في عز النقاش حول استمرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الحكم، بدأت حرب كشف المستور تتوالى، ففي يومين، صدر تسريبان، واحد من فرنسا، والثاني من داخل الجزائر، يحملان رسائل عن بوتفليقة ومعسكره، بما يزيد من حالة الرفض الواسعة للعهدة الخامسة، ويدعم وجهة نظر المعارضين لها بقرائن جديدة.
ويخص التسريب الأول ما نشرته مجلة "لوبس" الفرنسية من وثائق سرية لأجهزة الاستخبارات المحلية، تعود من خلالها إلى السنوات الأولى لبزوغ نجم بوتفليقة في السياسة، وكيف استطاع الوصول إلى رتبة الرجل الثاني في النظام الجزائري. بينما نُسب التسريب الثاني إلى مكالمة هاتفية بين عبد المالك سلال، مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة، مع علي حداد، رجل الأعمال المقرّب من النظام، تضمن جزءاً من خططهما لتجاوز حالة الاحتجاجات (لم يتم تأكيد صحة التسريب رسميا).
وتقول وثائق الاستخبارات الفرنسية، وحسب ما نقله موقع 'كل شيء عن الجزائر' عن مجلة 'لوبس' الفرنسية، إن بوتفليقة كان المحرض الرئيسي على الانقلاب على الرئيس أحمد علي بن بلة بعد تنامي خلافاتهما عندما كان الأول وزيراً للخارجية، كما كانت باريس تنظر إليه كفاعل أساسي في التعاون بينها وبين الجزائر بعد الاستقلال، فهو يملك "ذكاءً حاداً وطموحا كبيراً" رغم صغره آنذاك في السن، لكن ربما هذا الطموح هو ما دفع رئيسه، الهواري بومدين، إلى التجسس عليه، خاصة وأن علاقة بوتفليقة بزوجة بومدين لم تكن جيدة. وتشير الوثائق إلى دور السفارة الجزائرية في باريس في اغتيال المعارض كريم بلقاسم، لكن لم تربط الوثائق بين بوتفليقة وبين الاغتيال بشكل مباشر.
في التسجيل الهاتفي المسرّب، يتحدث علي حداد، عن مخاوف مسؤول نافذ (يحمل اسم اسماعيل) بشأن استمرار المظاهرات الرافضة لترشيح بوتفليقة، ويقول إنه يجب الصمود حتى تاريخ إيداع ملف ترشيحه رسمياً، بينما يظهر عبد المالك سلال، رئيس الوزراء الأسبق، وأحد أكبر مناصري الرئيس بوتفليقة، مطمئناً لعدم تأثير المظاهرات على الوضع، كما يقتنع أنها لن تستمر، وبأن جهاز الدرك سيرّد بقوة إذا ما انحاز المتظاهرون للعنف، كما سيرد فريق سلال بدوره بأنّه سيطلق النيران إن تعرض المتحدث لأيّ اعتداء. وقد انتقد سلال في التسجيل الصوتي أداء الوزراء وكذا بعض الشخصيات المقربة في طريقة تدبير الاحتجاجات.