أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الجمعة، أن حكومته تتطلع من خلال تنظيم أشغال افتتاح الحوار الوطني حول التعمير والإسكان، إلى التشاور مع مختلف الفاعلين من أجل تحديد معالم سياسة عمومية جديدة، تستند لمقاربة ترابية، كفيلة بإحداث نموذج جديد لتهيئة المدن وخلق فضاءات عيش لائقة وسهلة الولوج.
وأبرز رئيس الحكومة، في مداخلة بمناسبة الافتتاح الرسمي للحوار الوطني حول التعمير والإسكان، أن تحسين الحكامة الإدارية، يدخل في قلب اهتمامات الحكومة، مضيفا أن إصلاح القطاع يعد رافعة مهمة لتحقيق هذه الأهداف.
وأضاف أن " الحكومة تولي أهمية كبرى لتوفير عرض سكني لائق وملائم لمتطلبات المواطنين، حيث كشف الوضع الناجم عن كوفيد-19 عن حجم تفاوتات الولوج إلى السكن وجودته، وأبانت إجراءات الحجر الصحي عن افتقاد عدد من الأحياء السكنية، خاصة في المدن المتوسطة وضواحي المدن الكبرى، لفضاءات عيش لائقة ولمجموعة من التجهيزات الأساسية، كما أن الواقع القائم يظهر أن كلفة الولوج إلى السكن المتوسط لا تزال مرتفعة، خاصة بالنسبة للأسر حديثة التكوين والمقبلين على الزواج".
وقال ، في نفس السياق، إن الواقع القائم يظهر أن كلفة الولوج إلى السكن المتوسط لا تزال مرتفعة، خاصة بالنسبة للأسر حديثة التكوين والمقبلين على الزواج، مشيرا إلى أن قطاع العقار لم ينتعش بل شهد ركودا طوال العشرية السابقة، "مع تسجيل ضعف مهم للعرض السكني المتوسط الجودة (moyen standing)".
وأضاف أنه بالنظر لهذا الوضع، ينبغي مساءلة نجاعة السياسات العمومية المعتمدة، خاصة منها النفقات الضريبية المخصصة لاقتناء السكن، لافتا إلى أنه رغم تقليص العجز على مستوى الوحدات السكنية من ما يفوق 1,2 مليون وحدة سنة 2002 إلى 368 ألف وحدة سنة 2021، فإنه يصعب اليوم تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذه التحفيزات، سواء بالنسبة للأسر أو بالنسبة للمنعشين العقاريين.
وأكد أخنوش أن الحكومة تعتبر إنعاش قطاع الإسكان من المداخل الاستراتيجية لإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني، ومحركا أساسيا لخلق فرص الشغل وتحقيق التنمية، ندعو اليوم إلى التفكير معا في السبل الكفيلة بملاءمة العرض والطلب، من خلال توفير عروض سكنية مناسبة، تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الترابية والاجتماعية ورهانات الإدماج الاجتماعي، داعيا إلى تحفيز الطلب الوطني من خلال نهج مقاربة جديدة للدعم، تروم الدعم المباشر للأسر لاقتناء السكن. ولعل فعاليات هذا الحوار الوطني خير مناسبة للتفكير في الحلول الكفيلة بموازنة العرض والطلب، في أفق إدراج المقتضيات ذات الأثر المالي في مشروع قانون المالية لسنة 2023. وقد تكون مناسبة كذلك لابتداع السبل الكفيلة بتصفية مخزون الوحدات السكنية، بما يضمن تحولا سلسا نحو النموذج الجديد.
وشدد رئيس الحكومة أنه " لمواكبة تحدي إنعاش القطاع، تطمح الحكومة كذلك إلى تحسين الحكامة الإدارية على المستوى المركزي والترابي، لتكون في مستوى تطلعات الساكنة والمقاولين. ولهذا، فإنه لا مناط من مواصلة رقمنة وتسريع المساطر المتعلقة بكل من الرخص الإدارية للتعمير والإسكان والتحفيزات العمومية.".
كما أبرز عزيز أخنوش أن أشغال هذا الحوار الوطني قد تشكل مناسبة كذلك للتفكير في تحديات أخرى تهم قطاع الإسكان والتعمير...، منها، تحدي تنويع العرض الوطني، فمثلا، يحتاج قطاع التعليم العالي لما مجموعه 500.000 سريرا في الأحياء الجامعية، وتحتاج قطاعات التعليم والصحة لمساكن وظيفية ذات جودة، تضمن استقرار الأطر في أماكن تعيينها، كما نحتاج مستقبلا إلى تطوير قطاع الإيجار العقاري.
وأوضح أخنوش أن "من بين التحديات كذلك، تحسين مردودية القطاع، حيث لابد من استثمار الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تعزيز الإنتاج المحلي لمجموعة من مواد البناء المستوردة والرفع من النجاعة الطاقية، واستثمار مؤهلات القطاع لتعزيز حضورنا قاريا".
ومن أهم التحديات على مستوى التعمير ، يضيف أخنوش، "تقليص التباينات الكبيرة بين المدن، حيث أنه مع حلول سنة 2030، من المتوقع أن يعيش أكثر من 10 ملايين مغربية ومغربي، وهو ما يناهز 40 في المائة من ساكنة الحواضر، في مدن متوسطة يتراوح عدد ساكنتها ما بين 25.000 و250.000 نسمة. وتشير توقعات النمو الديمغرافي، في أفق عام 2030، إلى أن خمس المدن المتوسطة ستتخطى عتبة 250.000 نسمة لتصير مدنا كبرى، بينما ستتجاوز ثلاثون مدينة صغيرة عتبة 25.000 نسمة لتلتحق بالمدن المتوسطة.
وسجل رئيس الحكومة أن " تسارع التحول الحضري والتمدد العمراني للمدن يقتضي تحيين كيفية تخطيط وبرمجة وتسيير المجالات الترابية، بما يضمن تنمية ترابية مستدامة شاملة ومتكامل".