أدى حادث مقتل رجل من أصول إفريقية على يد رجل شرطة أمريكي إلى موجة من الغضب تفجرت في شوارع المدن الأمريكية شملت على الأقل 140 مدينة والمدن العالمية تضامنا مع الشعارات ضد العنصرية.
ما أثار موجة من الانتقادات العالمية لطريقة تعامل الشرطة الأمريكية مع المواطنين الأفارقة وطريقة احتواء دونالد ترامب للوضع الذي من شأنه أن يزيد من معدل الإصابات بفيروس كورونا في ظل انتهاك حظر التجول وخرق الإجراءات الاحترازية ضد الفيروس. وأضاف العنف الذي اتخذته الولايات الأمريكية لفض الاحتجاجات موجة غضب في صفوف المحتجين. بينما دعا شقيق المواطن المقتول إلى السلام واستخدام قوتهم في صناديق الاقتراع.
شهدت مينيابوليس بولاية مينيسوتا مقتل المواطن من أصل إفريقي جورج فلويد خلال احتجازه من قبل الشرطة. وصور الحادث في مقطع فيديو نشر على نطاق واسع على الأنترنت. ويظهر المقطع المصور الشرطي ديريك شوفين وهو يضع ركبته فوق عنق فلويد المطروح أرضا وهو يقول له :"لا أستطيع التنفس، لا أستطيع التنفس، لا تقتلني".وبعدما تم تصفيده لوحظ أن الرجل الأربعيني فقد وعيه، فجرى استدعاء الإسعاف ونقله إلى المستشفى، حيث توفي بعد ذلك بوقت قصير، بحسب الشرطة، ما دفع مئات المحتجين إلى انتهاك حظرالتجول وتجمعوا في الشارع حول مركز للشرطة أضرمت فيه النيران، بعد الإعلان عن اعتقال ضابط الشرطة ديريك شوفين وتوجيه التهمة له بالقتل غير العمد.
وخرج متظاهرون غاضبون في شوارع مدينة مينيابوليس لليلة السادسة على التوالي رغم حظر التجول الذي أعلنه عمدة المدينة جاكوب فراي.
وتسبب الحادث في اشتباكات وأعمال عنف بمدينة مينيابوليس، ما دفع إلى نشر قوات من الحرس الوطني لمساعدة الشرطة المحلية على احتواء الاشتباكات وأعمال العنف والحرائق.وأشعل متظاهرون النار في مبنى الشرطة بالمدينة في حين تحاول السلطات الأمنية هناك عدم الاحتكاك بالمتظاهرين. فيما ارتفعت أصوات في أنحاء البلاد من أجل إحقاق العدل، مطالبة عائلة فلويد باتهام رجال الشرطة المتورطين.
تضامن مدن أمريكا
خرجت مظاهرات ضد عنصرية الشرطة في 140 مدينة أمريكية على الأقل، بينها نيويورك وبوسطن ودالاس ودنفر وديموين وهيوستن ولاس فيغاس وممفيس وبورتلاند، في إحدى أسوأ ليالي الاضطرابات الأهلية في الولايات المتحدة منذ سنوات.
واحتشد مئات المتظاهرين في شارع يو ستريت أحد أهم الشوارع الحيوية بواشنطن، لإعلان رفضهم وإدانتهم للحادث.وردد المحتجون هتافات من قبيل «العدالة وإلا لن يكون هناك استقرار»، كما رفعوا لافتات عليها عبارات تدين الحادث وتطالب بتحقيق العدالة من قبيل «العدالة من أجل فلويد»، و«العدالة العاجلة»، و«حياة السود مهمة»، و«أوقفوا قتل الشرطة للسود».
وعقب ذلك، خرج المحتجون في مسيرة صوب البيت الأبيض وسط تدابير أمنية مشددة، حيث انتشرت أعداد كبيرة من أفراد الشرطة بمحيط المكان.وسرعان ما وقعت مصادمات بين الشرطة والمتظاهرين الذين أقدم بعضهم على حرق الأعلام الأمريكية، وحاول رجال الأمن منعهم من الوصول إلى البيت الأبيض.
وفي نيويورك تجمع آلاف المحتجين عند مركز باركليز، وألقت الشرطة القبض على عشرات منهم في مظاهرة ضخمة شهدتها منطقة بروكلين، في حين تم إغلاق طريق سريع في دنفر.
وفي لويزفيل بولاية كنتاكي دارت اشتباكات في الوقت الذي كان عدد من السكان يطالبون بالعدالة لبريونا تايلور، وهي امرأة سوداء قتلتها الشرطة داخل شقتها في مارس الماضي.
وهاجم متظاهرون مقر شبكة «سي إن إن» الإخبارية في مدينة أتلانتا الأمريكية مساء الجمعة. وبثت الشبكة لقطات مباشرة من مقرها تظهر المتظاهرين في الخارج وهم يقذفون أشياء على عناصر الشرطة عند مدخلها.وحاول متظاهر تحطيم نوافذ تضررت في المدخل بلوح التزلج الخاص به، وتم تعزيز وجود الشرطة في المنطقة.
وفي مدينة ديترويت انضم مئات إلى «مسيرة ضد وحشية الشرطة» خارج مقر السلامة العامة بالمدينة، ورددوا «لا عدالة.. لا سلام».
أعمال شغب واعتقالات
في لويسفيل بولاية كنتاكي، قتلت الشرطة رجلا بالرصاص. ولم يتضح إن كان من المتظاهرين. ومن جهتها، قالت الشرطة إنها تعرضت لإطلاق نار قبل الواقعة.
أمافي واشنطن العاصمة، فقد أضرم محتجون النار قرب البيت الأبيض. وامتزج الدخان بسحب من الغاز المسيل للدموع فيما سعت الشرطة لإخلاء المنطقة من الحشود التي أخذت تردد هتاف «جورج فلويد».
واندلعت أعمال متفرقة في بوسطن بعد احتجاجات سلمية فيما ألقى متظاهرون زجاجات على أفراد الشرطة وأشعلوا النار في مركبة. وأعلنت مدينة فلادلفيا حظر تجول من الساعة السادسة مساء حتى الساعة السادسة صباحا.
واخترقت شاحنة حشدا من المتظاهرين على الطريق السريع 35 في منيابوليس، الذي كان مغلقا أمام حركة المرور. وسحب المتظاهرون السائق من الشاحنة وضربوه قبل أن تحتجزه شرطة منيابوليس، ولم يبد أن الشاحنة أصابت أي متظاهرين.
وفي الساحل الغربي، وقعت اشتباكات في بورتلاند بولاية أوريجون، حيث أظهرت لقطات تلفزيونية حرائق صغيرة مستعرة فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على متظاهرين أطلقوا ألعابا نارية.
وتعرضت المتاجر الفاخرة في سانتا مونيكا للنهب في شارع شهير للمشاة قبل أن تتدخل الشرطة وتعتقل بعض الأشخاص. وجاءت أعمال التخريب في أعقاب مظاهرة سلمية بدرجة كبيرة في وقت سابق في المدينة الساحلية. وباتجاه الجنوب في ضاحية لونج بيتش في لوس انجليس، حطمت مجموعة من الشبان والشابات نوافذ مركز تجاري ونهبوا المتاجر ثم تفرقوا قبل بدء حظر تجول من السادسة مساء.
وفي نيويورك اعتقلت الشرطة 350 شخصا وأصيب 30 شرطيا بجروح في اشتباكات. وقال بيل دي بلاسيو، رئيس بلدية نيويورك، إنه يجري التحقيق في أساليب الشرطة بما في ذلك تسجيل فيديو انتشر على نطاق واسع يظهر مركبة شرطة تخترق حشدا من المتظاهرين كانوا يلقون عليها الحجارة في بروكلين.وإجمالا، اعتقلت السلطات الأمريكية أكثر من 4 آلاف شخص، منذ اندلاع الاحتجاجات على خلفية مقتل مواطن من ذوي البشرة السمراء.
الاستعانة بالجيش
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه يمكن «نشر الجيش (في مينيابوليس) بسرعة كبيرة» للرد على الاحتجاجات العنيفة إذا تم طلب مساعدتهم.
وقال مسؤول أمريكيإن الجيش أمر بعض ضباط الشرطة العسكرية، ممن هم في الخدمة الآن، بالاستعداد للانتشار إذا طلبت السلطات المحلية مساعدتهم.
وقال قائد الحرس الوطني في مينيسوتا الميجور جنرال جون جنسن إن حاكم الولاية سمح بنشر ألف جندي لمؤازرة الشرطة في السيطرة على الوضع.بينما رفض حاكم ولاية مينيسوتا تيم والتس، وهو ديمقراطي، دعوة ترامب لاستخدام القوة. وقال إنه أخبر ترامب خلال الاجتماع: «لا أحد يضحك هنا. نحن في ألم. نحن نبكي».
تهمة خفيفة
وجهت إلى عنصر الشرطة السابق ديريك شوفين تهمة القتل غير المتعمد من قبل مكتب مدعي منطقة هينبين في إطار قضية جورج فلويد، لكن هذا الإجراء جاء «متأخرا» بحسب عائلة فلويد التي اعتبرت أيضا أنه غير كاف.وقالت العائلة في بيان إنها تريد أن يتم توجيه «تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار» لذلك الشرطي. وأضافت «نريد أن نرى اعتقال عناصر (الشرطة) الآخرين (المتورطين) في القضية.. الألم الذي يشعر به مجتمع السود حيال هذه الجريمة وما تعكسه بشأن طريقة التعامل مع السود قاس ويفيض في شوارع أمريكا»... وقالت إنهم يأملون بتوجيه اتهام أشد إليه، إضافة إلى أن يشمل التحرك القانوني بقية عناصر الشرطة المتورطين باعتقال جورج ومقتله.
وقال المدعي العام فريمان إن رجال الشرطة الثلاثة الآخرين الذين كانوا موجودين عند مقتل فلويد يخضعون للتحقيق، ويتوقع توجيه اتهامات إليهم.وتم فصل الأربعة من الشرطة بعد ظهور شريط فيديو اعتقال جورج ومقتله.
وأعلن الرئيس دونالد ترامب أنه تحدث إلى عائلة فلويد، وقال في البيت الأبيض «أتفهم الألم»، مضيفا «عائلة جورج لها الحق في العدالة».
ومن ناحية أخرى، قال محامو الأسرة إن تشريح الجثة الذي تم بتكليف من عائلة فلويد وجد أنه توفي اختناقاً جراء ضغط على الرقبة والظهر. هذا يميزه عن تشريح الجثة الرسمي، الذي قال إنه مات من آثار التقييد إلى جانب مشاكل صحية كامنة ومسكرات محتملة في نظامه. ولم يجد شيئاً «لدعم تشخيص الاختناق المؤلم أو الخنق».
تم إجراء تشريح الجثة الثاني من قبل طبيب قام أيضاً بفحص جثة إريك غارنر، رجل من نيويورك توفي جراء خنق ضابط له قبل 6 سنوات.
دعوة إلى السلام
دعا شقيق جورج فلويد المحتجين في المدن الأمريكية إلى ضرورة وقف أعمال العنف، محذرا من أن تطغى أعمال التخريب على ذكرى أخيه الراحل. حيث قال تيرانسفلويد في لقاءات تلفزيونية إن «المظاهرات العنيفة تمزق جميع أنحاء البلاد»، داعيا المحتجين إلى وقف هذا الأمر.وأكد أنه يتفهم غضب الناس، لكن الاحتجاجات المدمرة ستطغى على ذكرى أخيه، وقال «في بعض الأحيان أغضب وينتابني شعور بالجنون»، لكن جورج «كان محبا للسلام وستجدون الكثيرين يطلقون عليه لقب العملاق اللطيف».وأشار إلى أن «عائلة جورج تريد تحقيق العدالة، لكننا نوجه الغضب بطريقة أخرى فلا بأس أن تغضب، لكن وجه غضبك للقيام بشيء إيجابي، فالعنف وتدمير مدينتك ليسا الطريقة التي يريدها جورج».وتابع«نحن عائلته ولم نفعل ذلك».وقال: «تدمير مدينتك ليس ضروريا، ونحن عائلته (جورج) ولا نقوم بهذا، ونبحث عن طريق آخر للعدالة بإيجابية».وأكد تيرانس أن شقيقه كان معروفا بإيجابيته وهو ما يجب أن يتذكره به الناس، وليس أعمال العنف والشغب.
إحباط ترامب
ردا على الاحتجاجات وكطريقة لطمأنة الشعب الأمريكي والتعبير عن عدم خوفه، قام ترامب بإخبار مساعديه أنه يريد الظهور خارج بوابات مقر البيت الأبيض.وبعد أن أدلى ترامب بخطاب إلى الشعب الأمريكي، مساء الاثنين 1 من الشهر الجاري، من حديقة الورود في البيت الأبيض، تناول فيه أعمال العنف غير المسبوقة في عهده، قال الرئيس الجمهوري إنّه سيتوجّه إلى مكان «مميّز جداً جداً». وخرج ترامب من ساحة البيت الأبيض وتوجه سيرا، وسطحراسةأمنيةمشددة،إلى كنيسة القديس يوحنا، التي يطلق عليها اسم «كنيسة الرؤساء» والتي أضرم فيها محتجون النيران ليل الأحد 31 ماي.والتقط صورة أمام الكنيسة، التي سبقها استخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع لتطهير المنطقة من المتظاهرين السلميين، رافعا الكتاب المقدس، قائلا«لدينا دولة عظيمة».
وكانت قد انتشرت أنباء عن أنترامببعد اشتداد الاحتجاجات حول المقر الرئاسي،سارع مع عائلته إلى الاختباء تحت القبو، الشيء الذي أثار غضبه وكان دافعا له كذلك للسير إلى الكنيسةوالظهور في مكان الاحتجاجات.وتابع المصدر بالقول إن الرئيس الأمريكي أعرب عن إحباطه من أنه تم تصويره على أنه قلق من الاحتجاجات خارج البيت الأبيض واختبأ تحت الأرض في القبو المحصن، معتقداً أنه بدا ضعيفاً.
انتقادات المعارضة
اعتبر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أن وفاة فلويد يجب ألا تعتبر «أمرا عاديا» في الولايات المتحدة.
وأصدر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بيانا بشأن الاحتجاجات، داعيا المتظاهرين إلى «توجيه غضبنا المبرر إلى عمل سلمي ومستدام وفعال». وقال أول رئيس أمريكي من أصول إفريقية إنه يتعين على المواطنين أن يرفعوا الوعي بشأن الظلم، بما في ذلك من خلال الاحتجاجات، وأن يقوموا بترجمة هذا الوعي إلى زيادة الإقبال في الانتخابات وانتخاب «مسؤولين حكوميين يستجيبوا لمطالبنا».
واعترف أوباما بأن المظاهرات جاءت ردا على قضايا عالقة منذ فترة طويلة لم يتم حلها من جانب المسؤولين الذين تم انتخابهم، مدينا في الوقت نفسه أعمال العنف والنهب. وقال أوباما إن «موجات الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد تعبر عن إحباط حقيقي وشرعي إزاء الفشل المستمر على مدى عقود لإصلاح ممارسات الشرطة ونظام العدالة الجنائية الأوسع في الولايات المتحدة».
وأكد أوباما أن هناك حاجة إلى الاعتراف بالدور المستمر المؤدي للتآكل الذي تلعبه العنصرية في مجتمعنا» والقيام بإصلاحات لمعالجة هذا»، مشددا على الحاجة إلى تغير حقيقي». وأضاف أوباما «يجب علينا أن نتحرك لزيادة الوعي وعلينا أن ننظم أنفسنا وندلي بأصواتنا للتأكد من أننا ننتخب مرشحين يعملون على الإصلاح».
أما المرشح الديمقراطي المحتمل لانتخابات الرئاسة جو بايدن فدعا إلى تطبيق العدالة وإلى «قيادة حقيقية» للولايات المتحدة، متهما الرئيس دونالد ترامب بالتشجيع على العنف بعد تهديده باستخدام القوة العسكرية لإنهاء أعمال شغب في مدينة مينيابوليس.وأضاف بايدن أن غضب الأمريكيين السود وإحباطهم وإنهاكهم «لا يُنكر»، وإن البلاد تحتاج إلى مواجهة «جرحها العميق المفتوح» المتعلق بالعنصرية.وقال مشيرا إلى ترامب«هذا ليس وقت التغريدات الملتهبة، إنه ليس وقت التشجيع على العنف».وأضاف «هذه أزمة وطنية، ونحتاج إلى قيادة حقيقية في الوقت الحاضر، قيادة تأتي بالجميع إلى المائدة ليكون بإمكاننا اتخاذ إجراءات لاجتثاث العنصرية المنظمة».
وجاء حديث بايدن تعليقا على تغريدةلترامب قال فيها إنه لا يمكنه السماح بانزلاق الوضع في مينيسوتا للفوضى، ولا ينبغي السماح للنهب بأن يفسد التظاهر السلمي.
تضامن الشرطة
انتشرت مقاطع فيديو كثيرة تظهر تعامل أفراد الشرطة العنيف مع المتظاهرين باستخدام الهراوات والغاز والرصاص المطاطي، إلا أن بعضهم أعلن تضامنه مع المتظاهرين ومطالبهم مؤخرا.
وأعلن أحد أفراد الشرطة في مدينة فلينت بولاية ميشيغان أنه يتضامن مع مطالب المظاهرين المناهضة للعنصرية، قائلا إنه خلع خوذته ويريد أن تتحول الاحتجاجات إلى مسيرات،فطالبه الجمهور بأن ينضم إليهم ففعل ذلك.
وساعد بعض من أفراد الشرطة في مدينة كامدين بولاية نيوجيرسي المتظاهرين في حمل اللافتات، وانضموا إلى الحشود التي تقول:«لا عدالة، لا سلام».
وفي مدينة سانتا كروز بولاية كاليفورنيا انحنى قائد الشرطة على ركبتيه مع بقية أفراد الشرطة بالمدينة وغردت الإدارة قائلة «في ذكرى جورج فلويد، نلفت الانتباه إلى عنف الشرطة ضد السود».
وصوّر ضابطا شرطة في مدينة كانساس بولاية ميسوري، أحدهما أبيض والآخر أسود، وهما يحملان لافتة مكتوبا عليها «إنهاء وحشية الشرطة».
وفي مدينة فارغو، بولاية داكوتا الشمالية، شوهد ضابط يمسك بيد أحد منظمي الاحتجاج، وهو يحمل لافتة كتب عليها «نحن من جنس واحد، الجنس البشري».
كما شارك الضباط في مدينة فيرغسون، بولاية ميسوري، في حركة ركوع على الركبة لمدة تسع دقائق ونصف في ذكرى فلويد، وسط اندلاع الهتافات من الحشود.وتكرر المشهد أيضا في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون.
احتجاجات عالمية
زاد الغضب العالمي بسبب الوحشية التي قُتل بها فلويد، وسلط الضوء من جديد على تنامي العنصرية والتمييز في الولايات المتحدة التي ترى في نفسها المدافعة عن حقوق الإنسان حول العالم.
ففي شوارع لندن وتورونتو، وفي أروقة السلطة في أديس أبابا وبكين، اندلعت مجموعة واسعة من الانتقادات إلى جانب الاضطرابات في الولايات المتحدة بشأن وفاة فلويد، الذي قُتل الأسبوع الماضي بعد أن قيّده ضابط شرطة أبيض وثبّته على الأرض.
ففي فانكوفر بكندا خرج الآلاف من المتظاهرين في الشوارع يحملون لافتات كُتب عليها «حياة السود مهمة». وفي برلين نشرت الصحف صوراً لديريك تشوفين ضابط الشرطة السابق المتهم بقتل فلويد والذي وصفته بـ«الشرطي القاتل الذي أحرق أمريكا». أما في لبنان فغمر الناشطون مواقع التواصل الاجتماعي برسائل دعم للمحتجين في الولايات المتحدة.
آراء دولية
قالت الصين بشأن مقتل المواطن من أصل إفريقي جورج فلويدإن العنصرية «مرض مزمن في المجتمع الأمريكي» واعتبرت أن الاضطرابات تظهر «خطورة مشكلتي العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة»، بحسب تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية تجاوليجيان، في مؤتمر صحافي روتيني في بكين.ودعا الإدارة الأمريكية الحالية إلى «القضاء على التمييز العنصري، وحماية حياة السود» في الولايات المتحدة، لافتا إلى أن العنصرية «مرض مزمن في المجتمع الأمريكي».
وأضاف المتحدث أنه يتعين على الولايات المتحدة حل هذه القضايا وأيضا حماية الحقوق القانونية للأقليات، معتبرا أن الاضطرابات تظهر «خطورة مشكلتي العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة».
وأشار المتحدث ذاته إلى أن «قادة دول إفريقية أدانوا بشدة» وفاة جورج فلويد، وأن الصين «مستعدة للوقوف مع هذه الدول لمعارضة أعمال التمييز والخطاب البغيض».
ومن جهتها،دعت وزارة الخارجية الإيرانية واشنطن إلى «وقف العنف» ضد شعبها إثر التظاهرات التي عمت مختلف أنحاء الولايات المتحدة احتجاجا على وفاة المواطن الأسود جورج فلويد أثناء توقيفه.
وقال المتحدث باسم الوزارة عباس موسوي، خلال مؤتمر صحافي في طهران، متوجها إلى الشعب الأمريكي،«لقد سمع العالم صوت مظلوميتكم ويقف إلى جانبكم». وأضاف مخاطبا المسؤولين الأمريكيين والشرطة «أوقفوا العنف ضد شعبكم ودعوهم يتنفسون».
شبكة «أنتيفا» منظمة إرهابية
اتهم ترامب مجموعة من المتظاهرين بأنهم «مجرمون يساريون متطرفون»، متهماً شبكة «أنتيفا» وهي مجموعة تروج للفوضى المسلحة، بالوقوف وراء الاضطرابات التي أثارها مقتل فلويد.قائلا إن الولايات المتحدة ستصنف مجموعة «أنتيفا» اليسارية منظمة إرهابية.وغرَّد ترمب عبر تويتر إن «الولايات المتحدة ستصنِّف أنتيفا منظمة إرهابية»، من دون إضافة المزيد من التفاصيل.
ويتركز نشاط المنظمة في الساحل الغربي للولايات المتحدة، وينتمي أعضاؤها إلى تيارات سياسية مختلفة مثل الاشتراكية والشيوعية والليبرالية والديمقراطية الاجتماعية.
وقال وزير العدل الأمريكي وليام بار، إن «متعصبين ومحرضين مندسين» اختطفوا احتجاجات في المدن الأمريكية على وفاة الرجل.وأضاف، في بيان مصور: «مجموعات من المتعصبين والمحرضين المندسين يستغلون الوضع لمواصلة تنفيذ أجندتهم المنفصلة التي تتسم بالعنف«.
وقال مدير إدارة السلامة العامة في مينيسوتا جون هارينغتون، في مؤتمر صحفي،إن نحو 20 بالمائة من الاعتقالاتكانت لأشخاص جاؤوا من خارج الولاية، رغم أنه لم يحصر بعد إجمالي الاعتقالات.
وليست هذه المرة الأولى التي يصف فيها ترمبأنتيفا بالجماعة الإرهابية، كما أدلى سياسيون محافظون آخرون مثل عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، تيد كروز بتصريحات مماثلة.
ولم يتضح عدد المحتجين المشاركين في المظاهرات في أنحاء البلاد من أنتيفا أو إذا كان أي من أعضائها مشاركا من الأصل.
كما لم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة ترامب تسعى بجدية لإدراج أنتيفا في هذا التصنيف عبر القنوات الرسمية أم لا، إذ سيتطلب ذلك التنسيق مع أجهزة اتحادية عدة.
موجة ثانية من كوفيد 19
في ظل الاحتجاجات الحاشدة ضد وحشية الشرطة الأمريكية، والتي أخرجت آلاف الأشخاص من منازلهم إلى الشوارع فى المدن في جميع أنحاء البلاد،بدأت مخاوف بشأنشبح تفشي جديد لكورونا، ما دفع القادة السياسيين والآباء وخبراء الصحة العامة إلى التحذير من أن الحشود يمكن أن تتسبب في زيادة الحالات.
وبينما أكد العديد من القادة السياسيين على حق المتظاهرين في التعبير عن أنفسهم، فقد حثوا المتظاهرين على ارتداء أقنعة الوجه والحفاظ على التباعد الاجتماعى لحماية أنفسهم ومنع المزيد من الانتشار المجتمعى للفيروس.
هذا وتوفي أكثر من 100 ألف أمريكي بالفعل بسبب كوفيد 19، وكان غير البيض أكثر الناس تضررا في الولايات المتحدة، حيث تجاوزت معدلات العلاج بالمستشفى والوفيات بين الأمريكيين السود نظراءهم من البيض.
ويحدث التدفق العفوي للاحتجاجات، حيث بدأت العديد من الولايات بحذر في إعادة فتح أبوابها بعد أسابيع من أوامر البقاء في المنزل مع وجود ملايين العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة، وتخضع المطاعم والمدارس والشواطئ والمنتزهات للتدقيق حيث يمارس الجمهور مبدئيا أشكالا جديدة من التباعد الاجتماعي.
وفي لوس أنجلوس، التي أدت المظاهرات فيها إلى إغلاق مراكز اختبار كورونا، حذر عمدة المدينة إريك جارسيتيمن أن الاحتجاجات يمكن أن تصبح أحداثا فائقة الانتشار، في إشارة إلى أنواع من التجمعات، والتي عادة ما تعقد في جلسات داخلية، والتي يمكن أن تؤدي إلى انفجار للعدوى الثانوية.