مثل رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أول أمس الاثنين، أمام جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين، لتقديم الحصيلة المرحلية لنصف ولايته الحكومية، والتي اتسمت على العموم بتكرار الوعود الشفوية نفسها الواردة في البرنامج الحكومي. كما استغل العثماني المناسبة لتقطير الشمع على سلفه عبد الإله بنكيران، بخصوص "بلوكاج" تشكيل الحكومة وتفعيل البرامج الاجتماعية والإصلاحات الكبرى.
العثماني يحمل مرحلة "البلوكاج" مسؤولية تنامي الاحتجاجات
وقال العثماني إنه نجح بعد سلسلة من المشاورات في تشكيل الأغلبية الحكومية من ستة أحزاب سياسية ببرامج انتخابية متعددة، مشيرا إلى أن "ذلك لم يمنعنا من التوافق حول البرنامج الحكومي وميثاق للأغلبية"، وذلك بعد فترة "بلوكاج" دامت حوالي ستة أشهر، كانت لها انعكاسات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. واستغل العثماني الفرصة لتقطير الشمع على سلفه، عبد الإله بنكيران، وعبر عن ذلك بالقول: "إن الحكومة وجدت نفسها، عند بداية ولايتها، أمام تحد كبير تمثل في تدبير الفترة التي سبقت تشكيل الحكومة، والتي أثرت على السير العادي للمصادقة على قانون مالية 2017 وتنفيذه، وتسببت في تعثر بعض الأوراش، لا سيما في مجال الاستثمار العمومي"، وأضاف: "ومن أجل تدارك هذا الوضع، انخرطت الحكومة منذ الأيام الأولى لتنصيبها، في ورش تسريع وتيرة تنزيل البرنامج الحكومي، وفاء بالتزاماتها واستجابة لحاجيات وتطلعات المواطنات والمواطنين، وللتحديات التي تواجه بلدنا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وذلك إما باستكمال وتطوير أوراش الإصلاح المفتوحة، أو بإطلاق أوراش جديدة".
وأقر العثماني بأن هذه المرحلة شهدت تعثرا في بعض الأوراش وتعبيرات احتجاجية، استلزمت من الحكومة مقاربة خاصة، أعطيت فيها الأولوية للإنجاز على أرض الواقع ومعالجة الأسباب وإيجاد الحلول العملية، وذكر منها على سبيل المثال ملفات من قبيل احتجاجات الحسيمة وجرادة، وملف أطر الأكاديميات، وتنزيل الإجراءات الضريبية المتعلقة بالتجار...، واعترف العثماني بفشل حكومته في معالجة العديد من الملفات، وذلك بقوله: "حتى نكون واقعيين، يجب الاعتراف بأنه رغم المجهودات المبذولة، والنتائج المسجلة، فلا يمكن الادعاء بأن هذه الحكومة أو أية حكومة أخرى، قادرة على حل مشاكل المغرب في نصف ولاية بل حتى في ولاية كاملة، لكننا مقتنعون بأننا نسير في الاتجاه الصحيح، وبحلول عملية وناجعة، ما دام أن المؤشرات الدالة على الإصلاحات التي تباشرها الحكومة هي في تقدم واطراد مستمرين"، كما أقر بنجاح الأوراش والإصلاحات الكبرى بفضل تدخل الملك محمد السادس وإشرافه المباشر على عدد منها، من قبيل الطاقات المتجددة والماء وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار والبرامج الاجتماعية والتعليم والتكوين المهني والصحة والفلاحة. وتابع العثماني بالقول: "لقد كان لهذا الدعم الملكي السامي دور كبير في إسراع إخراج الإصلاحات والبرامج وإنجاحها".
وعاد العثماني لتكرار الوعود الواردة في البرنامج الحكومي، مؤكدا أن مكونات الحكومة اتفقت منذ تأسيسها على أولويات محددة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وعلى رأسها التعليم والصحة والتشغيل، بوصفها أكثر المجالات ملحاحية ببلادنا في المرحلة الراهنة، موضحا أن البرنامج الحكومي ينبني على رؤية ذات توجه اجتماعي واضح، تستمد معالمها الأساسية من التوجيهات الملكية في هذا المجال، والانتظارات الكبرى التي عبر عنها المواطنون في مناسبات عديدة، "في ظل استمرار قصور المؤشرات المسجلة في العديد من الملفات الاجتماعية التي، وبالرغم من المجهودات المبذولة فيها، إلا أنها بقيت غير كافية بالنسبة لانتظارات المواطنين ومطالبهم المشروعة"، مشيرا إلى أن التوجه الاجتماعي للحكومة يستند إلى رؤية واقعية، مفادها أن بلورة وتنفيذ برامج اجتماعية مندمجة وفعالة يحتاج إلى تمويل مستمر ومستدام.
الفشل في تحسن المعيش اليومي وتقليص الفوارق الاجتماعية
وعلى الصعيد الاجتماعي، أكد العثماني أنه رغم المجهودات الكبيرة المبذولة من طرف الحكومات المتعاقبة، فإن "بلادنا بقيت تواجه جملة من التحديات في هذا المجال، أبرزها محدودية الأثر الإيجابي الملموس لمستوى النمو الاقتصادي الحالي على تحسن المعيش اليومي للمواطنات والمواطنين، وضمان ولوجهم المتكافئ للخدمات العمومية الأساسية وضمان جودتها، وكذا تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وذلك في ظل ارتفاع منسوب انتظارات وتطلعات المواطنات والمواطنين الذي اتخذ، في بعض المحطات، أشكالا من التعابير الاحتجاجية مركزيا ومجاليا".
إلى ذلك، تطرق العثماني إلى وضعية البيت الداخلي لحكومته، مشيرا إلى الاهتمام الخاص بالعلاقة بين مكونات الأغلبية، على الرغم من الاختلاف الواضح بين مرجعياتها وأولوياتها ووجهات نظرها في كثير من القضايا، والرهانات الخاصة بكل مكون منها، وكشف عن وجود اتفاق منذ البداية على ضرورة الحرص على انسجام العمل الحكومي ورفع إيقاعه والتنسيق بين أعضائه ومكوناته، وأضاف: «منذ اليوم الأول لتشكيلها، باشرت الحكومة عملها، في تعاون وتكامل مع كافة المؤسسات، وكلها عزم وإرادة على مواصلة الإصلاح والحفاظ على النموذج المغربي القائم على "الإصلاح في ظل الاستقرار"، وخدمة قضايانا الوطنية الكبرى"، مشيرا إلى أن أحزاب الأغلبية قامت بتوقيع "ميثاق الأغلبية" بغية تحديد آليات للعمل المشترك، وتأكيد التزامها السياسي بإعطاء شحنة إصلاحية للعمل الحكومي.