أبرز ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أول أمس الاثنين بنيويورك، الدعم الدائم لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، للقضية والشعب الفلسطينيين.
وقال بوريطة، في كلمة خلال اجتماع وزاري لحركة عدم الانحياز، على هامش أشغال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن المغرب يجعل من القضية الفلسطينية مكانة قضيته الوطنية الأولى وأحد ثوابت سياسته الخارجية، مسجلا أن المملكة تدعم السلطة الفلسطينية وكل ما تقوم به للحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وذكر الوزير أن الملك، رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، حدد أربع أولويات ملحة لوضع حد لدوامة العنف، وفي مقدمتها الخفض العاجل والملموس للتصعيد، ووقف الاعتداءات العسكرية بما يفضي إلى وقف إطلاق النار، بشكل دائم وقابل للمراقبة، وضمان حماية المدنيين وعدم استهدافهم، وفقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وشدد بوريطة، كذلك، على ضرورة السماح بإيصال المساعدات الإنسانية بانسيابية وبكميات كافية لسكان غزة، وإرساء أفق سياسي للقضية الفلسطينية، كفيل بإنعاش حل الدولتين.
كما جدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج التأكيد على ضرورة الحفاظ على الطابع الفريد لمدينة القدس، وعلى عدم المس بوضعها القانوني والحضاري والتاريخي والديموغرافي، باعتبارها مركزا روحيا للتعايش والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث.
وفي معرض حديثه عن التعاون جنوب- جنوب، أشار بوريطة إلى أن المغرب، وفي إطار الرؤية الملكية السامية، يضع الشراكة مع البلدان الإفريقية في صلب أولوياته، من خلال شراكات ناجعة في المجالات التنموية ذات الأهمية الاستراتيجية، من قبيل الأمن الغذائي والصحة والتكوين.
وفي هذا الإطار، ذكر بخطاب الملك محمد السادس في القمة الثالثة عشرة لحركة عدم الانحياز، الذي أكد فيه «وإن المغرب لمصمم على إيلاء تعاون جنوب- جنوب مكانة الصدارة، بالاعتماد على وسائلنا الذاتية، سواء لتمتين شراكتنا، أو لرفع التحدي الأكبر للعولمة». وأضاف بوريطة أن الملك، وإدراكا منه للصعوبات التي تواجهها دول الساحل والصحراء، أطلق بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء المظفرة مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
وتشكل هذه المبادرة الملكية، حسب الوزير، امتدادا للالتزام الفاعل والمتضامن للمملكة، وللملك شخصيا، إلى جانب بلدان الساحل الشقيقة، وتؤكد الأهمية الكبرى التي يوليها الملك للبعد الإنساني والتنموي المستدام لهذه المنطقة من القارة.
ومن جهة أخرى، أبرز بوريطة أهمية المبادرة الملكية من أجل الأطلسي، خلال اجتماع وزاري ترأسه أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، وأكد خلال هذا الاجتماع المنعقد حول موضوع «الشراكة من أجل التعاون الأطلسي»، أن الاستراتيجية الملكية، التي تم إطلاقها في 2022 في إطار مسلسل الرباط للدول الإفريقية الأطلسية، تشكل مبادرة تعاون «طموحة» تهدف إلى النهوض بالسلام والاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة الإفريقية الأطلسية.
وشدد على أن المبادرة الملكية تروم تمكين البلدان الإفريقية من تملك مسارها التنموي، مذكرا بأن الواجهة الأطلسية لإفريقيا تضم 23 بلدا و70 بالمائة من سكان القارة، وحيث تتركز 40 بالمائة من المبادلات التجارية الإفريقية، وقال، خلال هذا الاجتماع الذي حضره العديد من وزراء بلدان الواجهتين الأطلسيتين، إن هذا الفضاء الذي يزخر بالمؤهلات والفرص في قطاعات رئيسية، كالسياحة والموارد المعدنية، يواجه أيضا تحديات مهمة، من قبيل الإرهاب والتغير المناخي، والاستغلال المفرط للثروات البحرية.
وأشاد الوزير بالمراحل الهامة التي قطعتها بلدان المبادرة الإفريقية بغية تعزيز إطار تعاونها، مذكرا بإحداث مقر الأمانة العامة بالرباط، واعتماد برنامج عمل، وإنشاء منتدى لوزراء العدل، وفي هذا الإطار، سجل أنه سيتم تنقيح مخططات عمل المجموعات الموضوعاتية الثلاث، التي تنص على اتخاذ إجراءات ملموسة في مجالات الأمن والاقتصاد الأزرق والاتصال والطاقة وتغير المناخ، خلال الاجتماع الوزاري المقبل لهذه الدول.
ورحب بوريطة في هذا السياق، بدينامية التعاون في كافة مناطق المحيط الأطلسي، في الجنوب والشمال، مشيرا إلى أن مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، الذي يجسد الرؤية الإفريقية للتعاون في هذا الفضاء، ملتزم بتقوية الشراكة مع مبادرات أخرى، من أجل منطقة أطلسية مستقرة ومزدهرة ومرنة، وأكد على يقين المغرب بأن شراكة متينة وتعود بالنفع المتبادل، تعد ضرورية لدعم تنفيذ الأهداف المشتركة، من خلال آليات تعاون فعالة.
وقال بوريطة إنه «من خلال تنسيق الجهود بين مبادراتنا، التي تتسم بالتكامل، سنكون قادرين على خدمة مصالح الفضاء الأطلسي بهدف النهوض بالرخاء والاستقرار المشترك».
من جانب آخر، أشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بالجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتوحيد جهود بلدان الفضاء الأطلسي من جميع القارات حول أهداف مشتركة، معربا عن اقتناعه بأنه لا يمكن لأي بلد أو قارة التغلب على تحديات المحيط الأطلسي بشكل فردي، وعبر الوزير عن اعتزاز المغرب بمساهمته الفعالة في المبادرة الأمريكية، من خلال المشاركة في قيادة مجموعة العمل المعنية بتخطيط الحيز البحري، إلى جانب أنغولا وإسبانيا.