كتب محمد صالح التامك، المندوب العام للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والشيخ السابق لتحديد الهوية، مقالا مطولا، تحدث فيه عن موقف الولايات المتحدة الأمريكية المخيب للآمال والذي لم يرقى لمستوى تطلعات المملكة المغربية، خلال الاجتماع الأخير المغلق لمجلس الأمن حول نزاع الصحراء المنعقد يوم الأربعاء الماضي 21 أبريل 2021، وذلك على خلاف موقفها السابق الشجاع والمتبصر المتمثل في اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء.
وقال محمد صالح التامك، لقد كان حريا بالولايات المتحدة اتخاذ موقف أوضح ومنسجم مع الظرفية الحالية، حيث لم يصدر عن الولايات المتحدة أي رد فعل قوي ورادع إزاء الموقف العدائي للجزائر والبوليساريو وأحداث الكركارات، وإزاء الموقف الروسي المناوئ للاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء وتماطل الأطراف الأخرى في تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة. بعملها على إبقاء الوضع الحالي في الصحراء على ما هو عليه بدل إيجاد حل نهائي له ينسجم مع قرارها بالاعتراف بسيادة المملكة المغربية على الصحراء، تكون الإدارة الأمريكية قد خيبت الانتظارات المشروعة للمواطنين المغاربة.
وأورد التامك قائلا : لقد حان الوقت لأن تعترف الولايات المتحدة ببعض مسؤوليتها في ما عاناه المغرب ولا يزال من المشاكل الناجمة عن هذا الصراع. فكيف يمكن تفسير سكوتها عما يقوم به البوليساريو والجزائر من تحركات خطيرة تهدد السلام بالمنطقة، وذلك في الوقت الذي سبق أن اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء؟!
وأفاد أن الجميع يعلم أن إسبانيا والجزائر، باعتبارهما دولتين صاحبتي سيادة، سارعتا بإدخال إبراهيم غالي، الرئيس المزعوم للجمهورية الصحراوية الوهمية، إلى مستشفى سان بيدرو في لوغرونيو بضواحي مدينة سرقسطة الإسبانية لتلقي العلاج، وذلك بهوية مزورة، خشية منهما أن يقوم ضحايا إبراهيم غالي في الاغتصاب وغيره بمتابعته قضائيا. وهذا في حد ذاته اعتراف ضمني من هاتين الدولتين بأن هذه الجمهورية المزعومة ليست سوى كيان وهمي ترعاه الطغمة العسكرية الجزائرية.
واسترجع محمد التامك ذكرياته إلى عام 1990، قائلا : أذكر مرة دعاني فيها ويليام إيغلتون إلى مأدبة عشاء بمحل إقامته بالعيون بصفتي شيخ قبيلة ذي أصل صحراوي مشارك في عملية تحديد الهوية، وذلك برفقة الدكتور ماء العينين خليهنا بصفته مراقبا لعملية التحديد. خلال تلك الليلة، أثار معي السيد إيغلتون، باعتباري أستاذاً جامعياً، اختيارات ابنه الدراسية، وفجأة عرج ليسألني عن رأيي في تطبيق نظام الحكم الذاتي في الصحراء. وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أن الولايات المتحدة كانت سباقة إلى التفكير في تطبيق الحكم الذاتي في الصحراء، وهي الفكرة التي تبناها المغرب بعد سنوات قليلة من ذلك.
ورغم ذلك، يضيف التامك، ظل المبعوثان الشخصيان الأمريكيان السابقان للأمين العام للأمم المتحدة، جيمس بيكر وكريستوفر روس، متحيزين للطرف الآخر، الأول بمكائده ودسائسه البئيسة، والثاني بممارساته التماطلية والتدليسية المكشوفة.
وأعرب محمد صالح التامك في آخر المقال عن قلقه حيال تعامل دولة قوية عسكريًا مثل الولايات المتحدة، لها من الإمكانيات والمعدات ما يمكنها من رصد أدنى التحركات المشبوهة التي يمكن أن يقوم بها الانفصاليون في المنطقة، مع حليف قديم لها مثل المغرب على قدم المساواة مع دولة مارقة مثل الجزائر وأتباعها من مرتزقة البوليساريو، وهي الدولة التي لا تتوانى في مضايقة جيرانها ليبيا وتونس ومالي وموريتانيا.