بعدما فجرت جريدة " الأخبار"، فضيحة توزيع شقق فاخرة على مسؤولين كبار داخل وزارة التجهيز والنقل في عهد الوزير السابق عزيز رباح، وتوجد من بين المستفيدين مستشارة في ديوانه، عاد الجدل مجددا حول توزيع الشقق المتبقية بمشروع "الرياض 9" وسط العاصمة الرباط.
وعلى إثر نشر مؤسسة الأعمال الاجتماعية للأشغال العمومية، بتاريخ 14 يونيو الماضي، لبلاغ حول الشقق الشاغرة بمشروع "الرياض 9" بالرباط، أعلن مكتب نقابة موظفي وموظفات وزارة التجهيز والنقل، التابع للاتحاد المغربي للشغل، عن استنكاره للطريقة التي تصر بها المؤسسة على مواصلة التنكر لحقوق المنخرطين. وأوضحت النقابة، في بيان لها، أنه عوض اللجوء إلى نقاش جاد ومسؤول حول الشروط القانونية الواجب توفرها في كل مشروع اجتماعي، فضلت المؤسسة من جديد سلك استراتيجية الهروب إلى الامام وتعلن عن بداية التسجيل للاستفادة من ستة (06) شقق شاغرة بمشروع "الرياض 9"، اعتبرتها النقابة "في الواقع ما تبقى من المجزرة الاجتماعية التي اقترفتها المؤسسة حينما عمدت بطريقة سرية إلى تفويت جل الشقق خلال الفترة ما قبل 2016 إلى مسؤولين داخل الوزارة بعضهم لا يتوفرون على الشروط القانونية للاستفادة".
وجددت النقابة التأكيد على أن هذا المشروع النخبوي يتنافى ومفهوم التضامن ويكرس فكرة "الاستبعاد الاجتماعي" ويهدد بالتالي بتقويض وحدة المؤسسة لأنه لا يعترف بالحقوق الاساسية للمنخرط البسيط بل يعمل على نشر التفرقة وعدم المساواة والانتقائية التي تنتج بالضرورة أحياء سكنية مغلقة لا يقدر على الاستقرار فيها إلا قلة من المحظوظين، وأوضحت النقابة أن جدول التنقيط، الذي على أساسه تحدد لائحة المستفيدين من المشاريع من الصنف المتوسط والرفيع، يعطي أفضلية للمنخرطين بناء على درجاتهم (هل هم أطر أم أعوان) ثم على أساس وظائفهم درجاتهم (معيار المسؤولية) بحيث أن رئيس المصلحة يستفيد من نقطتين 2 إضافيتين ورئيس القسم يستفيد من ثلاثة 3 نقط إضافية والمدير المركزي من خمسة نقط إضافية، فيما يستفيد الكاتب العام والوزير من ستة 6 نقط إضافية، وبالإضافة إلى هذه القيود التي يفرضها ميثاق السكن، تضمن بلاغ المؤسسة شرط إضافي غير متضمن في ميثاق السكن، بحيث أشار إلى أن النسبة الاختيارية من ثمن الشقة الممكن أداؤه (90 % أو 100 %) تأخذ، هي الأخرى بعين الاعتبار في ترتيب المنخرطين الراغبين في الاستفادة، على أن الثمن الاجمالي للشقق يتراوح ما بين 163 مليون سنتيم و212 مليون سنتيم.
وأكدت مصادر نقابية، أن موظفي الوزارة اكتشفوا تفويت شقق فاخرة توجد بأحياء راقية بالرباط إلى مسؤولين كبار داخل الوزارة، بينهم أُطر يعملون بمؤسسة الاعمال الاجتماعية لأشغال العمومية، وذلك في خرق سافر لمقتضيات المادة الاولى من ميثاق السكن الذي يضع نظريا جميع المنخرطين على قدم المساواة من حيث الاستفادة، وأفادت المصادر ذاتها، أنه من بين المستفيدين كذلك مستشارة سابقة في ديوان عزيز رباح، عندما كان وزيرا للتجهيز والنقل، وأوضح مسؤول نقابي، أن مستشارة الوزير غير تابعة للقطاع، لكنها استفادت من شقة فاخرة في حي الرياض، في حين تم إقصاء منخرطين منذ 30 سنة ويؤدون واجبات الانخراط بشكل منتظم.
وأفادت مصادر من الوزارة، أن مؤسسة الأعمال الاجتماعية التي تتلقى مساعدة مالية سنوية من ميزانية الدولة قدرها 18 مليون درهم، أصبحت خاضعة لسيطرة أعضاء ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، بعدما تحكم الوزير السابق، عزيز رباح، والوزير الحالي، عبد القادر اعمارة، في تعيين رئيسها وأعضاء المكتب الوطني، وذلك بعد إعفاء الرئيس السابق، على إثر الاختلالات الواردة تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي سجل استفادة الجمعية من عدة أملاك عقارية مصدرها الملك الخاص للدولة، مما مكنها من إنجاز مشاريع سكنية، وتم اقتناء هذه الأملاك العقارية بأثمنة مناسبة جدا لتحقيق هدف تسهيل تمليك السكن لفائدة الأعضاء، لكن مع مرور الوقت، يضيف تقرير المجلس "أصبحت المؤسسة مستثمرا عقاريا ينجز مشاريع سكنية في جميع الأقاليم وبجميع المستويات وخاصة لفائدة كبار المسؤولين"، وكشف التقرير تمليك ثلاث شقق بالمشروع السكني "رياض 9" بالرباط للرئيس واثنين من أقاربه.