أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فوزه بجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التركية على منافسه كمال كليجدار أوغلو. حيث قال أردوغان في مؤتمر شعبي أمام حشد من أنصاره "وداعا كمال" ثلاث مرات، في إشارة إلى منافسه كمال كليجدار أوغلو.
وتشير النتائج الأولية إلى حصول الرئيس الحالي أردوغان على نحو 52.8 في المئة من أصوات الناخبين، بينما حصل منافسه كليجدار أوغلو على نحو 47.1 في المئة، بفارق يجاوز مليوني صوت.
المشاركين في التصويت
وشارك مليون و895 ألفاً و430 ناخباً تركياً، حتى الخميس، في التصويت بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك في الممثليات الخارجية والمعابر الحدودية.
وكشفت الهيئة العليا للانتخابات التركية أن عملية التصويت بالجولة الثانية من الرئاسيات، انتهت مساء 24 ماي الحالي، فيما يتواصل الاقتراع في المعابر الحدودية، وفق وكالة "الأناضول".
فيما انتهت عملية تصويت الأتراك المسجلين في أماكن إقاماتهم خارج البلاد بحلول الساعة 22:00 (بالتوقيت المحلي) الأربعاء، بينما تستمر في المعابر الحدودية والمطارات حتى الساعة 17.00 من يوم 28 ماي.
وحث أردوغان الناخبين على "الخروج دون تهاون" بعد التصويت مع زوجته أمينة في اسطنبول، وقدّر الرئيس المنتهية ولايته، الذي يعدّ المرشّح الأوفر حظاً في الجولة الثانية غير المسبوقة في الانتخابات الرئاسية، أنّ التصويت "سينتهي بسرعة".
ومن جهته دعا كليجدار أوغلو الأتراك "للتصويت من أجل التخلّص من النظام الاستبدادي". وقال مرشح المعارضة العلماني بعد الإدلاء بصوته في أنقرة "أمر بالتخلص من هذا النظام الاستبدادي ...أدعو كل المواطنين للإدلاء بأصواتهم".
وغرد كليجدار على حسابه في موقع تويتر: "جنبا إلى جنب مع زوجتي، سيلفي ، صوتنا. حظا سعيدا لبلدنا وأمتنا. أدعو جميع أفراد شعبنا للتصويت أولاً ثم الحصول على سلطة صندوق الاقتراع. أولئك الذين يحبون بلادهم يأتون إلى صناديق الاقتراع".
الجولة الأولى "لا غالب لا مغلوب"
وكانت تركيا قد شهدت في 14 ماي الحالي انتخابات رئاسية وبرلمانية. وتنافس في الرئاسية بين كل من مرشح تحالف الجمهور الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح تحالف الأمة زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، ومرشح تحالف أتا سنان أوغان.
وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا رسمياً إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بين أردوغان وكليتشدار أوغلو في 28 ماي، لعدم حصول أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات.
وقد حصل أردوغان على 49.525 من أصوات الناخبين، فيما نال كليتشدار أوغلو 44.88%، وسنان أوغان 5.17%، بحسب النتائج النهائية التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات الجمعة الفائت.
اتهامات متبادلة
وقبيل الذهاب إلى جولة الحسم، اتهم كليجدار أوغلو منافسه بإعاقة رسائله النصيّة إلى الناخبين، بينما رسائل أردوغان إلى ناخبيه متواصلة.
ومن جهتها، استعانت أحزاب المعارضة التركية بجيش من المتطوعين الذين تنشرهم في لجان الاقتراع في عموم البلاد لضمان عدم وقوع تلاعب في عملية الانتخابات.
وتحدث مراقبون دوليون عن حالة من عدم التكافؤ بعد الجولة الأولى، لكن لم يتحدث أحد عن خروقات في عملية الاقتراع كانت كفيلة بتغيير النتيجة.
وفي آخر يوم من أيام حملته الانتخابية، وعد كليجدار أوغلو بأسلوب مختلف في الرئاسة، قائلا: "لا رغبة لديّ في سُكنى القصور. سأعيش مثلكم، متواضعا ... وسأعمل على حلّ مشاكلكم". ويرمي كليجدار بكلامه هذا إلى القصر الفخم القائم على تخوم العاصمة أنقرة، والذي انتقل إليه أردوغان بعد أن تحوّل من رئيس للوزراء إلى رئيس للبلاد في عام 2014.
وبدوره، أعلن أردوغان أن "عهد الانقلابات والمجالس العسكرية قد ولّى"، ناسباً استقرار تركيا الراهن إلى نظام حكمه.
ومع ذلك، تعاني تركيا حالة استقطاب شديد، حيث يستند الرئيس أردوغان إلى دعم محافظين دينيين وقوميين، بينما أنصار خصمه كليجدار أوغلو هم بالأساس من العلمانيين، على أن بينهم كذلك كثيرين من القوميين.
وعلى مدى أيام، تبادل المتنافسان الاتهامات؛ إذ اتهم كليجدار أوغلو منافسه أردوغان بالجبن والخوف من انتخابات نزيهة، وفي المقابل قال أردوغان إن منافسه كان في جانب "الإرهابيين"، في إشارة إلى المسلحين الأكراد.
انجازات "العدالة والتنمية"
وحقق حزب العدالة والتنمية الحاكم نموًا اقتصاديًا كبيرًا في تركيا على مدار أكثر من عقدين ، جدير بالذكر أن قيمة الصادرات التركية وصلت العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 254 مليار دولار.
كما لعب اكتشاف احتياطيات الغاز الطبيعي في البحر الأسود مع إمكانات واعدة لتلبية احتياجات تركيا من الطاقة في غضون بضع سنوات والانتعاش الملحوظ في قطاع السياحة دورًا في خلق فرص عمل إضافية وساهم في الزيادة الإجمالية في الناتج المحلي الإجمالي.
وكان قد ظهر تحول كبير في الاقتصاد التركي ومستويات المعيشة على مدى العقدين الماضيين ، أخرجت السياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية البلاد من الركود ودفعتها نحو الازدهار والإنتاجية.
وشهد الدخل القومي طفرة هائلة، حيث ارتفع دخل الفرد من 2000 دولار في عام 2000 إلى 2000 دولار في كل 10، كان لهذا التقدم الاقتصادي تأثير دائم على حياة المواطنين الأتراك ومن غير المرجح أن يُنسى.
ومع ذلك، بعد الانتخابات، تواجه تركيا مشاكل اقتصادية خطيرة. في أكتوبر 2022، وصل معدل التضخم إلى ما يقرب من 85.5 في المائة، وهو أعلى مستوى في 24 عامًا.
وانخفض التضخم إلى 43.7٪ الشهر الماضي، بينما أبقى البنك المركزي التركي توقعات التضخم عند 22.3٪ في نهاية العام الجاري.
ومن المهم ملاحظة أن الصعوبات الاقتصادية في تركيا تأثرت جزئيًا بعوامل خارجية. يتحمل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، بعض المسؤولية عن أزمة الليرة التركية.
ناهيك عن اليوم الأسود الذي فقدت فيه الليرة التركية 19 في المائة من قيمتها مقابل الدولار بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن مضاعفة الضرائب الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم التركية في عام 2018.
واعتبر الكثيرون هذه الخطوة محاولة من واشنطن لممارسة ضغوط سياسية على أنقرة ، خاصة فيما يتعلق بالإفراج عن القس الأمريكي. وأوضح كيف استخدمت الولايات المتحدة التدابير الاقتصادية كأداة سياسية للتأثير على تركيا وربما تقويض دورها السياسي والعسكري الإقليمي.
وكان موقف الغرب من أردوغان ملحوظًا ، خاصة عشية الانتخابات. على سبيل المثال ، في بداية العام ، حذرت مجلة The Economist من أن تركيا "قد تكون على شفا دكتاتورية".
كما انتقد أردوغان بشكل غير مباشر المنشور ذاته بسبب الغلاف المذكور والذي تضمن عبارات "أنقذوا الديمقراطية" و "يجب أن يرحل أردوغان".
أما فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية ، فقد أنشأت تركيا حضورًا قويًا على مدار العقد الماضي وأصبحت لاعباً إقليمياً رئيسياً وعاملاً مؤثراً في مختلف المعادلات في الشرق الأوسط. بما في ذلك دور أنقرة في دعم المعارضة السورية وتدخلها في ليبيا.
ويرى أردوغان في الوجود العسكري التركي في سوريا وليبيا موقفًا مبدئيًا ، مؤكداً دعمه ل "الأشقاء بكل إمكانياتنا" ، في إشارة إلى "تحرير" مناطق مثل ليبيا وسوريا وكرة باغ بعد سنوات من الاحتلال ، لكن أصوات المعارضة داخل البلاد دعت إلى انسحاب كامل للقوات التركية من سوريا وليبيا.
وأظهرت تركيا أيضًا وجودها الإقليمي من خلال لعب دور نشط في حل الأزمات مثل اتفاقيات تبادل الأسرى الأوكرانية وتسهيل اتفاق روسي أوكراني بشأن شحنات الحبوب عبر البحر الأسود