أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أول أمس الخميس، أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي تحمل مسؤوليته كاملة في صون الشراكة مع المغرب وحمايتها من الاستفزازات والمناورات السياسية.
وقال بايتاس، خلال لقاء صحفي عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، حول الرأي الذي صدر اليوم عن المدعية العامة بمحكمة العدل الأوروبية بشأن الاتفاق الفلاحي واتفاق الصيد البحري، إن "المغرب يجدد موقفه الذي يعتبر أنه على الاتحاد الأوروبي بأجهزته ودوله الأعضاء أن يتحملوا مسؤوليتهم كاملة في صون الشراكة مع المغرب وحمايتها من الاستفزازات والمناورات السياسية"، وأضاف أن المملكة أخذت علما بالرأي الذي صدر عن المدعية العامة بمحكمة العدل الأوروبية بخصوص القضايا المعروضة أمامها بشأن الاتفاق الفلاحي واتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وأوضح بايتاس أن "ما صدر ليس حكما للمحكمة الأوروبية ولا هو أمر قضائي، إنما يتعلق الأمر بوثيقة تلخص رأي المدعية العامة بخصوص مختلف جوانب هذه القضايا المعروضة للنقاش"، مشددا على أن "الأمر يتعلق، بالتالي، بمساهمة فكرية وتقنية تدلي بها المدعية العامة في هذه المرحلة من المسطرة تمهيدا للمداولات بين قضاة المحكمة لاحقا في أفق الوصول إلى مرحلة النطق بالحكم النهائي بعد أشهر".
وأكد على أن المملكة ليست طرفا في هذه القضايا، موضحا أن الاتحاد الأوروبي، ممثلا في المجلس الأوروبي، هو الطرف المدعى عليه وتدعمه المفوضية الأوروبية وعدة دول أعضاء في الدفاع عن الاتفاقيات مع المغرب، وأضاف أن بعض الجمعيات المهنية المغربية انضمت إلى المسطرة في إطار مساندة هيئة الدفاع، على غرار الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية وغرف الصيد البحري.
وفي سياق الطعون التي رفعها الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية ضد قرار المحكمة الأوروبية في القضايا المتعلقة باتفاقيات الفلاحة والصيد البحري، أوصت المدعية العامة بمحكمة العدل الأوروبية، أول أمس الخميس، بإلغاء الحكم السابق والقاضي باستثناء الأقاليم الجنوبية من اتفاقية الصيد البحري، والحفاظ على صلاحية الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ما يؤكد على استمرار صلاحية الاتفاقية الفلاحة والصيد البحري بين أوروبا والمغرب.
وأكدت المدعية العامة أنه يحق للاتحاد الأوروبي إبرام اتفاقيات مع المغرب تشمل أقاليمه الجنوبية، وأنه استنادا إلى القانون الدولي، فإن المدعية العامة تؤكد أن المغرب هو السلطة الوحيدة المخولة لإبرام اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي تشمل الأقاليم الجنوبية، بالمقابل فإن البوليساريو لا تملك الصفة ولا المشروعية لإبرام هذه الاتفاقيات.
وأفاد مصدر خاص، أن تصريح المدعية العامة يعتبر خطوة مهمة في صالح استمرار سريان نص الاتفاقية، قبل أن تصدر المحكمة الأوروبية حكمها النهائي خلال النصف الثاني من عام 2024، مشيرا أن استنتاجات المدعية العامة ليس حكما نهائيا، ولكنه تحليل مقترح على المحاكمة سيفيد خلال مداولات القضاة لاحقا، وأكد أن مضمون مرافعة المدعية العامة يفند المزاعم الانفصالية للبوليساريو ومن يقف ورائها.
وخلصت مرافعة المدعية العامة إلى ضرورة سريان اتفاقية الصيد البحري على منتوجات الصحراء المغربية، وهي استنتاجات تنسجم مع رغبة المغرب في إعادة النظر في أسس الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، لتحويلها إلى شراكة نوعية من الجيل الجديد، حيث يصبح الهدف المشترك للمغرب والاتحاد الأوروبي هو السير معا نحو إطار تعاقدي حديث ومربح للجانبين، يهتم بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والتنمية المستدامة والحفاظ على الموارد السمكية.
وردا على مزاعم البوليساريو التي تدعي تمثيل سكان الصحراء، خلصت مرافعة المدعية العامة إلى أن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لا يعترفان بالبوليساريو كممثل لشعب الصحراء ، كما تشير إلى أن "البوليساريو لم يتم انتخابها قط من قبل السكان"، وأضافت أنه "من المستحيل التحديد على وجه اليقين ما إذا كانت البوليساريو تتمتع بدعم الأغلبية"، وأبرزت أن جبهة "البوليساريو" لم تحصل قط على صفة حركة تحرير وطني من قبل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، وأكدت أن ادعاء "البوليساريو" بأنها "الممثل الوحيد" لسكان الصحراء لا يتفق مع موقف الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، رفضت المدعية العامة طلبا تقدمت جمعية موالية للبوليساريو يدعو لمنع استيراد المنتجات الزراعية من الأقاليم الجنوبية، وهو ما يعني استمرار التبادل التجاري بين المغرب والاتحاد الأوروبي بما فيها المنتوجات الواردة من الأقاليم الجنوبية.
وأوضح المصدر أن استنتاجات المدعية العامة حسمت مع المزاعم الانفصالية للبوليساريو ومن يقف وراءها، والتي تحاول تحريف الواقع للحصول على مكاسب وهمية، تخفي اخفاقاتها المتتالية والمسجلة على مختلف المستويات، كما تؤكد استنتاجات المدعية العامة سمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وأشارت في هذا الصدد إلى أنه ومنذ سنة 2018 تزايد الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة منذ 2007. وأوضح المصدر ذاته إن هذا الدعم يظهر من خلال تطور المفردات المستخدمة في قرارات مجلس الأمن حول الصحراء، حيث باتت تؤشر منذ 2018 على ضرورة التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي، دائم ومقبول من الطرفين على أساس متفق عليه.
وخلص المصدر إلى أن القضية المعروضة أمام محكمة العدل الأوروبية شأن أوروبي خالص، وعليه فإن المغرب ليس طرفا فيها، علما أن المجلس يحظى بدعم المفوضية الأوروبية والعديد من الدول الأعضاء التي تدافع عن الاتفاقيات مع المغرب، الذي يرى أنه من الواجب على المؤسسات الأوروبية أن تتحمل مسؤولياتها لحماية الشراكة التي تجمعه مع الاتحاد، والدفاع عنها في مواجهة الاستفزازات الاجرائية والمناورات السياسية.