على بعد حوالي 20 كيلومترا من الدار البيضاء، توجد جماعة دار بوعزة، التابعة إداريا لإقليم النواصر، والتي تعتبر الواجهة البحرية لإقليم النواصر والوجهة المفضلة لعدد من المصطافين القادمين من داخل وخارج المغرب لقضاء عطلة الصيف. لكن هذه الواجهة البحرية، وخاصة كورنيش دار بوعزة، لازالت خارج اهتمام الجهات المسؤولة سواء على مستوى جهة الدار البيضاء أو إقليم النواصر أو المجلس الجماعي المحلي، وذلك لافتقار هذا الكورنيش إلى أبسط الشروط التي تجعل منه متنفسا بحريا، بعدما حوله واد مرزك من منطقة سياحية إلى منطقة ملوثة تستقبل يوميا أطنان المياه العادمة القادمة من محطة التصفية ببرشيد، ما تترتب عنه عواقب وخيمة على صحة المواطنين، وخاصة الذين يقصدون شواطئ دار بوعزة. كما تترتب عنه أضرار تؤدي إلى اختلالات في البيئة، وهي وضعية أكدها تقرير للمختبر الوطني للبيئة التابع لوزارة إعداد التراب الوطني والماء والبيئة، والذي سبق وصنف شاطئ واد مرزك في خانة الشواطئ الملوثة جراء تواجد عشرات المطامير غير العازلة المحيطة بالشاطئ المذكور، وصب بعض المنازل والحمامات ببلدية دار بوعزة مياهها العادمة والمستعملة في القناة المخصصة لمياه الأمطار، والمفضية مباشرة إلى البحر قرب المريسة.
من يتحمل المسؤولية؟
تلوث مياه واد مرزك الناتج عن المياه العادمة لمحطة التصفية ببرشيد كان موضوع جدول أعمال إحدى دورات المجلس الجماعي، الذي رمى بالمسؤولية في تلوث الشاطئ إلى كل من بلدية برشيد وبلديتي السوالم والخيايطة، بحيث صوت أغلب المستشارين بالترخيص لرئيس البلدية برفع دعوى قضائية ضد بلدية برشيد بشأن تلوث مياه شاطئ واد مرزك الناتج عن قذف المياه العادمة لمحطة برشيد، وهي النقطة التي لم يتم تفعيلها لحسابات مشتركة بين المجلسين، في وقت اعتبر مسؤولو بلديتي برشيد والسوالم أن هذه الاتهامات غير مبنية على أية حجج.
وأمام غياب أي تدخل من طرف الجهات المسؤولة عن تدبير الشأن الجهوي والمحلي أو الإقليمي، أو وكالة الحوض المائي، يبقى على الجهات المسؤولة محليا التدخل عاجلا من أجل إنقاذ شاطئ دار بوعزة من كارثة بيئة جعلت المسؤولين يفشلون في حصول شواطئ على اللواء الأزرق الذي تمنحه مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، بسبب عدم توفر شواطئ دار بوعزة وطماريس بإقليم النواصر على المعايير الدولية الخاصة بجودة مياه السباحة ونظافة الرمال واحترام البيئة..، بحيث رسمت الحكومة خارطة الشواطئ الصالحة وغير الصالحة للسباحة من حيث جودة مياهها ورمالها، من خلال دراسة قامت بها، السنة الماضية، كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، حيث خلصت إلى أن شواطئ جهة الدار البيضاء سطات، من بينها شاطئ دار بوعزة تعاني من التلوث.
ومن بين الظواهر التي تشوه الصورة الجمالية لشواطئ دار بوعزة وطماريس، التراخيص باستغلال الملك العمومي للأكشاك الموسمية، وهي تراخيص أججت موجة غضب لدى بعض التجار الذين اتهموا الجهات المسؤولة عن تلك التراخيص بمحاباة مقربين من منتخبين وكبار الموظفين بالإقليم واستفادتهم من محلات بأماكن تعج بحركة المصطافين.
مرسى «دار بوعزة»
حال شواطئ واد مرزك وطماريس لا يختلف عما تعرفه مرسى «داربوعزة» التي تنعدم فيها أبسط شروط النظافة، وهي وضعية أخرجت مجموعة من بائعي السمك بالمريسة للكشف عن حجم الحالة المزرية لسوق السمك بالمريسة، مؤكدين أن هذا السوق يصنف بالدرجة الأولى في خانة الأسواق العشوائية، وأصبح يشكل وصمة عار ونقطة سوداء بالمنطقة، التي تعتبر قطبا سياحيا بامتياز وواجهة بحرية ضمن خريطة جهة الدار البيضاءـ سطات، مطالبين بالتعجيل بإخراج مشروع إنشاء سوق نموذجي بمعايير حديثة وتأهيل المرسى.
تراكم الأزبال بالقرب من أماكن بيع الأسماك بالمريسة أمر بات يعرقل بشكل كبير السير العادي لهذا المرفق الذي طاله الإهمال من جميع الجوانب، وذلك بعدما أصبح المكان المخصص لبيع الأسماك ووضع قوارب الصيد يعرف هو الآخر فوضى كبيرة من طرف حراس السيارات الذين حولوه إلى موقف خارج القانون، وكذا انبعاث الروائح النتنة من جنبات مكان بيع الأسماك الناجمة عن رمي مخلفات الأسماك وانعدام المرافق الصحية به، ناهيك عن غياب المراقبة الطبية من طرف مصالح حفظ الصحة، لجودة الأسماك التي يتم عرضها وبيعها لفائدة المستهلكين في ظروف غير صحية.
هذه الوضعية تعرفها، كذلك، محلات وجبات الأسماك التي لا تتوفر بدورها على المواصفات الصحية بعدما طال انتظار أصحاب المحلات إخراج مشروع تأهيل هذه المريسة.
فوضى مواقف السيارات
في الوقت الذي خرج عدد من مسؤولي تدبير الشأن المحلي ببعض المدن المغربية إلى إعلان الحرب على العشوائية في تدبير مواقف السيارات وجعلها بالمجان، لا زالت حالة الفوضى تعم مواقف السيارات بشاطئ سيدي رحال ببرشيد، والذي يعرف توافد عدد كبير من الزوار مغاربة وأجانب مع كل فصل صيف، والذين أصحبوا بين مطرقة عمليات ابتزاز من طرف أعوان الشركة الحائزة على الصفقة ومطرقة تنصل السلطات من المسؤولية رغم شكايات سكان بعض التجزئات السكنية التي حولتها الشركة إلى مواقف للسيارات مقابل الأداء، دون أي احترام لدفتر التحملات المصادق عليه من طرف السلطات الوصية، والتي أغفلت في بعض بنوده أن بعض التجزئات التي تم تفويت أزقتها للشركة الحائزة على صفقة كراء مواقف السيارات، لازالت في حوزة مالكي التجزئات وأن المجلس لم يتسلمها بعد.
الملك البحري الخاص!
على طول حوالي ستة كيلومترا يمتد شاطئ طماريس بإقليم النواصر، الذي أصبح معروفا بتمركز أكبر التجمعات السكنية الفاخرة والمنتجعات السياحية، بالإضافة إلى فضاء الكورنيش الذي حوله بعض المستثمرين إلى شواطئ خاصة من خلال تمركز عشرات الحانات والمقاهي الفاخرة التي أضحت معروفة لدى عموم قاطني الدار البيضاء ومدن أخرى، بأنها توفر لزبنائها جميع أنواع الترفيه والمتعة، في أجواء لا تخلو من رقص وسهر..، حتى ساعات متأخرة من الليل، وهي مقاه ترامى أصحابها على الملك البحري وحولوه إلى ملكية خاصة يمنع على العموم الجلوس أو المرور به، في غياب أي تدخل من طرف السلطات المحلية التي فضلت ترك الأمور على حالها حتى لا تصطدم ببعض الجهات النافذة التي تبسط نفوذها على الملك البحري بالمنطقة.
«الكواد» يهدد المصطافين أمام الدرك
مع كل موسم صيف يعيش مصطافو شاطئي دار بوعزة وطماريس، حالة من القلق والخوف على حياتهم وحياة أطفالهم، مما يتسبب فيه بعض المراهقين الذين يتخذون من رمال الشاطئ حلبة للسباق في ما بينهم باستعمال الدراجات النارية الرملية التي تزرع الهلع في صفوف المصطافين فوق الرمال.
هي مشاهد تتكرر يوميا طيلة فصل الصيف وتهدد حياة الأطفال الصغار الذين غالبا ما يكونون يلعبون بالرمال، إذ يفاجؤون بعدد من المراهقين يقودون دراجات نارية بسرعة فائقة، غير مبالين بما يجري حولهم، مهددين حياتهم وحياة المصطافين الذين ضاقوا درعا من تصرفات هؤلاء الشباب الذين توفر لهم الحماية القانونية من طرف أوليائهم من خلال التدخلات لدى جهات نافذة من أجل عدم حجز الدراجات الرملية المخالفة للقانون وإيداعها المحجز البلدي، ناهيك عن ضعف المراقبة والتواجد الأمني المكثف بفعل النقص في العناصر الأمنية في صفوف الدرك الملكي والقوات المساعدة على طول الشاطئ، ليبقى خطر الدراجات النارية البحرية وانتشار النفايات التي يخلفها المواطنون السمة البارزة التي تشوه جمالية الشاطئ.
من جانبهم، حمل مسؤولو جماعة دار بوعزة المسؤولية في هذه الكارثة البيئية إلى الجماعات المجاورة، في إشارة إلى جماعات برشيد وحد السوالم والخيايطة، معتبرين أن المياه العادمة والملوثة التي تقذف في شاطئ واد مرزك قادمة من تلك الجماعات، في وقت سبق للجماعة أن راسلت، أكثر من مرة، جميع الجهات الوصية، وعلى رأسها وكالة الحوض المائي، من أجل التدخل لحماية المنطقة من خطر التلوث.
يأتي هذا في وقت كانت الجماعة قد وضعت مشروعا كبيرا لتهيئة الشواطئ بدار بوعزة، وبالخصوص شاطئ واد مرزك، إلا أن مشكل مصب الواد في البحر يشكل عائقا كبيرا أمام هذا المشروع.