تدخلت القوات المسلحة الملكية، يوم الجمعة الماضي، لإقامة حزام أمني لحماية تنقل الأفراد والبضائع عبر معبر الكركرات، وذلك بعد إغلاق ميليشيات تابعة لجبهة "البوليساريو" للمحور الطرقي العابر لهذه المنطقة الرابطة بين المغرب وموريتانيا. وخلفت الإجراءات والتدابير المشروعة التي قام بها المغرب للدفاع عن سيادته وتحصين وحدته الترابية، دعما دوليا كبيرا، وإجماعا وطنيا، حيث توالت ردود الفعل المؤيدة لقرارات المغرب والمنددة بإصرار جبهة "البوليساريو" على انتهاك الشرعية الدولية.
عاد الهدوء إلى المعبر الحدودي بمنطقة الكركرات، وعادت معه حركة التنقل التجاري إلى طبيعتها، بعد إعادة فتح المحور الطرقي الرابط بين المغرب وموريتانيا، وذلك إثر العملية العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة الملكية، والتي مكنت من طرد ميليشيات "البوليساريو" من نقطة العبور بين البلدين، والتي ظلت مغلقة لمدة ثلاثة أسابيع من طرف قطاع الطرق، حيث تسللت ميليشيات "البوليساريو" منذ 21 أكتوبر 2020 إلى المنطقة العازلة، وقامت بأعمال عصابات وبعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، وكذا التضييق باستمرار على عمل المراقبين العسكريين للمينورسو. وتم تأمين هذا المعبر بشكل كامل من قبل عناصر القوات المسلحة الملكية من خلال إقامة حزام أمني بهدف تأمين تدفق السلع والأفراد، وذلك طبقا لتعليمات الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، وتم تنفيذ هذه العملية وفق قواعد التزام واضحة، تقوم على تجنب أي احتكاك مع أشخاص مدنيين.
تأمين المعبر
أفاد بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، يوم الجمعة الماضي، بأن معبر الكركرات بين المغرب وموريتانيا، أصبح في الوقت الحاضر مؤمنا بشكل كامل من خلال إقامة القوات المسلحة الملكية لحزام أمني بتعليمات من الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. وأوضح البلاغ أنه "طبقا للتعليمات السامية لجلالة الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تم يوم 13 نونبر 2020، القيام بعملية، وفقا لقواعد تدخل واضحة تقتضي تجنب أي احتكاك بالأشخاص المدنيين". وأضاف المصدر ذاته أنه خلال هذه العملية، فتحت الميليشيات المسلحة للبوليساريو النار على القوات المسلحة الملكية التي ردت عليها، وأجبرت عناصر هذه المليشيات على الفرار دون تسجيل أي خسائر بشرية، مؤكدا أن هذه العملية تأتي على إثر إغلاق ميليشيات البوليساريو للمحور الطرقي العابر لهذه المنطقة الرابطة بين المغرب وموريتانيا. وأبرز البلاغ أنه "وبعد أن أخذت علما بتدخل القوات المسلحة الملكية الذي تم طبقا للتعليمات السامية لجلالة الملك، نصره الله، أقدمت عناصر ميليشيات البوليساريو عمدا على إحراق معسكر الخيام الذي أقامته، وعمدت إلى الفرار على متن عربات من نوع (جيب) وشاحنات نحو الشرق والجنوب تحت أنظار مراقبي بعثة الأمم المتحدة (المينورسو)". وخلص البلاغ إلى أن "معبر الكركرات أصبح الآن مؤمنا بشكل كامل من خلال إقامة حزام أمني يؤمن تدفق السلع والأفراد عبر الممر الذي يربط بين المركزين الحدوديين".
احترام الشرعية الدولية
أكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن العملية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية، صباح يوم الجمعة الماضي، بتعليمات سامية من الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة، لاستعادة حرية التنقل بمعبر الكركرات، تمت "بشكل سلمي، ودون اشتباك أو تهديد لسلامة المدنيين". وأوضحت الوزارة في بلاغ أن هذه العملية الرامية إلى وضع حد نهائي للتحركات غير المقبولة لـ"البوليساريو"، تأتي بعد إعطاء الفرصة كاملة لإيجاد حل دبلوماسي من خلال المساعي الحميدة للأمم المتحدة. وأضاف المصدر ذاته أنه في سنتي 2016 و2017، كانت الاتصالات بين جلالة الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، قد مكنت من التوصل إلى حل أول. ومع ذلك، واصلت "البوليساريو" ممارساتها الاستفزازية وتوغلاتها غير القانونية في هذه المنطقة.
وذكرت الوزارة أنه بعد التوغل الذي قامت به "البوليساريو" يوم 21 أكتوبر 2020، أكد الملك الذي يدعم عمل الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالة إلى غوتيريش أنه "لا يمكن إطالة أمد الوضع القائم. وإذا استمر هذا الوضع، فإن المملكة المغربية، وفي احترام لصلاحياتها، وبموجب مسؤولياتها، وفي تناغم تام مع الشرعية الدولية، تحتفظ بالحق في التدخل، في الوقت وبالطريقة التي تراها ضرورية للحفاظ على وضع المنطقة وإعادة إرساء حرية التنقل والحفاظ على كرامة المغاربة". وخلص البلاغ إلى أن المغرب "يظل متشبثا بقوة بالحفاظ على وقف إطلاق النار"، مشيرا إلى أن العملية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية تروم، على وجه التحديد، تعزيز وقف إطلاق النار من خلال الحيلولة دون تكرار مثل هذه الأعمال الخطيرة وغير المقبولة التي تنتهك الاتفاق العسكري وتهدد الأمن والاستقرار الإقليميين.
وأفادت الوزارة بأنه أمام الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لميليشيات "البوليساريو" في المنطقة العازلة للكركرات في الصحراء المغربية، "قرر المغرب التحرك، في احترام للسلطات المخولة له، وذلك بمقتضى واجباته وفي انسجام تام مع الشرعية الدولية". وأكدت الوزارة، في بلاغ لها، أنه بعد أن التزمت بأكبر قدر من ضبط النفس أمام استفزازات ميليشيات "البوليساريو"، "لم يكن أمام المملكة المغربية من خيار آخر سوى تحمل مسؤولياتها من أجل وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري". وذكرت الوزارة أن "البوليساريو" وميليشياتها، التي تسللت إلى المنطقة منذ 21 أكتوبر 2020، قامت بأعمال عصابات هناك، وبعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، وكذا التضييق باستمرار على عمل المراقبين العسكريين للمينورسو، موضحة أن هذه التحركات الموثقة تشكل بحق أعمالا متعمدة لزعزعة الاستقرار وتغيير الوضع بالمنطقة، وتمثل انتهاكا للاتفاقات العسكرية، وتهديدا حقيقيا لاستدامة وقف إطلاق النار، وشددت على أن هذه التحركات تقوض أية فرص لإعادة إطلاق العملية السياسية المنشودة من قبل المجتمع الدولي، مشيرة إلى أنه منذ 2016، ضاعفت "البوليساريو" هذه التحركات الخطيرة وغير المقبولة في هذه المنطقة العازلة، في انتهاك للاتفاقات العسكرية، ودون اكتراث بتنبيهات الأمين العام للأمم المتحدة، وفي خرق لقرارات مجلس الأمن ، لاسيما القرارين رقم 2414 و 2440 ، التي دعت "البوليساريو" إلى وضع حد لهذه الأعمال الهادفة إلى زعزعة الاستقرار. وتابع المصدر ذاته أن المملكة المغربية كانت قد نبهت في حينه الأمين العام للأمم المتحدة وكبار المسؤولين الأمميين وأطلعتهم بانتظام على هذه التطورات الخطيرة للغاية، مبرزا أن المغرب طلب أيضا من أعضاء مجلس الأمن والمينورسو، وكذا عدة دول جارة، أن يكونوا شهودا على هذه التحركات.
وأضاف أن المملكة المغربية منحت الوقت الكافي للمساعي الحميدة للأمين العام للأمم المتحدة ولبعثة المينورسو من أجل حمل "البوليساريو" على وقف أعمالها الهادفة إلى زعزعة الاستقرار ومغادرة المنطقة العازلة للكركرات. وشددت الوزارة على أن دعوات المينورسو والأمين العام للأمم المتحدة، وكذا تدخلات العديد من أعضاء مجلس الأمن، ظلت للأسف بدون جدوى، مؤكدة أن "المغرب قرر التحرك، في احترام للسلطات المخولة له، وذلك بمقتضى واجباته وفي انسجام تام مع الشرعية الدولية"، وخلص البلاغ إلى أن "البوليساريو"، وحدها، تتحمل كامل المسؤولية وكل عواقب هذه التحركات.
قلق أممي
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه "قلق للغاية بشأن العواقب المحتملة" للتطورات الأخيرة بالكركارات، الناجمة عن الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة التي أقدمت عليها ميليشيات "البوليساريو"، في الآونة الأخيرة، بالمنطقة العازلة بالكركارات، في الصحراء المغربية، معربا عن خيبة أمله إزاء عناد الأطراف الأخرى الذي أدى إلى تصعيد الوضع. وأكد المتحدث باسم غوتيريش، خلال لقائه الصحفي اليومي بنيويورك، أن "منظمة الأمم المتحدة، بما في ذلك الأمين العام، انخرطت، خلال الأيام الأخيرة، في مبادرات عديدة للحيلولة دون تصعيد الوضع في المنطقة العازلة بالكركارات، وللتحذير من انتهاكات "وقف إطلاق النار والعواقب الوخيمة لأي تغيير للوضع القائم".
كما أعرب عن أسفه لتجاهل انفصاليي "البوليساريو" لنداءات الأمين العام للأمم المتحدة، موضحا أن "الأمين العام يعرب عن أسفه لعدم تكلل هذه الجهود بالنجاح، وعن قلقه البالغ إزاء العواقب المحتملة للتطورات الأخيرة"، وأبرز أن الأمين العام للأمم المتحدة "يظل ملتزما ببذل كل ما في وسعه لتجنب انهيار وقف إطلاق النار الساري منذ 6 شتنبر 1991، وهو مصمم على بذل قصارى جهده لتجاوز كل ما يعيق استئناف العملية السياسية" الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه لقضية الصحراء. وخلص المتحدث باسم الأمين العام إلى أن "بعثة المينورسو ملتزمة بمواصلة ولايتها، وأن الأمين العام يدعو الأطراف إلى ضمان حرية كاملة لتنقل بعثة الأمم المتحدة طبقا لمهام ولايتها".
وجاء تحرك المغرب بالمنطقة العازلة في الكركارات بالصحراء المغربية عقب رفض الأطراف الأخرى الامتثال لنداءات وأوامر الأمين العام للأمم المتحدة بمغادرة المنطقة العازلة وتجنب التصعيد، وقد تدخل المغرب، وفقا للسلطات المخولة له، وذلك بمقتضى واجباته وفي انسجام تام مع الشرعية الدولية، لمواجهة الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لميليشيات "البوليساريو" في الكركارات.