وقع أعضاء بالمكتب السياسي واللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية على وثيقة سياسية تحمل اسم مبادرة «سنواصل الطريق»، يطالبون من خلالها بالتعجيل بعقد مؤتمر وطني للحزب، للإطاحة بالأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله، وانتخاب قيادة جديدة، بعد معاقبة المواطنين للحزب إثر تحالفه مع حزب العدالة والتنمية.
ودعا الموقعون على المبادرة إلى عقد مصالحة تاريخية كبرى مع جميع مناضلات ومناضلي الحزب حتى يساهموا في إعادة بنائه من جديد على أسس قوية وسليمة، ومباشرة عملية كبرى للنقد الذاتي من طرف الحزب ككل أمام الرفيقات والرفاق وأمام الرأي العام الوطني، كوسيلة راقية لتصفية الأجواء والتوجه نحو المستقبل، كما يطالب الموقعون على المبادرة التي مازالت مفتوحة أمام جميع الأعضاء، بالتعجيل بعقد المؤتمر الوطني في مطلع السنة للخروج بالخلاصات اللازمة وانتخاب قيادة جديدة تُصالح الحزب مع قواعده ومع عموم الشعب المغربي، ووضع خطة عملية وواقعية لإعادة الحزب إلى مساره وموقعه الطبيعيين إلى جانب جماهير الشعب المغربي، تمكنه من القيام بدوره الدستوري في تأطير المواطنات والمواطنين بكامل النجاعة.
وأوضحت الوثيقة، أن نتائج انتخابات 08 شتنبر الأخيرة، كشفت عن هزيمة نكراء لقوى الإسلام السياسي، الممثل في حزب العدالة والتنمية، بعد عجزه عن تقديم وقيادة مشروع مجتمعي بديل يتجاوز من خلاله انعكاسات السياسات النيوليبرالية العالمية على المغرب، خاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية لسنة 2008، ويحافظ على المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية التي حققها خلال العشرية الأولى من القرن الحالي، وانحصار عمله على الخطابات الشعبوية وترديد شعارات محاربة الفساد دون القدرة الحقيقية على ذلك، مع تعميق الهشاشة الاجتماعية ومعاداة الطبقة المتوسطة.
كما عرت، تضيف الوثيقة، المبررات الواهية، وأظهرت ماهية من كان وراء التطبيل لتجربة العدالة والتنمية والدعوة إلى التحالف الاستراتيجي معه بذريعة تعزيز الديمقراطية ودولة المؤسسات والحق والقانون، وقد ظهر ذلك جليا من خلال التصويت العقابي الذي طال قيادة الحزب في شخص أمينه العام وعدد من قيادييه البارزين، رغم المحاولة اليائسة بالخروج من الحكومة والتهجم المستمر علـى رئيسها.
وتحدثت الوثيقة السياسية عن فشل المقاربة الانتخابوية المحضة التي نهجها الحزب، عبر استقدام جد متأخر لمرشحين من خارج الحزب، وفرضهم على القواعد الحزبية من طرف قيادة الحزب، بعد تدمير هذه الأخيرة وفي وقت وجيز لرصيد الحزب الانتخابي والنضالي الذي راكمه عبر سنوات عديدة، بفقدانه قبيل الاستحقاقات لمواقع انتخابية تاريخية، بعد الاستقالات الجماعية المتتالية التي عاشها. وأرجعت الوثيقة سبب ذلك إلى سوء التدبير والتقدير، وتغييب للديمقراطية الداخلية، ونتيجة للقرارات والمواقف الانتهازية وغير المسؤولة للقيادة الحالية والتي جعلت اليوم الحزب في عزلة شعبية ومؤسساتية لم يعرف مثلها من قبل.
وأكدت الوثيقة، أنه لولا القاسم الانتخابي الجديد، وإلغاء العتبة لمني الحزب بهزيمة شنيعة خلال هذه الانتخابات، وأضافت «ولعل ما زاد من حدة هذه العزلة التهميش والإقصاء الممنهج لمناضلات ومناضلي الحزب الحقيقيين، والانفصال بشكل مريب عن جماهير الشعب المغربي وهمومها وتطلعاتها وبخاصة الشباب الذي يشكل القاعدة الواسعة للهرم السكاني والمحرك الأساسي للتنمية ببلادنا، وعن الفئات الشعبية من طبقة عاملة وفلاحين صغار وعن النخبة المثقفة والمتنورة، التي شكلت عبر التاريخ طليعته النضالية»، وأبرزت الوثيقة وجود انحراف عن الخط السياسي والأيديولوجي الذي طوره الحزب على ما يقارب ثمانية عقود من الزمن، كحزب وطني، ديمقراطي، تقدمي واشتراكي وكذا الابتعاد عن حلفائه الطبيعيين مؤسساتيا ومجتمعيا.
وأمام هذا الوضع، تضيف الوثيقة، سوف يكون من الصعب على حزب التقدم والاشتراكية، في المرحلة المقبلة، نظرا لما يعيشه من أوضاع مزرية داخليا على المستوى التنظيمي والتدبيري، وخارجيا من خلال عزلته السياسية والمؤسساتية، أن يقوم بوظائفه الدستورية على الوجه الأكمل وأن يلعب دورا حيويا في الحياة السياسية والمؤسساتية للبلاد، وطنيا وجهويا ومحليا، «علما وهنا تكمن المفارقة، أن بلادنا تقف أمام رهانات كبرى تحتاج معها إلى أحزاب حقيقية، قوية، ذات مصداقية، وتتمتع بامتداد حقيقي داخل المجتمع، من أجل تدبير المرحلة الآتية، الحبلى بتحديات ورهانات تجاوز أزمة كورونا ومخلفاتها الاقتصادية والاجتماعية، وهي مرحلة تتزامن مع تنزيل النموذج التنموي الجديد بمشاريعه وإصلاحاته المنتظرة، وتفعيل الميثاق الوطني من أجل التنمية»، حسب الوثيقة، التي خلصت إلى وجود مؤشرات دالة على وصول الحزب إلى الإفلاس التنظيمي.