مع بداية شهر يوليوز الجاري، تكون حملة تحرير الملك العمومي بمدينة سيدي سليمان قد دخلت شهرها الثالث، بالأحياء الواقعة بالنفوذ الترابي للملحقة الإدارية الثانية، وهي الحملة غير المسبوقة التي تقودها رئيسة الملحقة القائدة مريم كديرة، القادمة من المقاطعة الخامسة بمدينة المحمدية.
وجندت القائدة كافة أعوان السلطة العاملين تحت إمرتها، وحملتهم المسؤولية الكاملة في مراقبة وإنهاء مظاهر البناء العشوائي فوق الأرصفة والملك العام، الذي ظل لعقود السمة البارزة بجل أحياء مدينة سيدي سليمان، مستعينة في ذلك بالدعم المباشر الذي تلاقيه من عامل الإقليم، بعدما تم، في وقت سابق، بمقر عمالة سيدي سليمان، التنسيق مع مجموعة الجماعات الترابية «بني احسن للبيئة»، والمجلس الجماعي بالمدينة وشركة النظافة «بيئة س.س»، حيث كان مقررا أن تشمل الحملة جميع النفوذ الترابي لإقليم سيدي سليمان، قبل أن تتوقف لأسباب غامضة بالملحقة الأولى، فيما تحجج قائد الملحقة الإدارية الثالثة بضرورة توفير الدعم الأمني (القوات المساعدة، الأمن الوطني) قبل انطلاق الحملة، بالرغم من توفير اللوجيستيك اللازم لذلك، وسط ترقب من رئيس قسم الشؤون الداخلية بالعمالة، الذي ظل يحذر مسؤوليه من مغبة تسبب الحملة في احتجاج السكان، وهو ما لم يحدث طيلة الفترة الماضية.
جرافة القائدة تطال أسوار النافذين
من بين أبرز سمات حملة تحرير الملك العمومي، التي تقودها قائدة الملحقة الإدارية الثانية بسيدي سليمان، هو استهدافها بشكل كبير لعشرات المنازل المملوكة لبعض الموظفين الجماعيين والأعيان والنافذين، وموظفي المصالح الخارجية للوزارات، والمسؤولين الأمنيين والعسكريين، وبعض المنتخبين وأطر عمالة الإقليم وأعضاء بالمجلس الإقليمي، ورؤساء سابقين ببعض الجماعات الترابية، والذين ظلوا لسنوات يستغلون بدون أي سند قانوني الملك العام، الذي تم تحويله إلى إسطبلات عشوائية وورشات لصناعة الخشب والزليج أو مرائب للسيارات، مع بناء أسوار فوق المساحات المخصصة في الأصل لمرور الراجلين، خاصة على مستوى حي الليمونة وحي الرجاء وحي السلام المتكون من 45 «بلوك» وتجزئة السليمانية.
وبادرت القائدة إلى تكليف أعوان السلطة بمهمة هدم بعض الحواجز الإسمنتية، التي تمت إقامتها فوق الرصيف بعلم هؤلاء «الأعوان»، حيث لم تستثن في ذلك مصحة خاصة وسط المدينة، قام مالكوها بتسييج مساحة مهمة من الملك العام، وتحويل جزء من الرصيف إلى مرأب للسيارات، في ظل توصل عامل الإقليم بتقارير يومية حول ظروف سير الحملة، بعدما انخرط المجلس الجماعي ومجموعة الجماعات الترابية في توفير اللوجيستيك والموارد البشرية الكفيلة بمساعدة السلطات المحلية على إنهاء مظاهر الفوضى المرتبطة بالاحتلال العشوائي للملك العام.
إشادة بالحملة ومطالب بتعميمها
عبّر العديد من المواطنين بمدينة سيدي سليمان، عبر تصريحات متطابقة، استقاها الموقع خلال المواكبة اليومية لحملة تحرير الملك العمومي، عن ترحيبهم بهذه الخطوة التي أعادت بنسبة مهمة الأمور إلى نصابها، وساهمت بشكل كبير في تمكين المواطنين من استغلال الأرصفة، التي ظلوا محرومين من المرور فوقها طيلة سنوات، مثلما أشاد المواطنون بمبدأ المساواة الذي نهجته السلطات المحلية في التعامل مع محتلي الملك العام، دون إقامة أي اعتبار لمسؤولياتهم الوظيفية، أو علاقاتهم مع المسؤولين أو انتماءاتهم الحزبية، ودون تسجيل أي مواجهات بين أعوان السلطة والسكان.
وشجع نهج القائدة مجموعة من المواطنين القاطنين بأحياء (السليمانية، البام، الليمونة) بالنفوذ الترابي للملحقة الإدارية الثانية، على المبادرة الطوعية لإزالة السياجات الحديدية وهدم الحواجز الإسمنتية، وكذا الأسوار التي تم تشييدها بشكل عشوائي فوق الملك العام، وسط مطالب لعبد المجيد الكياك، عامل إقليم سيدي سليمان، بتعميم هذه الحملة على كافة الملحقات الإدارية الأربع بمدينة سيدي سليمان، خاصة بالملحقة الإدارية الثالثة التي تعرف تراميا كبيرا على الملك العمومي من بعض الموظفين والمسؤولين (تجزئة ابن خلدون وتجزئة الوفاء نموذجا)، بعدما حولوا مساحات من الرصيف إلى مرائب للسيارات أو محلات تجارية، أمام عجز رئيس الملحقة الثالثة.
تنظيم استغلال الملك العام
كشف مصدر مطلع لـ"تيلي ماروك" أن باشا مدينة سيدي سليمان بات بدوره يستعد عبر التنسيق مع المجلس البلدي لشن حملة تحرير الأرصفة بشارعي الحسن الثاني ومحمد الخامس من عربات الباعة الجائلين، والاحتلال العشوائي للملك العام من قبل أرباب المقاهي والمحلات التجارية، وتنزيل مقتضيات القرار الفردي الصادر عن رئيس الجماعة، بناء على محضر اجتماع انعقد نهاية شهر يونيو الماضي، خصص لتنظيم المجال بشارع محمد الخامس، حضره رئيس الجماعة رفقة نائبه الأول، إضافة إلى ممثلين عن غرفة التجارة والصناعة والخدمات والأمن الوطني وقائد الملحقة الإدارية الأولى، وهو الاجتماع الذي كان من ضمن مخرجاته، حث التجار على تأدية ما بذمتهم لفائدة الجماعة بخصوص استغلال ممر الأروقة الذي يعتبر ملكا عاما للجماعة، والترخيص فقط باستغلال متر واحد على مستوى واجهة المحلات التجارية، والسماح بوضع طاولة واحدة بالرصيف بالنسبة للمقاهي ومحلات الأكلات الخفيفة، في انتظار تحمل شسيع المداخيل بالجماعة لمسؤوليته القانونية، في تحصيل الدين العمومي المتعلق بأتاوى شغل الأملاك الجماعية لأغراض تجارية أو مهنية أو صناعية، إضافة إلى الرسم المفروض على المشروبات.
دعوات لإصلاح البنية التحتية
بالموازاة مع مشاهد التفاعل الإيجابي للمواطنين بمدينة سيدي سليمان، وخاصة بالأحياء التي شملتها حملة تحرير الملك العمومي، بات رئيس المجلس البلدي لمدينة سيدي سليمان، طارق العروصي، المنتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية، مطالبا، أكثر من أي وقت مضى، بضرورة الاستجابة لمطالب السكان، الرامية إلى إصلاح طرقات الأحياء والتجزئات السكنية التي تشهد وضعية كارثية، بعدما خذلهم الرئيس المعزول البرلماني محمد الحفياني، عن حزب العدالة والتنمية، طيلة نصف الولاية الجماعية، في الوفاء بالوعود التي قدمها لممثلين عن الوداديات السكنية.
ويفترض في المجلس الجماعي الحالي أن يتحمل مسؤوليته الكاملة، في إيجاد الحلول الكفيلة بتمويل مشاريع تزفيت الطرق وإصلاح الأرصفة، والتسريع بإعلان الصفقات المرتبطة بها، خاصة بعدما فشلت الحملة التي يقودها مستشارو حزبي «المصباح» و«الجرار»، من أجل جمع النصاب القانوني الكافي لعقد دورة استثنائية، الهدف منها الانسحاب من اتفاقية الشراكة المبرمة مع المجلس الإقليمي بخصوص إصلاح وتهيئة شارع الحسن الثاني وشارع المقاومة.
وبحسب ما عاينه الموقع، فإن العديد من التجزئات السكنية الحديثة بمدينة سيدي سليمان، تعرف هشاشة ملحوظة من حيث البنية التحتية، مثلما يعاني المواطنون بهذه التجزئات الويلات خلال فترة التساقطات المطرية، خاصة على مستوى أحياء الضفة الغربية، والتجزئات السكنية لكل من (المحمدية، أكدال، المنارة، السليمانية، جليل التازي، الرياض)، فيما يطالب المواطنون، كذلك، بتعزيز الإنارة العمومية ببعض أزقة وشوارع المدينة.