توصل عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، برسائل من الخزينة العامة للمملكة، تخبره بصدور أحكام قضائية تقضي بالحجز على الحساب البنكي للتعاضدية المفتوح لدى الوكالة البنكية المركزية التابعة للخزينة، ويتزامن ذلك مع تواجد لجنة للمراقبة والافتحاص تابعة لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي.
وحسب المراسلات، التي حصل عليها "تيلي ماروك" على نسخ منها مرفوقة بالأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الابتدائية بالرباط في تواريخ متفرقة، تم بموجبها منح الإذن لمجموعة من الموظفين المطرودين من التعاضدية بإجراء حجز لدى الخزينة العامة للمملكة على الأموال التي حكم لهم بها القضاء كتعويضات عن طردهم من التعاضدية، وكذلك لفائدة شركات ومكاتب دراسات رفعت بدورها دعاوى قضائية أمام مختلف المحاكم، وصدرت أحكام بالتعويض لصالحهم، حيث يروج برسم السنة الحالية بمختلف محاكم المغرب حوالي 264 ملفا تكلف أموال المنخرطين بالتعاضدية تعويضات باهظة سواء على مستوى أتعاب المحامين التي تجاوزت 1.2 مليار سنتيم خلال السنوات الأخيرة، أو على مستوى الأحكام والتعويضات المترتبة عن امتناع عبد المولى عن تسديد مستحقات الشركات والموظفين والمنخرطين.
القضاء يأمر بالحجز على حساب تعاضدية الموظفين
وعلاوة على عدم ذكر تقرير لجنة المراقبة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية برسم السنة المالية 2017، أية ملاحظة تتعلق بتوقيف عملية حصر حسابات قبل استكمالها نهائيا، فإن تقرير هذه اللجنة الصادر في يونيو 2018، والتي ضمت في عضويتها ممثلا للدولة ينتمي إلى هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، وكانت متواجدة بمقر التعاضدية العامة شهري أبريل وماي 2018، لم يذكر أية ملاحظة تتعلق بمجموعة من التجاوزات والاختلالات الخطيرة الأخرى المسجلة في حسابات التعاضدية برسم السنة المالية 2017، ومن ضمنها الارتفاع الكبير لعدد المنازعات القضائية وآثارها الوخيمة على مالية التعاضدية، على الرغم من اعتراف المكتب المسير للتعاضدية العامة، في التقرير الأدبي الذي أعده برسم سنة 2017، بأن عدد الملفات القضائية لهذه المؤسسة بلغ خلال سنة 2017 لوحدها ما مجموعه 215 ملفا، تم البت في 106 ملفات وظل 109 ملفات رائجة.
وتعود أسباب ارتفاع المنازعات القضائية وتكاليفها المالية إلى تمادي رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة في خرق العديد من المقتضيات القانونية والتعاقدية الجاري بها العمل، واللجوء إلى القضاء بشكل مبالغ فيه، ترتب عنه صدور المئات من الأحكام والقرارات القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به لفائدة أشخاص ذاتيين ومعنويين، جلها لم يتم تنفيذها أو تأخر في تنفيذها، الأمر الذي ألحق أضرارا جسيمة وفادحة بمالية التعاضدية العامة. كما أن هذه الأخيرة هي الآن مدينة بأداء الملايين من الدراهم لفائدة مستحقيها، نتيجة تفاقم المبالغ المحكوم بها، وتراكم الغرامات التهديدية عن كل يوم تأخير جراء امتناع عبد المولى عبد المومني عن تنفيذ عدد كبير من الأحكام والقرارات القضائية النهائية، وهو ما يعتبر خرقا للفصل 126 من الدستور الذي نص على أن: «الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع»، وأيضا يعد تحقيرا للمقررات القضائية وفق مضمون الفصل 266 من القانون الجنائي.
النفقات المخصصة لأتعاب المحامين تواصل الارتفاع
فضلا عن ذلك، واصلت النفقات المخصصة لأتعاب المحامين والمستشارين القانونيين ارتفاعها وفق ما سجله التقرير المالي للتعاضدية العامة برسم السنة المالية 2017؛ حيث بلغت 1,37 مليون درهم. وأظهرت النتائج الأولية لسنة 2018 الواردة في مشروع ميزانية التعاضدية للسنة المالية 2019، عن مواصلة هذه الأتعاب ارتفاعها، حيث بلغت 1,41 مليون درهم، وخصصت 3 ملايين درهم كاعتمادات خلال سنة 2019، وأثيرت الكثير من التساؤلات حول طريقة إبرام الاتفاقيات مع المحامين، بينها الاتفاقية مع مكتب إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي ينتمي إليه عبد المولى، عوض القيام بفتح باب الترشيح أمام المحامين الراغبين في إبرام اتفاقيات معها قصد القيام لصالحها بالمؤازرة والاستشارة القانونية، وتفعيل المساطر البديلة لحل المنازعات وتمثيلها أمام محاكم المملكة، على غرار ما هو جار به العمل في مجموعة من المؤسسات الأخرى.
وتزايدت الحالات التي يكلف فيها عبد المولى عبد المومني محاميين أو أكثر من أجل الإنابة في ملف قضائي واحد، كما تتحمل مالية التعاضدية العامة تكاليف تنقلاتهم وإقامتهم في فنادق فاخرة، وأتعاب حضورهم لأشغال المجلس الإداري واللجن المنبثقة عنه كل شهرين (5000 درهم في كل مرة)، وكذا أتعاب حضورهم لأشغال الجموع العامة العادية التي تعقدها هذه التعاضدية سنويا (7500 درهم في كل مرة). كما سبق لمجموعة من هؤلاء المحامين أن تولوا القيام لصالح عبد المولى عبد المومني بالمؤازرة في قضايا شخصية له (ملف التحرش الجنسي، ملف تزوير وثيقة والإدلاء بها، والعديد من ملفات السب والقذف، شكايات ضد مجهولين أو معارضين، ...)، وعوض أن يقوم بأداء أتعاب هؤلاء المحامين من ماله الخاص، فإنه قام بأدائها من أموال منخرطي التعاضدية العامة، كما تؤكد ذلك الوثائق.