عندما نتحدث عن المليارديرات يذهب تفكيرنا مباشرة نحو بنجلون وأخنوش والعلمي وبنصالح، لكن هناك المئات من الأثرياء الذين لا يعرفهم كثير من الناس، ولا أحد من المغاربة يعلم سر إصرارهم على البقاء في العتمة بعيدا عن الأضواء، بل إن عددا من المواطنين يتساءلون همسا عن حجم مساهماتهم في صندوق دعم آثار وباء كورونا الذي أسسه ملك البلاد محمد السادس ودعا الميسورين من أشخاص ذاتيين أو معنويين للمساهمة فيه تأسيسا لتضامن الأغنياء مع الفقراء المتضررين من الجائحة.
يفضل كثير من أثرياء هذا البلد قضاء حوائجهم بالكتمان، فهم يحرصون على العيش في الظل وأحيانا يرتدون رداء البسطاء ويمارسون طقوس الخصاص، أو بتعبير أصح، يمثلون دور الفقير، على الرغم من الثروات التي كدسوها في الدواليب السرية، بعيدا عن ضوء الإعلام وعيون مجلة فوربس الأمريكية المتخصصة في إحصاء الثروات ومراقبة نمو المؤسسات والشركات المالية حول العالم، والتي دأبت منذ سنة 2012، على نشر تصنيف سنوي لأثرياء العالم، وحدها أعراس أبنائهم وبناتهم هي التي تفضح هذا الثراء وتظهر للعالم أن خلف الصمت حكمة الجاه.
هؤلاء الأثرياء نادرا ما يشعرون بانجذاب تجاه السياسة، إلا من دفع إليها دفعا ابتغاء التحصن في حضن السلطة، وغالبا ما يديرون ظهورهم للانتخابات الجماعية والتشريعية، وجلهم يصرون على وضع مسافة بينهم وبين دوائر القرار، فالسياسة لا تعنيهم بل منهم من يعتبرها نوعا من معارضة المخزن وأولي الأمر. إنهم لا يمارسون رياضات الوجاهة كالجيت سكي والغولف أوالفروسية، ولا يقضون عطلهم في جزر هاواي، لكنهم يعيشون كالبسطاء مع اختلاف بسيط كونهم يعانون من انتفاخ في الرصيد المالي.
بعيدا عن الترتيب العام لبطولة الجاه والمال، هناك مليارديرات يفضلون الاغتناء الصامت بعيدا عن صخب الصالونات المخملية وليالي الأنس وجلسات تضيع فيه قيمة المال أمام حجم التبدير وسخاء اللحظة.
برادة سوني..جمع ما تفرق في باقي المستثمرين
قبل نصف قرن أنشأت عائلة برادة سوني مقاولة تعددت مجالات اشتغالها، بين الصناعات الغذائية وقطاع السيارات والعقار، فارتفع عدد العاملين فيها إلى 4000 عامل من مختلف التخصصات، لكن المقاولة حرصت دوما أن تظل بعيدا عن الأضواء تشتغل في صمت كي لا تدخل في دوامة النقاش غير المثمر على المستوى المالي. بل إن رقم معاملاتها غير معروف عند خبراء الاقتصاد المغربي.
ارتقى المشروع إلى درجة “هولدينغ عائلي”، تتحكم فيه خيوط العلاقات العائلية ابتداء من سنة 2014، دون أن يصل إلى مستوى الهولدينغ المندمج بمفهومه الاقتصادي الدقيق، علما أن القطاعات التي استثمر فيها أفراد عائلة سني تشابكت خيوطها إلى حد الاختلاط والتنافر، حين جمعت بين العقار والفندقة والمناجم والفلاحة والتربية فضلا عن المهنة الأصلية الأفرشة المنزلية، بل إن سعد برادة سني، أحد أبناء مؤسس الهولدينغ رفع تحديا عام 2010، وهو الحصول على الإنتاج الحصري لتجهيزات السيارات وإكسسواراتها، وأبرم مع شركة رونو طنجة صفقة العمر ابتداء من عام 2016، ما رفع رأسمال “بيليم أنديس” إلى أعلى المستويات.
ولم يقتصر الاستثمار على المغرب بل توسع إلى الخارج، من خلال صفقات بمليارات الدولارات مكنت من البحث عن منافذ جديدة للكسب المالي، بالرغم من أن المجموعة الصناعية تظل حسب المهتمين الاقتصاد المغربي شحيحة من حيث المعطيات الرقمية المحاطة بسرية قل نظيرها.
اختار الهولدينغ افريقيا كمجال استثماري واعد، حيث أنشأ برادة وأبناؤه مصنعا للأفرشة في الكوت ديفوار، في عام 2017 بما يزيد عن 125 مليون درهم، بعد عامين فقط أصبح مسيطرا على السوق الإيفواري، فضلا عن أسواق أخرى في نيجيريا ومصر والكاميرون والكونغو الديمقراطية ثم السينغال.
وفي مجال السكن الاقتصادي حطمت دار السعادة أرقاما قياسية في المكاسب المالية، نفس النجاح لازم آل برادة في مجال الفنادق خاصة حين أنشأ فندقا في ابيدجان فوض تدبيره لمجموعة “راديسون”.
من خلال هذه الأنشطة حقق “بي غروب” نسبة لبرادة، رقم معاملات أربع مليار درهم موزعة على القطاعات الاستثمارية.
بلخضر الشاي لا يكفي
يجمع تكتل بلخضر ثلاث شركات، يهتمون بقطاعين كبيرين، الأول يتعلق بقطاع العقار من خلال شركة تعمل في قطاع العقار “ميد إيموبل”، التي تم إنشاؤها عام 2005، أما الاستثمارات الأخرى فتهم “إير ديستربيسيون” وهي الشركة التي ظهرت إلى الوجود عام 2010، ثم “بيلا تويزة” بعد عامين، ويهتمان معا بتوزيع البضائع على الأسواق وفضاءات التسوق الكبرى، مع تخصص أولي في توزيع الشاي الذي يظل الرابط التاريخي بين لخضر وقطاع التجارة والأعمال.
بدأت علاقة بلخضر بالصين، المنتج الأول للشاي في العالم، منذ تحرير هذا القطاع، حيث ظل الشركة تستورد أطنانا من هذه المادة الحيوية التي لا غنى عنها في المجتمع المغربي بكل طبقاته، والآن تتوفر “بيبلا تويزة” على حضيرة سيارات كبرى يديرها أكثر من 500 عامل، أغلبهم من الموزعين في إطار شبكة تغطي المغرب من حيث التزود بالمنتجات الغذائية وخاصة الشاي، سواء على نستوى فضاءات التسوق العملاقة أو الكبرى أو حتى دكاكين البيع بالتقسيط.
عبد النبي بعيوي..سياسة ورياضة وجاه
ولد عبد النبي بعيوي عام 1971 في مدينة وجدة، ترعرع ونشا في العاصمة الشرقية للبلاد، ظل حلم الهجرة يسكنه إلى أن حققه حين هاجر إلى الديار الفرنسية مبكرا بحثا عن عمل يضمن به مستقبله، قال عنه رفاقه إنه كان يحلم دوما بالثراء ويتوقف عند السيارات الفارهة ويتوعد بركوبها. في فرنسا اشتغل في أكثر من قطاع مهيكل وغير مهيكل كان همه جمع المال بأقصى سرعة ممكنة.
عاد إلى وجدة وفي رصيده مال يكفي لبدء مشروع سرعان ما يعيده إلى الواجهة، بعد أن أنشأ شركة للأشغال، وركز على مد الطرقات وفك العزلة عن المناطق النائية، بل إن فوز بيوي بصفقات بملايير الدراهم حسب تقدير الجهات الرسمية بالجهة التي يرأسها ذات الشخص. يتنافى وشروط المنافسة السليمة كما يرى الكثيرون، إذ فازت شركة “بيوي للأشغال” التي يملكها بعيوي رئيس جهة الشرق والقيادي بحزب ‘الأصالة والمعاصرة، بصفقة بناء الملعب الكبير للحسيمة والذي سيكلف ميزانية 25 مليار درهم.
وكانت طلبات العروض قد أعلنت بشكل سريع عقب الغضبة الملكية التي عقبت احتجاجات الريف وتقاعس عدد من الوزراء في تنفيذ مشاريع تنموية بالإقليم لتفوز بها شركة رئيس جهة الشرق وينضاف إلى هذا كله، صفقات عمومية فازت ومنها صفقة بناء سد واد غيس بالحسيمة، بتكلفة مليار و300 مليون درهم حسب كاتبة الدولة في الماء السابقة، ناهيك عن مشاريع أخرى بملايير الدراهم.
هذه النجاحات المتلاحقة دون انقطاع تطرح في الواقع تساؤلات عديدة حول التقاطعات المحتملة بين السياسة والاقتصاد والرياضة بعد أن أصبح الرجل رئيسا للمولودية الوجدية، واحتمالات توظيف العلاقات الحزبية لخدمة رأس المال دونما اعتبار لشروط ومواصفات المنافسة الشريفة في مغرب يسعى إلى تكريس وترسيخ قيم العدالة والمساواة بين الفاعلين الاقتصاديين بمقتضى قدراتهم وإمكاناتهم الخاصة.
هولدينغ بداع.. حفاضات تصنع الثراء
ظل اسم عبد الله بداع بعيدا عن الأضواء، رغم أن منتوجه المتمثل في حفاضات دلع، يوجد على أقمصة فريق يوسفية برشيد، على اعتبار أن المصنع يوجد في تراب إقليم برشيد، لكن رئيس مجلس إدارة المصنع المدير العام لشركة نوفاتيس ظهر فجأة في الإعلام حين اضطر للرد على مقال للناشط الحقوقي سيون اسيدون قال فيه كاتبه إن الشركة تستورد موادها الأولية من إسرائيل، قال بداع إن الشركة لا تربطها أي علاقة اقتصادية أو معاملات تجارية مع إسرائيل، مؤكدا على أن أخلاقيات الشركة وسلامة موقفها دفعتها إلى تقديم توضيح إلى الرأي العام. مبرزا أن استيرادات المصنع تكون من الولايات المتحدة الأمريكية: “استوردت شركة ” نوفاتيس” من الولايات المتحدة موادا أولية أمريكية الصنع مائة في المائة، و التزمت الشركة البائعة بالشحن و النقل إلى المغرب، إلا أن المواد المستوردة وصلت داخل حاوية تحمل علامة شركة الملاحة الإسرائيلية “زيم”، آتية من ميناء موبيل الأمريكي مع توقف واحد بميناء طركونة الإسباني، مضيفا بأن شركة “نوفاتيس” غير مسؤولة عن شؤون وعلاقات الشركة بائعة المواد الأولية بالشركة الإسرائيلية، مؤكدا بأنها “لا تقبل ولن تقبل بأن يعهد مستقبلا للكيان الإسرائيلي بنقل وارداتها”.
بعيدا عن بيانات الحقيقة تنصب جهود الشركة التي يرجع تأسيسها لعام 2003، على الأسواق الإفريقية من خلال استثمارات كبرى في كل من السينغال والكوت ديفوار ثم مدغشقر، ما حول الشركة إلى رائد في مجال اشتغالها كما يقول الرئيس المنتدب سهيل بداع نجل المؤسس عبد الله.
في العاصمة السينغالية يوجد مصنع لدلع، انطلق بتدبير من الشركة في العام الماضي، وسهر على نشأته الابن الذي درس في جامعة للأعمال في ولاية طيكساس، وأصر على تجاوز الرائد الأول في صناعة الحفاظات في المغرب “بروكتر وغامبل” الأمريكية الأصول. بل إن “نوفاتيس” استطاعت في ظرف قياسي من أن تسيطر على السوق ببيع نصف مشتريات المغاربة من الحفاظات حوالي مليار ونصف وحدة في السنة، علما أن المحتكر السابق للسوق كان يسيطر على 80 في المائة من مشتريات المغاربة من هذه المادة إلى غاية 1990. وكانت عائلة بداع قد اشترت في 2007 شركة “نورسيدكس” المختصة في الحفاظات وابتلعتها، لتصبح رائدا مسيطرا على السوق المغربية ببيع 60 مليون حفاضة في الشهر على الرغم من الاقتصار أكثر على الزبون في المدينة.
الطاهر..الرجل الذي اغتنى من الكاشير
قد لا يكون وجها معروفا ومألوفا لدى المغاربة لأنه ليس وزيرا ولا متحدثا بارعا يجيد جدب الأضواء ولا هو قيادي حزبي أو زعيم نقابي، لكنه يعرف من أين يؤكل تؤكل الغلة، صحيح أنه يملك مؤسسة للأعمال الاجتماعية لكن المغاربة أحوج أكثر من أي وقت مضى لسماع أخبار مساهمته في صندوق دعم آثار الوباء.
ينحدر الحاج الطاهر بيمزاغ من مدينة تفراوت وقد ورث مهنة الجزارة عن أبيه وعمره لا يتجاوز 12 سنة ويتعلق الأمر بجزارة أكرام، فجأة تحول من جزار إلى مالك لهولدينغ “كتبية” وهي شركات تعمل في مجال تحويل اللحوم، اوفي ظرف قصير أضحت شركاته تسيطر على نسبة 75 في المائة من منتوجات اللحوم المحولة، الموجودة في السوق المغربية.
لم يكن للطاهر حظ في الدراسة، وحين تجاوز المراهقة شرع في الإشراف على محلين للجزارة في ملكية والده، في بن جدية بالبيضاء. بدأت انطلاقته في مجال تحويل اللحوم بشراء وحدة صناعية قديمة للتحويل توجد بالمحمدية، تحمل الاسم نفسه، “كتبية”، وكانت مملوكة لمحمد البلغيتي الخنوسي. معطيات كشفت عنها المجموعة، التي تجوب أزيد من 500 من شاحنات التبريد التابعة لها المغرب يوميا لتوزيع اللحوم المحولة، تشير إلى أن البداية الحقيقية كانت في الفترة الممتدة من 1985 إلى 1995.
وفي 2005، سيؤسس الطاهر شركة جديدة، سماها “ديليس فيوند”، متخصصة في جزارة وتحويل لحوم الدواجن، ثم “كازا فيوند” المتخصصة في اللحوم الحمراء في 2006، وأتبعها في 2007 بشركة أخرى متخصصة في تربية المواشي، قبل أن يدخل عالم العقار، كل هذه المقاولات أصبحت تحت لواء مجموعة “كتبية هولدينغ”.
ساجد.. الروداني صانع الأغطية يحكم الدار البيضاء
صحيح أن محمد ساجد قد ولد في مدينة سطات يوم 9 نونبر 1948، إلا أن جذوره في سوس، فقد خرج إلى الوجود من أبوين أمازيغيين ينحدران من قبيلة إندوزان بتارودانت الشمالية بالمغرب، قبل أن يهاجرا إلى سطات ومنها صوب الدار البيضاء.
اختار الولد الدراسة في المجال التجاري بناء على وصية الأب، الأحوج إلى ابنه في تدبير تجارته، نال الولد شهادة في التجارة بمدينة ليل الفرنسية قبل أن يلتحق بعالم السياسة عام 1993 حين انتخب نائبا برلمانيا عن منطقته تحت مظلة حزب الاتحاد الدستوري، إذ أنه انتخب أمينا عاما له في 25 أبريل 2015، وأصبح عمدة الدار البيضاء في 23 سبتمبر 2003
ولأنه حامل مشروع ترامواي فقد أصر على أن يكون مساره بنفس القدرة على الاختراق، قبل غضبة الملك محمد السادس على تدبير العاصمة الاقتصادية، لكن بموازاة مع السياسة ترأس ساجد عدة شركات صناعية لافتة منها شركة للأغطية “مازافيل” كما دخل عالم العقار، بل إنه حرص على الارتباط بمنطقة تارودانت وراهن على فك العزلة على الدواوير في جميع أنحاء المنطقة الجبلية المعزولة من خلال اتصالات مع مغاربة سوسيين مقيمين في الخارج التي مولوا حوالي ثلث الطرق، وهي عملية لها مكاسب سياسية أيضا.
في 5 أبريل 2017 عينه الملك محمد السادس وزيرا للسياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي في حكومة العثماني، هذا المنصب لم يمنع ساجد من تطوير المشاريع التجارية والصناعية للعائلة.
الراجي مول أتاي الذي أصبح سلطانا
كغيره من أثرياء هذا البلد، لم يقتصر الراجي على الاستثمار في الشاي، بل خاض تجارب أخرى في قطاعات بعيدة عن مجال تخصصه، حيث اقتحم بقوة عالم الأجهزة المنزلية، فالشاي في نظره لا يكتمل إلا حول تجهيز راق للمطابخ المغربية. والانطلاقة كانت بـ12 محلا تجاريا في المغرب.
تظل هذه المؤسسة الانتاجية العملاقة، وفية لروح الحسن الراجي، المشهور بـ”مول أتاي”، منشئ المجموعة الذي ينحدر من تافراوت، والذي وافته المنية عام 1996، بعد مشوار امتد على مدى أزيد من ستين سنة من العمل، مكنته من الريادة في مجال استيراد وإعادة إنتاج الشاي. بل إنه كان يصدر هذه المادة إلى أزيد من عشرين بلدا عبر العالم، منها دول أوروبية، بعد إضافة تسويق الأعشاب المكملة للشاي، كما شمل مجال اهتمامه الفلاحة والعقار، وقبل أن يرحل هيأ ابنه حميد الذي رفع سقف الأرباح.
شركة “شاي سلطان” تربّعت منذ سنة 1936على عرش سوق الشاي، بامتلاكها أزيد من ثلث حصة السوق المغربية في المجال، خاصة بعد إحداث وحدة صناعية للشاي بمدينة الدار البيضاء تعتبر الأكبر على الصعيد الإفريقي. تبيع منه أسرة الراجي، لوحدها، حوالي 50 مليون علبة سنويا.
وتتشر بين تجار سوس، حكاية ضربة الحظ الحقيقية التي صنعت مجد آل الراجي، وفيها أن والدهم حسن، غامر حينما عمل بنصيحة تاجر يهودي بالبيضاء، بالعمل على اقتحام مجال الاستيراد من الخارج، عن طريق الاقتراض من البنوك، وهو الاختيار الذي كان تجار سوس الأوائل يتفادونه.
وتضيف الحكاية أن السفينة التي كانت حاملة بكميات الشاي التي وضع فيها الراجي كل أمواله، تأخرت في الوصول إلى المغرب، بسبب معارك الحرب العالمية الثانية، فأصابت الراجي أزمة مالية، خصوصا وأن الأبناك بدأت مساطر استرجاع أموالها منه، غير أن السفينة ستصل أخيرا، بالتزامن مع ندرة شاي في المغرب، فتحولت نقمة الراجي إلى نعمة، عندما جنى أرباحا غير متوقعة في وقت قياسي، كما يقول عمر أمرير الباحث في تاريخ الشخصيات السوسية.
خالدة عزبان ثروة برائحة العطر
تفتخر شركة عزبان بالسيطرة على نسبة 30% من سوق مواد التجميل بالمغرب وصادراته إلى أوربا والشرق الأوسط. وتصر خالدة نجلة المؤسس محمد عزبان والتي أضحت تحمل لقبت ملكة العطور بالمغرب، بعد تثبيت اسمها العائلي في قنينات العطور التي تصنعها. أصبحت شركتها المختصة في إنتاج وتسويق مستحضرات التجميل والنكهات الغذائية تغزو أوروبا كلها، بالإضافة إلى كوريا، كما تبيع “كريم وشامبو” لسلسلة فنادق موفنبيك وهيلتون ومجموعة أكورد وغيرها.
لا أحد ينكر عصامية عزبان الذي بدأ مساعدا في مصنع صغير للعطور، قبل أن يسيطر على قطاع كان عصيا على المغاربة، في عام 1970 أطلق خطا للمواد التجميلية “عزبان” ومع النجاح الذي عرفه، تدار اليومَ أعماله من قبل أبنائه، خاصة خالدة وأشقاؤها.
خالدة هي المديرة العامة لمجموعة “عزبان” المختصة في إنتاج العطور والمواد التجميلية، وفي عام 2006، عينت نائبة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
عائلة عمار.. امبراطورية اللحوم الحمراء
بدأت عائلة عمار مسيرتها من الأسواق، فالوالد ابراهيم كان مجرد كساب للأبقار، في منطقة بني هلال بعمق دكالة، حيث كان يمون السوق المحلي باللحوم الحمراء، مع الاعتماد على نظام ديون مرن يمكن الجزارين من تسديد ما بذمتهم، بل كان يشجع فلاحي المنطقة الذين يعتمدون على فلاحة مرتبطة بمعمل السكر كالشمندر، على تغيير عاداتهم الفلاحية والبحث عن موارد رزق أخرى.
كان ابراهيم أول مغربي يستورد الأبقار من هولاندا، لكنه وبتوصية من المحجوبي أحرضان دخل عالم السياسة، مما قربه من ادريس البصري ومن شخصيات نافذة في السلطة المغربية، وتمكن من سحب البساط من تحت أقدام عائلة الاتحادي بوشعيب الهلالي الذي كان “إمبراطور” بني هلال منذ السبعينات إلى نهاية الثمانينات.
توفي عمار الأب سنة 1998 على إثر حادثة سير في الطريق الرابط بين الجديدة والدار البيضاء، وهو حينها برلمانيا لمنطقة بني هلال العونات، قيل إن سيارته كانت ممتلئة بالأوراق النقدية، وبعد تقديم العزاء أجمع خصومه ورفاق دربه السياسي والتجاري، أن ثروة هذا الملياردير، ستعرف تراجعا ملحوظا وقد تنتهي بتوزيعها بين الورثة، لكن أبناءه قرروا التصدي للجميع وفي اجتماع طارئ بعد حفل التأبين تم توزيع المهام، حيث تكفل الإبن الأكبر بوشعيب، بالشركات المتمركزة في المجمع الصناعي للجرف الأصفر، والمتخصصة في قطاع استيراد المواد الفلاحية، ولأن بوشعيب ورث عن أبيه الجاه والسياسة، فقد كان لمنصبه كرئيس لجهة دكالة عبدة، الأثر على تيسير تدبير هذه المؤسسات.
أما عبد الفتاح القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، فجمع بين مهامه السياسية والتجارية، إذ اهتم بمشروع فلاحي كبير في منطقة زاوية سيدي اسماعيل، حيث يملك ضيعة كبيرة خصصت لتربية الأبقار بعد استيرادها، وقام ببناء مجزرة خاصة بتقنية جد متطورة تعتبر الأولى في المغرب، مكنته من زعامة موزعي اللحوم الحمراء، دون أن يتخلى عن الهم السياسي كرئيس لجماعة بني هلال وبرلماني المنطقة، هذا الوضع جعله يفتح جبهات صراع مع عامل إقليم سيدي بنور السابق. أما الابن الأصغر فأسند له مجلس العائلة مهمة تدبير قطاع الصيد البحري بحيث يملك عدة بواخر للصيد في أعالي البحار، ويرتبط بعلاقات قوية مع حسن الدرهم الملياردير الصحراوي.
شكيب لعلج.. رجل صنع ثراءه من خبز المغاربة
اختار شكيب لعلج الاستثمار في أولى أولويات العيش لدى البشرية، “الخبز”، وحين تسيد السوق المغربية أصبح رئيسا للفديرالية الوطنية لمطاحن المغرب، من خلال شركته “موني”، وبعد سنوات أضحى رئيسا للباطرونا في المغرب. ظل الرجل يستفيد من أكبر حصة من القمح المدعم، التي كان يتحكم فيها المكتب المهني للحبوب والقطاني.
بدأ لعلج، المزداد بمدينة الدار البيضاء، مساره المهني سنة 1987 من إدارة الشركة الجديدة لمطاحن المغرب، لينشئ بعدها عدة مقاولات داخل المملكة، تنوعت أنشطتها بين نشاطه الرئيسي (المطاحن)، وإنتاج الدقيق والسميد، والبلاستيك، فضلا عن استثماره في قطاع الدواجن وعلف الماشية والدواجن وتحويل اللحوم البيضاء وإنتاج مختلف أنواع اللحوم الحمراء، أي أن شكيب طان ملازما لأمعاء المغاربة في قوتهم اليومي.
لكن لعلج ومن خلال مجموعته التي تضم عدة فروع، وتشغل بشكل مباشر ما يزيد عن ألفي شخص، اخترق قطاعات أخرى كالنقل واللوجيستيك والفندقة والمطعمة وأيضا الطاقات المتجددة، لكن القطاع الأصلي هو بيع وتوزيع المنتوجات الواسعة الاستهلاك.
ليس شكيب هو الوحيد في هذا القطاع الأساسي، فقد زاحمته شركة “كاينة كروب” التي تأسست عام 2007، برأسمال يزيد عن 73 مليون درهم، ويتجاوز رقم معاملاتها التجارية 500 مليون درهم، يشرف على تدبيرها كل من رشدي بردعي ومحمد الصالحي، وتشتغل بدورها في قطاع العجائن والكسكس والدقيق، بمصنع يوجد بضواحي الدار البيضاء.
الزين.. استثمار كبير وتصنيف صغير
فجأة أعلنت مجموعة زين “للتنمية” نفسها رائدة في محال المهن المندمجة، رغم أن البداية الحقيقية لهذه الشركة التي يقف وراءها نور الدين الزين، ابن دكالة، ترجع إلى منتصف التسعينات، وكانت نقطة البداية هي توزيع السكر والمواد الفلاحية. كانت الغاية منها ضمان مكانة في السوق في مجال التوزيع والذي يعمل تحت تسمية “فري فود”، قبل أن توسع نشاطها إلى النقل واللوجستيك. وكانت “طرانسدين” هي الشركة التي أخذت على عاتقها تنمية أسطول الشاحنات الكبير.
يعتبر منتصف سنة 2005 حقبة “تنويع التشكيلات الموزعة والدخول في مجال الشراكات الاستراتيجية مع المنتجين الوطنيين والدوليين”. على حد قول رئيسها الزين، وبدأت المجموعة في امتلاك سلسلة من المكتسبات في مجال الصناعة الغذائية مما أدى في سنة 2008 إلى خلق المطاحن الكبرى زين، وفي سنة 2013 تم خلق “مجمع التغذية زين” التي استفادت من مخطط المغرب الأخضر بوضع نظام تجميع الإنتاج بإحاطة وتأطير الفلاحين من جهات دكالة والشاوية ورديغة.
تتوفر “الزين للتنمية”، على رقم معاملات سنوي يناهز 4 مليارات درهم وعلى غلاف استثمار اجمالي يقدر ب 750 مليون درهم. دون أن يدخل صاحب الشركة مدرسة للمال والأعمال.
بن الضو..ماركة ثراء مسجلة
أنشأ عبد الرحيم الضو شركة “برولينا المغرب”، المختصة في إنتاج الجبن والزبدة المذوبة، وإنتاج الجبن المعروفة بعلامة “الذهب الأبيض”، حيث أنشأت الشركة خطين لتصنيع هذه المادة، سيما المثلثات، وخطا لإنتاج وتقطيع شرائح الجبن ويتم تغليفها، باستثمار إجمالي تجاوز 200 مليون درهم، على مساحة مغطاة تجاوزت 13 ألف متر مربع، في حين تتعدى الطاقة الإنتاجية للوحدة الصناعية 4000 طن في السنة، بينما يتجاوز أسطول الشركة 60 سيارة وشاحنة. وتعتبر الشركة فرعا تابعا لهولدينغ “كوبراليم”، المختص في تصنيع وتحويل منتوجات الألبان.
وكان عزيز بن عزوز رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، قد أثار جدلا واسعا قبل عامين، حين تقدم بمشروع لإلغاء رسوم الجمارك على استيراد الزبدة والألبان المحددة في 2,5 في المائة عن الكيلو غرام الواحد، وحاول البرلماني البامي تبرير مقترحه بوجود شريحة هامة من المواطنين تستهلك هذه المواد خاصة في شهر رمضان. لكن الظاهر أن الرجل كان يود تقديم هدية لرفيقه في الحزب بن الضو أكبر مستورد لهذه المواد من الخارج، قبل أن يعلن وزير المالية السابق اعتراضه على المقترح.
أيت مزال والشقوري بوفتاس الثروة الهادئة
يرى رجل الأعمال المغربي عبد السلام بلقشور، الذي يستثمر في مجال الفلاحة، بأن الأثرياء المغاربة الذين لا يطالهم تصنيف “فوربس” غالبا ما يختارون الاستثمار في الظل، وأشار إلى أنه لا يوجد، “ملياردير خارج التصنيف إلا إذا كان رقم معاملاته المالية ضعيف”، وأشار إلى أن نقطة التحول في مجال المال والأعمال هو العقار، وأضاف في تصريح لـ”الأخبار” بأن الأوائل استثمروا في مجال النقل العمومي بعد أن استفادوا من مأذونيات، على غرار الشقوري العبدي الذي كان يملك أزيد من 100 حافلة نقل، وقبله الغزاوي المدير الأول للأمن الذي كان يملك عددا مماثلا من الحافلات، وبنسبة أقل عائلة أمزال التي استثمرت في نفس القطاع.
لم يكن الاستثمار بالنسبة لهذه العائلات مقتصرا على مجال النقل العمومي، بل كانت لها مساهمات في القطاعين العقاري والبنكي، سيما في الشركة العامة للأبناك، في ما اختارت عائلة بوفتاس الاشتغال في مجال توزيع المواد الكيماوية والفلاحية منذ سنة 1972، خاصة في “بروماغري” وأيضا في مجال صناعة الأحذية من خلال شلاراكة مع ادريس جطو وتازيت في شركة “أوديربي”.