كشفت دورية لرئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، عن تراجع حالات العنف ضد النساء، خلال فترة الحجر الصحي، حيث انخفض عدد المتابعات من أجل العنف ضد النساء، خلال الفترة ما بين 20 مارس و20 أبريل الماضيين، عشر مرات عن المعدل الشهري لهذا النوع من القضايا.
دورية لرئاسة النيابة
وجه رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي دورية حول موضوع قضايا العنف ضد المرأة خلال فترة الحجر الصحي بالمملكة والتعليمات الجديدة لمكافحته، إلى المحامي العام الأول لدى محكمة النقض، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ومحاكم الاستئناف التجارية، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية والمحاكم التجارية، أشار من خلالها إلى الأخبار المتعلقة بارتفاع العنف ضد النساء بمناسبة تدابير الحجر الصحي في العديد من الدول، وهو ما دعا بعض المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني إلى إثارة الانتباه إلى ظاهرة استعمال العنف ضد النساء داخل المنازل خلال فترة الحجر الصحي المتخذ لضرورة الوقاية من فيروس كورونا. وأكد عبد النباوي أن رئاسة النيابة العامة، التي تعتبر مكافحة العنف ضد النساء من أهم أولويات السياسة الجنائية، تتابع هذا الموضوع باستمرار بواسطة الأقطاب القضائية المختصة بها.
وحسب الدورية، فإن معدل الدعاوى العمومية التي أقامتها النيابات العامة أمام محاكم المملكة خلال السنوات الأخيرة، يناهز 1500 متابعة كل شهر (أي في حدود 18000 متابعة كل سنة). وحسب تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2018، فإن نسبة الاعتداء المنزلي على المرأة ناهزت 62 في المائة من قضايا العنف المرتكب ضد النساء خلال تلك السنة، و56 في المائة من المتابعين كانوا من الأزواج، وهو المعدلنفسه المسجل خلال سنة 2019 التي حركت خلالها النيابات العامة الدعوى العمومية في 19019 قضية من أجل العنف ضد النساء، بلغت نسبة الاعتداءات المنزلية فيها حوالي 60 في المائة، منها حوالي 57 في المائة سجلت ضد الأزواج، وحوالي 4في المائة في حق أقارب آخرين (آباء وأبناء وأخوة المعتدى عليها).
وأوضحت الدورية، أنه في إطار اهتمامها بقضايا العنف ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي بالمملكة، سجلت النيابات العامة بمحاكم المملكة، خلال الفترة المذكورة، ما مجموعه 892 شكاية تتعلق بمختلف أنواع العنف ضد النساء (الجسدي والجنسي والاقتصادي والنفسي...)، بينما تم تحريك الدعوى العمومية في 148 قضية فقط من هذا النوع، في انتظار انتهاء الأبحاث في باقي الشكايات، وأضافت أنه «يستفاد من ذلك أن عدد المتابعات من أجل العنف ضد النساء قد انخفض خلال الفترة المذكورة عشر مرات عن المعدل الشهري لهذا النوع من القضايا (148 متابعة بدلا من 1500 متابعة شهريا في الأحوال العادية)».
وأشارت دورية رئيس النيابة العامة إلى أنه، وحتى على افتراض ثبوت الأفعال المشتكى منها في كافة الشكايات المتوصل بها (892 شكاية)، فإن هذه النسبة تمثل فقط حوالي 60 في المائة من المعدل المسجل في الأحوال العادية من قضايا العنف ضد النساء.
وخلص رئيس النيابة العامة إلى أنه، ورغم أن الوقت ما زال مبكرا للخروج بخلاصات واضحة حول مستوى العنف المنزلي ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي، إلا أن الإحصائيات المتوفرة – والتي تهم بطبيعة الحال القضايا المرفوعة للقضاء – تبشر باستقرار الأسرة المغربية، وانسجامها واستعدادها للتعايش والتساكن الطبيعي الهادئ، ولو في أصعب الظروف، كظروف الحجر الصحي الذي تعيشه المملكة حاليا لضرورات مكافحة فيروس (كوفيد 19). وأكد رئيس النيابة العامة، في المقابل، أن «ذلك لا يجب أن يحول دون استمرار حرصكم على تتبع هذه القضايا، والتي اتخذت عدة تدابير استعجالية لتبليغها إليكم، وكذلك لضمان سهولة ولوج النساء ضحايا العنف إلى القضاء، والتي ساهمتم في تفعيلها وتطويرها باجتهاداتكم».
التبليغات الإلكترونية
ذكرت دورية رئيس النيابة العامة بأن هذه التدابير تهم، أساسا، التبليغ عن طريق الشكاية الإلكترونية لرئاسة النيابة العامة عبر البريد الإلكتروني، والتبليغ عن طريق الحسابات الإلكترونية للنيابات العامة بمختلف محاكم المملكة المذكورة عناوينها بالموقع الرسمي لرئاسة النيابة العامة، والتبليغ عن طريق الأرقام الهاتفية المخصصة للشكايات بالنيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة، والمعلن عنها بمناسبة فرض الحجر الصحي في بلاغات للرأي العام، والمتوفرة على موقع رئاسة النيابة العامة، كما تهم هذه التدابير التبليغ عن طريق المنصة الهاتفية «كلنا معك» للاتحاد الوطني لنساء المغرب على الرقم الهاتفي المجاني 8350، والتي تتلقى شكايات النساء طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار الأربع وعشرين ساعة وتنقلها فورا إلى النيابات العامة ومصالح الشرطة القضائية المختصة، بالإضافة إلى التبليغ بالوسائل الكتابية التقليدية.وأشارت الدورية إلى أن بعض النيابات العامة وضعت منصة خاصة باللجن الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف من أجل تلقي شكايات النساء، وهي مبادرة يتعين تثمينها وتشجيعها.
ودعا رئيس النيابة العامة في هذه الدورية إلى العمل على تطوير منصات رقمية أو هاتفية لتلقي شكايات العنف ضد النساء، في حدود الإمكانيات المادية واللوجستيكية المتاحة، والاستمرار في تفعيل المنصات الرقمية والهاتفية المتوفرة حاليا، كما دعا إلى الاهتمام بالشكايات والتبليغات بشأن قضايا العنف ضد النساء وإعطائها الأهمية والأولوية في المعالجة، واتخاذ إجراءات الحماية المقررة بمقتضى القانون لفائدة النساء والأزواج عموما بما يتلاءم مع الوضعيات التي تتطلب الحماية.
وشددت دورية رئيس النيابة العامة على ضرورة الحرص على المصالح الفضلى للأطفال، واستهداف استقرار الأسر وتعايش أفرادها وفقا للمبادئ الحقوقية التي تولي المرأة مكانتها الهامة داخل النسيج الأسري والمجتمعي، وإقامة الدعاوى العمومية - حين يقتضي الأمر ذلك - في الوقت المناسب، وبالحزم اللازم.
ودعا رئيس النيابة العامة أيضا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الأخرى التي تبدو مناسبة لمعالجة الحالات الخاصة، ومن بينها توفير خدمات خلايا التكفل بالنساء، الموجودة بالنيابات العامة، وكذلك تسخير الإمكانيات المتاحة للخلايا الجهوية للتكفل بالنساء عند الاقتضاء. وطلب رئيس النيابة العامة، أيضا، الاستمرار في رصد الإحصائيات المتعلقة بقضايا العنف ضد النساء، مؤكدا في دوريته أنه،«بالنظر لأهمية هذه التعليمات، فإنني أطلب منكم إيلاءها الاهتمام اللازم، وتنفيذها بالحزم الواجب، وإشعاري بنتائج تنفيذها وبالإشكاليات التي تعترضكم في ذلك».