حصل موقع "تيلي ماروك" على وثائق تؤكد ما نشرته سابقا حول ضغوطات تمارسها لوبيات نافذة داخل وزارة الصحة من أجل تأجيل إعلان صفقة لتزويد المرافق الصحية العمومية بالأدوية المستعملة في علاج مرض التهاب الكبد الفيروسي من نوع "س"، منذ ثلاث سنوات، وذلك إلى حين حصول شركة أمريكية على الترخيص بالإذن بتسويق نوع من الدواء تصنعه هذه الشركة، رغم وجود ثلاث شركات وطنية تصنع الدواء نفسه.
وتشير الوثائق إلى أن الشركة الأمريكية حصلت على الإذن بتسويق الدواء في ظرف قياسي لا يتعدى أربعة أشهر، في حين مازالت شركات وطنية تنتظر الترخيص بعد وضع ملفاتها بمديرية الأدوية منذ ثلاث سنوات. وأوضحت المصادر أنه في شهر نونبر 2018، عقدت اللجنة التقنیة للخبراء في مجال مكافحة التھاب الكبد الفیروسي من نوع "س"، اجتماعا بمديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض التابعة لوزارة الصحة، ولأول مرة تم تداول تركيبة الدواء المكونة من "سوفوسبیفیر" و"فیلباطاسفیر". وفي شهر مارس الماضي، وفي فترة زمنية قياسية مدتها 4 أشهر، تم إخبار اللجنة نفسها أن التركيبة الجديدة حصلت على الترخيص، ما يثير الكثير من التساؤلات، بينما تعاني المختبرات المغربية من التأخير في الحصول على التراخيص.
وكشفت المصادر، أن هذا المختبر لا يتوفر على مصنع بالمغرب، ولا يتوفر على مختبر لمراقبة الجودة، ولا يشغل يدا عاملة مغربية ولا يخلق وظائف خلافًا لما هو مطلوب بموجب القانون المغربي، خاصة المادة 74 من مدونة الأدوية والصيدلة، التي تنص على أن الترخيص لأي مختبر لاستيراد الأدوية يجب أن يتوفر على وحدة صناعية وأن يعمل على التصنيع المحلي بكميات وازنة من الأدوية التي يعرضها في السوق.
وخلال الولاية الحكومية السابقة والحالية، منحت المديرية تراخيص الإذن بتسويق أدوية لعدة شركات أجنبية دون توفرها على مصانع لصناعة الأدوية بالمغرب، ما يجعلها غير خاضعة للمراقبة. والخطير في الأمر أن هذه الشركات تستورد أدوية، بعضها لا يحترم المعايير الدولية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. وكشفت المصادر، أن هناك العديد من الشركات الأجنبية التي تحط الرحال بالمغرب ولا تجد أي مانع لدى مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة لكي تحصل على تراخيص الإذن بتسويق أدوية دون توفرها على مصانع لصناعة الأدوية بالمغرب، كما أن بعض الأدوية المستوردة لا تمر عبر مختبرات معتمدة من طرف المنظمة العالمية للصحة.
أدوية تهدد صحة المغاربة
وأخيرا أصدرت الوكالة الوطنية لحماية الدواء الفرنسية، قرارا بمنع استيراد 25 نوعا من الأدوية مصنعة في الهند، وتم سحب كميات من هذه الأدوية من الأسواق الفرنسية، بعدما اكتشفت التحاليل المخبرية أنها لا تحترم المعايير الدولية بخصوص صناعة الأدوية الجنيسة ولا تماثل الدواء الأصلي، لكن في المغرب لم تتحرك مديرية الأدوية لتشديد المراقبة على هذه الأدوية المستوردة بطرق احتيالية على القانون، لأن الشركات المستوردة تحصل على الإذن بتسويق أدوية مستوردة وتنافس شركات وطنية تصنع الأدوية نفسها، لأنها تباع بالأثمنة ذاتها، رغم استيرادها من طرف هذه الشركات بثمن أقل وبتكلفة أقل.
وأكدت المصادر، أن هذه الشركات المستوطنة تقوم بإغراق السوق المغربية بأدوية تشكل خطرا على صحة المواطنين، ما يساهم في ضرب الشركات الوطنية للصناعة الدوائية التي تخلق مناصب شغل وتحمي الأمن الدوائي الوطني، وهذا الموضوع يثير الكثير من الشبهات، خاصة أن المهمة الاستطلاعية المنبثقة عن لجنة القطاعات الاجتماعية التي شكلها مجلس النواب، خلال الولاية السابقة، أصدرت توصيات نبهت إلى خطورة ذلك، وأكدت على ضرورة احترام مدونة الأدوية والصيدلة من طرف مؤسسات الصناعة الدوائية، خاصة في ما يتعلق بإعادة فتح مقرات التصنيع وعدم الاقتصار على مقرات إدارية والاعتماد على الاستيراد، وفي حال الرفض ترتيب الجزاءات القانونية اللازمة.
إلى ذلك، فجر برلمانيون فضيحة في وجه الوزير أنس الدكالي، خلال اجتماع سابق عقدته لجنة القطاعات الاجتماعية لدراسة موضوع "السياسة الدوائية ومآل توصيات تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول أسعار الأدوية"، تتعلق بمنح التراخيص لمختبرات وهمية تهدد صحة المغاربة. وكشف أعضاء اللجنة، وجود مختبرات أشباح تتوفر على ترخيص من طرف مديرية الأدوية، وأشاروا إلى أن المادة 74 من مدونة الأدوية والصيدلة، تنص على أن الترخيص لأي مختبر لاستيراد الأدوية يجب أن يتوفر على وحدة صناعية وأن يعمل على التصنيع المحلي بكميات وازنة من الأدوية التي يعرضها في السوق، وأكدوا وجود نوعين من المختبرات الأشباح التي أشار إليها تقرير المهمة الاستطلاعية سنة 2015 ولازالت قائمة لحد الآن، ويتعلق النوع الأول بالشركات التي كانت تتوفر على وحدات صناعية قديمة إلا أنها لم تعد تصنع ولازالت تستورد الأدوية، والنوع الثاني يتعلق بالشركات التي لم تتوفر أبدا على وحدات صناعية بالمغرب. وتنص المادة 74 من مدونة الأدوية والصيدلة على إغلاق الشركات التي لا تتوفر على موقع للتصنيع، حيث إن هناك شركات متعددة الجنسيات لا تتوفر على مختبر للتصنيع وموارد بشرية كافية، وتلجأ بعضها إلى التحايل على القانون من خلال قيام بعض الشركات الدولية بعقد شراكات مع شركات تعمل بالمغرب من أجل التصدير إلى السوق الإفريقية، مما تترتب عنه منافسة غير شريفة للمنتوج المحلي ويؤثر سلبا على الصناعة الوطنية وكذلك على الميزان التجاري.