باشرت الحكومة تحركاتها لمواجهة موجة الغلاء للمنتجات الفلاحية والسلع الاستهلاكية، حيث تم عقد اجتماع بمقر وزارة الداخلية في الرباط، ضم وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، بالإضافة إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، والصناعة والتجارة والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة،رياض مزور، خصص لتدارس سبل تنزيل مختلف الإجراءات الضرورية التي من شأنها تلبية متطلبات السوق الوطنية، وتوفير مخزون كاف وبكيفية منتظمة من جميع المواد الأساسية؛ فضلا عن التدابير الكفيلة بضمان سلامة المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية ومحاربة مختلف الممارسات المنافية لذلك.
وفي هذا السياق، أشارت مصادر حكومية إلى أنه قد تم على ضوء هذا الاجتماع، تشكيل لجنة وزارية مشتركة رفيعة المستوى لليقظة وتتبع تموين الأسواق والأسعار، ستعمل بشكل متواصل إلى غاية انقضاء شهر رمضان، بغرض تتبع وضعية تموين الأسواق الوطنية ومستوى أسعار المواد الأساسية، ومعالجة الإشكالات وتأطير وتعزيز تدخلات المصالح المكلفة بالمراقبة وبحماية المستهلك وآليات التنسيق بين مختلف الإدارات والهيئات المعنية.
كما تقرر في الاجتماع تعبئة لجان للمراقبة على مستوى كافة جهات وعمالات وأقاليم وعمالات مقاطعات المملكة، تحت الإشراف الفعلي للولاة والعمال، من أجل تأمين التتبع المنتظم لمختلف سلاسل الإنتاج والتسويق ولوضعية الأسواق، ومعالجة الاختلالات المحتملة التي قد يتم تسجيلها على المستوى المحلي، وضمان شفافية المعاملات التجارية والتصدي لكافة الممارسات المشبوهة، واتخاذ ما يلزم من عقوبات في حالة ثبوت أي إخلال بالقوانين الجاري بها العمل.
وقرر المجتمعون، أيضا، اتخاذ إجراءات لضمان أولوية تموين السوق الوطنية بالمنتجات الفلاحية بالقدر الكافي، قبل التوجيه نحو مسالك التصدير، بما سينعكس إيجابا على استقرار الأسعار؛ وهو الإجراء الذي سيأتي معززا لتدابير استباقية أخرى اتخذتها القطاعات الحكومية المعنية، من شأنها أن تساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية في الأيام والأسابيع المقبلة، من قبيل مواصلة دعم أسعار النقل وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة للذبح، ما سيمكن من استيراد عشرات الآلاف من رؤوس هذه المواشي، ويسهم بالتالي في خفض أسعار بيع اللحوم بالتقسيط.
هذا، وحث رئيس الحكومة عزيز أخنوش، على الرفع من مراقبة وضعية تموين أسواق المملكة بالمنتجات الغذائية، وتعزيز الرقابة على مستوى التسويق والجودة، وتعقب ومعاقبة أي مخالفات أو سلوكات انتهازية، وقال أخنوش في كلمة في بداية أشغال اجتماع مجلس الحكومة، «نحن اليوم كحكومة ملزمون بالزيادة في التعبئة واليقظة»، مؤكدا على أن «التعليمات الملكية السامية تشدد على ضرورة حماية القدرة الشرائية للمواطن، وضمان تموين الأسواق بالمنتجات الغذائية اللازمة».
ودعا رئيس الحكومة الوزراء إلى حث مختلف المصالح التابعة لهم من أجل تعزيز مراقبة السوق الوطنية والسهر على ضمان تموين مستمر لها بالمنتجات الغذائية ومحاربة المضاربات، حماية لقفة الأسرة المغربية، خاصة ونحن على مقربة من شهر رمضان المبارك، كما دعاهم إلى القيام بزيارات ميدانية من أجل الوقوف على ظروف تموين الأسواق وتتبعها بشكل شخصي، مشيرا إلى أن «انعكاسات الظرفية الحالية المطبوعة بمجموعة من التحديات الدولية والمناخية وحماية المواطن من آثارها، تحتم علينا تتبعا دقيقا ومقربا لمختلف سلاسل الإنتاج والتسويق، خاصة من خلال تعبئة لجان المراقبة على مستوى الجهات والأقاليم، تحت إشراف السادة الولاة والعمال».
وفي نفس السياق، طمأن أخنوش الرأي العام الوطني بأن «إنتاج الخضروات، وعلى رأسها الطماطم خلال هذه السنة، في مستوى جيد، وارتفاع أسعار الطماطم في الأيام الأخيرة مرتبط أساسا بموجة البرد التي تعرفها بلادنا، حيث من المرتقب أن تعرف أسعار الطماطم انخفاضا ابتداء من الأسابيع القليلة القادمة، مع عودة درجات الحرارة الدنيا لمستواها الاعتيادي، مما سيساهم في نضج الإنتاج الوطني وتواجده بوفرة في الأسواق»، كما أن جاهزية إنتاج دورات جديدة للبصل والبطاطس، يضيف رئيس الحكومة، ستساهم في تعزيز وفرتها لتلبية حاجيات الاستهلاك وستنعكس على أسعارها.
وأشار أيضا إلى أنه من المنتظر أن تتراجع أسعار اللحوم الحمراء هي الأخرى بفضل الإجراءات التي تم اتخاذها، ومن بينها إلغاء الضريبة على القيمة المضافة ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة للذبح، حيث ستمكن هذه الإجراءات المهنيين من استيراد حوالي 30 ألف رأس من الأبقار الموجهة للذبح، قبيل قدوم شهر رمضان المبارك، مما سيساهم في تخفيف الضغط على القطيع الوطني من الأبقار، وفي خفض أسعار بيع اللحوم بالتقسيط.
ووجه أخنوش الدعوة بالخصوص للجنة المشتركة لوزارة الداخلية، والفلاحة، والصناعة، والمالية، داعيا إياها على الخصوص إلى الحرص على التتبع اليومي للأسواق، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لسد حاجيات الطلب الوطني، وخلص رئيس الحكومة إلى أنه عموما، فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لضمان تزويد الأسواق ومواصلتها دعم أسعار النقل من شأنها أن تساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية في الأسابيع المقبلة. كما أن التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة التي عرفتها مجموعة من المناطق، وتلك المنتظرة في الأيام المقبلة، ستساهم في تحسن الغطاء النباتي وعودة الإنتاج الوطني إلى مستوياته العادية.