كشف تقرير لوزارة الداخلية عن الحصيلة الكارثية لتدبير بعض رؤساء الجماعات، من خلال التقارير السوداء التي أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة للوزارة، والتي رصدت خروقات مالية وإدارية خطيرة بعضها يكتسي صبغة جنائية، ويستوجب الإحالة على القضاء، حيث تمت إحالة 17 ملفا على المجالس الجهوية للحسابات والنيابة العامة.
وأوضح التقرير، أنه في إطار مواكبة ولاة الجهات وعمال أقاليم وعمالات المملكة، أنجزت المفتشية العامة للإدارة الترابية، 20 مهمة بحث متعلقة بمراقبة أعمال رؤساء المجالس و مقررات مجالس الجماعات الترابية المندرجة في إطار مهام المراقبة الإدارية الموكلة للولاة والعمال القيام بها، منها 14 مهمة ترجع إلى سنة 2019 وتم استكمال تدبيرها خلال السنة الجارية. وتتلخص أهم الملاحظات المسجلة من طرف لجن البحث على مستوى التدبير الإداري، في ربط رئيس مجلس الجماعة أو بعض أعضاء المجلس المصالح خاصة مع الجماعة، وتوقيع مدير المصالح على وثائق ذات صبغة مالية دون التوفر على تفويض، وعدم اتخاذ أي إجراء بخصوص الغياب المتكرر لبعض الأعضاء عن دورات المجلس، أما على مستوى تدبير المداخيل، سجلت لجان البحث، إعفاء غير قانوني لملزمين من أداء الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، وعدم اتخاذ التدابير اللازمة لاستخلاص الرسوم المحلية، وعدم استخلاص واجبات كراء المحلات التجارية والسكنية التابعة للجماعة.
وعلى مستوى تدبير المصاريف، سجلت تقارير المفتشية وجود اختلالات في تدبير الصفقات العمومية، تتجلى في إقصاء متنافسين بدون مبرر، ومنح صفقات أشغال لمقاولات مراجعها التقنية غير كافية، والأداء مقابل أشغال غير مطابقة للشروط المطلوبة، وعدم تطبيق الغرامات في حق المقاولات التي لا تحترم التزاماتها التعاقدية، وظهور عيوب في الأشغال المنجزة والمستلمة. كما سجلت التقارير اختلالات في تدبير سندات الطلب، من خلال إسناد سندات الطلب لشركات بعينها والإشهاد على تنفيذ الخدمة قبل الالتزام بالنفقات وقبل الإنجاز الفعلي لها، وعدم استرداد المبالغ المترتبة عن الفارق المسجل في برنامج الاستثمار غير المنجز من طرف الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة.
ويعرف تسيير قطاع التعمير مجموعة من الاختلالات تتعلق خصوصا بعدم احترام الضوابط القانونية والتنظيمية المعمول بها في هذا الميدان. ويمكن إجمال أهم الملاحظات المسجلة من طرف لجان التفتيش في منح رخص بناء انفرادية دون عرض ملفاتها على اللجنة الإقليمية للتعمير ودون الأخذ برأي الوكالة الحضرية، وتسليم أذونات تقسيم دون عرض ملفاتها على لجنة التعمير، ومنح شهادات إدارية تفيد أن بعض عمليات البيع والتقسيم غير خاضعة للقانون رقم 25.90 المتعلق بالتعمير، والحال أن هذه العمليات تستدعي الحصول على إذن بالتجزيء أو التقسيم، والتسلم المؤقت لأشغال التجزئات العقارية رغم رفض لجنة التسلم، وتسليم رخص إصلاح تستغل في إنجاز أشغال بناء، وتسلیم شهادات إدارية للربط بالكهرباء بدل رخص السكن و شهادات المطابقة، وتسلیم هذه الشهادات من طرف مهندسين معماريين بخصوص بنايات لم تنته بها الأشغال أو تم إنجازها بشكل مخالف للتصاميم المرخصة، كما رصدت المفتشية العامة للداخلية، وجود تعثر في إنجاز مشاريع وتجزئات سكنية، وحالة التعثر والجمود التي تعرفها بعض المجالس، وكذلك تسجيل خروقات واختلالات في تدبير ملفات التعمير والبنايات ذات الصبغة التاريخية والمعمارية.
وبخصوص الإجراءات والتدابير المتخذة، أشار التقرير إلى أنها تختلف حسب طبيعة الخروقات المرتكبة فمنها ما يكتسي طابعا تقويميا أو تأديبيا ومنها ما يتم إحالته على السلطات القضائية المختصة، ولهذا الغرض، يوضح التقرير، بالنسبة للاختلالات التي لا تكتسي طابع الجسامة، والتي ليس لها وقع على مالية الجماعة وعلى الخدمة الموجهة للمواطن، والتي يمكن تجاوزها باتخاذ بعض الإجراءات التقويمية، وحرصت لجن التفتيش على اقتراح مجموعة من التوصيات لتصحيح الاختلالات المسجلة وتسوية الوضعية، وكذا لتفادي تكرارها مستقبلا. وبخصوص الحالات التي يتم بشأنها تسجيل خروقات أو تجاوزات في ميدان التأديب المالي والمحاسباتي فيتم إحالتها على المحاكم المالية المختصة، كما يتم تفعيل مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، التي تنص على عزل رؤساء الجماعات والمنتخبين، كلما ثبت ارتكاب أفعال جسيمة مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل أو مخالفة لأخلاقيات المرفق العام أو تمس بمصالح الجماعة، في حين أن الأفعال ذات الصبغة الجنائية، تتم إحالتها على السلطات القضائية المختصة. وكشف التقرير عن اتخاذ 22 تدبيرا تقويميا، ومباشرة مسطرة العزل في 8 رؤساء جماعات، وإحالة 14 ملفا على المجالس الجهوية للحسابات، بعد تسجيل أفعال تشكل قرائن مخالفات مستوردة للمسؤولية في التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، ثم إحالة ثلاثة ملفات تتضمن أفعالا ذات صبغة جنائية على النيابة العامة المختصة.