وجه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، نداء إلى موسكو، معتبرا أن «الوقت حان» للبحث في «السلام والأمن» وإلا فإن العواقب بالنسبة إلى روسيا ستبقى آثارها لأجيال عدة.
وقال زيلينسكي، في مقطع فيديو نشر على فيسبوك وتم تصويره في أحد الشوارع المهجورة ليلا، إن «مفاوضات حول السلام والأمن لأوكرانيا هي الفرصة الوحيدة لروسيا لتقليل الضرر الناجم عن أخطائها».
وأضاف زيلينسكي «حان الوقت للالتقاء. حان وقت المناقشة، حان وقت استعادة وحدة الأراضي والعدالة لأوكرانيا»، محذرا من أنه بخلاف ذلك سيتطلب الأمر تَعاقُب أجيال عدة قبل أن تتمكن روسيا من التعافي.
وأعرب ميخائيل بودولاك، مستشار مكتب الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، عن اعتقاده بأن المفاوضات بين ممثلي موسكو وكييف قد تستمر عدة أسابيع أو أكثر.
وقال بودولياك، في تصريحات أول أمس السبت، إن «المفاوضات قد تستغرق عدة أسابيع أو أكثر.. هناك بعض التنازلات التي لن نقدمها بالتأكيد.. لا يمكننا التخلي عن أي مناطق».
ولفت بودولاك إلى أن المطالب الرئيسية للجانب الأوكراني هي وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية وتسوية سياسية بشأن مسألة الأراضي المتنازع عليها.
وأشارت روسيا وأوكرانيا، في تصريحات سابقة، إلى حدوث قدر من التقدم الأسبوع الماضي في المحادثات الرامية لإيجاد صيغة سياسية تضمن لأوكرانيا حماية أمنية خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكن أوكرانيا قالت إن وقف إطلاق النار فورا وانسحاب القوات الروسية لا يزال ضروريا، ويتهم كل طرف الآخر بالتلكؤ في المحادثات.
وعقدت الجولة الأولى من الحوار بين روسيا وأوكرانيا في 28 فبراير الماضي في منطقة «جوميل» في بيلاروسيا، واستمر اجتماع الوفدين خمس ساعات. بعد ذلك اجتمع الطرفان مجددا ثلاث مرات خلال شهر مارس الجاري، كما عُقدت مشاورات بين سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، ونظيره الأوكراني ديمتري كوليبا، على هامش المنتدى الدبلوماسي في مدينة أنطاليا التركية.
ويواصل المفاوضون، حاليا، الاتصال عبر اجتماعات عن بعد عبر تقنية الفيديو.
روسيا تسيطر على ماريوبول
أكدت وزارة الدفاع الأوكرانية، أول أمس السبت، أن هجمات القوات الروسية دمرت 90 في المئة من مدينة ماريوبول الاستراتيجية الساحلية بشكل شبه كامل بعد غرقها بالحصار أسابيع، وأنها فقدت «مؤقتاً» الوصول إلى بحر آزوف، وهو نقطة اتصال استراتيجية بالبحر الأسود.
وستشكل السيطرة على ميناء ماريوبول منعطفاً مهماً في الحرب وستمكن روسيا من تأمين تواصل جغرافي بين قواتها الآتية من شبه جزيرة القرم جنوباً التي ضمتها موسكو وقوات منطقة دونباس شرقاً.
أهمية جغرافية وصناعية
تتمتع مدينة ماريوبول بإطلالةٍ على الساحل الشرقي لأوكرانيا، وتحتلّ موقعاً استراتيجياً على ساحل بحر آزوف المرتبط بالبحر الأسود من خلال مضيق كيرتش. وتقع المدينة، البالغ عدد سكانها حوالى 500 ألف نسمة، على الطريق الواصل بين شبه جزيرة القرم ومنطقة دونيتسك في الشرق، وتبعد حوالى 55 كلم عن الحدود الروسية و85 كلم عن دونيتسك.
وكانت ماريوبول، بموقعها الاستراتيجي على ساحل بحر آزوف والتي تعتبر آخر معاقل كييف عليه، هدفاً روسياً منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث تسمح السيطرة عليها للروس بتأمين ممر يربط قواتها التي استولت على الموانئ الرئيسية في بيرديانسك وخيرسون وتلك القادمة من شبه جزيرة القرم بقوات جمهوريتي دونباس.
وستتمكن موسكو، بعد السيطرة على ماريوبول، من تسهيل إدخال أسلحتها لقواتها في أوكرانيا، وقد تجعل سفنها الحربية تتمركز في موانئها، لتدفع بميزان القوى في صالحها أكثر.
ولا تقتصر أهمية ماريوبول على الجانب الجغرافي فقط، فميناء المدينة التجاري له أهمية رئيسية في مجال تصدير الحبوب والقمح والصلب المنتج في شرق أوكرانيا، كما تعتبر ماريوبول مدينة صناعية كبرى توجد فيها مصانع شركتي المعادن الكبيرتين «أزوفستال» و«إيليتش» اللتين توظفان عشرات الآلاف من الأشخاص.
الأسلحة الروسية
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أول أمس السبت، أنها استخدمت صواريخ «كينجال» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، لتدمير مخزن أسلحة تحت الأرض غربي أوكرانيا.
وتفيد روسيا بأن صواريخ «كينجال» (الخنجر بالروسية)، التي يمكن التحكم بها بشكل كبير، تعجز عن رصدها كل أنظمة الدفاع الجوي.
وذكرت وكالة «ريا نوفوستي» الحكومية الروسية للأنباء أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها صاروخ كهذا بالحرب الدائرة في أوكرانيا.
وأوضحت الوكالة، نقلا عن وزارة الدفاع الروسية، أنها دمرت مستودعا كبيرا تحت الأرض للصواريخ وذخائر الطائرات في منطقة إيفانو فرانكيفسك الأوكرانية، باستخدام هذا الصاروخ.
وأضافت الوزارة أنها دمرت أيضا مراكز للاتصالات اللاسلكية والاستطلاع تابعة للجيش الأوكراني قرب مدينة أوديسا الساحلية باستخدام «نظام صاروخي ساحلي»، حسبما أفادت الوكالة.
وتنتمي صواريخ «كينجال» البالستية فوق الصوتية وصواريخ كروز من نوع «زيركون»، لعائلة جديدة من الأسلحة طورتها روسيا، ويقول الرئيس فلاديمير بوتن إنها «لا تقهر».
وأجريت تجارب ناجحة على صواريخ «كينجال» عام 2018، أصابت خلالها كل أهدافها على مسافة قد تصل إلى ألف كيلومتر، بحسب وزارة الدفاع الروسية. وتجهز طائرات حربية من طراز «ميغ 31» بصواريخ كهذه.
وطورت روسيا هذه الصواريخ لتمتلك أسلحة قادرة على الإفلات من أنظمة الدفاعات الجوية، مثل الدرع الأمريكية المضادة للصواريخ في أوروبا.
الأسلحة الأمريكية
قال أوليكسي دانيلوف، سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أول أمس السبت، إن أوكرانيا ستتسلم شحنة جديدة من الأسلحة الأمريكية المتطورة في غضون أيام رغم تهديد روسي باستهداف الشحنات القادمة من الخارج.
وأضاف، في مقابلة تلفزيونية، أن الشحنة تتضمن صواريخ «جافلين» و«ستينجر». وأضاف دانيلوف «(الأسلحة) ستكون على أراضي بلدنا في المستقبل القريب. نحن نتحدث عن أيام».
وسلم الحلفاء أوكرانيا شحنات أسلحة محملة بالطائرات لدعم جيشها في مواجهة العملية العسكرية الروسية. وانتقدت روسيا هذه الخطوة وهددت باستهداف تلك الشحنات.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الجمعة، إن أي شحنات أسلحة تصل إلى أوكرانيا من الخارج ستشكل هدفا عسكريا مشروعا لبلاده.
روسيا تتعاون مع الصين
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أول أمس السبت، إن «تعاون موسكو وبكين سيتعزز في الظروف الراهنة، لا سيما على خلفية مساعي الغرب لتقويض أسس النظام العالمي».
وأضاف أن «هذا التعاون سيتوطد، وفي ظروف تقويض الغرب بشكل صارخ جميع الأسس التي يعتمد عليها النظام العالمي، يتعين علينا كدولتين كبريين التفكير في كيفية مواصلة حياتنا في هذا العالم»، بحسب موقع «روسيا اليوم».
وتابع، في كلمة أمام المشاركين في المسار الدولي لمسابقة «زعماء روسيا»، «لدينا الكثير من العمل للقيام به، وزعيمانا وغيرهما من أعضاء الحكومتين ووزارتا خارجيتنا يعملون بنشاط ضمن إطار الحوار التقليدي الدوري».
واعتبر لافروف أن الغرب في المرحلة الحالية يطرح أمام نفسه هدف «القضاء على روسيا والانتقال إلى مواجهة الصين». وأكد أن «الغرب يرى في الصين خطرا بسبب نموها الاقتصادي».
وخاطب لافروف الغرب قائلاً «إنها (الصين) في ملعبكم حاليا وتحقق فوزا عليكم وفقا لقواعدكم.. هل يعني هذا لكم أن الوقت حان لتغيير قواعد اللعبة؟ يبدو أن الأمر كذلك».
ورأى أن سلوك الغرب في الملف الأوكراني وعقوباته ضد روسيا وقضايا أخرى يؤكد «غياب مصداقيته إما كمنطقة تنشأ فيها العملات الاحتياطية الرئيسية، أو كشركاء اقتصاديين، أو كدول يمكن تخزين احتياطيات الذهب فيها».
وفي خضم جهود غربية لدفع الصين إلى عدم مساعدة روسيا، دعت الرئاسة الأوكرانية الصين، السبت، إلى الانضمام للدول الغربية في «إدانة الهمجية الروسية» في أوكرانيا، بعد أن سقط عشرات القتلى نتيجة ضربات روسية جديدة.
أوكرانيا تضع آمالها على الصين
كتب مستشار الرئاسة الأوكرانية، ميخايلو بودولياك، على تويتر، «يمكن أن تكون الصين عنصرًا مهمًا في نظام الأمن العالمي إذا اتّخذت القرار الصائب أي دعم حلف الدول المتحضّرة وإدانة الهمجية الروسية».
وتتخوف الولايات المتحدة وأوكرانيا من احتمال تقديم الصين مساعدة عسكرية لموسكو أو مساعدة في تجنّب العقوبات الغربية.
وحذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة، نظيره الصيني شي جينبينغ من «عواقب» ستواجهها الصين في حال ساعدت جارتها روسيا في حربها على أوكرانيا، بحسب البيت الأبيض.
لكن بقي موقف الرئيس الصيني غامضًا مكتفيًا بالقول إن النزاعات العسكرية «ليست في مصلحة أحد».
وأورد التلفزيون الصيني، قبل انتهاء المكالمة، أن شي جينبينغ قال لجو بايدن إن «الأزمة الأوكرانية ليست أمرا كنا نود رؤيته»، وإن النزاعات العسكرية ليست «من مصلحة أحد».
وقال شي أيضًا «يعود لنا بصفتنا عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وأكبر اقتصادين في العالم، ألا نقود العلاقات الصينية- الأمريكية على المسار الصحيح فحسب، بل أن نتحمل كذلك المسؤوليات الدولية المتوجبة علينا وأن نعمل على إرساء السلام والطمأنينة في العالم».