هكذا يتسبب «تيك توك» في نشر مرض نفسي خطير بين المراهقات - تيلي ماروك

تيك توك هكذا يتسبب «تيك توك» في نشر مرض نفسي خطير بين المراهقات

هكذا يتسبب «تيك توك» في نشر مرض نفسي خطير بين المراهقات
  • 64x64
    Télé Maroc
    نشرت في : 16/11/2021

عرفت المراكز الطبية مؤخرا توافدا كبيرا للمصابين بتشنجات واهتزاز في الرأس وصياح وسُباب غير طوعي ولاإرادي عند عدد كبير من المراهقات بالمقارنة مع العدد المعتاد، وتم تشخيص هذه الأعراض على أنها متلازمة «التوريت». ووجد الأطباء والدراسات المهتمة بالأمر أن الرابط المشترك بين هاته المراهقات هو منصة «التيك توك» والتي بدورها تجري بحوثها للكشف عن الأسباب وراء هذه الظاهرة المحيرة.


تعتبر متلازمة «التوريت» شكلا من أشكال الخلل الذي يحدث على مستوى الدماغ، حيث إنه يتم إفراز كمية أكثر من اللازم من مادة الدوبامين التي تنتمي إلى المجموعات الكيميائية المسماة بالنواقل العصبية، التي تنقل الإشارات بين خلايا الأعصاب. ويؤدي اختلال مستوى الدوبامين لدى المصابين بمتلازمة «توريت» إلى اضطراب في عملية تواصل مراكز مختلفة في الدماغ.

تُعد التشنُجات اللاإرادية (Tics) العرض الرئيسي للمصابين بمتلازمة توريت، المتلازمة العصبية التي تتسم بتشنجات غير طوعية وغير قابلة للتحكُم فيها.

ووفقاً لمنصة «سيكولوجي توداي»، فإن التشنجات اللاإرادية يمكن وصفها على أنها حركات أو نطق مفاجئ، وسريع، وغير منتظم.

وتأتي أعراض متلازمة توريت في صورة بسيطة تشمل مجموعة عضلية محدودة مثل رمش العين، وهز الكتفين،  وعبوس الوجه، واهتزاز الرأس، والصياح، والكحة، والشم، فيما قد تأتي في صور أكثر تعقيدًا لتشمل مجموعات عضلية متعددة.

ومن أمثلة النمط المعقد من تشنجات متلازمة توريت، القفز أو شم الأشياء أو لمس الأنف أو لمس الآخرين أو إيذاء الذات، كما يمكن أن تتضمن هذه التشنجات اللاإرادية التفوه بعبارات غير لائقة.

وبينما تظهر الأعراض لدى الأطفال المصابين ما بين الرابعة والسادسة، تصل لذروتها في عُمر العاشرة إلى الثانية عشرة، وتظهر الإحصائيات ومحاولات الحصر أن  الذكور يصابون مرتين إلى أربع مرات أكثر من الإناث بتلك المتلازمة.

وعادةً ما يُعاني المصابون بمتلازمة توريت من أعراض اضطراب الوسواس القهري، واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، وصعوبات التعلم، وكذلك اضطرابات النوم.

 

اتهامات لـ«تيك توك»

أصدرت صحيفة «وول ستريت جورنال» تقريرا يتهم التطبيق الصيني «تيك توك» بالتسبب في مرض خطير للفتيات المراهقات. وهو نوع من أنواع التشنجات اللاإرادية للفتيات المراهقات نتيجة القلق والاكتئاب بسبب الفيديوهات الموجودة على المنصة.

فقد لاحظت العيادات زيادة أعداد هذه الأعراض منذ ظهور أزمة وباء كوفيد-19، كما أن هذه الأخيرة تطورت فجأة لديهن. وبعد أشهر من دراسة المريضات، اكتشف خبراء بأفضل مستشفيات الأطفال في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والمملكة المتحدة أن معظم الفتيات لديهن شيء مشترك هو «تيك توك». ويقول الأطباء إن الفتيات كن يشاهدن مقاطع فيديو لمؤثرات على التطبيق  أصبن بـ«متلازمة توريت»،حيث يتسبب في القيام بحركات أو أصوات متكررة لا إرادية.

وتقول «وول ستريت جورنال» إن المتلازمة تؤثر على الذكور أكثر من الإناث، لذلك كان مستغربا انتشارها بين الفتيات. لكن سرعان ما وجد التقرير انتشار مقاطع فيديو لمؤثرين يتحدثون عن معاناتهن مع التشنج. ووجد أطباء في المملكة المتحدة أن مقاطع الفيديو التي تحتوي على علامة التصنيف #tourettes حصلت على حوالي 1.25 مليار مشاهدة، وهو رقم ارتفع منذ ذلك الحين إلى 4.8 مليارات. وبمجرد أن ينقر المستخدمون على مقاطع الفيديو التي تظهر على صفحة «من أجلك» الخاصة بهم، فقد تتبعهم مقاطع فيديو مماثلة، مما يعني استمرار التعرض للفيديوهات من هذا النوع.

وفي دراسة أخرى قام بها باحثون من جامعة «كالجاري» الكندية ونشرت في غشت الماضي، رصدت تصاعد الحالات سريعة الظهور للتشنجات اللاإرادية المشابهة لتشنجات توريت من 1-5% قبل الجائحة إلى 20-35%، في العينة المبحوثة بكندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وأستراليا.  واعتبرت الدراسة الظاهرة «وباء موازيا» بين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 25 عاماً، من الإناث على وجه الحصر تقريبا.

وربطت أيضا الدراسة الكندية بين تفشي الجائحة وما صاحبها من قلق واكتئاب وشعور بالضغط وبين تطوير تلك التشنجات اللاإرادية، كما أشارت أيضاً إلى وجود صلة بين التعرُض لمحتوى المؤثرين على «تيك توك» و متلازمة توريت لدى الحالات، وبداية الأعراض.

كما ذكرت المجلات الطبية أن المراكز تشهد ما يصل إلى 10 أضعاف حالات التشنجات اللاإرادية المعتادة، حيث قبل الوباء كانت المراكز تشهد حالة أو حالتين شهريا، لكن البعض الآن يقول إنهم يرون ما بين 10 إلى 20 حالة شهريا. فمثلا، رأى مركز جامعة «جونز هوبكنز»، أن 10% إلى 20% من مرضاه الأطفال، قد أصيبوا بهذه الأعراض خلال العام الماضي، في حين أن العدد المعتاد قبل الوباء هو 2% إلى 3% فقط سنويا.

ولاحظ الأطباء أن ما يحدث ليس متلازمة التوريت، ولكنه اضطراب حركي وظيفي، حيث العديد من الأطفال الذين أصيبوا بتشنجات لاإرادية سبق تشخيصهم بالقلق أو الاكتئاب الذي تفاقم خلال الوباء. 

ويحظى تطبيق «تيك توك»، الذي نما بسرعة خلال الوباء، بشعبية خاصة بين الفتيات المراهقات، ويحتل المرتبة الأولى في قائمة الوسائط الاجتماعية المفضلة لديهن، وفق دراسات.

 

قناة «عاصفة الرأس»

يُظهر جميع المرضى نفس السلوكيات اللاإرادية التي يتميز بها أحد مشاهير قنوات اليوتيوب. إنها قناة جي ويتر إيم كوبف (أي عاصفة في الرأس) التي توثق حياة جان زيمرمان، وهو شاب بعمر 23 عاماً من ألمانيا يعاني من متلازمة توريت. وكان الغرض من إنشاء القناة هو التحدث بطريقة صريحة وفكاهية عن اضطراب زيمرمان، وحققت نجاحا لافتا إذ جذبت أكثر من مليوني مشترك خلال عامين فقط.

ويتسم الاضطراب الحركي لدى زيمرمان ببعض الصفات المحددة. فغالبا ما يُشاهد وهو يردد بعض العبارات مثل «Fliegende Haie » (أي أسماك قرش طائرة) و»Heil Hitler» (أي تحية لهتلر)، و»Du bisthäßlich» (أي أنت قبيح) و»pommes » (أي الرقائق). وهناك أيضا حركات سحق البيض ورمي الأقلام في المدرسة.

وكان المرضى الذين راجعوا عيادة الطبيبة موللر-فال وهي طبيبة نفسية في كلية هانوفر الطبية بألمانيا ورئيسة العيادات الخارجية لمتلازمة توريت، يقلدون الاضطرابات اللا إرادية لزيمرمان بشكل مشابه للغاية. كما أن العديد منهم يصفون حالتهم باسم «جيسلا» وهو نفس اللقب الذي يستخدمه صاحب قناة اليوتيوب الشهير لوصف حالته. وبشكل مجمل، قدِم إلى عيادتها ما يقارب خمسين مريضاً يشتكون من أعراض مماثلة لأعراض زيمرمان. والعديد من هؤلاء كانوا على استعداد للإقرار بمشاهدتهم لمقاطع الفيديو التي تبثها قناة زيمرمان. وعند الاستفسار من زيمرمان، رفض الإدلاء بأي تعليق.

وبالنسبة لبعض المرضى، اختفت جميع أعراضهم عندما أوضحت موللر-فال أن ما عانوا منه لم يكن أعراض متلازمة توريت. أما الآخرون، فساهمت دورة العلاج النفسي في تحسين أعراضهم بشكل ملحوظ. ومع ذلك، فإن العدد الهائل من المرضى الذين يعانون من نفس الأعراض أثار حيرة موللر-فال وباقي زملائها.

 

الفرق بين توريت وFMD

رغم أن أعراض متلازمة توريت تمتد على نطاق واسع، إلا أن الأعراض المماثلة تميل إلى الظهور مرارا وتكرارا، على حد تعبير موللر-فال. فعادة ما تكون التشنجات اللاإرادية الكلاسيكية بسيطة وقصيرة ومفاجئة؛ تظهر بشكل أساسي في العينين أو في الوجه أو الرأس، مثل الرمش المتواصل للعينين والارتعاش وهز الكتفين. وتظهر المتلازمة عادة بعمرٍ يقارب الست سنوات، وتكون أكثر شيوعاً لدى الذكور، بمعدل ثلاثة إلى أربعة ذكور مقابل أنثى واحدة. وأول ما يتبادر إلى الذهن عندما نتخيل توريت هي رغبة جامحة للتلفظ بكلمات بذيئة في الأماكن العامة، وهذا أمر نادر في الواقع بحسب ما تؤكده الطبيبة موللر-فال.

ومن وجهة نظر موللر-فال، يعاني هؤلاء المرضى في الواقع من شيء يسمى الاضطراب الحركي الوظيفي المعروف اختصاراً بالرمز (FMD). وقد تتشابه أعراضه مع متلازمة توريت، إلا أن المتلازمة تتفرد بوجود أساس عصبي لها (رغم أن السبب الجذري غير معروف حتى الآن، لكنه مرتبط وفق المعتقدات بخلل في مناطق الدماغ مثل العقد العصبية القاعدية)، أما سبب الاضطراب الحركي الوظيفي فهو نفسي. لذا، تكون الأجهزة في الاضطراب الحركي الوظيفي سليمة، لكن البرنامج لا يعمل بشكل صحيح. أما بالنسبة لمتلازمة توريت، فالبرنامج يعمل بشكل جيد، لكن الأجهزة ليست كذلك. ويتمتع الأشخاص المصابون بالاضطراب الحركي الوظيفي بامتلاك القدرة الجسدية على التحكم في أجسادهم، لكنهم فقدوا زمام الأمور، ما أدى إلى ظهور سلوكيات غير إرادية وغير طبيعية.

 

المرض الجماعي

سلط عدد من الأطباء الضوء على «المرض الاجتماعي الجماعي» وهي ظاهرة تصيب عددا من الأشخاص في محيط معين تربطهم علاقة ما ويكون العامل المرضي وطريقة العدوى غير مرئيين.  وتنتشر الأعراض عن طريق المحاكاة الاجتماعية اللا واعية للأشخاص المستضعفين، ويُعتقد أنه ناجم عن الضغوطات العاطفية.

وقد نشأ المرض الجماعي سنة 2011 حيث بدأ  في أكتوبر من العام 2011 ، في لو روي، وهي بلدة صغيرة في شمال ولاية نيويورك الأمريكية حيث عانت مجموعة من فتيات المدارس، ولسببٍ غير مفهوم من ظهور تشنجات تشبه التشنجات اللا إرادية لمتلازمة توريت، بما فيها التلفظ المفاجئ ببعض الكلمات وحركات الاهتزاز المفاجئة. وسرعان ما تم استنتاج أن التفشي كان حالة مرضية اجتماعية جماعية، وتصدرت هذه القصة عناوين الوسائل الإعلامية في ذلك الوقت وتمت مشاركتها على نطاق واسع عبر الإنترنت، ما أدى إلى ظهور الأعراض ذاتها لدى الأشخاص الذين لم يلتقوا أبدا بالفتيات. كانت هذه هي الحالة الأولى لمرض اجتماعي جماعي ثبت انتشاره عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع الانتشار المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي، فإن تفشي مثل هذه الأمراض لن يقتصر على حدود مدرسة أو مجتمع محدد، بل سيتمكن من الوصول إلى مختلف أرجاء العالم بكل سهولة وعبر شاشة.

 

رد «تيك توك»

خرج تطبيق «تيك توك» بتصريح على لسان متحدثة باسمه قالت: «سلامة ورفاهية مجتمعنا هي أولويتنا، ونحن نتشاور مع الخبراء لفهم هذه التجربة المحددة بشكل أفضل».

وكانت في يوليوز الماضي، قد حذفت منصة «تيك توك»، أكثر من 7 ملايين حساب، متعلق بأطفال دون سن 13 عاما، بغرض حماية المراهقين من التعرض للمحتويات التي قد تؤثر على سلوكياتهم بالسلب.

كما أنها في غشت الماضي، فرضت منصة الفيديوهات «تيك توك»، إجراءات صارمة بشأن فئة المراهقين، إذ تم وضع بعض القيود لتقليل مشاهدات مقاطع الفيديو الخاصة بفئتهم العمرية، من خلال تطبيق تلك القيود على المستخدمين صغار السن.

 

علاج متلازمة «التوريت»

يظل الخيار الأول لعلاج المصابين بمتلازمة «توريت» هي الأدوية، ويتمثل في تناول أدوية مضادة للذهان. وتكون عبارة عن عناصر تؤثر على مادة الدوبامين الكيميائية أو تعطل مستقبلاتها.

لكن، عند وجود اضطرابات شديدة لدى المصابين به من البالغين يمكن إجراء عملية تنبيه عميقة للدماغ. وهذا إجراء معروف منذ 30 عاما تقريبا وطور لاستخدامه في علاج مرض الباركنسون. وعند استخدام هذه الطريقة يجري زرع منظم في الدماغ لتنظيم عمله، يشبه منظم ضربات القلب الذي يزرع في الصدر. ويساعد هذا المنظم ضد الرعشة في حالة الباركنسون وضد التشنجات في حالة متلازمة توريت.

نافذة

عادةً ما يُعاني المصابون بمتلازمة توريت من أعراض اضطراب الوسواس القهري واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة وصعوبات التعلم واضطرابات النوم.


إقرأ أيضا