أن تتبجح بأنك لم تخسر على أول حملاتك الانتخابية أكثر من خمسين درهما، وأن تربح من وراء ذلك مليارا ونصف مليار تقريبا كمعاش دائم دون أن تكون قد ساهمت فيه بدرهم واحد، فيجب أن تكون لديك «صنطيحة» عبد الإله بنكيران.
ولكي يكون لديك برلماني تم ضبط ثلاثة هواتف «نقالة» في جيوبه داخل حجرة الاختبار لامتحان البكالوريا ومع ذلك يتجرأ زميل له لكي يطرح على وزير التربية والتعليم سؤالا حول استفحال ظاهرة الغش، يجب أن يكون اسمك «العدالة والتنمية».
«وصبرو غي حتى ينساو الناس شوية وديك الساعة أراك لتخراج العينين فالبرلمان»، لكن يبدو أن الإخوان «ما عندهوم علاش يحشمو نيت»، وعوض أن يؤنبوا أخاهم البرلماني على فعلته، أو أن يحشم «هو براسو على عراضو» ويقدم استقالته من البرلمان، جمع كل ما في وجهه من «قصوحية» وجاء يمشي على استحياء داخل البرلمان، وكأن لا شيء حدث، والحال أن القرار الذي اتخذ في حقه بمنعه من الترشح لسنتين فضيحة أخلاقية وسياسية بكل المقاييس.
ويبدو أنه لسياسيي العدالة والتنمية موعد سنوي مع الفضائح الأخلاقية لا يخلفونه أبدا، بحيث «غي كيسخن الحال كيسخن عليهم راسهم»، فلم تمر إلا يومين على فضيحة البرلماني الغشاش حتى ظهرت فضيحة نائب عمدة سلا الذي لم يمنعه خطاب الطهرانية المزيفة من تصوير نفسه عاريا لإحدى المراهقات في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي. «واش نتا دابا مسؤول سياسي قدو قداش وباقي كاتدخل لإيمو وإنستغرام باش تشاطي وتبادل التصاور مع البنات؟».
والمصيبة الكبرى في نظري هي عندما كتب السيد نائب عمدة المدينة المليونية سلا قائلا «وحيث إنني كنت في مدينة تطوان ليلة الأربعاء فانتظرت حتى الصباح لأشد الطريق إلى سلا من أجل وضع شكاية في الموضوع».
أشد الطريق إلى سلا؟
«غي على هاد أشد بوحدها خصك إعفاء من الحزب والبلدية».
أما بلاغ البرلماني نور الدين اقشيبل «فغير خلي داك الجمل راكد»، فإذا كان هذا هو مستواه في اللغة العربية فكيف يا ترى سيكون مستواه في اللغة الفرنسية التي تم ضبطه متلبسا بحيازة الهواتف خلال اختبارها.
والحقيقة أن حالة البرلماني هي الأخطر، فهذا الأخير حظي بدعم خاص من طرف بنكيران أثناء ترشحه في الانتخابات التشريعية الماضية، ضدا على إرادة القواعد لكون المعني بالأمر يحترف الترحل بين الأحزاب، وقدمه كبيرهم الذي علمهم السحر كملاك طاهر.
وبدل أن يقدم البرلماني اعتذاره بعد الفضيحة وينسحب فقد قدم تبريرات لا يقدمها أي شخص مسؤول أبدا، ومنها أنه نسي هواتفه في جيبه، مع أنه وقع التزاما وصادق عليه بالبلدية قبل أن يأتي لقاعة الامتحان، ولم يكتف بهذه الكذبة بل أهان الطاقم التربوي والإداري الذي تعامل مع حالته، وهددهم بكونهم «مكيعرفوش معمن كيهضرو»، وأهان شهادة وطنية هي شهادة البكالوريا بالحديث عن كونه «معندو ما يدير بيها»، وملي نتا ما عندك ما دير بيها لاش معمر لينا بلاصة وحارم منها مرشح اللي عندو ما يدير بيها».
والحقيقة أنه «نيت معندو ميدير بيها»، لأن النجاح في السياسة في المغرب لا يمر بالضرورة عبر العلم والمعرفة والتكوين الأكاديمي، بل يمر عبر مسالك أخرى أهمها «مسلك تخراج العينين» الذي يبرع فيه أبناء العدالة والتنمية عندما يتم ضبط أحدهم بالجرم المشهود، وأمامكم إنكار ماء العينين لصورها بدون حجاب في باريس ثم اعترافها بعد ذلك بالحقيقة، وإنكار بنكيران لمعاشه الاستثنائي ثم اعترافه بتقاضيه سبعة ملايين شهريا بعدما نشرنا المرسوم، واللائحة طويلة.
والمضحك في القصة كلها هو التبريرات التي ساقها «الباجدة» لحادثة الغش التي تورط فيها البرلماني. فاليزمي «الطهراني» الذي قاد حرب تدريس اللغة العربية وهو يدرس أبناءه في مدارس البعثات الأجنبية، قام بخرجة إعلامية أكد فيها «أن إدخال الهواتف النقالة إلى قاعة الامتحان لا يعني الغش»، فهو نسي أنه كان وزيرا عندما تم تمرير قانون الغش، وقد صوت عليه في مجلس حكومي، هذا القانون الذي يحمل رقم 02.13، يؤكد في مادته الأولى أن «حيازة أي آلة إلكترونية غير مرخصة داخل فضاء الامتحان يعتبر غشّا»، ومع ذلك فاليزمي لا يجد حرجا في تبرير ما لا يُبرر.
الوجه الآخر لهذه الحادثة، هو هوس «الباجدة» بالشهادات، وهو الهوس الذي يصل إلى مستويات لا يصدقها أي عقل سليم، فكما أن هناك جامعي التحف وجامعي الطوابع البريدية والعملات النقدية فهؤلاء تخصصوا في جمع الشهادات. وهذا الهوس نفهم دوافعه عندما نرى الطريقة التي يتم بها تدوير المناصب العليا بين الأطر، فالأهم هو الشهادة. فنحن أمام شخص وصل إلى البرلمان بدون شهادة، لذلك لا شك في كونه سيسجل نفسه في شعبة جامعية يترأسها «أخ» ولن يكون مجبرا على حضور الدروس، إذ المهم أن يكون حاضرا يوم الامتحان، والهواتف التي كانت ستكون وسيلة الغش هي نفسها ستكون وسيلته في النجاح، فعبارة «هاداك الأخ ديالنا» تعمل عمل السحر في «الباجدة». ومؤخراً في كلية الآداب بفاس، لجأت «قنديلة» لنقابي «نافذ» ليتدخل لدى أستاذين منحاها نقطة الصفر لكونها لم تضع العرضين اللذين طُلبا منها، شأنها شأن باقي الطلبة العاديين، وما كان من الأستاذين إلا أن غيرا النقطة ووضعا لها نقطة 10/20 بحجة أنهما نسيا العرضين اللذين تقدمت بهما «القنديلة»، ليتضح أن النسيان هو ورقة من ضمن الأوراق التي يلجأ إليها هؤلاء القوم.