تزامنا مع الجولة الأخيرة من المشاورات التي يباشرها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية، بخصوص الاستعداد لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية، خلال السنة المقبلة، بدأت بعض الخلافات تطفو إلى السطح، حول بعض المقترحات التي تقدمت بها الأحزاب السياسية حول تعديل القوانين الانتخابية.
ومن أبرز الخلافات التي أحدثت انقساما داخل أحزاب الأغلبية، كيفية احتساب القاسم الانتخابي، الذي بموجبه يتم توزيع المقاعد البرلمانية على اللوائح المتنافسة في الانتخابات، حيث تقترح أحزاب المعارضة وكذلك أحزاب من الأغلبية تغيير طريقة تحديد القاسم الانتخابي، باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، أو باحتساب جميع الأصوات المعبر عنها في يوم الاقتراع، فيما يعارض حزب العدالة والتنمية هذا المقترح، ويطالب بالإبقاء على الطريقة المعمول بها حاليا، أي تحديد القاسم الانتخابي باحتساب عدد الأصوات الصحيحة فقط، لأن تحديد القاسم باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية أو باحتساب عدد الأصوات المعبر عنها سيؤدي إلى الزيادة في عدد الأصوات المحددة للقاسم الانتخابي، ما سيقلص حظوظ اللوائح في الحصول على مقعدين أو ثلاثة مقاعد، ما يعتبره حزب العدالة والتنمية استهدافا مباشرا له، لكون العديد من لوائح الحزب فازت في الانتخابات الأخيرة بمقعدين في الدوائر الانتخابية، لأن القاسم الانتخابي كان صغيرا.
وطالبت أحزاب المعارضة المكونة من أحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية في المذكرة المشتركة التي تقدمت بها، باحتساب القاسم الانتخابي على أساس اعتماد الأوراق المعبر عنها، يعني الأوراق الصحيحة، والملغاة، والأوراق البيضاء، والأوراق المتنازع فيها، واعتبر نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، في حوار أن هذه الفكرة جديدة، تروم إضفاء قيمة على صوت الناخب بغرض تشجيع المشاركة السياسية، بحيث ستكون لصوت الناخب قيمة حسابية، لأنه يعتبر شكلا من أشكال التصويت والمشاركة عموما في العملية الانتخابية.
وبدوره اقترح حزب الحركة الشعبية، في مذكرته المرفوعة إلى وزارة الداخلية، احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، ويهدف هذا المقترح إلى التشجيع على التسجيل في اللوائح الانتخابية، وأوضح الأمين العام للحزب، امحند العنصر، في حوار، أن كل من سجل نفسه في اللوائح الانتخابية لديه رغبة المساهمة في العملية الانتخابية، وكما هو معمول به في بعض الدول، عندما تحصر اللوائح الانتخابية يمكن معرفة القاسم الانتخابي انطلاقا من عدد المسجلين في اللوائح، وليس في انتظار التصويت، لتحديد القاسم بناء على أوراق التصويت الصحيحة.
وعبر حزب العدالة والتنمية عن رفضه لهذه المقترحات، وأوضح نائب الأمين العام للحزب، سليمان العمراني، أن وفد الحزب عبر لوزير الداخلية في المشاورات مع أحزاب الأغلبية بكل وضوح أنه يرفض اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المصوتين، وتابع العمراني أن حزب العدالة والتنمية دعا خلال هذا اللقاء إلى البقاء في النظام الحالي الذي يقوم على احتساب هذا القاسم على أساس عدد الأصوات الصحيحة، لأنه «أقرب إلى الوفاء للمنطق الديموقراطي، وهو المعتمد في عموم التجارب الديموقراطية في العالم»، وأما احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين، فقد أكد العمراني «أنه باطل ولا يمكن قبوله نهائيا، وهذا ما قلناه بقوة وبوضوح وبصراحة في الاجتماع المذكور، حيث قلنا إن هذا الاختيار يعني هو الاقتراع الفردي المقنع، بل هو أسوأ منه».
ويحدد القانون التنظيمي لمجلس النواب طريقة توزيع المقاعد بين اللوائح الانتخابية المتنافسة، حيث تقوم لجنة الإحصاء، في ما يخص الانتخاب على مستوى الدوائر الانتخابية المحلية، بإحصاء الأصوات التي نالتها كل لائحة أو كل مترشح وتعلن نتائجها حسب توصلها بها، ولا تشارك في عملية توزيع المقاعد، لوائح الترشيح التي حصلت على أقل من 3% من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية المعنية، وتوزع المقاعد على اللوائح بواسطة القاسم الانتخابي، ثم بأكبر البقايا، وذلك بتخصيص المقاعد الباقية للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور، ويجري احتساب القاسم الانتخابي انطلاقا من تقسيم عدد الأصوات المعبر عنها وطنيا (أي الأصوات غير الملغاة وغير المتنازع فيها) على عدد المقاعد المتنافس عليها داخل دائرة معينة، وانطلاقا من تحديد هذا القاسم يحدد عدد الأصوات الذي يجب أن تتوفر عليه اللائحة لتحصل على مقعد في دائرة انتخابية، لكن إذا ما تبقى مقعد آخر شاغر ولم تتوفر اللوائح الأخرى المشاركة في التنافس على هذه المقاعد، في هذه الحالة يتم منح المقعد المتبقي للائحة التي تتوفر على أكبر بقية من الأصوات المعبر عنها، وهكذا يخول نمط الاقتراع اللائحي مع أكبر البقايا للوائح الانتخابية، التي لم تتمكن من الحصول على عدد الأصوات التي تؤهلها للفوز بأحد المقاعد المتبارى حولها (القاسم الانتخابي)، الحصول على مقعد.