هكذا أقبرت دعوات محاكمة الجيش على مقتل 500 جزائري - تيلي ماروك

جزائر هكذا أقبرت دعوات محاكمة الجيش على مقتل 500 جزائري

هكذا أقبرت دعوات محاكمة الجيش على مقتل 500 جزائري
  • 64x64
    Télé Maroc
    نشرت في : 27/12/2021

آلاف الجرحى وخمسمائة جزائري فقدوا حياتهم في أحداث الخامس من أكتوبر 1988. 
هذه الحصيلة الثقيلة لم تسفر عن أي تحول سياسي لصالح الجزائريين بقدر ما نتج عنها تعزيز للوجود العسكري بدعوى نشر «الأمن» والعمل على عدم تكرار ما وقع. 
لم يُفتح تحقيق جاد في الموضوع، لكن الذين عاشوا في قلب الحدث وتحدثوا عنه لاحقا في جلسات «الثرثرة» أكدوا أن الأحداث العنيفة كلها كانت مفبركة، والهدف منها كان الحصول على الشرعية لقتل المتظاهرين. 


قانون الصمت
يقول هشام عبود: «أول من يجرؤ على المطالبة بمحاكمة الرئيس الشاذلي، والجنرال بتشين ونزار أمام محكمة شعبية على جرائمهم، سوف يتم التعامل معه على أساس أنه عميل لصالح فرنسا، وسوف ينتهي «خائنا للأمة». هذه الجرائم سوف تتم تغطيتها كالعادة بقانون الصمت». 
هذا القانون الثقيل الذي يعرف الجنرالات الجزائريون جيدا كيف يستعملونه أكثر مما يعرفون كيف يُستعمل السلاح. 
كان الجيش الجزائري أمام مشكل حقيقي يتعلق بتبرير المصاريف الضخمة التي تخصص لميزانية الجيش رغم أن البلاد ليست في حرب. 
تمويل جبهة البوليساريو بطريقة سرية كان من المهام العسكرية التي استنزفت أموال الجزائريين وأدخلت البلاد في موجة فقر وبطالة غير مسبوقة. ولم يكن الجزائريون يملكون حق التذمر. إذ قبل اتفاق وقف إطلاق النار في بداية التسعينيات بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية، كان الجيش الجزائري يوجه جزءا مهما من طاقته العسكرية لدعم البوليساريو دون الرجوع إلى الحكومة الجزائرية ولا إلى البرلمان. وكان الأمر يتم على طريقة العصابات. يقول هشام عبود إن هذا الاستنزاف المالي الذي تسبب فيه الجيش وضع رؤساءه في حالة محرجة، إذ إنهم كانوا يصرفون الملايين بينما الجيش كان في حالة جمود. 
ومن الأكاذيب التي روجها الجنرال نزار وحمروش وبتشين، الذين اشتغل هشام عبود إلى جانبهم عن قرب، مشرفا على دواوينهم، ما يتعلق بجاهزية الجيش للدفاع عن الجزائر. 
الأمر كان واضحا جدا، الجيش الجزائري لم يكن في حالة تأهب ولا استعداد للدفاع عن البلاد ضد أي اعتداء. إذ كان الجنرالات ينعمون بالعطل والسفريات، بينما الجنود كانوا يعانون الأمرّين في الثكنات ويعيشون بإيرادات متواضعة جدا من المُخجل أن تكون مخصصة لجيش بلد يحكمه العسكر لا المدنيون. 

بعض الرؤوس
كان لزاما على النظام الجزائري التضحية ببعض الرؤوس عندما انتهت الأحداث، أولا لامتصاص الغضب الشعبي، وثانيا لإخلاء الجو، حتى لا يوجد في تيار المنبطحين لإرادة الجنرالات، من يريد السباحة عكس التيار. 
يقول هشام عبود: «عقب أعمال الشغب، عادت الأمور إلى طبيعتها المعتادة. مع فرق أن الشارع واصل الضغط على السلطة في مظاهرات احتجاجا على الاعتداءات والتعذيب التي كان يذهب ضحيتها المتظاهرون. 
كانت الفرصة مناسبة جدا ومثالية لإبعاد الجنرال لكحل عياط، وتحويله إلى كبش فداء. رغم ذلك، كان هناك الآلاف الذين استنكروا التعذيب الذي مورس في مخافر الشرطة. وكان بوزبيد، المدير العام للأمن الوطني، ومعه الخضيري، وزير الداخلية، محميين جدا وبعيدينعن الانتقاد. 
أما الجنرال بتشين، الذي حمى نفسه جيدا، فلميكن مكترثاعلى الإطلاق بما يقع. 
أطيح بمزيد من الرؤوس لاحتواء الغضب الشعبي. رؤوس بعض المسؤولين في عضوية الكتابة العامة الدائمة لجيش التحرير الوطني، مثل محمد شريف مسعادية. قال له الرئيس الشاذلي:
-سي محمد شريف، هذه الأوقات التي نمر بها عصيبة. وأنت متعب، يجب عليك أن تذهب.  
فأجابه شريف بالطريقةنفسها: 
-لا يا سيدي الرئيس، أنا دائما بجانبك. لن أتركك لوحدك في هذه الفترة العصيبة. أنا دائما مستعد للتضحية من أجل الثورة. 
 


إقرأ أيضا