استعرض عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أول أمس الثلاثاء، بمجلس المستشارين، حصيلة مخطط المغرب الأخضر وبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية، وأكد أن حجم منجزات المخطط بلغ الطموح المسطر وحقق الأهداف المنتظرة منه، بعد مرور أزيد من عشر سنوات على إطلاقه، مضيفا أن المخطط شكل على مدى العشرية الماضية رافعة أساسية للتنمية بالعالم القروي.
وأوضح أخنوش، في معرض جوابه عن سؤال محوري خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة حول موضوع «مخطط الجيل الأخضر ورهانات التنمية القروية والعدالة الاجتماعية»، أن مخطط المغرب الأخضر «منذ إطلاقه سنة 2008 من طرف الملك محمد السادس، شكل آلية فعلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة في صفوف فئات الفلاحين التي تشكل أساس الساكنة القروية»، مضيفا أنه تم تفعيل هذا المخطط عبر إرساء دعامتين تتعلق الأولى بالفلاحة العصرية ذات القيمة المضافة العالية والإنتاجية المرتفعة، في حين ترتبط الثانية منها بالفلاحة التضامنية في المناطق غير الملائمة.
انتعاش القطاع الفلاحي
سجل رئيس الحكومة، على الصعيد الاقتصادي، أن إجمالي الناتج المحلي الفلاحي ارتفع سنويا بمعدل 5.25 في المئة مقابل 3.8 في المئة بالنسبة للقطاعات الأخرى، حيث تضاعفت الثروة المحدثة من 65 مليار درهم سنة 2008 إلى 125 مليار درهم عند متم سنة 2018، مشيرا إلى أن القطاع، بهذا المعدل، أصبح يساهم في نقاط النمو الاقتصادي الوطني بـ17.3 في المئة خلال الفترة من 2008 إلى 2018 عوض 7.3 في المئة المسجلة في الفترة السابقة 1998/2008.
كما يساهم القطاع الفلاحي، حسب رئيس الحكومة، بنسبة 13 في المئة من الناتج الداخلي الخام و13 في المئة من القيمة الإجمالية للصادرات، حيث ارتفعت صادرات المنتجات الفلاحية خلال سنة 2019 إلى حوالي 40 مليار درهم أي ما يعادل 2.8 أضعاف القيمة المسجلة سنة 2009 (14.2 مليار درهم).
وعلى المستوى الاجتماعي، أوضح رئيس الحكومة أن الفلاحين الصغار والمتوسطين كانوا في قلب جميع برامج وتدخلات مخطط المغرب الأخضر، من خلال الاستثمارات الكبيرة التي تم تخصيصها لهذه الفئة، والتي تجاوزت 43 مليار درهم، مبرزا أن مشاريع الدعامة الثانية وحدها، شملت أكثر من 733 ألف مستفيد من خلال 989 مشروعا التي عبأت ميزانية تقدر بحوالي 14,5 مليار درهم.
كما ساهمت برامج التهيئة الهيدروفلاحية في تحسين دخل أكثر من 190 ألف فلاح صغير ومتوسط، بتحقيق قيمة مضافة لكل هكتار مسقي بنسبة زيادة ما بين 5.000 إلى 10.000 درهم في السنة، وفق أخنوش، الذي أشار إلى أن مخطط المغرب الأخضر أتاح أيضا توفير 342.000 منصب شغل إضافي، كما مكن من زيادة عدد أيام العمل في السنة لكل عامل، حيث انتقلت من 110 إلى 140 يوم/سنة، وذلك بفضل توسيع المساحات المزروعة، وتنويع المحاصيل وتحسين الإنتاج، مؤكدا أن القطاع يمثل أزيد من 72 في المئة من التشغيل القروي، ويساهم في تحسين التشغيل والدخل ومكافحة الفقر بالوسط القروي.
تقليص الفوارق
أكد أخنوش أن برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية وتنمية العالم القروي حقق معظم أهدافه على مستوى الاستهداف الترابي، وأوضح أن مخططات عمل البرنامج استهدفت 1066 جماعة ترابية و142 مركزا قرويا لفائدة 14 مليون نسمة من الساكنة القروية، وشملت، كذلك، بعض المجالات الحضرية التي تعرف تدفقات وتفاعلات منتظمة للساكنة القروية حيث غطت 59 جماعة حضرية.
وأبرز رئيس الحكومة أن المشاريع المنجزة ساهمت بشكل ملحوظ في تحسين مستوى عيش ساكنة الجماعات المستفيدة؛ حيث عرف عدد مهم من الجماعات المصنفة سنة 2016 ضمن الأولوية 1, 2 و3 (و هي الجماعات الترابية المعزولة التي تفتقر إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية وتحتاج إلى استثمارات مهمة لسد الخصاص في أكثر من قطاع) تحسنا في وضعيتها المجالية، وأشار إلى أن المشاريع المنجزة مكنت من إدراج 128 جماعة كانت ضمن هاته الفئة سنة 2017، داخل الجماعات المصنفة ضمن الأولوية 4, 5 و 6 (أي الجماعات التي تتوفر على الحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية الأساسية) حسب مؤشر الولوجية إلى الخدمات الأساسية.
وتابع، في السياق نفسه، أن 224 جماعة مصنفة ضمن الأولوية 1, 2 و3 انتقلت سنة 2016 إلى فئتي الأولوية 5و6 سنة 2021 ما يرفع تعداد هذه الفئة إلى 726 جماعة عوض 502 جماعة سنة 2016 (أي ارتفاع عدد الجماعات التي تتوفر على مجمل الخدمات الأساسية بنسبة 44 في المئة).
وأكد أخنوش أن «السياسة العامة للدولة بقيادة الملك محمد السادس التي تتجاوز الزمن الحكومي والانتخابي، حققت الكثير من المكتسبات للعالم القروي، لاسيما منذ إطلاق الملك للمرحلة الأولى من برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية سنة 2017، حيث تم الشروع في إنجاز خمسة مخططات عمل سنوية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية واللجان الجهوية الاثنتي عشرة بميزانية تقدر ب 35 مليار درهم، أي ما يناهز 70 في المئة من الميزانية المبرمجة إلى غاية 2023».
وأشار إلى أنه، إلى حدود بداية السنة الجارية، تم الشروع في إنجاز 8137 مشروعا بالجماعات الترابية التابعة للمجال القروي، تشمل 7066 مشروعا للبنيات التحتية و1071 عملية اقتناء للعربات المتنقلة (سيارات الإسعاف، الوحدات المتنقلة، حافلات النقل المدرسي) والمعدات الطبية والمدرسية؛ كما تم إلى حدود نهاية 2021 الانتهاء من الأشغال ب 5261 مشروعا تنمويا مرتبطا بمحاربة الفوارق المجالية والاجتماعية.
استراتيجية الجيل الأخضر
أكد عزيز أخنوش أن البرنامج الحكومي تضمن، في إطار الخطوط العريضة المتعلقة بتنمية العالم القروي، ضمان حسن تنزيل استراتيجية الجيل الأخضر الفلاحية التي أطلقها الملك محمد السادس يوم 13 فبراير 2020، مبرزا أن هذه الاستراتيجية تعتمد على ركيزتين، تتجلى الأولى في إعطاء الأولوية للعنصر البشري، وتتعلق الثانية بمواصلة دينامية التنمية الفلاحية.
وتهدف الاستراتيجية إلى إدخال حوالي 400 ألف أسرة فلاحية إلى الطبقة الوسطى، وهو ما سيتيح تثبيت مداخيل 690 ألف أسرة، وخلق جيل جديد من المقاولين الفلاحين الشباب، بفضل تعبئة مليون هكتار من الأراضي الجماعية لإنجاز مشاريع استثمارية في المجال الفلاحي، وتقليص الفجوة بين الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي، وتعميم التأمين الفلاحي لمساحة تناهز 2.5 مليون هكتار.
كما تهدف الاستراتيجية إلى منح تحفيزات للمقاولين الفلاحيين الشباب، من أجل إحداث مقاولاتهم واستغلالها وضمان التعاقب بين الأجيال لمواصلة تطوير القطاع الفلاحي، وتمكين 180 ألف فلاح من الذين يرغبون في نقل استغلال الأراضي للشباب، من التقاعد إذا هم رغبوا في تفويت أراضيهم أو تأجيرها، ومنح مساعدات لإحداث مقاولات في مجال مهن الخدمات الفلاحية ومواكبة خلق المقاولات الفلاحية الناشئة، بالإضافة إلى تكوين 150 ألف شاب فلاحي لمساعدتهم على تحويل المنتوجات الفلاحية، وتطوير سلاسل ذات قيمة مضافة عالية كالفلاحة العضوية وإدماج الاقتصاد الأخضر وإبراز مقاولين جدد في القطاع الفلاحي، وكذلك خلق 350 ألف منصب شغل جديد مباشر في العالم القروي.