تنطلق، اليوم الجمعة، مباريات الجولة الثانية من دور مجموعات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، التي يحتضنها المغرب منذ 21 دجنبر الجاري وتستمر إلى 18 يناير المقبل، علما أن الجولة الأولى شهدت استعراض المغرب لملاعبه التسعة الموجودة بمدنه المستقبلة لمباريات المنتخبات المشاركة في المسابقة القارية.
وأعرب جميع الحاضرين لمتابعة «الكان» من الملاعبـ وكذلك الجماهير المتابعة للبطولة عبر شاشة التلفاز، عن إعجابهم بجودة الملاعب التي منحت مظهرا أنيقا لكأس أمم إفريقيا، حيث رفعت الملاعب إيقاع المباريات، وجعلتها مسابقة قريبة المستوى من نظيراتها الأوروبية، نظرا لجودة الملاعب التي وضعت تحت تصرف اللاعبين.
أمطار غزيرة.. وملاعب مقاومة
تفاجأ الجمهور المغربي بالأمطار الغزيرة التي شهدتها المملكة، أسبوعا قبل انطلاق «الكان»، ما خلف تخوفا بشأن قدرة الملاعب على استيعاب كمية الأمطار، خاصة أن المغرب كانت له تجربة سوداء مع مثل هذه الأحوال الجوية سنة 2014، حينما احتضنت المملكة مسابقة كأس العالم للأندية لكرة القدم التي فاز بها نادي ريال مدريد الإسباني، والتي شهدت تأثر ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، بسبب الأمطار، وما بات تعرف آنذاك بقضية «الكراطة».
وزادت التخوفات مع المباراة الافتتاحية لكأس أمم إفريقيا «المغرب 2025»، بين المنتخب الوطني ونظيره لجزر القمر، الأحد الماضي، حيث شهدت الرباط التي احتضنت حفل الافتتاح والمباراة نفسها تساقطات مطرية غزيرة، لكن البنية التحتية المغربية أذهلت كذلك كل التوقعات وحطمت انتظارات العديد من المنتقدين والمتربصين، بعد إجراء النزال في أجواء جيدة دون توقف طيلة تسعين دقيقة المواجهة، التي عرفت أمطار لم تشهدها العاصمة منذ سنوات.
وبما أن ملعب الأمير مولاي عبد الله من الجيل الجديد، ولم يمر على تشييده سوى أشهر، تم التربص بملاعب أخرى ستستقبل المسابقة، خلال الجولة الأولى من دور مجموعات «الكان»، خاصة أن التهاطلات المطرية شهدتها كل مدن المغرب، سيما التي تستقبل مباريات المنتخبات المشاركة في البطولة القارية.
وأسكت المغرب عبر ملاعبه، سواء الأربعة في العاصمة الرباط، والمركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء وملعب فاس الكبير وملاعب طنجة وأكادير ومراكش، كل المتربصين به ومنتقديه، سيما أن هذه الملاعب مرت فيها كل المباريات التي استقبلتها دون مشاكل تذكر، رغم كمية الأمطار التي شهدتها هي الأخرى، لكن جودة أرضية الملاعب المذكورة آنفا ساعدتها في تقديم بلاتوهات كروية من المستوى العالي.
غزارة الأمطار.. السرعة في صرف المياه
لعل أبرز العوامل في نجاح ملاعب المغرب في عدم الوقوع في خطأ الفيضان، هو قدرة هذه الملاعب نفسها على تصريف المياه بسرعة فائقة، وهي التي تتألف من طبقات متدرجة تبدأ بالعشب الطبيعي، مرورا بطبقة من الرمل أو التربة المخصصة، ثم طبقة مصرفة، وصولا إلى شبكة تصريف متصلة بمجمعات خارجية.
ويعد العشب الهجين المستعمل في الملاعب المغربية المحتضنة لبطولة أمم إفريقيا من الابتكارات الأساسية في الملاعب الحديثة، إذ يدمج بين العشب الطبيعي والألياف الصناعية في الجذور، ما يعزز ثبات الأرضية ويقلل من تهتكها، حتى مع كثرة الجري والاحتكاك، إذ تحد هذه التقنية من تشكل المناطق الغائرة، وتحافظ على سلامة اللاعبين وجودة اللعب، سواء أثناء الأمطار، أو الرطوبة العالية.
ويحرص المغرب على صيانة يومية لهذه الملاعب، للحفاظ على سلامتها وتتبع قنواتها المصرفية، إذ تشمل الإجراءات اختيار الأنواع المناسبة للعشب، التحكم في الكثافة وارتفاع القص، إضافة إلى الأسمدة وضبط الري، لتجنب الإفراط أو نقص الماء، كما يتم تنفيذ عمليات، مثل التنقيب الجزئي لتسهيل تبادل الهواء والماء، الكشط لإزالة الفضلات النباتية، والرش بالرمل لتحسين مستوى الأرضية، إضافة إلى البذر التكميلي لترميم المناطق المتضررة.
وتعتمد الملاعب المغربية على أضواء صناعية لتحفيز عملية التمثيل الضوئي، وأجهزة التهوية والتحكم بالمناخ لتقليل الرطوبة وتسريع جفاف السطح، مما يضمن ثبات الأرضية طوال فترة البطولة.