بعد أن خرجت مظاهرات حاشدة مؤيدة لترامب وداعمة للدعاوى القضائية التي رفعها ضد الفريق الديموقراطي متهما إياه بالتزوير في الانتخابات الرئاسية، ومدعيا امتلاك أدلة جديدة دامغة تثبت صحة كلامه، فاجأه محاموه الذين انتدبهم للطعن في النتائج بالانسحاب قبل الجلسة الاستماع الرئيسية. فيما يدعو جو بايدن، الرئيس المنتخب، إدارة ترامب بالمضي قدما في الإجراءات اللازمة ليطلع على الأوراق التي تخول له التصرف في حل أزمة كورونا وإنعاش الاقتصاد الأمريكي الراكض.
مهاجمة المظاهرات المعارضة
دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشرطة إلى القيام بعملها، حيث هاجم المظاهرات المعارضة له التي خرجت في شوارع العاصمة واشنطن لمهاجمة الملايين من مؤيديه، وسخر من مسيرة جماعة اليسار المتطرف "أنتيفا" الذين وصفهم بالحثالة، على حد وصفه. وقال ترامب إن متظاهري "أنتيفا" انتظروا حتى نهاية المسيرة لمهاجمة "كبار السن والعائلات"، مشيدا بمؤيديه الذين "قاوموا بقوة".
وكتب الرئيس الأمريكي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أن "حثالة أنتيفا اضطروا للهروب عندما حاولوا مهاجمة مؤيدي ترامب، لأن أنصاري ردوا بقوة". وأضاف: "انتظرت أنتيفا حتى الليل عندما انصرف 99%، لمهاجمة مؤيدي (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا)، شرطة العاصمة تحركوا وقوموا بعملكم، ولا تتراجعوا".
وأشار ترامب إلى مشاجرة ضخمة اندلعت على بعد 5 كلمترات من البيت الأبيض حيث اشتبك المتظاهرون المعارضون مع مجموعات ممن يسمون "الأولاد الفخورون" وأنصار ترامب.
واستمرت المشاهد الفوضوية لعدة دقائق، حيث كانت المجموعتان تستخدمان الهراوات وتدفعان بعضهما البعض حتى تدخل رجال الشرطة. وفي وقت سابق، شوهد المتظاهرون المناهضون لترامب وهم يلقون الألعاب النارية والزجاجات على معجبيه أثناء تناولهم العشاء خارج مطعم، مع قيام أحد مؤيدي ترامب بإلقاء كرسي ردا على ذلك بعد انفجار الألعاب النارية بجانبه.
واندلع العنف مع تدفق عشرات الآلاف من مؤيدي ترامب إلى العاصمة الأمريكية لدعم معركة الرئيس القضائية الطويلة بسبب رفضه الاعتراف بالهزيمة في انتخابات الرئاسة التي جرت في يوم "الثلاثاء الكبير" 3 نونبر.
وأوقفت الشرطة الأمريكية 20 شخصا على الأقل في المظاهرات. وطعن شخص من ذوي البشرة السوداء بسكين، وأصيب شرطيين اثنين.
انسحاب المحامون
وفي مفاجأة لترامب، قرر 3 محامين يمثلون حملة ترامب الانسحاب من الدعوى، التي رفعها على نتائج الانتخابات في ولاية بنسلفانيا، مما أدى إلى زعزعة فريقه القانوني قبل جلسة استماع رئيسية في المحكمة. وهؤلاء المحامون هم: ليندا كيرنز وجون سكوت ودوغلاس بريان هيوز، وقد قدموا طلب الانسحاب للمحكمة، الاثنين، وقالوا إن الحملة وافقت على انسحابهم.
وفي قرار موجز، سمح القاضي الذي ينظر في القضية بانسحاب سكوت وهيوز؛ لكنه لم يسمح لكيرنز. وانضم المحامي مارك سكارينجي إلى القضية، وسيكون المستشار الرئيسي لترامب، وطلب سكارينجي من القاضي تأجيل جلسة الاستماع المقررة الثلاثاء 17 من الشهر الجاري، قائلا إنه وشريكه "يحتاجان إلى وقت إضافي للاستعداد بشكل مناسب"، وسرعان ما رفض القاضي الطلب.
وجاء انسحاب المحامين الثلاثة بعد أيام من انسحاب شركة المحاماة الشهيرة "بورتر رايت موريس آند آرثر" (Porter Wright Morris&Arthur) من القضية.
انتقال سلس للسلطة
تعهد مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي روبرت أوبراين بانتقال سلس للسلطة إلى إدارة جديدة يقودها الرئيس المنتخب جو بايدن. ويعكس هذا التصريح، اعتراف أوبراين بخسارة دونالد ترامب، الذي يرفض الإقرار بهزيمته في الانتخابات الرئاسية. وقال أوبراين الذي يتولى تنسيق شؤون الأمن القومي في البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة شهدت عمليات انتقال سلمية وناجحة للسلطة حتى في أحلك الفترات". وأَضاف في مؤتمر عبر الفيديو لمنتدى الأمن العالمي إذا تأكد فوز الثنائي بايدن وهاريس، ومن الواضح أن الأمور ذاهبة في هذا الاتجاه حاليا، سيحصل انتقال احترافي للغاية في مجلس الأمن القومي، لا شك في ذلك.
وقال أوبراين إن لدى بايدن ونائبته كامالا هاريس "أشخاصا احترافيين للغاية" قادرين على تولي زمام الأمور، وإنه سيلتزم الصمت بعد التنصيب. وأضاف "يستحقون بعضا من الوقت؛ لكي يستعدوا ويضعوا سياساتهم.. قد تكون بيننا تباينات سياسية".
وبدا أن أوبراين، المحامي الجمهوري الذي تولى سابقا شؤون الرهائن، يعترف بنتائج الانتخابات لدى تطرقه إلى الجهود المبذولة للإفراج عن المصور الصحافي الأميركي أوستن تايس المفقود في سوريا.
وقال أوبراين "نبذل كل ما بوسعنا لاستعادة أوستن"، مضيفا أن الرئيس يريد أن يراه قبل أن يترك منصبه.
المعسكر الجمهوري يعترف
وتتوالى تصريحات من شخصيات بارزة في المعسكر الجمهوري تدعو ترامب للاعتراف بالهزيمة، وتؤكد أنه لم تتضح أي أدلة على حدوث تزوير يذكر.
حيث قال لاري هوغان، الحاكم الجمهوري لولاية ميريلاند، في لقاء تلفزيوني إن ترامب خسر الانتخابات، وإن الوقت قد حان ليقبل أن بايدن هو الرئيس المنتخب، وأنه حقق نصرا ساحقا، وأضاف "غدا سيكون قد مضى أسبوعان (على الانتخابات)، وبما أننا لم نر أي شيء (يدل على التزوير) فقد حان الوقت.. المزيد من المؤيدين لترامب ومن أصدقائه المقربين يقدمون له هذه النصيحة؛ لكنه لا ينصت".
ومن جهته، قال جيف دنكان، نائب الحاكم الجمهوري لولاية جورجيا، إنه لا توجد أدلة بشأن حدوث تزوير واسع النطاق في انتخابات الولاية، مضيفا في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN)، أن جو بايدن حتى الآن هو الرئيس المنتخب للولايات المتحدة.
إلا أن ترامب ما يزال مصرا على أنه الفائز في الاستحقاق زاعما حصول تزوير واسع النطاق من دون أن يقدم أي دليل على ذلك، على الرغم من أن التقديرات الحالية تعطي بايدن تقدما لا يمكن تعويضه في ولايات حاسمة، وتقدما كبيرا على صعيد التصويت الشعبي.
وقال ترامب في تغريدة على تويتر إن شركة "دومينيون" قامت بإدارة انتخابات مزورة، وذكر في تغريدة أخرى أن إعادة الفرز "الوهمية" الجارية في ولاية جورجيا لا تعني شيئا؛ لأنهم لا يسمحون بالنظر في التوقيعات والتحقق منها، حسب تعبيره.
وقد وضع موقع تويتر إشارة على بعض تغريدات ترامب الأخيرة باعتبارها قد تتضمن معلومات مضللة.
وباء كورونا
وحذر الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدنمن عواقب وخيمة إذا استمر الرئيس دونالد ترامب وإدارته في رفض التنسيق مع فريقه الانتقالي بشأن جائحة فيروس كورونا الجديد، ومنع الإحاطة بشأن الأمن القومي، وقضايا السياسة، وخطط اللقاحات.
وتُعدّ هذه التصريحات الأشد صرامة من جانب بايدن حتى الآن بشأن عدم اعتراف ترامب بخسارته في الانتخابات، والتعاون مع الإدارة القادمة من أجل انتقال سلمي وسلس للسلطة، حيث قال، خلال مؤتمر صحافي في مدينة ويلمنغتون بولاية ديلاوير، "قد يموت المزيد من الأميركيين إذا لم ننسق". ووصف بايدن توزيع اللقاحات بال "مشروع الضخم"، وقال إنه إذا اضطر فريقه إلى الانتظار حتى يتولى منصبه للبحث في خطة التوزيع الحكومية، فسيكونون "متأخرين أكثر من شهر ونصف".
وأوضح بايدن خططه لتقليل عدم المساواة، وتعزيز الاقتصاد الأميركي، لكنه قال إن أي إصلاحات هيكلية تعتمد أولاً على وقف انتشار الوباء، وتقديم المزيد من الإغاثة الفورية. وقال "بمجرد القضاء على الفيروس، وتقديم الإغاثة الاقتصادية للعمال والشركات، يمكننا البدء في إعادة البناء بشكل أفضل من ذي قبل". وشدد بايدن ومساعدوه، ومجموعة صغيرة ومتنامية من الجمهوريين، على أهمية إطلاعهم على جهود البيت الأبيض للسيطرة على الوباء، وتوزيع اللقاحات المحتملة.
وتعمل إدارة ترامب على خطة توزيع خاصة بها، بينما أشار مساعد لبايدن إلى أن فريقه الانتقالي سيواصل التخطيط الخاص به بشكل منفصل بسبب العراقيل التي يواجهها.
وبدورها، قالت السناتور سوزان كولينز، الجمهورية من ولاية ماين، "من الأهمية بمكان أن يتمتع الرئيس المنتخب وفريقه بإمكانية الوصول الكامل إلى الخطط الخاصة بتوزيع اللقاحات". وأضافت "ليس بالأمر السهل توزيع اللقاحات، لذلك من الضروري للغاية بالنسبة للصحة العامة توضيح كل الخطط التي وضعت، والتي يجب أن توضحها الإدارة للإدارة الجديدة".
ودعت مجموعة أكبر من الجمهوريين في الكونغرس إدارة ترامب للسماح لبايدن بالبدء في تلقي معلومات وإحاطات خاصة بالأمن القومي.ورفض الرئيس المنتهية ولايته حتى الآن الانصياع لضغوط الديمقراطيين أو الجمهوريين.
إنعاش القطاع الاقتصادي
قال بايدن إنه يريد إعادة الاقتصاد الأمريكي إلى سكته وإعادة فتحه بشكل آمن ومسؤول، مشيرا إلى أن هناك وظائف يتهددها التلاشي لذلك لابد من توفير حزمة مساعدات للمساهمة في تعافي قطاعات عدة. وأضاف إنه علينا توفير التمويل الضروري للإبقاء على الأبطال الذين يعملون في الخطوط الأمامية. وشدد على أنه ينبغي "أن نجمع الديمقراطيين والجمهوريين تحت سقف واحد ونبدأ العمل لنسهم في تعافي الاقتصاد".
من جهتها، قالت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إنها شهدت خلال الأشهر الماضية مع الرئيس المنتخب آثار أزمة كورونا على القطاع الاقتصادي، وأضافت "عندما نقول إننا فزنا بالانتخابات فهذا يعني أن العمل الحقيقي من أجل هزيمة كورونا يبدأ الآن".
وبشأن الرسالة التي يوجهها للجمهوريين المترددين؛ قال بايدن "رسالتي لهم هي أنني سأعمل معكم، أدرك أن الكثير من تحملكم وترددكم مرتبط بالرئيس ترامب، وأنا على تواصل بالعديد منهم".