أقدمت السلطات المحلية بمدينة فاس على إغلاق مدرسة أمريكية فتحت أبوابها بدون ترخيص من وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، وقامت إدارة المؤسسة بتسجيل أزيد من 200 تلميذ وحصلت من أوليائهم على مبالغ مالية بالملايين بعدما أوهمتهم بالحصول على شهادات تمكنهم من ولوج المعاهد والجامعات العليا الأمريكية.
ونظم آباء وأمهات التلاميذ وقفة احتجاجية أمام باب المؤسسة المغلقة للمطالبة باسترجاع أموالهم، وأفادت مصادر مطلعة بأن العديد من المدارس والمعاهد الأجنبية أقدمت خلال الموسم الدراسي الحالي على تسجيل التلاميذ بدون الحصول على التراخيص الضرورية، كما أنها تروج لأنشطة مشبوهة لا تتماشى مع البرامج التعليمية المعتمدة بالمغرب، مستغلة في ذلك أسماء دول أجنبية تستغل أعلامها الوطنية فوق البنايات التي تمارس داخلها هذه الأنشطة.
وفي هذا الصدد، فوجئ آباء وأولياء التلاميذ بأن إحدى المدارس التي تروج أنها تابعة للبعثة الأمريكية، وتنشط بالعديد من المدن، لا تتوفر على التراخيص القانونية اللازمة، حيث سارعت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس مكناس إلى إصدار قرار لإغلاق المدرسة الأمريكية، حيث وجهت مصالح الأكاديمية قرار الإغلاق إلى السلطات المحلية من أجل تنفيذه. وكشفت المصادر أن بعض مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تلجأ إلى نشر إعلانات ولوحات إشهارية تتضمن مفردات وتعابير توحي بأنها مؤسسات تعليمية أجنبية، أو مرخص لها بتلقين برامج تعليمية أجنبية، أو تحتضن مسالك دولية، وهو ما من شأنه مغالطة آباء وأمهات التلاميذ وأوليائهم حول البرامج التعليمية المرخص لها بتلقينها وطبيعة الشهادات التي تمنحها وكذا الاختبارات الإشهادية التي تهيئ تلاميذها لاجتيازها.
وأكدت مصادر من الأكاديمية، أن جميع مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي ملزمة باحترام مضامين تراخيص الأكاديمية من حيث البرامج والمناهج المقررة في التعليم المدرسي العمومي وترشيح تلاميذها لنفس الامتحانات المنظمة لفائدة نظرائهم بالتعليم العمومي، وطلبت مصالح الأكاديمية من آباء وأمهات وأوليات التلاميذ أن يتأكدوا من الوضعية القانونية لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي التي يرغبون في تسجيل أبنائهم بها من حيث الأسلاك التعليمية المرخص لهذه المؤسسات بفتحها والبرامج التعليمية المعتمدة بها، وذلك بغاية تفادي المشاكل والصعوبات التي قد تصادفهم مستقبلا أثناء المصادقة على الشواهد المدرسية أو اجتياز أبنائهم للامتحانات الإشهادية أو التحاقهم بمؤسسات تعليمية أخرى خصوصية أو عمومية، وكذا متابعة الدراسة بعد الباكالوريا.
وكان وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، قد أصدر تعليماته إلى مصالح الشرطة بولاية أمن المدينة، من أجل فتح تحقيق حول وضعية مدرسة أمريكية يوجد مقرها بمدينة فاس وتشرف على تسيير مؤسسة بالعاصمة تقدم دروسا في مادة الإنجليزية للتلاميذ بدون حصولها على ترخيص من وزارة التربية الوطنية، وهو ما يخالف الاتفاق الموقع بين السلطات المغربية ونظيرتها الأمريكية بتاريخ 22 فبراير 2013، بخصوص شروط فتح مدارس البعثة الأمريكية بالمغرب.
وجاء تحرك السلطات إثر شكايات موجهة من طرف آباء وأولياء التلاميذ إلى الجهات المختصة، اتهموا من خلالها مدرسة أمريكية، على تصنيف نفسها ضمن مدارس البعثة الأمريكية في المغرب، رغم مخالفتها القانون، والاستمرار في النصب على جيوب المواطنين في مدن عدة على رأسها العاصمة الرباط، حيث لم ترضخ هذه المؤسسة حتى وبعد إصدار قرار توقيفها بناء على عدة محاضر معاينة، ومجموعة من الشكايات المسجلة من قبل مواطنين منصوب عليهم، وعمدت إلى مراوغة القانون من خلال فتح أبوابها تحت اسم آخر بحي الرياض الرباط.
وحسب المعطيات التي توصلت إليها «تيلي ماروك»، فإن هذه المدرسة أسسها مواطن أجنبي بحي الزهور بمدينة فاس سنة 2004، وكانت مخصصة للحضانة والتعليم الأولي، وذلك بترخيص من أكاديمية فاس، باسم مديرة المؤسسة، الحاملة للجنسية المغربية، وفي السنة الموالية، قررت الأكاديمية سحب هذا الترخيص، بسبب تقديم المدرسة لدروس تخالف النظام التعليمي المغربي، بعد بحث قامت به لجنة مختلطة تتكون من ممثلي الأكاديمية ووزارة التربية الوطنية والسلطات المحلية، لكن صاحب المؤسسة تحايل على القانون، عوض إغلاق أبواب هذه المدرسة وقام بنقل مقرها إلى عنوان آخر بنفس المدينة، خلال شهر يوليوز 2007، وذلك بناء على ترخيص من المجلس الجماعي، الذي كان يترأسه حميد شباط، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، وهو ترخيص غير قانوني، لأنه ليس من اختصاصه.