد الحد الأقصى لأتعاب الموثقين بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين الملزمين أو الراغبين في العقود الموثقة.
غير أن الموثقين لهم رأي آخر بخصوص مقاربة مجلس المنافسة، محذرين من أن تفعيل هذا الإجراء سينعكس سلبا على المعاملات العقارية.
وفي هذا الصدد، يرى رئيس المجلس الجهوي للموثقين بالرباط، الأستاذ توفيق عزوزي، أن "من شأن تسقيف الأتعاب خلق نوع من الفوضى داخل المهنة على حساب استقرار المعاملات "، معتبرا أن "مجموع التزامات الموثق الواردة في القانون من تأمين وحفظ الأرشيف وواجب النصح، بالإضافة إلى الالتزام بالحياد والاستقلالية، يفرض التحديد الدقيق للأتعاب بشكل يضمن نوعا من الشفافية والوضوح".
وبخصوص تصنيف مجلس المنافسة لمهنة التوثيق ضمن المهن الحرة، يقول الأستاذ العزوزي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن اعتبار مهنة التوثيق مهنة حرة هو "تكييف خاطئ، لأن مهنة التوثيق ذات طبيعة مختلطة بحكم ممارستها لخدمة عمومية (رسمية) تخضع لشروط معينة من قبيل التعيين، والمراقبة، والحصول على إذن أو الإخبار في حالة التغيب المؤقت".
كما عبر رئيس المجلس الجهوي للموثقين بالرباط عن رفض الموثقين إدراج أتعابهم ضمن لائحة السلع والمنتوجات والخدمات التي لا تخضع للمنافسة الحرة، على اعتبار أن "خصوصية مهنة التوثيق ومهمة إسداء خدمة عمومية أخرجت أتعاب الموثق من دائرة السلع والخدمات الخاضعة للمنافسة"، مؤكدا بهذا الشأن على ضرورة استحضار "التكلفة الاقتصادية للعقد التوثيقي الذي يشمل التزام الموثق بالاكتتاب في عقد التأمين عن المسؤولية المدنية، والتزامه بحفظ الأرشيف والوثائق، وتصنيفه ضمن درجات الضريبة المهنية".
وبالنسبة إليه، ليس هناك مجال للمقارنة بين الموثقين والعدول، فالموثق "يلتزم، خلافا للعدول، بالقيام بالإجراءات التي تضمن فعالية العقود، والالتزام بتسليم نسخ العقود، ومساهمته في ميزانية صندوق ضمان الموثقين مع إمكانية مطالبته بأداء مساهمة إضافية، وهو ما يجعل من الاعتماد على أتعاب العدول كمعيار مفتقدا إلى الأساس".
وكان مجلس المنافسة قد دعا، في رأيه الاستشاري، إلى تعميم المقاربة المتمثلة في تحديد الحد الأقصى للأتعاب، والعمل على تطبيقها على جميع المهن المقننة بالنسبة للخدمات المماثلة المقدمة من طرف الموثقين، وذلك حرصا على تكافئ الفرص بينهم وبين مهن التوثيق، وحفاظا على مبدأ مساواة الجميع أمام الفعل التنافسي.