قدم الرئيس بوتين العديد من الحجج الخاطئة أو غير العقلانية، حيث ادعى أن هدفه من العملية العسكرية هو حماية الأشخاص الذين «يتعرضون للتنمر والإبادة الجماعية»، وأنه يسعى إلى «نزع السلاح والأفكار النازية» من أوكرانيا.
لم تكن هناك إبادة جماعية في أوكرانيا وهي ديمقراطية نابضة بالحياة يقودها رئيس يهودي. «كيف يمكن أن أكون نازيا؟» قال فولوديمر زيلينسكي، الذي شبه هجوم روسيا بغزو ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. كثيرا ما ردد الرئيس بوتين اتهامه بأن المتطرفين سيطروا على أوكرانيا، منذ الإطاحة برئيسها الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، عام 2014 بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه. وردت روسيا على ذلك بالسيطرة على منطقة القرم الجنوبية ودعم تمرد في الشرق من قبل الانفصاليين الموالين لموسكو الذين قاتلوا القوات الأوكرانية في حرب أودت حتى الآن بحياة 14 ألف شخص.في أواخر عام 2021، بدأ بوتين بنشر أعداد كبيرة من القوات الروسية بالقرب من حدود أوكرانيا. ثم ألغى اتفاق سلام أبرم عام 2015 في الشرق واعترف بالمناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين على أنها مناطق مستقلة. لطالما قاومت روسيا تحرك أوكرانيا نحو الاتحاد الأوروبي وتحالف الناتو. ولدى إعلانه للعملية العسكرية في أوكرانيا، اتهم بوتين الناتو بتهديد «مستقبلنا التاريخي كأمة».
وأعلن بوتين أن محاولات بلاده للتفاوض مع الولايات المتحدة وحلفائها، حول مبادئ الأمن وعدم توسيع حلف شمال الأطلسي، أثبتت فشلها.
نوايا بوتين
في الوقت الحالي، ليس من الواضح ما إذا كان الزعيم الروسي يسعى للإطاحة بحكومة أوكرانيا المنتخبة ديمقراطيا. ورفض الكرملين التصريح حول هذا الأمر، على الرغم من اعتقاده أن السيناريو المثالي يستوجب «تحرير أوكرانيا وتطهيرها من النازيين». ومع ذلك، عبر دخول قواته من بيلاروسيا وبالقرب من خاركيف في الشمال، يرسل بوتين إشارة مفادها أن أهدافه تتجاوز المناطق الشرقية التي ضربتها ثماني سنوات من الحرب. في الأيام التي سبقت الغزو، عندما كان ما يصل إلى 200 ألف جندي روسي على مقربة من حدود أوكرانيا، ركز بوتين اهتمامه على الشرق، لكنه بالاعتراف بالدويلات الموالية لروسيا في لوهانسك ودونيتسك كدولتين مستقلتين، كان قد قرر بالفعل أنهما لم تعودا جزءا من أوكرانيا، ثم كشف أنه يؤيد مطالب الانفصاليين بمزيد من الأراضي الأوكرانية.
وفي الوقت نفسه، دعا بوتين جنود الجيش الأوكراني إلى عدم تنفيذ «الأوامر الإجرامية» وإلقاء أسلحتهم على الفور والعودة إلى ديارهم، ومن يفعل ذلك سيتمكن من مغادرة منطقة القتال بحرية والعودة إلى دياره وأسرته.
الخسائر المعلنة
في ثاني أيام العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلن طرفا الصراع عن تكبيد بعضهما البعض خسائر ما بين قتلى وجرحى وتدمير دبابات وعتاد دفاعية أخرى.
وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أنها دمرت أكثر من 30 دبابة روسية، و7 طائرات وست مروحيات، وأضافت الوزارة أنها أسقطت نحو 800 من القتلى والمصابين بين القوات الروسية منذ بدء العمليات العسكرية. وكشف وزير الدفاع البريطاني أن عدد القتلى من الجيش الروسي بلغ 450 جنديًا على الأقل، منذ بدء العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية.
بينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم الجمعة الماضي، أنه تم تعطيل 118 هدفا من عناصر البنية التحتية فى أوكرانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيجور كوناشينكوف، أنه تم إسقاط 5 طائرات، ومروحية واحدة و5 طائرت مسيرة، كما تم تدمير «18 دبابة، وعدد من المدرعات الأخرى، و7 راجمات صواريخ، و41 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة، و5 زوارق».
العقوبات على روسيا
أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن بلاده فرضت عقوبات جديدة على روسيا تستهدف «دينها السيادي ونخبتها»، معترفا بأن هذه الإجراءات ستضرب كذلك اقتصاد بلاده، متعهدا في الوقت ذاته باتخاذ إجراءات لحمايته خاصة في ظل ارتفاع محتمل لأسعار الطاقة.
وأوضح بايدن أن بلاده تفرض 4 مجموعات من الإجراءات التقييدية ضد روسيا ستدخل حيز التنفيذ الأربعاء، تشمل «عقوبات حظر كاملة» بحق مؤسسة «VEB» الروسية وبنكها العسكري، وتطبيق «عقوبات شاملة على الدين السيادي الروسي».
ولفت إلى أن الإجراءات الجديدة ستستهدف «النخبة الروسية وأفراد عائلاتهم». كما أشار إلى أن المجموعة الرابعة من العقوبات ستكون موجهة ضد مشروع «السيل الشمالي 2» وسيتم تطبيقها بالتنسيق مع ألمانيا.
أما عقوبات الاتحاد الأوروبي فطالت 27 شخصا وكيانا روسيا، وتم فرض العقوبات أيضا على 351 نائبا في مجلس الدوما الروسي، صوتوا لصالح الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين. وتنص العقوبات أيضا على منع روسيا من الوصول إلى السوق المالية الأوروبية.
وقد اتفق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلفاؤهما على عزل عدد من البنوك الروسية عن نظام الدفع الدولي الرئيسي سويفت.
كما سيتم تجميد أصول البنك المركزي الروسي، ما يحد من قدرة روسيا على الوصول إلى احتياطياتها الخارجية.
وقال بيان مشترك إن النية هي "زيادة عزلة روسيا عن النظام المالي الدولي".
وتعتمد روسيا بشكل كبير على نظام سويفت في صادراتها الرئيسية من النفط والغاز.
وتعد العقوبات المشتركة أقسى إجراءات فرضت حتى الآن على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وفي اليابان، تنص عقوباتها على حظر الصادرات من جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتجميد أصول المسؤولين فيهما، وحظرت إصدار التأشيرات لممثليهما.
وكذلك فرضت طوكيو عقوبات تتعلق بالديون السيادية وتنص على حظر تداول سندات روسية جديدة في اليابان.
تدابير صارمة على المؤسسات الروسية
أدان قادة المفوضية الأوروبية، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وكندا، والولايات المتحدة، في بيان مشترك، الحرب التي اختارها بوتين والهجمات على دولة وشعب أوكرانيا ذات السيادة. واعتبر البيان حرب روسيا اعتداء على القواعد والمعايير الدولية الأساسية التي سادت منذ الحرب العالمية الثانية، متوعدا بمحاسبة روسيا.
وأعلن القادة أنفسهم أنهم فرضوا، مع حلفائهم وشركائهم الآخرين في جميع أنحاء العالم، تدابير صارمة على المؤسسات الروسية الرئيسية والبنوك، وعلى مهندسي هذه الحرب، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومن الإجراءات التي أشار إليها البيان: إزالة البنوك الروسية المختارة من نظام رسائل SWIFT لفصلها عن النظام المالي الدولي وإلحاق الضرر بقدرتها على العمل على مستوى العالم.
ومنع البنك المركزي الروسي من نشر احتياطياته الدولية بطرق تقوض تأثير العقوبات.
والعمل ضد الأشخاص والكيانات التي تسهل الحرب في أوكرانيا والأنشطة الضارة للحكومة الروسية. وشدد البيان نفسه "على وجه التحديد، نلتزم باتخاذ إجراءات للحد من بيع الجنسية - ما يسمى بجوازات السفر الذهبية - والتي تتيح للأثرياء الروس المرتبطين بالحكومة الروسية أن يصبحوا مواطنين في بلداننا ويتمكنون من الوصول إلى أنظمتنا المالية".
ومن بين الإجراءات كذلك "إطلاق فريق عمل عبر الأطلسي هذا الأسبوع يضمن التنفيذ الفعال لعقوباتنا المالية من خلال تحديد وتجميد أصول الأفراد والشركات الخاضعة للعقوبات والموجودة ضمن ولاياتنا القضائية".
وفي ظل هذه التهديدات وتصريحات قادة الدول في ما يخص العقوبات ضد روسيا، أكدت الأخيرة بدورها أن هذه العقوبات لن تغير من السياسة الخارجية الروسية.
واعتبرت الخارجية الروسية إن هذه العقوبات غير شرعية، وهي منذ مدة طويلة أداة بيد الغرب ضد روسيا من أجل إعاقة تطورها.
وجاءت آخر تصريحات الرئيس الروسي، بوتين، ردا على العقوبات الأمريكية والغربية على بلاده، بسبب الموقف الروسي من أوكرانيا، والاعتراف بضم جمهوريتي دونيستك ولوغانسك، لتؤكد عزمه على المضي قدما في مواقفه تجاه أوكرانيا والغرب. وأكدت تصريحات بوتين الأخيرة أن مصالح روسيا وأمنها غير قابلة للتفاوض.
أوكرانيا تركت وحدها
أعرب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن أسفه لأن كييف «تُركت وحدها» في مواجهة الجيش الروسي الذي بدأ الخميس غزو بلاده.
وقال زيلينسكي، في خطاب عبر الفيديو نُشر على حساب الرئاسة الأوكرانية، «لقد تركنا وحدنا للدفاع عن بلدنا»، مضيفا «مَن هو مستعدّ للقتال معنا؟ لا أرى أحدا».
وشدد الرئيس الأوكراني على أنه سيبقى في العاصمة. وقال «سأبقى في العاصمة. عائلتي أيضا في أوكرانيا. وبحسب المعلومات التي بحوزتنا، فقد حددني العدو على أنني الهدف رقم 1. وعائلتي هي الهدف رقم 2».
وأعلن أنّ «137 بطلاً من مواطنينا» قتلوا في الاجتياح الروسي و316 آخرين أصيبوا بجروح في المعارك. وأضاف «في جزيرة زميني التابعة لنا، مات جميع حرس حدودنا كأبطال، مدافعين عن أنفسهم حتى النهاية. لكنهم لم يستسلموا».
وسأل زيلينسكي في تصريح جديد: «كيف ستدافعون عن أنفسكم إذا كنتم بطيئين إلى هذا الحد في مساعدة أوكرانيا؟» وأضاف «إلغاء التأشيرات للروس؟ قطع روابط (روسيا بنظام التعاملات المصرفية العالمي) سويفت؟ عزل كامل لروسيا؟ استدعاء سفراء؟ حظر على النفط؟ اليوم كل شيء يجب أن يكون على الطاولة لأن هذا تهديد لنا جميعا، لأوروبا بأسرها».
بينما قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنه اتصل بنظيره الروسي فلاديمير بوتين بطلب من زيلينسكي الذي طلب منه إبلاغ بوتين برغبته في إجراء محادثة معه، بعدما لم يستطع الوصول إليه بنفسه. وقال الإليزي، في بيان له، إن ماكرون اتصل ببوتين للمطالبة بوقف العملية الروسية في أوكرانيا، مشيرا إلى أن موسكو «تخاطر بمواجهة عقوبات شديدة».
وشدد زيلينسكي على أن أوروبا لديها «القوة الكافية لوقف هذا العدوان»، مضيفًا: إن كل شيء يجب أن يكون مطروحًا على الطاولة، كمنع الروس من دخول دول الاتحاد الأوروبي، وعزل موسكو عن نظام سويفت للمدفوعات بين البنوك، والحظر النفطي، «لأن هذا تهديد لنا جميعًا، لأوروبا بأسرها».
طاولة المفاوضات
ناشد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في رسالة فيديو جديدة، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إجراء محادثات مباشرة، وذلك بعدما غزت القوات الروسية أوكرانيا.
وقال زيلينسكي متحدثًا بالروسية: «أود أن أخاطب رئيس الاتحاد الروسي مرة أخرى. هناك قتال في جميع أنحاء أوكرانيا الآن. دعنا نجلس على طاولة المفاوضات لوقف مقتل الناس».
في غضون ذلك، أفادت وكالة الأنباء الروسية الرسمية «ريا-نوفوستي» بأن موسكو مستعدة لإرسال ممثلين إلى العاصمة البيلاروسية مينسك للتحدث مع كييف. وأضافت أنه «عقب اقتراح زيلينسكي بمناقشة الوضع المحايد لأوكرانيا، يستطيع بوتين إرسال ممثلين عن وزارة الدفاع ووزارة الخارجية وإدارته للتفاوض مع الوفد الأوكراني»، وتابعت أنه تم اختيار مينسك منصة للمحادثة.
يأتي ذلك مع تعرض أوكرانيا لضغوط كبيرة، حيث يبدو أن القوات الروسية تقترب من كييف. وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إنهم دخلوا منطقة أوبولون في شمال المدينة، على بعد أميال قليلة من وسطها.
إلا أن روسيا لن تجلس على طاولة محادثات إلا إذا استجابت أوكرانيا إلى جميع مطالب موسكو الأمنية. وعلى وجه الخصوص إلى المطالب الروسية الخاصة بنزع سلاح أوكرانيا، وتخلي أوكرانيا عن الانضمام لعضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ووقف الهجمات على جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين بشرق أوكرانيا.
إطار
اشتباكات عنيفة بكييف ومقتل أزيد من 64 مدنيا وأكثر من 160 ألف نازح
في آخر أخبار حرب روسيا على أوكرانيا أفاد مراسل رويترز أن اشتباكات عنيفة تعرفها العاصمة كييف وقال إن الأمر يتعلق بخلايا روسيا نائمة. فيما نقلت سي ان ان عن مسؤول امريكي أن العمليات الروسية تواجه مقاومة شرسة وتعاني من ضعف واضح لخطوط الأمداد، والقوات الروسية تكبدت خسائر فادحة لم تكن تتوقعها.. مضيفا أن أداء الدفاعات الجوية الأوكرانية أفضل مما توقعته الاستخبارات الأمريكية.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أمس الأحد، أن ما لا يقل عن 64 مدنيا لقوا حتفهم وإن أكثر من 160 ألفا نزحوا عن بيوتهم بعد أن دخلت القوات الروسية أوكرانيا الأسبوع الماضي.
وذكر المكتب في تقرير عن الوضع الحالي: "حتى الساعة الخامسة صباح يوم 26 فبراير تتحدث مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن وقوع ما لا يقل عن 240 إصابة بين المدنيين بما في ذلك ما لا يقل عن 64 قتيلا"، مضيفا أن الأرقام الحقيقية ربما تكون أكبر من ذلك بكثير.
وأضاف التقرير أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية أدت إلى انقطاع الكهرباء أو المياه عن مئات الآلاف، ولحقت أضرار بمئات المنازل أو دمرت، بينما أدى قصف جسور وطرق إلى عزل بعض التجمعات السكانية عن الأسواق.
ونقل مكتب الأمم المتحدة عن مفوضية اللاجئين قولها إن أكثر من 160 ألفا نزحوا عن بيوتهم في أوكرانيا وإن أكثر من 116 ألفا اضطروا للفرار إلى دول مجاورة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: "اضطرت وكالات الأمم المتحدة والشركاء في مجال المساعدة الإنسانية لوقف عمليات المساعدة بسبب تدهور الوضع الأمني".
وأضاف أن "الأمم المتحدة وشركاءها يحتفظون بوجودهم في البلاد وما زالوا ملتزمين بالبقاء على الأرض وتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة ومخاطر الحماية بمجرد أن يسمح الوضع بذلك".