سجل التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات اختلالات خطيرة على مستوى التدبير المالي والإداري بوزارة التجهيز والنقل، خلال الفترة ما بين سنتي 2012 و2017، وهي الفترة التي تحمل فيها الوزير السابق، عزيز رباح، المسؤولية على رأس هذه الوزارة، التي تبلغ ميزانيتها السنوية ما يفوق 10 ملايير سنتيم.
ووقف قضاة المجلس الأعلى للحسابات من خلال الاطلاع على وضعية المشاريع المتعثرة، والتي يفوق مبلغها 30 مليون درهم والمصادق عليها من طرف مديرية الشؤون التقنية والعالقة مع المهنة، تعثر مشاريع مهمة، حيث لوحظ تخلي شركة واحدة عن صفقتين أبرمتا في نفس السنة، وهو ما يسائل الوزارة حول معايير اختيار المتنافسين وطريقة صياغة نظام الاستشارة. ولوحظ أيضا أن الوزارة لا تتحرك بالسرعة الكافية لإيجاد حلول للمشاكل التي تعترض تنفيذ المشاريع المتعثرة، ومن جهة أخرى، لوحظ أن الوزارة لا تتحكم في الآجال التعاقدية للمشاريع، حيث تم تجاوز هذه الآجال بشكل عام في معظم الصفقات. ولم يتمكن المجلس من إبداء رأيه حول هذا الموضوع والتطرق إلى أسباب هذا التأخير، وذلك بسبب عدم حصوله على وضعية شاملة للصفقات التي عرفت تجاوزا في آجال التنفيذ.
وبلغ عدد القضايا المتعلقة بالصفقات العمومية والمتنازع بشأنها، ما بين سنة 2012 و2016، ما مجموعه 227 قضية، منها 133 قضية رائجة و60 قضية محكومة وقضية واحدة في انتظار الحكم و33 قضية تم تنفيذها. وتجدر الإشارة إلى أن القضايا المحكومة (60 قضية) كلفت خزينة الوزارة، إلى حدود سنة 2017، ما مجموعه 189 مليون درهم.
وسجل التقرير عدم توفر الوزارة على سياسة واضحة أو برنامج أو تدابير مكتوبة ومعلنة تحدد المسؤوليات والأهداف الكمية والنوعية السنوية، بشأن ترشيد النفقات والاقتصاد فيها بالنسبة لكل مسؤول بالوزارة، وغياب مؤشرات وآليات للتقييم بشكل دوري لقياس النتائج في مجال ترشيد النفقات.
وأشار التقرير إلى المبالغة في أثمنة بعض سندات الطلب، على سبيل المثال لا الحصر رقم 19/2015 و17/2016 و05/2014، فقد لوحظ بعد الاطلاع على محتويات سند الطلب رقم 05/2014، مبالغة في أثمنة 5 طابعات حيث تم اقتناؤها بمبلغ 16.800,00 درهم للوحدة، بينما السعر المتداول في السوق لا يتجاوز 2000 درهم، إضافة إلى المبالغة في ثمن ذاكرات التخزين "usb"، حيث تم اقتناء 50 وحدة بمبلغ 720 درهما للوحدة، في حين أن سعرها المتداول في السوق لا يتجاوز 200 درهم.
ورصد التقرير اختلالات على مستوى صرف الميزانية، من خلال عدم الابتعاد عن النهج الاستهلاكي للاعتمادات، خصوصا عند اقتراب انتهاء السنة المالية، حيث تم على سبيل المثال أداء نفقات بما مجموعه 3 ملايين درهم عن طريق سندات الطلب في يوم واحد 31 دجنبر 2014، وعدم توثيق جميع إجراءات الشراء وعدم تطبيق دليل المساطر الخاص بعمليات الشراء الذي تم إعداده خلال سنة 2012، وعدم تعميم تطبيق "منظومة التسيير المندمج للشراء"، الذي قامت بتطويره مديرية أنظمة المعلومات التابعة للوزارة، على جميع المديريات.
وعلى مستوى الموارد البشرية، سجل التقرير ارتفاع عدد الموظفين الذين غادروا الوزارة إما بسبب الاستقالة، أو بسبب الإلحاق وشغور 11 منصبا للمسؤولية في المصالح المركزية و140 منصبا شاغرا بالنسبة إلى المصالح الخارجية، مما يطرح التساؤل حول استراتيجية الوزارة في مجال تحفيز وجلب الكفاءات. وأشار التقرير إلى تناقص في عدد الموظفين بالوزارة ما بين سنة 2012 و2016، حيث انتقل هذا العدد من 6806 إلى 6335 موظفا، كما لوحظ أن 53 في المائة من الموظفين تتجاوز أعمارهم 50 سنة، وكذلك نقص في بعض التخصصات التقنية والقانونية بالمصالح الخارجية، مما قد يؤثر سلبا على تنفيذ المشاريع وتتبعها.
وفي ما يخص تقييم المخاطر، سجل التقرير مجموعة من الملاحظات، أبرزها عدم توفر الوزارة على خارطة المخاطر تمكن من تحديد المخاطر المحتملة المرتبطة بتدخلات الوزارة في ما يخص بناء الطرق وتهيئة البنيات التحتية، والإكراهات والصعوبات التي تواجهها الوزارة من قبيل مخاطر مسطرة نزع الملكية وما يتبعها من إشكالية تنفيذ المقررات القضائية، وكذا مخاطر صياغة دفاتر الشروط الخاصة وكيفية التعامل مع النزاعات، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، ومخاطر احترام جودة وآجال تنفيذ المشاريع وإشكالية تمويلها ومخاطر التعامل بالعقود البرامج مع المؤسسات العمومية ومخاطر تناقص عدد الموارد البشرية، وعدم تحديد قائمة المخاطر المتعلقة بالغش والاحتيال والفساد الإداري، من أجل تحديدها وحصرها على جميع مستويات مهام الوزارة بغية مواجهتها، وعدم احترام مدة 60 يوما كأجل أقصى لأداء النفقات، خصوصا بمديرية النقل عبر الطرق والسلامة الطرقية، حيث لوحظ تأخر كبير في أداء هذه النفقات، رغم ما قد تشكله من مخاطر مالية محتملة على ميزانية المديرية.