مع تزايد الطلب على البيانات الشخصية وتزايد ثمنها في السوق السوداء لتصل إلى 26 بليون دولار في عام 2019، تتهاتف الشركات التي يمكنها أن تستخدم التحايل الرقمي لتصل إلى البيانات بكل سهولة وخبث أن تحصل عليها وتبيعها بهدف الربح. إلا أن هناك شركات أخرى تتعقب هذه الشركات لتفضحها بالدلائل القاطعة كما حصل مؤخرا لـ «آبل» و«غوغل» والعالم الأزرق الفايسبوك.
«آبل»
تحاول شركة «آبل» أن تظهر نفسها على أنها ملاك وسط مجموعة من الشياطين عندما يتعلق الأمر بانتهاك خصوصية المستخدمين، «آبل» هاجمت باقي الشركات بخصوص عدم احترام خصوصية و ساسية بيانات المستخدمين الشخصية. لكن فضيحة الأخيرة كانت بصمة عار في تاريخ الشركة.
«فايس تايم».. وسيلة تجسس «آبل»
اكتشفت ثغرة كبيرة في نظام تشغيل أجهزة «آبل» الذكية «آي أو إس»، تتيح للمتصل سماع ومشاهدة الشخص على الطرف الآخر من مكالمة «فايس تايم» قبل الرد على المكالمة، مما يعني أن بإمكان المتصل التلصص على حياة الشخص الآخر تماما دون علمه. ومن السهل استغلال هذه الثغرة، بالاتصال بشخص ما على تطبيق «فايس تايم» لمكالمات الفديو، ثم قبل أن يرد على المكالمة، يتم الضغط إلى أعلى (swipe up) وإضافة نفسك إلى المكالمة يمكنك الاستماع إلى هاتف الشخص الآخر، وكل ذلك دون أن يرد على المكالمة.
وبكلمات أخرى، فإن هذا يعني أن على أي شخص أن يغطي الكاميرا الأمامية في جهازه مع الحذر فيما يقوله قبل أن يرد على مكالمات فايس تايم، أو بكل ببساطة أن يقوم بتعطيل التطبيق في جهازك (آيفون أو آيباد أو ماك). كما يجب التنبيه إلى أن إغلاق «فايس تايم» على أحد أجهزة «آبل» التي يملكها الشخص (حتى لو كان مسجلا الدخول في تلك الأجهزة باستخدام مُعرّف آبل ذاته)، لا يعني أنه سيتم تلقائيا غلق التطبيق في الأجهزة الأخرى.
المساعد الرقمي Siri
حاولت «آبل» تبرير الأمر، بكون المحادثات الشخصية للمستخدمين لا تتضمن هويتهم، بل يتم تجريد المحادثات من أي شيء قد يربطها بصاحبها قبل أن يتم تمرير جزء من المحادثات (بضع ثواني) إلى المتعاقدين لكي يستمعوا إليها ويراقبوا أجوبة وتفاعل Siri مع الأوامر الصوتية للمستخدمين، كل هذا حسب آبل من أجل تحسين تجربة المستخدم مستقبلا.
«فايسبوك»
فضيحة جديدة لموقع التواصل الاجتماعى الأشهر عالميا «فيس بوك»، كشفت عنها وكالة «بلومبرج» الإخبارية، تتعلق بخصوصية المتسخدمين، والتى تعرضت للعديد من الانتهاكات خلال السنوات الماضية في كثير من المناسبات.
فالفضيحة الجديدة تتمثل في اعتراف الشركة بأنها قامت بتوظيف بعض العاملين للاستماع إلى المقاطع الصوتية التى يتبادلها المستخدمون عبر «ماسنجر» التطبيق التابع لـ «فيسبوك».
وتقول الشركة إن الهدف من هذه الخطوة كان هو «التأكد من نقل الرسائل إلى المتلقين بشكل صحيح»، إلا أن الأمر لا يعفي الشركة من مسؤولية أخلاقية، لأن هذه الرسائل سرية، حسب ما قال خبير أمن معلوماتي.
ووفقا لنفس الوكالة، فإن «فيسبوك» أوقف الاستماع للرسائل الصوتية على «ماسنجر» قبل أسبوع مثل «آبل» و«غوغل»، فقد أبدى العاملون في هذا الأمر استياءهم وانزعاجهم من الاستماع إلى الرسائل الصوتية الخاصة، التي لم يتم الكشف عن هويات أصحابها، بسبب تضمنها محتوى بذيئا أحيانا.
وذكر التقرير الطريقة التي يتم بها الاستماع إلى الرسائل وهي تخضع لشرط واحد فقط وهو موافقة طرف واحد على الاستماع إلى المقاطع الصوتية، فهذا الأمر كاف لمنح الضوء الأخضر لـ «فيس بوك» من أجل التنصت على هذه المقاطع، حتى دون موافقة الطرف الآخر في المحادثة.
كما تُشير تقارير إلى أن موقع فيسبوك قدم عام 2015 ميزة تُحوّل المقاطع الصوتية إلى نصوص في تطبيق ماسنجر، وذلك على الرغم من إيقاف تشغيل هذه الميزة بشكل افتراضي. ويدعي موقع فيسبوك أن مراجعة المقاطع الصوتية التي يتم إرسالها بواسطة المتعاقدين الخارجيين تجري فقط للأشخاص الذين اشتركوا في الميزة. مما يعني، إذا وافق شخص واحد ضمن الدردشة على الميزة ضمن محادثة على فيسبوك على تطبيق ماسنجر، فيستم تحويل أي صوت في الدردشة إلى نص، بغض النظر عمن أرسلها.
«غوغل»
فضيحة جديدة، بطلها محرك البحث الأشهر على الشبكة العنكبوتية الـ «إنترنت»، وهو محرك البحث «غوغل»، الذي يواجه اتهامات بانتهاك خصوصية المُستخدمين و«التجسس» عليهم، فما هي قصة انتهاك «غوغل» لخصوصية المستخدمين.
وحظيت هذه القضية الجديدة باهتمام العديد من وسائل الإعلام العالمية الشهيرة، التي تتبعتها ونشرت الكثير من الأمور بشأنها، ومنها وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، التي كشفت من خلال تحقيق صحفي قامت به، أن شركة «غوغل» العملاقة، تُصر على تتبع حركات مستخدميها والتجسس عليهم، حتى على مستوى التنقلات الصغيرة منها، بغض النظر عن رفض هؤلاء المستخدمين لهذا التعقب، واستخدامهم لبرامج «حماية الخصوصية».
وكشف التحقيق الذي أجرته الـ «أسوشيتد برس»، الذي أعده عدد من الباحثين في مجال علوم الكمبيوتر للوكالة الأمريكية، أن العديد من الخدمات الإلكترونية التي تقدمها «غوغل» للأجهزة المحمولة، سواء كانت تعمل بنظام تشغيل الـ «أندرويد»، أو نظام تشغيل الـ «آي أوه أس ios»، الذي يُشغّل أجهزة شركة «أبل»، تقوم بتخزين البيانات التي تختص بمكان وتنقلات المستخدمين، حتى وإن استخدموا إعدادات حماية الخصوصية بهدف منع عملية التعقب هذه.
«غوغل مابس»
وبحسب التحقيق نفسه، أكد الباحثون لـ «أسوشيتد برس» أن شركة «غوغل» تتمكن من معرفة أماكن تواجد وتنقلات المُستخدمين، من خلال عدد من التطبيقات والخدمات المختلفة، وأهمها على الإطلاق تطبيق «غوغل مابس» للخرائط، فهو يحتفظ بسجل يضم جميع الأماكن والمواقع التي يزورها الشخص خلال اليوم، وعلى جهة أخرى، تُساعد تحديثات تطبيقات الطقس اليومية التلقائية على هواتف الـ «أندرويد» على تحديد مكان التواجد بشكل تقريبي إلى حد كبير، وأضاف الباحثون أنه وعلى الرغم من أن «غوغل» تسأل مستخدميها دائماً إذا كانوا يريدون معرفة مواقع تحركاتهم، إلا أن الشركة لا تكترث كثيراً بجواب مستخدميها، الذين تعطيهم حرية اختيار مُزيفة بالإجابة بـ «نعم» أو «لا» على السؤال السابق.
رد «آبل»
صرحت آبل بأنها قامت بإيقاف برنامج مراقبة الجودة المتعلق بالمساعد الرقمي Siri حاليا، ويتم إجراء بحث داخلي حول الموضوع، وأكدت بأنه وخلال التحديث القادم سيتم توفير إمكانية تعطيل المشاركة في هذا البرنامج، بحيث سيتم منح المستخدم حرية الإختيار سواء بقبول المشاركة في البرنامج أم لا. وقالت إن تقريبا يتم الإستماع لجميع المساعدات الرقمية الذكية، في وقت سابق تم التأكيد على أن المحادثات في المساعد الذكي Echo الخاص بشركة أمازون يتم الاستماع إليها من طرف ليس العشرات بل الآلآف من الموظفين حول العالم، في مراكز مراقبة تقع في الهند وبوسطن وكوستا ريكا ورومانيا. أمازون تبرر الأمر لنفس السبب أي مراقبة الجودة من أجل تحسين أداء المساعد الرقمي مستقبلا.
رد «غوغل»
واعترفت غوغل سريعا بالتسريبات، وألقت اللوم على موظف هولندي يعمل لصالحها. أي أن غوغل ترى أن الموظف الذي كان من واجبه مراجعة التسجيلات، قام بتسريبها إلى الإعلام.
وفي بيان نشرته على مدونتها قال ديفيد مونسيز، المتحدث باسم الشركة «نراجع بشكل شامل نظم الحماية التي نقدّمها لمستخدمي «مساعد غوغل» حالياً، وسنعمل على تشديد حماية البيانات الفردية كي لا يقع أي استغلال مستقبلا ...نحن نعتمد على عدد من الوسائل المختلفة لتحسين تجربة مستخدمينا، من بين هذه الوسائل، سجل المواقع وأنشطة اليوم، ونقدم عناصر تحكم قوية حتى يستطيع الأشخاص تشغيل هذه الوسائل أو إيقافها، الأمور واضحة وليست بهذا التعقيد».
وتابعت الشركة في ردها أنه: «من أجل إيقاف حفظ (غوغل) لأماكن تواجد المستخدم، يمكنه أن يغلق إعداداً آخر، لا علاقة له تحديداً بمعلومات المواقع، وهذا الإعداد هو (نشاط الويب والتطبيق web and app activity)، والذي يكون مُفعّلاً بشكل افتراضي، ويقوم بدوره بتخزين عدد من المعلومات المتنوعة من المواقع الإلكترونية وتطبيقات جوجل الأخرى في حساب المُستخدم الخاص».
أما فيما يتعلق بالحالات التي يبلغ عددها 153 والتي قامت فيها الأجهزة بتسجيل أصوات البيت والناس من دون استخدامها، قال مونسيز: «أحياناً هناك بعض الأصوات والضجة في الخلفية التي قد يتلقاها الجهاز بطريقة خاطئة. اتخذنا سلسلة من الإجراءات التقنية لمنع وقوع هذا الأمر». وذكرت «غوغل» أنها أوقفت هذه الممارسة في الأسابيع الأخيرة.
بالرغم من رد شركة «غوغل» على هذه الاتهامات التي وُجهت لها بشأن التجسس على مستخدميها وتعقب تحركاتهم، عقب التحقيق الذي أجرته وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، إلا أن صحيفة الـ»جارديان» البريطانية، قامت بتفجير مفاجأة مُدوية بهذا الشأن، وذلك حين نشرت مؤخراً تقريراً جاء فيه، أنه عندما نقوم بإيقاف إعداد «نشاط الويب والتطبيق»، سيمنع ذلك حفظ أي نشاط على الجهاز أو تخزينه على حساب المُستخدم الشخصي، لكن ترك الإعداد مفتوحاً بينما القيام بإغلاق خاصية تسجيل الموقع، فإن ذلك يمنع «غوغل» من إضافة تحركاتك اليومية للخط الزمني فحسب، إلا أن ذلك لن يوقف عملاق التكنولوجيا هذا عن جمع معلومات أخرى لمواقعك وأماكن تواجدك.
رد «فايسبوك»
وفايسبوك الذي تم تغريمه مؤخرا خمسة مليارات دولار من قبل لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية لإساءة استخدام بيانات مستخدميه، أعطى إجابات مختلفة فيما يتعلق بالتقارير حول استخدامه التسجيلات الصوتية من أجل الإعلانات أو لجعل صفحاته أكثر جاذبية.
وقال مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لفيسبوك في شهادة بمجلس الشيوخ الأميركي العام الماضي «أنتم تتحدثون عن نظرية المؤامرة تلك التي يتم تداولها بأننا نستمع إلى ما يجري في ميكروفوناتكم ونستخدم ذلك للإعلانات». وأضاف «نحن لا نفعل ذلك».
لكن الشركة أبلغت النواب لاحقا بطريقة مكتوبة أنها تجمع بالفعل المحادثات إذا سمح أصحابها بذلك زانهم يستخدمون ميزات صوتية معينة. ولم تحدد ما الذي فعلته بالمحادثات الصوتية بعد ذلك.