كشفت جلسة مناقشة مشروع ميزانية 2022، بجماعة سيدي سليمان، التي يدبر شؤونها البرلماني ياسين الراضي، المنتمي لحزب الاتحاد الدستوري، عن الأزمة المالية الحقيقية التي بات يواجهها المجلس البلدي المذكور، حيث تتجه الأمور نحو حافة الإفلاس، بسبب عدم «صدقية التقديرات المالية»، التي تضمنها مشروع الميزانية برسم سنة 2022، والذي حاول المجلس البلدي، من خلاله، التغطية على قيمة العجز المالي المسجل، في ظل محدودية الموارد المالية، وضعف المداخيل، والفشل في تفعيل مسطرة تحصيل الدين العمومي، ناهيك عن مجموع المبالغ المالية التي في ذمة الجماعة التي تصارع من أجل أدائها، من قبيل قرابة تسعة ملايين درهم، الناجمة عن القروض وفوائدها، بالنسبة لصندوق التجهيز الجماعي، إضافة إلى مستحقات المكتب الوطني للماء والكهرباء، (قرابة المليار)، دون إغفال تحويلات المجلس السنوية، المقدرة بنحو 17965258.00 درهما، لفائدة مجلس مجموعة الجماعات الترابية بني احسن للبيئة، التي لازال يتحكم في تدبير شؤونها عبد الواحد خلوقي، «معاون» البرلماني ياسين الراضي، في انتظار انعقاد جلسة انتخاب رئيس جديد لمجلس المجموعة، والذي لن يكون سوى رئيس جماعة ترابية، معروف بقربه من دائرة «آل الراضي»، وسط ترقب لحلول هيئات الافتحاص المركزية(الداخلية، المالية، المجلس الأعلى للحسابات) للتدقيق في ملفات الصفقات الضخمة وسندات الطلب التي تحمل مسؤولية التأشير عليها عبد الواحد خلوقي، الذي جرى منحه رئاسة المجلس الإقليمي لعمالة سيدي سليمان، بتزكية ودعم المستشار البرلماني السابق ادريس الراضي.
وفي تصريح خص به «الأخبار»، أكد عشاق رمضان، المنتمي لحزب الاستقلال، أحد مكونات فرق المعارضة، أن الأخيرة قامت بتنبيه رئيس المجلس الجماعي إلى كون إعداد مشروع ميزانية 2022، لجماعة سيدي سليمان، تخللته مجموعة من الشوائب والأخطاء، في الشكل والمضمون، بعدما استُغِلت دورة المجلس الاستثنائية في بعث رسائل «مشفرة» للراضي، تحثه على التواجد الدائم بمقر الجماعة، والوقوف الفعلي على تسيير شؤون المرفق الجماعي، وقطع الطريق على كل طامع في التسيير بالوكالة، مضيفا أن اختلالات واضحة طبعت موازين المداخيل والنفقات التي حملها مشروع الميزانية، وأن العجز المالي يفوق الملياري سنتيم، الأمر الذي سيكون له انعكاس سلبي على التسيير في ظرف أقصاه ستة أشهر، دون استبعاد فرضية إعلان إفلاس الجماعة، إذا لم تتدخل مصالح وزارة الداخلية لإنقاذ الموقف، سيما أن توقعات المداخيل مبنية على أحلام يصعب تحقيقها على أرض الواقع، موضحا أن الاعتمادات المالية المرصودة بالشق المتعلق بالنفقات، لا تتماشى ومضمون دورية وزارة الداخلية الداعية إلى ترشيد النفقات برسم سنة 2022 للسماح بانتعاش الميزانية المحلية، حيث اقترحت المعارضة حذف مجموعة من الفقرات المخصصة ضمن نفقات التسيير، والعمل على التقليص من قيمة بعض النفقات (نفقات الهاتف والإيواء والإطعام واكتراء الآليات نموذجا).
وبخصوص كتلة الأجور المرتفعة، التي تبلغ اعتماداتها المالية (28265490.00 درهما)، دون احتساب أجور المتعاقدين والعرضيين، حيث يتجاوز مجموعها بكثير الرقم المسجل بالنسبة لأحد أهم مداخيل الجماعة، والمتمثل في منتوج الضريبة على القيمة المضافة، الأمر الذي بات يفرض على المجلس الجماعي، ضرورة إعادة النظر في سياسة إلحاق مجموعة من موظفي الجماعة، بإدارات أخرى "غنية"، يمكنها إدماجهم بسرعة، تخفيفا لعبء كتلة الأجور، مع تشكيل لجنة للتقصي، طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي والنظام الداخلي، للوقوف على لوائح المستفيدين من العمال العرضيين، والتدقيق في لوائح المستفيدين من الأعمال الشاقة والموسخة، مؤكدا أن عددا من المعطيات والملاحظات كانت تفرض الامتناع عن التصويت لصالح الميزانية، لكن في ظل إبداء الرئيس للتفاعل الإيجابي مع أكثر من 90% من اقتراحات وملاحظات مستشاري المعارضة، والتي من ضمنها التعبير عن موافقته المبدئية، على طلب المعارضة بالانسحاب من مجلس مجموعة الجماعات الترابية بني احسن للبيئة، سيما وأن هذه الأخيرة تستنزف 17965258 درهما من ميزانية الجماعة، ومستحقات الماء والكهرباء (أزيد من مليار سنتيم) من أكبر أعباء المجلس أمام هذا الوضع الاقتصادي المتدهور وأمام تجاوب الرئيس مع مطالب المعارضة، فقد تم الاتفاق على التصويت بالإجماع لفائدة مشروع الميزانية المذكور، لمنح الفرصة للرئيس ياسين الراضي من أجل تدارك الموقف.
إلى ذلك، كان مشروع ميزانية المجلس البلدي لسيدي سليمان برسم سنة 2022، أكثر سخاء، بخصوص الاعتمادات المالية المخصصة لإبادة الفئران، التي رصد لها مبلغ 50 ألف درهم، وشراء المواد المطهرة، التي خصص لها اعتماد مالي ناهز 120 ألف درهم، ورسوم المواصلات اللاسلكية التي ارتفعت قيمتها إلى نحو 300 ألف درهم، و50 ألف درهم كمصاريف للإطعام، و412800.00 درهم كتعويضات للرئيس ولذوي الحق من المستشارين، مع رصد مبلغ 5000 درهم، كمصاريف تأمين أعضاء المجلس الجماعي ضد المخاطر، في وقت «تجاهل» المجلس، بشكل غريب، تخصيص اعتمادات مالية لاقتناء الكتب لفائدة الخزانة البلدية، وهو الأمر ذاته بالنسبة للفقرة المتعلقة بشراء الجوائز والكتب لفائدة التلاميذ المتفوقين بالمؤسسات التعليمية بالمدينة، وهو التجاهل ذاته الذي طال فقرة الاعتمادات المالية التي كان من المفروض تخصيصها لفائدة قطاع الثقافة والفنون الجميلة، وصيانة المنشآت الرياضية.