بعد القرار الذي اتخذته الحكومة، أمس بتمديد الإجراءات الاحترازية لمدة أسبوعين إضافيين، أصبحت تثار العديد من التساؤلات حول استمرار الإغلاق وحظر التنقل الليلي خلال شهر رمضان المقبل.
وفي هذ الصدد، أوضح البروفيسور عزالدين الإبراهيمي، عضو اللجنة العلمية، ومدير مختبر الأوبئة والفيروسات بكلية الطب بالرباط، أن هناك أسئلة حول استمرار الإجراءات الاحترازية، مع اقتراب شهر رمضان، بعد تسجيل استقرار في الوضعية الوبائية، وتلقيح أكثر من 13 في المئة من المواطنين المغاربة وفي ظروف وبائية مثالية، واعتبر هذه الأسئلة مشروعة ومنطقية يختلط فيها الديني بالعاطفي بالعملي، وأضاف "لكن أظن أنه يجب علينا أن نبقى أوفياء لمقاربتنا الاستباقية العلمية و أن كل قرار في هذا الشأن و من هذا القبيل يجب أن يبني على العناصر العلمية المتاحة وبحذر".
وقال الإبراهيمي "يجب أن نتذكر جميعا نكبة ما بعد عيد الأضحى و التي أدينا ثمنها غاليا و لشهور"، لذلك "أرفض أي قرار يؤدي بنا إلى نفس الوضع"، وأكد على ضرورة أن تراعي كل قرراتنا أولوياتنا و هي للتذكير أولا و أخيرا صحة المواطن المغربي الجسدية و النفسية ثانيا عدم إيقاف عجلة الإقتصاد وثالثا استمرار العملية التربوية بالمدارس و المعاهد، وهو أمر أساسي من أجل تعليمهم وكذلك من أجل رفاههم العقلي والجسدي مع إتاحة الفرصة للمواطنين بلقاء أقربائهم بأمان بعد أشهر من العزل و العزلة.
ودعا الإبراهيمي إلى استغلال التقدم المحرز في مواجهة الوباء و نترجمه بقرارات تؤدي إلى خروج سريع من الأزمة يجعلنا أكثر تنافسية في ميادين خدماتية عدة و على رأسها الاقتصاد السياحي بحلول فصل الصيف.
وتطرق الإبراهيمي إلى المعطيات العلمية المتوفرة، حتى يتبين للجميع صعوبة هذه القرارات المستقبلية التي يجب أن تكون حذرة وتدريجية و لما لا جهوية تأخذ بالخاصية الوبائية لكل جهة، و تستوجب هذه القرارات، حسب الإبراهيمي الجرأة الكبيرة في اتخاذها، مشيرا إلى أن التوصية العلمية و الصحية ليست إلا جزءا من منظومة اتخاذ القرار النهائي الذي يأخذ كذلك بعين الاعتبار الأثار الاقتصادية و الاجتماعية للقرار على المغاربة.
ومن بين المعطيات العلمية، الإحاطة بمدى المناعة الجماعية للمغاربة، مبرزا أن معرفة عدد المغاربة الذين أصيبوا بالفيروس يمكن من تحديد المناعة الطبيعية للمغاربة، و لكن للأسف، يقول الإبراهيمي، ولحد الأن و بدون دراسة سيرولوحية محينة يصعب التكهن بنسبة معينة رغم النسب المرتفعة التي يستشهد بها الكثيرون دون أبحاث علمية دقيقة و تبقى دون جدوى في اتخاذ القرارات.
وبخصوص الانخراط في الإجراءات الاحترازية الوقائية الشخصية، قال الإبراهيمي "وهنا بإمكاني أن أجيب و بدون تحفظ وبصراحة جارحة أننا تخلينا منذ زمن عن الإجراءات الاحترازية و تخاذلنا في الانضباط بها. و في هذه الحالة، فالقرار و المسؤولية شخصية و أتمنى أن لا نأدي ثمن هذه الانتكاسة غاليا.... و أحيي عاليا كل من يحاول الألتزام بها....".
وحذر عضو اللجنة العلمية من خطورة انتشار السلالات المتحورة، وأشار إلى أرقام الإصابة التي نراها الأن مستقرة لأننا لم نصل بعد إلى الإنتشار الأسي للسلالة البريطانية و الذي حتما سنراه في الأسابيع المقبلة، وأوضح أن السلالة البريطانية تنتشر و أن الطفرة E484K بدأت بالظهور بالمغرب، وهي في طور الانتشار، مشيرا إلى أن الفريق العلمي تمكن من تحليل أكثر من 200 جينوم للفيروس وتفكيك شفرتها بالمختبر، و تبين من خلال هذا البحث تكاثر ظهور السلالات المتحورة منذ شهر فبراير، وتم تحديد جميع أنواعها بالمغرب.
ومن بين المعطيات التي يجب استحضارها لمحاصرة تطور الوضعية الوبائية، هي عدم الانتهاء لحد الأن من المرحلة الأولى لعملية التلقيح لحماية الأشخاص في وضعية هشاشة صحية، وكل قرار يجب أن يحصن هذه العملية و يؤمن نجاحها، ثم التسريع بالبدء بالمرحلة الثانية من التلقيح للفئات العمرية الأخرى المتبقية في أفق الوصول إلى المناعة الجماعية، و المشروطة بالتوفر على كميات كبيرة من اللقاحات، علما أن المعطيات الدولية، تبين أنه سيصعب الوصول إليها و مؤشرات كثيرة تدل على ذلك و تفرض على المغرب أخذها بعين الاعتبار في أي قرار.