تعيش مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة على إيقاع احتقان غير مسبوق منذ تعيين المدير الجديد من طرف الوزير أنس الدكالي، ودق أطر المديرية ناقوس الخطر، من خلال تنظيمهم لوقفة احتجاجية إنذارية داخل مقر المديرية، أول أمس الخميس. وأكدت المصادر أن الوضع مرشح لمزيد من التصعيد في ظل تجاهل الوزير لمطالب الموظفين العاملين بالمديرية.
وحذر المكتب المحلي للنقابة الوطنية للصحة العمومية بالإدارة المركزية لوزارة الصحة من خطورة الوضع داخل المديرية، والذي أرجعته النقابة إلى سوء التسيير الإداري والارتجالية في اتخاذ القرارات وغياب رؤية واضحة في تطوير الأدوار الأساسية والمهمة الحساسة الموكولة للمديرية. وحملت النقابة كامل المسؤولية لمدير مديرية الأدوية والصيدلة في الوضع المتوتر القائم بمختلف المصالح التابعة لها، بفعل نهجه للمقاربة الأحادية، وتعنته الشديد في عدم الاستجابة لمطالب الموظفين.
وعبرت النقابة عن إدانتها لما وصفته بـ«حالة التخبط والعشوائية والاختلالات الإدارية والتدبيرية التي تعج بها مصالح المديرية منذ تعيين المدير الحالي». ومن بين هذه الاختلالات التي كشفها المكتب النقابي، النزيف الحاد والمستمر برحيل وانتقال خيرة أطر المختبر الوطني لمراقبة الأدوية المشهود لهم بالكفاءة والمهنية ونكران الذات، والتضييق على حق الموظفين في الحصول على الرخص الإدارية السنوية، وزرع ونشر كاميرات للمراقبة بطريقة عشوائية في خرق سافر لقانون حماية المعطيات الشخصية. وسجلت النقابة غياب استراتيجية واضحة للتكوين المستمر بما يتناسب مع الأعباء الجسيمة الملقاة على عاتق أطر المديرية، وتوزيع مكافآت مالية «ريعية» مع التستر على أسماء الحاصلين عليها، واستعمال الأموال المخصصة لمهمات التنقل بطريقة غير قانونية في هذا الأمر، محذرين من مخاطرة الإدارة من خلال تكليف مستخدمي شركات المناولة (الأمن والنظافة) بالقيام بأعمال إدارية حساسة تكتسي طابع السر المهني، من قبيل استلام ملفات طلبات أذونات العرض بالسوق وشهادات التسجيل وسكرتارية رؤساء الأقسام والمصالح وتسيير شؤون الموظفين.
واستنكرت النقابة بشدة إقدام المدير، بشكل مفاجئ وبطريقة تعسفية، على إغلاق المقصف الخاص بالموظفين الذي يوفر خدمة الإطعام داخل الإدارة بدون الاضطرار إلى الخروج من الإدارة، خاصة أن «المديرية توجد في منطقة بعيدة عن المطاعم، وذلك بحجة محاربة ما أسماه شركات السمسرة، في حين كان عليه ببساطة منعها من الولوج إلى المديرية والمقصف، وتخصيصه فقط للموظفين، خاصة أن هذه الشركات معروفة لدى الجميع»، حسب شكاية توصلت بها «الأخبار». كما يشتكي أطر المديرية من التضييق على حقهم في الحصول على الرخص الإدارية السنوية، بالرغم من عدم التأثير على السير العادي للخدمة.
وعبرت النقابة عن إدانتها لاستهداف الأطر الصحية من طرف المدير، وإقدامه، بتاريخ 14 ماي الماضي، في اجتماع رسمي، على سب وشتم كل من يستعمل خدمة المقصف من موظفين ومرتفقين من خلال وصفهم بعبارة «الزبل والوسخ».
هذا وأصبحت الرقابة الدوائية مهددة بالسكتة القلبية، بسبب النزيف الحاد الذي تعرفه مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، وذلك منذ تعيين مديرها، جمال توفيق، في عهد الوزير الحالي، أنس الدكالي، بعد إعفائه في عهد الوزير الأسبق، الراحل التهامي الخياري. وسارع أطر المديرية إلى دق ناقوس الخطر، في رسالة موجهة إلى الوزير وإلى رئيس الحكومة، يطالبون من خلالها بالتدخل العاجل من أجل رفع جميع الأضرار اللاحقة بالسير العادي لهذا المرفق العمومي الحيوي وبالموظفين، كما طالبوا بإرسال لجان تفتيش مركزية للتحقق من كل الخروقات الواردة في الرسالة بالإضافة إلى خروقات أخرى خطيرة.
وحسب مصادر من داخل الوزارة، فإن سبب الاحتقان والنزيف الذي يعرفه المختبر الوطني لمراقبة الأدوية، يعود إلى استهتار المدير ورئيسة المختبر، التي هي، في الوقت نفسه، أستاذة للتعليم العالي في كلية الطب والصيدلة التي كان يشغل فيها المدير منصب نائب العميد، وهي الكلية نفسها التي حصل فيها الوزير على منصب أستاذ جامعي، بدعم ومساعدة من المدير.
وبخصوص عمليات السمسرة داخل المديرية، كشفت المصادر أن زوجة الإطار السابق الذي أنشأ شركة للسمسرة، مازالت تعمل في منصب قريب من مكتب المدير، ما يمكنها من الاطلاع على كل الملفات الحساسة التي يستغلها زوجها في أعماله الاستشارية، كما عينها ضمن اللجنة التي تشرف على مشروع إحداث الوكالة الوطنية للأدوية إلى جانب المسؤولة السابقة بقسم التموين، التي أعفاها الوزير السابق، الحسن الوردي، من منصبها، إثر الاختلالات التي شابت صفقة اللقاحات بمبلغ 141 مليار سنتيم، في عهد الوزيرة الاستقلالية السابقة، ياسمينة بادو.