بعد صدور قرار حل أجهزة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وعزل رئيسها السابق، عبد المولى عبد المومني، تفجرت فضيحة نصب واحتيال بطلتها موظفة كانت تتمتع بحظوة خاصة وامتيازات لدى الرئيس السابق، بعدما وعدت عشرات الشباب بالتوظيف داخل التعاضدية مقابل مبالغ مالية.
وبدأت تنكشف خيوط عملية النصب والاحتيال مباشرة بعد سقوط عبد المولى من على رأس التعاضدية العامة، حيث بدأ يتقاطر عدد من الشبان على المقر المركزي للتعاضدية للاستفسار عن مصير طلبات توظيفهم مقابل مبالغ مالية. وخلال الأسبوع الماضي، حضر سبعة شبان يقومون بتدريب مجاني بمصالح التعاضدية العامة إلى مقرها المركزي للبحث عن رئيسها وموظفة كانت تشتغل منظفة بالتعاضدية، والتي اختفت عن الأنظار منذ مدة. وعقد الضحايا لقاء مع ممثلين نقابيين من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وحكوا لهم بمرارة ما تعرضوا له من نصب واحتيال.
وحسب روايتهم المسنودة بوثائق، أكد هؤلاء الضحايا أنهم قدموا "رشاوي" من أجل التوظيف المباشر بالتعاضدية، وذلك بوساطة موظفة معروفة بقربها من الرئيس السابق للتعاضدية، تسمى «ح.ز»، التي تعاقد معها عبد المولى منذ سنة ونصف بمبلغ 9000 درهم شهريا ومنح سنوية سمينة، بعد وضعها في ترتيب السلم العاشر بمستوى تعليمي لا يتعدى الرابعة إعدادي للقيام بعدة أعمال.
وبلغ عدد الضحايا الذين تعرضوا للنصب والاحتيال حوالي 10 أشخاص، وأوضح أحد الضحايا أن الموظفة "الوسيطة" تربصت به رفقة شقيقه خارج المؤسسة وعرضت عليهما التدريب قبل التوظيف رفقة ثمانية شبان آخرين اقترحت عليهم التوظيف مقابل مبالغ مالية قدرها 5 ملايين سنتيم، وأخبرتهم أن هذه المبالغ ستسلمها إلى "الحاج" باعتباره الآمر والناهي داخل التعاضدية، أما هي فكانت تطلب من الضحايا منحها هدايا عبارة عن سلاسل ذهبية مقابل وساطتها في عمليات التوظيف. وحسب هؤلاء الضحايا، كانت الوسيطة تستدرجهم على انفراد حتى لا تنكشف لهم خطة النصب والاحتيال، حيث تمكنت من الحصول على 40 مليون سنتيم من ثماني ضحايا بالرباط وخارجه، واستطاعت أن توفر لهم فرصا للتدريب بالمصالح الإدارية بالمؤسسة، ومنها مصلحة طب الأسنان، مع العلم أن تخصص الضحايا هو تقني في تدبير المقاولات، ما يطرح أسئلة حول تورط مسؤولين كبار بالتعاضدية في تسهيل عملية النصب والاحتيال.
وقبل بداية التدريب، فرضت "الوسيطة" على الضحايا تحويل مبالغ مالية، وكشف أحد الضحايا أنها اقترحت في البداية تسليمها المبالغ المالية نقدا، بينما تشبث والده بتحويل المبلغ إلى حساب المؤسسة، بعدما أوهمتهم أنها رشوة قانونية، وأنها شرط من شروط التوظيف بالتعاضدية، حيث منحتهم رقم حساب بنكي، قبل أن يكتشفوا أنه حسابها الشخصي المفتوح بوكالة القرض العقاري والسياحي بالرباط، حيث تم تحويل مبلغ مالي قدره 5 ملايين سنتيم بتاريخ 3 أبريل الماضي، وتحويل نفس المبلغ بتاريخ 17 أبريل الماضي، كما حصل الموقع على وثائق تكشف تحويل مبلغ 5 ملايين سنتيم من متدرب بالتعاضدية تعرض بدوره للنصب والاحتيال، وذلك بتاريخ 9 أبريل الماضي، وتم تعيينه بمصلحة الأرشيف، بعد طرد المستخدم المكلف بعد اتهامه بتسريب وثائق للخارج، وقام بالتوقيع على التزام مصادق عليه بعدم تسريب وثائق، قبل أن يفاجأ وباقي الضحايا بدعوتهم لمغادرة المؤسسة إلى حين استدعائهم لتمكينهم من مناصبهم، وذلك قبل أسبوع من صدور قرار حل التعاضدية العامة، بعد ذلك سقط عليهم خبر عزل عبد المولى، فقرروا كشف الفضيحة، واللجوء إلى القضاء للمطالبة باسترجاع أموالهم، كما طالبوا النيابة العامة بإصدار أمر بإغلاق الحدود في وجه الموظفة "الوسيطة" والأشخاص المتورطين معها في عملية النصب والاحتيال.