في إطار الإعداد لمشروع مراجعة منظومة الوظيفة العمومية، أجرت وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية دراسة حول تقييم أداء الموظفين بمختلف الإدارات العمومية التابعة للقطاعات الحكومية، أسفرت عن نتائج غريبة، منها أن معدل التنقيط المعتمد لتقييم أداء الموظفين في مختلف القطاعات بلغ 18,50 خلال الفترة ما بين سنتي 2012 و2016، ما يعني أن المغرب يتوفر على أفضل وأحسن إدارة في العالم.
وأكدت مصادر حكومية، أن الوزارة تعمل في إطار مراجعة منظومة الوظيفة العمومية على إعادة النظر في نظام تقييم أداء الموظفين القائم على آلية التنقيط، وخلصت الدراسة إلى أن هذه الآلية هي آلية غير موضوعية، مزاجية، تقتل الكفاءات، ومتخلفة عن الأساليب الحديثة في تدبير الموارد البشرية. ومن أبرز خلاصات الدراسة التي يتوفر موقع "تيلي ماروك" على نسخة منها، أن المنظومة تعرف عدة شكايات وانتقادات من طرف الموظفين الذين يطعنون في النقطة العددية المحصل عليها من طرف رؤسائهم في الحالة التي لا تقارب 20 على 20، ولم يتم بعد تفعيل التقييم بواسطة المقابلة ولم يخضع بعد أي موظف إلى عملية تقييم من طرف رئيسه من خلال مقابلة لكون الظروف الموضوعية غير متوفرة، كما أن المشرفين على التقييم لم يستفيدوا بعد من أي تكوين خاص حول تهييء مراحل مسلسل تقدير أداء الموظفين قبل وأثناء وبعد عملية التقييم.
واعتبرت الدراسة بصفة عامة، أن المنظومة متطورة إلا أنها لا تطبق بكاملها نظرا للإكراهات التي تعتري الإدارة التي لم ترق بعد إلى تنظيم وظيفي يعتمد أساليب التدبير الحديثة ولا سيما التدبير التوقيعي للموارد البشرية، حيث يكتفي الكل بتعبئة نموذج بطاقة التنقيط دون أخذ بعين الاعتبار المعايير المعتمدة والمكونة لشبكة التنقيط والتقييم. ولتجاوز هذه الإشكالية تجب إعادة النظر في منظومة التنقيط والتقييم والقيام بإجراءات مواكبة مكثفة في ميدان التدبير بالأهداف والنتائج، وتوفير تكوين خاص للمشرفين على عملية التنقيط والتقييم لا سيما إجراء مقابلات التقييم بصفة دورية.
ومن استنتاجات الدراسة، أن المسؤولين عن تدبير الموارد البشرية وكذا الموظفين غير راضين عن النظام الحالي المعتمد في التنقيط والتقييم في الوظيفة العمومية المغربية ويعيبون على عدم فعاليته سواء من حيث الترقية في الرتبة أو الدرجة أومن حيث غياب علاقته بمعايير منح التعويض والمكافآت الجزافية وبعض هؤلاء يرى في هذا النظام مصدر التوتر وعدم الرضا اللذين يسودان داخل الوظيفة العمومية وسببا في عدم تحفيز الموارد البشرية للعطاء والرفع من المردودية والإنتاجية، حيث إن الترقية تمنح للجميع دون مراعاة مبدأ الجدارة والاستحقاق. ولتطبيق هذا النظام بصفة فعالة، أكدت خلاصات الدراسة على أنه يتعين تحديد الأهداف والمؤشرات التي على أساسها تحدد المردودية والفعالية بالنسبة للموظفين.
هذا وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن دعا إلى اتخاذ إجراءات "عميقة" من أجل إعادة الاعتبار لمنظومة القيم على كافة مستويات الإدارة، وإرساء آليات جدية لتحسين جودة الخدمات العمومية، بهدف تمكين المرفق العمومي من بلوغ أهدافه. وأوصى المجلس، في تقرير موضوعاتي حول تقييم نظام الوظيفة العمومية، نشر أول أمس الاثنين، بتصميم ووضع استراتيجية شمولية تشمل مخططات عمل دقيقة وتحدد الأهداف ذات الأولوية وكذا الإطار الزمني المناسب، مع الأخذ بعين الاعتبار التأثير المتوقع على الميزانية وتحديد المسؤول عن كل عملية.
وأكد تقرير المجلس أن نظام التقييم يظل غير مرتبط بالغاية منه، حيث لا يسمح بتقييم أداء كل موظف أو تمييز الموظفين على أساس الكفاءات، ذلك أن عمليات التقييم تتجه دوما نحو نسق الترقية السريعة، وذلك بسبب غياب معايير موضوعية واضحة للتقييم، ونقص في الجدية أثناء القيام بهذه العملية. وفي غياب آلية للتقييم الموضوعي، يظل نظام الأجور مرتبطا في أغلب الحالات بمعيار الأقدمية، وهكذا، يضيف التقرير، يتبين أن نفقات الموظفين في تطور مستمر في الوقت الذي يميل فيه عدد الموظفين إلى الاستقرار. وعلى الرغم من ارتفاع مستويات الأجور بشكل مستمر، فإن الإدارة المغربية لا تملك بيانات موثوقة عن أداء الموظفين للمهام الملقاة على عاتقهم. وفي هذا الإطار، فإن معيار ساعات العمل الفعلية غير معروف إلى حد كبير وذلك في معظم الإدارات.