بشار طلب المساعدة من حلفائه ولم يتلق إلا الرفض
بعد حقبة من الديكتاتورية تحولت سوريا في حكم الأسد إلى بلد مخرب ومواطنين لاجئين. كما قتل هذا الأخير أبناء البلد بمختلف أشكال الأسلحة، حتى الكيماوية منها. لكن أقل من أسبوعين كان كفيلا بأن تتحرر بلاد الشام، في انتظار مسيرها ما بعد الأسد.
في اليوم الثاني عشر من عملية «ردع العدوان»، أعلنت المعارضة أنها بدأت دخول العاصمة السورية دمشق، وذلك بعد ساعات من دخولها مدينة حمص، وقالت إنها سيطرت على مبنى الإذاعة والتلفزيون، في حين أكدت المعارضة أن الرئيس بشار الأسد غادر العاصمة إلى وجهة غير معلومة. وأعلنت أن «مدينة دمشق أصبحت حرة».
وسيطرت المعارضة السورية المسلحة على العاصمة السورية دمشق، فجر أمس الأحد، معلنة سقوط نظام بشار الأسد وحزب البعث السوري، الذي حكم البلاد مدة تزيد على الـ50 عاما. حيث قالت: «بعد 50 عاما من القهر تحت حكم البعث، و13 عاما من الإجرام والطغيان والتهجير، وبعد كفاح ونضال طويل ومواجهة كافة أشكال قوى الاحتلال، نعلن اليوم في 8 دجنبر 2024 نهاية هذه الحقبة المظلمة، وبداية عهد جديد لسوريا».
وأضافت: «في سوريا الجديدة، حيث يتعايش الجميع بسلام ويسود العدل ويقام الحق، حيث يعز فيها كل سوري وتصان كرامته، نطوي صفحة الماضي المظلم ونفتح أفقا جديدا للمستقبل».
وأفادت «إدارة العمليات العسكرية» التابعة لفصائل المعارضة السورية، بدخول مقاتليها إلى العاصمة دمشق ودخول مدينة حمص من جهتي الشمال والشرق، بالتزامن مع مغادرة العشرات من مركبات الجيش السوري للمدينة، كما قالت وكالة «رويترز» إن قادة في الجيش والأمن غادروا بمروحيات قاعدة الشعيرات العسكرية بريف حمص إلى الساحل.
وأعلن عدد من المعارضين السوريين، على شاشة القناة الرسمية، ما أسموه البيان رقم 1 والذي أشار إلى إسقاط نظام حكم بشار الأسد في سوريا.
وقال أحد الناطقين باسم المعارضة: «بيان رقم 1، بسم الله الرحمن الرحيـم. تم تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد، وتحرير جميع المعتقلين المظلومين من السجون». وأشار إلى أن غرفة عمليات فتح دمشق، «تهيب بجميع المجاهدين والمواطنين الحفاظ على ممتلكات الدولة».
احتفالات بسقوط النظام
خرج السوريون إلى شوارع العاصمة السورية دمشق، في ساعة مبكرة من صباح أمس الأحد، وارتفعت أصوات الرصاص في عموم العاصمة وعلى مداخلها وكافة محاورها، احتفالا بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد. واحتضنت ساحة الأمويين في وسط العاصمة دمشق جزءا من هذه الاحتفالات، التي امتدت أيضا إلى محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون، بالتزامن مع فرار قوات الجيش والأمن من مقرات عدة، أبرزها قيادة الأركان ووزارة الدفاع بالعاصمة.
وأفادت تقارير إعلامية بأن الكثير من جنود الجيش السوري غادروا مواقعهم العسكرية، وتركوا المقرات دون أي حماية. ومن أبرز المواقع التي أخليت مقرات الاستخبارات العسكرية، ومبنى قيادة الأركان في ساحة الأمويين. وقال عدد من سكان دمشق إن الشوارع أخليت من عناصر القوات الحكومية، وإن احتفالات تجري في الكثير من عموم العاصمة، احتفالا بسقوط النظام، بعد أنباء عن مغادرة الرئيس بشار الأسد. وأضاف السكان أن «عددا من السيارات تجوب الشوارع، ويعتقد أنها لمسلحي الفصائل بعد دخولهم إلى العاصمة».
هروب الأسد
تضاربت الأنباء حول مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعد أن فقد السيطرة على العاصمة دمشق، بدخول فصائل المعارضة إلى المدينة. إذ نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، أن الرئيس بشار الأسد غادر دمشق إلى وجهة غير معلومة. وأوضحت «رويترز» أن ضابطين كبيرين بالجيش السوري أكدا لها أنه غادر على متن طائرة إلى وجهة لم يتم الكشف عنها. وتناقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ادعاءات حول مغادرة بشار الأسد على متن طائرة من دمشق إلى مدينة اللاذقية.
وذكرت مواقع تتبع الرحلات الجوية على شبكة الإنترنت، أن الطائرة التي يعتقد أنها تقل بشار الأسد شوهدت آخر مرة في سماء غرب حمص، بعد إقلاعها من مطار دمشق الدولي، لكنها فُقدت لاحقا من شاشات الرادارات. وادعت تلك المواقع أن الطائرة انخفضت إلى ارتفاع 1600 قدم، وقامت بحركات غير عادية، قبل أن تختفي من شاشات الرادار.
خذلان الحلفاء
أكدت مصادر أمريكية وغربية أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد طلب المساعدة من عدة دول، ولكن من دون جدوى. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين سوريين وعرب ومصادر مطلعة قولهم إن بشار الأسد طلب المساعدة من عدة دول، ولكن من دون نتيجة. وأضافت الصحيفة ذاتها أن الحكومة العراقية رفضت طلب نظام الأسد حشد مزيد من القوات، كما أن إيران أبلغت سرا دبلوماسيين عربا أنه من الصعب إرسال قوات إلى سوريا. ونقلت الشبكة عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن القوات الإيرانية، التي كانت تدافع عن الأسد، انسحبت بشكل شبه كامل من سوريا.
تطورات إسقاط النظام
في 27 نونبر الماضي، اندلعت اشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب. واستطاعت الفصائل بسط سيطرتها على مركز مدينة حلب، في 30 نونبر، وعلى محافظة إدلب (شمال غرب سوريا) بشكل كامل. وطردت الفصائل، الخميس الماضي، قوات النظام خارج محافظة حماة، وسط البلاد، عقب اشتباكات عنيفة بين الجانبين.
ومساء الجمعة الماضي، بسطت فصائل المعارضة السورية، سيطرتها على مركز محافظة درعا المحاذية للحدود الأردنية، عقب اشتباكات مع قوات النظام في المحافظة، التي تعتبر مهد الانتفاضة الشعبية ضد النظام عام 2011. وأول أمس السبت، سيطرت مجموعات معارضة محلية على مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، جنوبي البلاد، قبل أن تسيطر على محافظة حمص، ثم دخلت، فجر أمس الأحد، العاصمة دمشق.
سوريا ما بعد الأسد
جاء بيان الفصائل المعارضة، بعد آخر مصور نشره محمد غازي الجلالي، رئيس حكومة نظام الأسد. وقال فصيل سوري معارض يتخذ من تركيا مقرا، أمس الأحد، إن دمشق الآن «بدون بشار الأسد»، فيما نقلت «رويترز» عن مصدرعسكري سوري مطلع قوله إن قيادة الجيش السوري أبلغت الضباط بسقوط النظام. وقال الجلالي في التسجيل الذي نشره على صفحته الرسمية في «فيسبوك» إنه في منزله ولم يغادره، ودعا السوريين إلى أن البلاد ستكون «لكل السوريين».
وأضاف أن سوريا ستكون بلدا لجميع أبنائها، وبلدا يستطيع أن يكون دولة تبني علاقات طيبة مع الجوار ومع العالم، دون أن تدخل في أي تحالفات وتكتلات إقليمية. وأردف الجلالي في حديثه: «ولكن هذا الأمر متروك لأي قيادة يختارها الشعب، ونحن مستعدون للتعامل معها، بحيث تتم نقل الملفات الحكومية بشكل سلس ومنهجي بما يحفظ مرافق الدولة».
ولا يعتبر بشار الأسد اسما عاديا في تاريخ سوريا والمنطقة، ولا حتى على مستوى «الديكتاتوريات»، فعلى مدى السنوات الماضية حول بقرارات منه سوريا إلى كومة من الخراب، وأبناء البلد إلى نازحين ولاجئين. وقتل الأسد مئات آلاف السوريين بشتى أنواع الأسلحة، منها الكيماوية.