في تطورات مثيرة مرتبطة بواقعة برلماني البيجيدي "الغشاش" في اختبارات الباكالوريا، الذي أطاحت به لجان المراقبة متحوزا بثلاثة هواتف نقالة، أكدت مصادر متطابقة أن النيابة العامة دخلت على الخط دون تحديد الجهة التي طالبت بتحريك المتابعة في هذه القضية المثيرة للجدل، والتي هزت الرأي العام الوطني والعربي بعد أن تناولت بعض وسائل الإعلام العربية الفضيحة.
وأفادت مصادر "تيلي ماروك" بأن عناصر الشرطة القضائية بالرباط استمعت، زوال أول أمس الأحد، لرئيس المركز الذي كان مسؤولا عن تدبير الامتحان الجهوي الموحد بإعدادية العرفان بالرباط حيث وقعت أطوار النازلة، كما يرجح أن تكون الفرقة الأمنية نفسها استمعت، أمس الاثنين، للبرلماني نور الدين قشيبل حول ملابسات فضيحة ضبطه في وضعية غش وهو يحمل ثلاثة هواتف نقالة داخل حصة الامتحان.
وكشفت مصادر خاصة لـ"تيلي ماروك" أن مدير المؤسسة قدم أمام الأجهزة الأمنية تفاصيل الواقعة، مشددا على أن العملية تندرج في إطار التصدي لمظاهر الغش داخل حجرات الاختبار التي يكفلها القانون للجان مراقبة، حيث أكد أن الكاشف الضوئي الذي تعتمده هذه اللجان في تفتيش الطلبة ورصد الوسائل التكنولوجية والهواتف النقالة مكن من اكتشاف ثلاثة هواتف نقالة صحبة المترشح الذي كشف عن هويته أنه ممثل الأمة ورئيس جماعة ومدير شركة مما يقتضي وجوبا، حسب تصريحاته لوسائل الإعلام لاحقا، حيازة هواتفه في مخالفة صريحة للقانون.
الأمن يستمع لمسؤولين تربويين
وأوضحت المصادر أنه ينتظر، في إطار كشف كل ملابسات هذه النازلة، الاستماع لمسؤولين تربويين بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمديرية الإقليمية للتعليم بالرباط، في ظل الادعاءات التي يروجها البرلماني "الغشاش" من أنه كان مستهدفا دون غيره من المترشحين من طرف السلطات التربوية التي تم تسخيرها للتشويش عليه، حسب تصريحاته الإعلامية التي أعقبت الفضيحة، في الوقت الذي أكد مسؤول تربوي متقاعد سبق له أن دبر مركز امتحان الباكالوريا لسنوات، أن مجريات اختبارات الباكالوريا مؤطرة بقوانين ونصوص متضمنة في دفتر مساطر يعلن عنه سلفا وتتقاسمه الوزارة مع كل المترشحين عبر بوابة الوزارة قبل إجراء الاختبارات.
وأضاف المتحدث ذاته، أنه غالبا ما سينصب التحقيق القضائي على مدى احترام هذه المساطر بعيدا عن حرب التصريحات التي وقع فيها برلماني "البيجيدي" وأنصاره، مقابل صمت الوزارة التي لم تخرج ببلاغ رسمي في الموضوع، وهو الموقف الذي يحسب لها في هذه النازلة، حسب المصدر نفسه، من منطلق أن الواقعة عادية بالنسبة لها وتتعلق بمترشح ضبط في حالة غش تم توثيقها بمحضر رسمي يذيل بتوقيعات كل مكونات المركز من أساتذة ومراقب وملاحظ ورئيس المركز إن اقتضى الحال.
البرلماني "الغشاش" يورط مصالح مديرية التعليم بالرباط
وارتباطا بالواقعة، أكدت مصادر مطلعة، أنه ينتظر أن تحاصر الأجهزة الأمنية المكلفة بالتحقيق البرلماني قشيبل بمعطيات قانونية قد تحسم الموضوع وتفضح مغالطاته التي روجها للإعلام، خاصة المحضر الموثق لتفاصيل "جريمة الغش" المفروض أنه يتضمن توقيعات المراقبين، ثم الالتزام الذي يوقعه كل المترشحين لاجتياز اختبارات الباكالوريا مع إثباته لدى السلطات الإدارية، حيث يشهد المترشح أنه اطلع على الظهير الشريف رقم 1.16.126 الصادر في 25 غشت 2016 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 02.13 الذي صادق عليه البرلماني نفسه والمتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية، ويلتزم المترشح باحترام المقتضيات الواردة في القانون خلال اجتياز الامتحانات بما في ذلك عدم إحضار الهاتف المحمول أو الحاسوب أو اللوحات الإلكترونية أو أية واسطة إلكترونية أخرى إلى فضاء إجراء الامتحان وفي حال مخالفة هذه المقتضيات، يشهد المترشحون وبينهم البرلماني طبعا عن تعريض نفسه للعقوبات المحددة لذلك، علما أن هذا القانون لا يستثني البرلمانيين أو غيرهم من الحاملين لصفات أخرى من التقيد بهذه الالتزامات، وهو ما يضعف موقف برلماني "البيجيدي" ومبرراته بضرورة حمله لهواتفه النقالة أو السهو في اصطحابها لداخل المؤسسة ومكان الاختبار.
وتضيف مصادر الموقع أنه في حال عدم إدلاء البرلماني بالتزام مصادق عليه لدى السلطات الترابية وموقع عليه من طرفه، قبل اجتيازه الاختبار وتحديدا عند وضعه ملف الترشيح لاجتياز الامتحان، فإن مصالح مديرية التعليم بالرباط والأكاديمية ستكون قد تواطأت وخالفت القانون مما قد يعرضها لعقوبات قاسية ويضعها في موقع شبهة وتواطؤ مع البرلماني. ويسود تخوف كبير وسط متتبعي هذه الفضيحة، أن تنصاع الوزارة وإدارة الأكاديمية للتدخلات من أجل طي الملف وعدم تداول حالة الغش التي تورط فيها البرلماني ضمن الملفات التي ستحسم فيها لجان الغش المحلفة التي يعهد لها البت في العقوبات والجزاءات المترتبة عن حالات الغش مباشرة بعد نهاية اختبارات الامتحان الوطني الموحد للباكالوريا، حيث يكون قرارها سياديا وحاسما ويقتضي إعمال القانون ضمانا لتكافؤ الفرص بين "الغشاشين" بعيدا عن اعتبارات الزبونية والمحسوبية التي قد تورط مصالح الوزارة والأكاديمية.