باتت ظاهرة ترمل مدخل ميناء الصيد البحري بمدينة الوطية بطانطان؛ ثالث أكبر ميناء للصيد البحري بالمملكة، كابوسا مرعبا يقض مضجع ربابنة سفن الصيد الساحلي والصيد في أعالي البحار بشكل مستمر.
واستنادا إلى المعطيات، فقد تم خلال نونبر الماضي اتخاذ قرار إغلاق مدخل ميناء طانطان في وجه حركة سفن الصيد البحري مرات متعددة، خلال الشهر نفسه، لفترات تصل إلى 48 ساعة في كل مرة، وهو ما يكشف عن حجم ظاهرة الترمل التي تغلق مدخل الميناء بشكل كبير، وتعيق حركة الدخول والخروج من الميناء بشكل سلس. وأصبح تكرار هذه الظاهرة الطبيعية يقلق المهنيين والبحارة، حيث إن هذا المدخل المينائي يشكل خطرا على سلامة السفن وعلى حياة البحارة.
ويربط المهنيون سبب التكرار الدائم لظاهرة الترمل بعدم نجاعة الحاجز البحري القائم في الحد من ظاهرة الترمل التي تحركها التيارات البحرية في اتجاه مدخل الميناء، والتي تصل في أحيان كثيرة إلى حد إغلاق الميناء، في انتظار الحل الوحيد الذي تقوم به السلطات المينائية، والمتمثل في عمليات تجريف الرمال بواسطة الجرافات، غير أن هذا الحل لا يفي بالغرض، ولا ينهي المشكل بشكل دائم، بل هو حل مؤقت فقط، حيث تعود الرمال إلى مدخل الميناء مباشرة بعد جرفها، وبالتالي عدم قدرة هذا الحل على توفير الحماية اللازمة للسفن، أثناء عملية الولوج إلى الميناء أو مغادرته.
وبسبب استمرار ظاهرة الترمل بمدخل ميناء طانطان، فإن ربابنة سفن الصيد والمهنيين يتلقون بشكل دائم تنبيهات وتحذيرات حول ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر عند ولوج الميناء أو الخروج منه، حفاظا على سلامتهم وسلامة سفنهم. وما زالت وقائع جنوح ناقلة النفط «سيلفر» المحملة بحوالي 4940 طنا من الفيول الصناعي، عن مسارها قرب مدخل ميناء طانطان، نهاية سنة 2013، عالقة بأذهان ربابنة بواخر الصيد، وذلك بسبب الرمال الكثيفة التي أغلقت باب الميناء.
وكشف تقرير للجنة استطلاعية من مجلس النواب حينها بضرورة تجهيز ميناء طانطان بالتجهيزات الكافية لمواجهة مثل هذه الوضعية، مع رصد إمكانيات كافية لصيانة منشآت الميناء، إضافة إلى ضرورة اعتماد مخطط استعجالي لتعزيز ميناء طانطان بجرافة أخرى، والقيام بعملية استثنائية لجرف الرمال المحيطة بالميناء، في أفق إعداد دراسة لتحديد اتجاهات وكميات وكيفية تحرك الرمال بالميناء ومحيطه. كما أكد تقرير المهمة الاستطلاعية على ضرورة اعتماد مخطط استعجالي لتجهيز موانئ المملكة بالمعدات والتكنولوجيا المتقدمة في مجال التدخل في حالات الطوارئ، مع تكوين العنصر البشري في هذا المجال.
وبلغة الأرقام، فإن الوكالة الوطنية للموانئ تقوم سنويا بجرف ما معدله 400 ألف متر مكعب من الرمال من مدخل ميناء طانطان. وخلال شهر دجنبر الماضي فقط وصلت إلى ميناء طانطان سفينة هولندية عملاقة لجرف الرمال بباب الميناء، حيث واصلت أشغالها من أجل جرف الرمال وتعميق عمق مسارات السفن بمدخل الميناء وبحوضه. غير أن عمليات الجرف تبقى حلولا لحظية فقط، في انتظار حل فعال ينهي مشكل الترمل نهائيا.