عثر مواطنون على وثائق ومراسلات إدارية حساسة تخص وزارة الطاقة والمعادن، عند بائع للفواكه الجافة "مول الزريعة" بأحد الأحياء الشعبية بمدينة سلا، في الوقت الذي ينص القانون على حماية كل الوثائق الإدارية وحفظها، أو يتم إتلافها وفق مسطرة ينص عليها القانون المنظم للأرشيف، كما يعاقب القانون على تسريب هذه الوثائق أو إتلافها خارج المسطرة القانونية.
ومن بين الوثائق التي تم العثور عليها لدى "بائع الزريعة" بحي "كريمة" التابع لمقاطعة تابريكت بسلا، مراسلة حديثة صادرة عن مديرية المغرب الكبير وشؤون اتحاد المغرب العربي والاتحاد الإفريقي بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، بتاريخ 29 يناير الماضي، موجهة إلى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، عزيز رباح، حول زيارة مرتقبة لوزير النفط والطاقة والمعادن الموريتاني إلى المغرب. وتتضمن المراسلة معطيات حساسة تتعلق بالديبلوماسية الخارجية، حول برمجة هذه الزيارة في أفق شهري مارس أو أبريل 2019. وتوصلت سكرتارية الوزير رباح بهذه المراسلة يوم 30 يناير الماضي، كما توصل بها ديوان الوزير في اليوم نفسه تحت رقم 1715-1232/A، قبل أن ينتهي الأمر بهذه المراسلة في ظروف غامضة لدى "بائع الزريعة" إلى جانب وثيقة أخرى تخص تتبع مسار هذه المراسلة على مستوى الوزارة.
ويأتي الاستهتار بهذه الوثائق بعد أيام فقط من توجيه رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لمذكرة إلى وزرائه، يدعوهم من خلالها إلى تفعيل برامج تدبير الأرشيف، تفعيلا للمادة 3 من القانون المتعلق بالأرشيف، والتي تنص على أن وثائق الأرشيف العامة تتمثل في جميع الوثائق التي تكونها الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمنشآت العامة، وكذا الهيئات الخاصة المكلفة بإدارة مرفق من المرافق العامة، في ما يتعلق بوثائق الأرشيف الناتجة عن نشاط هذا المرفق. كما حث العثماني وزراءه على تطبيق مقتضيات المرسوم المتعلق بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والأرشيف الوسيط وشروط وإجراءات تسليم الأرشيف النهائي.
وتنص المادة 10 من قانون الأرشيف على أنه، بعد انصرام آجال حفظ الأرشيف، يخضع هذا الأخير لعملية الفرز قصد تحديد الوثائق التي ينبغي حفظها نهائيا وتحديد الوثائق المجردة من كل فائدة علمية أو إحصائية أو تاريخية، والتي يتعين إتلافها، حيث تعتبر أرشيفا نهائيا الوثائق التي تقرر حفظها بعد الفرز، وتحدد قائمة بالوثائق التي يتعين إتلافها وكذا شروط إتلافها باتفاق مشترك بين الهيئة التي أنتجتها أو تسلمتها و"أرشيف المغرب". وأصدرت الحكومة نصا تنظيميا يحدد إجراءات فرز الأرشيف وإتلافها وتسليمها إلى "أرشيف المغرب"، حيث تضمن جميع الوثائق المقرر إتلافها في وثيقة تسمى بيان الإتلاف، وتتم عملية الإتلاف تحت المراقبة التقنية لمؤسسة أرشيف المغرب وفق مسطرة قانونية، مع توثيق محضر لعملية الإتلاف يتضمن الإشارة إلى تاريخ ومكان الإتلاف، والوسائل التقنية المستعملة فيه وأسماء الأشخاص الذين قاموا بعملية الإتلاف وصفاتهم.
ويلزم القانون كل موظف أو مستخدم مكلف بجمع الأرشيف أو بالمحافظة عليه بكتمان السر المهني في ما يتعلق بكل وثيقة لا يمكن قانونيا وضعها رهن إشارة العموم، ويعاقب كل مخالف بموجب المادة 446 من القانون الجنائي، بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم. وحسب القانون رقم 69.99 المتعلق بالأرشيف، يتعرض كل شخص قام بإتلاف أو اختلاس أو سرقة أرشيف عمومي في عهدته بحكم مهامه، ولو دون أن يقصد إلى الغش، لعقوبة حبس تتراوح مدتها بين ثلاث وست سنوات، وكل من سرق وثيقة من الأرشيف العام أو الخاص محفوظة في مصلحة عامة للأرشيف أو أتلفها أو تسبب في الأضرار بها، يتعرض لعقوبة حبس تتراوح مدتها بين سنتين وعشر سنوات.