تعيش منطقة سيدي الطيبي ضواحي القنيطرة على صفيح ساخن، منذ الخميس الماضي، إثر عملية الهدم الكبيرة التي باشرتها السلطات المحلية والإقليمية بشكل مفاجئ، واستهدفت حيا صفيحيا يضم أكثر من 130 "براكة" وبناء عشوائيا. وأسقطت العملية غير المسبوقة، والتي فجرت منذ الوهلة الأولى فضائح بالجملة، العديد من موظفي الدولة وأعوان السلطة وممثلي الجماعات السلالية، وما زالت تعد بالعديد من التطورات التي قد تصل لمسؤولي العمالة ورجال سلطة غادروا المنطقة خلال الحركة الانتقالية الأخيرة التي أجرتها مصالح وزارة الداخلية منتصف غشت الماضي.
وفي أجواء طغى عليها الحزن وصيحات النساء وبكاء الأطفال الصغار، باشرت، في وقت مبكر من صباح الخميس الماضي، تعزيزات أمنية ضخمة مشكلة من عناصر الدرك والقوات المساعدة وشعب أمنية أخرى معززة بلوجستيك ضخم من الجرافات، عملية هدم غير مسبوقة بإقليم القنيطرة، استهدفت ما يناهز 130 "براكة" وصناديق إسمنتية ومنازل تم بناؤها بشكل عشوائي، بتواطؤ مع عناصر السلطة المحلية وموظفي الجماعة ونواب الجماعة السلالية بالمنطقة، الذين جرى اعتقال بعضهم نهاية الأسبوع الماضي، وأول أمس الاثنين، فيما لا زالت الأبحاث متواصلة لإسقاط مسؤولين آخرين لهم علاقة بهذا الملف الخطير الذي تفجر بمنطقة تقع بموقع استراتيجي على محور الرباط- القنيطرة، وحظيت بزيارة ملكية سنة 2005، وبرنامج تأهيل شامل ومندمج تحت رعايته، لم يكتب له النجاح، حيث توقف مستهل سنة 2009 لأسباب مجهولة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن المواطنين الذين استسلموا للأمر الواقع طالبوا بإنصافهم بعد تعرضهم لعمليات نصب مقننة، بعد أن عرض عليهم سماسرة وأعوان سلطة بإيعاز من نائب الجماعة السلالية مهندس العملية برمتها، صناديق إسمنتية وبقعا أرضية مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 4 و6 ملايين سنتيم، قبل أن يفاجؤوا، الخميس الماضي، بأن الأرض التي كانت تخضع للتجزيء في واضحة النهار، طبقت في حقها مسطرة نزع الملكية منذ سنوات، ومبرمجة لبرنامج سكني تابع لشركة العمران، في إطار مشاريع مهيكلة مؤطرة ومحكومة بتصميم تهيئة متوافق عليه، حسب مصادر "تيلي ماروك".
وبناء على تصريحات المواطنين الضحايا، باشرت عناصر الدرك الملكي بالمركز الترابي سيدي الطيبي، بتنسيق مع عناصر المركز القضائي بسرية القنيطرة، وتحت إشراف النيابة العامة المختصة، أبحاثا دقيقة في ملابسات هذه الفضيحة، قبل أن تسفر التحريات الأولية عن اعتقال جملة من المسؤولين وأعوان السلطة، يتقدمهم خليفة قائد وأربعة "مقدمين" و"شيخ قروي" ونائب الجماعة السلالية، ويرجح أن تشمل هذه الاعتقالات خلال الساعات القليلة القادمة، حسب مصادر عليمة، مسؤولين في السلطة المحلية انتقلوا للعمل بمواقع أخرى في المملكة بعد تنقيلهم في الحركة الانتقالية. كما لم تستبعد مصادر الجريدة أن تشمل التحقيقات والاعتقالات بعض المسؤولين والموظفين بالجماعة الحضرية التي كانت تختص بتوثيق العقود والمصادقة عليها، وكذا المصالح التقنية التي كانت تتكلف بالموافقة على إمداد سكان الحي الصفيحي بالكهرباء والماء الصالح للشرب.
وتبقى فضيحة سيدي الطيبي، حسب مصادر "تيلي ماروك"، وصمة عار في وجه كبار مسؤولي العمالة وأجهزة المراقبة، بعد أن فضح المواطنون الذين تابعوا عملية هدم أكواخ ومنازل عشوائية دفعوا مقابل تشييدها الملايين، أسرارا خطيرة تتعلق بطرق استفادتهم من البقع الأرضية والمبالغ المالية المؤداة لأجل ذلك، وهوية الأشخاص الذين كانوا يتفاوضون للحصول على البقع، علاوة على باقي المصالح التقنية الأخرى بالجماعة القروية والدائرة الترابية ومصالح الماء والكهرباء، وهي التصريحات التي انطلقت منها الأبحاث القضائية معلنة عن فضيحة كبرى تهدد بتسونامي من الإعفاءات والاعتقالات وسط مسؤولين بتراب عمالة القنيطرة.
وحسب الأبحاث الأولية المنجزة، فقد أكد بعض الضحايا أنهم كانوا يتفاوضون مع مالك الأرض الأصلي قبل تفويتها للدولة بموجب مسطرة نزع الملكية، والذي جرى اعتقاله هو الآخر، ليدخل شخص نافذ ضمن الجماعة السلالية على الخط، حيث يتم تمكينهم من البقع الأرضية أو الصناديق الإسمنتية، بعد توقيع عقود بيع يتكلف صاحب الأرض بتوثيقها لدى المصالح المختصة، ليتم الشروع، على مدى سنوات، في تشييد البناءات والمنازل بشكل عشوائي، أمام أنظار رجال السلطة وأعوانهم الذين يرجح أنهم كانوا يتسلمون مبالغ مالية مهمة تقدر بالملايين من طرف عضو الجماعة السلالية، لغض الطرف عن عمليات البناء التي كانت تتم في واضحة النهار، حتى أصبحت تغطي مساحات واسعة على عقار تبين أنه مملوك للأغيار، ويدخل في إطار مشروع استراتيجي مندمج لتأهيل النسيج العمراني بالمنطقة.