فيما اعتبر رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، التقدم "المعتبر" الذي أحرزته المملكة في مجال تحسين مناخ الأعمال، سيساهم في إنتاج الثروة وتوفير فرص الشغل، أكدت فرق المعارضة بمجلس النواب أن هذا الترتيب لم يكن له صدى في الحياة اليومية للمواطنين.
وأكد العثماني، خلال جوابه في الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة المنعقدة أول أمس الاثنين بمجلس النواب، حول "مناخ الأعمال"، أن لتحسين مناخ الأعمال آثارا إيجابية ليس فقط على المقاولات والمستثمرين، بل أيضا على عموم المواطنين، سيما من خلال مساهمته في محاربة الفقر وتقليص الفوارق الاجتماعية والنهوض بظروف عيش المواطن العادي. وأوضح رئيس الحكومة أن هذا الموضوع يعد رافعة أساسية لتقوية تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين جاذبيته لاستقطاب الاستثمار المنتج، وتعزيز مساهمته في إنتاج الثروة وتوفير فرص الشغل، وهي كلها مداخل، يضيف رئيس الحكومة، لتحسين عيش المواطنين، بحكم أن مختلف الإصلاحات القانونية والتنظيمية ذات الأثر الإيجابي على حياة المقاولة والأعمال، يستفيد بدوره منها المواطن العادي بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
وفي هذا الصدد، شدد رئيس الحكومة على أن تقدم المغرب في مؤشر مناخ الأعمال تحقق بفضل عمل جماعي تشاركي بين مختلف المتدخلين وباعتماد مجموعة من الإصلاحات والتدابير والإجراءات التي تساهم في تجويد العديد من الخدمات لكافة المواطنين، وترسيخ الشفافية والحكامة، لا سيما من خلال إمكانية الحصول على الوثائق المطلوبة والاطلاع على المعلومات عبر الإنترنيت وشبابيك موحدة، وتقليص الآجال والإجراءات وعدد الوثائق المطلوبة. ويتعلق الأمر أساسا بمجال تيسير تسليم رخص البناء، وتسهيل عمليات نقل الملكية وتقليص المدة الزمنية اللازمة لتسجيل عقود البيع، إلى جانب تبسيط عملية إنشاء المقاولة.
وتطرق رئيس الحكومة، أيضا، إلى أهمية تمكين المواطنين من الاطلاع على الأحكام الصادرة عن المحاكم وتتبع القضايا التي تهمهم عبر الإنترنيت، وكذا صدور هاته الأحكام في آجال معقولة، إضافة إلى رقمنة مجموعة من الخدمات المتعلقة بالحصول على الشواهد وبالتصريح وأداء الضرائب، وتعزيز حماية حقوق الأجراء في حالة معالجة المقاولات في وضعية صعبة، وحماية الشركاء الأقلية. واعتبر رئيس الحكومة أن هذه النتيجة الإيجابية "تدعونا إلى التفاؤل بمستقبل أفضل لمجال الاستثمار، وتحفرنا جميعا على المضي قدما في تنزيل خارطة الطريق المعتمدة لتحقيق هدف بلوغ المرتبة 50 في مؤشر ممارسة الأعمال في أفق سنة 2021".
وفي تعقيبها، ألقت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، مداخلة قوية نالت تصفيق الحاضرين في قاعة الجلسات، واعتبرت التقدم الذي أحرزه المغرب في التقرير الأخير لممارسة الأعمال بارتقائه إلى المرتبة 53 عالميا بين 190 دولة سنة 2020، لم يكن له صدى في حياة المواطنين، بل تم إعدام حوالي 8000 مقاولة، وتساءلت "ما الجدوى من الارتقاء في التصنيفات العالمية في أحد الميادين إذا بقي القطاع يتخبط في اختلالاته البنيوية؟". وتحدثت العزاوي عن تفشي الفساد، وقالت "للفساد كلفة كبيرة على الاقتصاد الوطني، لأنه يكلف المغرب 2 في المائة من النمو الاقتصادي سنويا"، وحملت المسؤولية للحكومة في "مواجهة التهرب والتملص الضريبي، وغيرها من الأوراش الجوهرية"، وأشارت إلى أن "الميزان التجاري وميزان الأداءات يعرف عجزا مزمنا وهيكليا، وعجزا في تفاقم متزايد، وهو مرتبط بعدم قدرة المغرب على الرفع من حصته من الصادرات داخل الأسواق الدولية"، وأضافت "للأسف الحكومة مستمرة في خطاب التضليل والتعتيم حول مؤشرات ممارسة الأعمال".
وبدوره، اعتبر البرلماني أحمد التومي، عن الفريق الاستقلالي، أن ارتقاء المغرب في تقرير مناخ الأعمال إلى الرتبة 53 لا يعني أن هذه المرتبة هي ترتيبه في قوة الاقتصاد، موضحا أن نسبة الشركات التي تفلس بلغت 8000 شركة سنة 2019، وأكد على أن ترتيب قوة المملكة الاقتصادية هو 128 عالميا، وخاطب رئيس الحكومة بالقول "ركزتم على تحسين التشريعات عوض التحسين الفعلي"، وهو ما أكده كذلك جمال بنشقرون كريمي، عن المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، بحديثه عن عدم وجود أي أثر واقعي لتحسن ترتيب المغرب في مناخ الأعمال على الحياة اليومية للمواطنين، مشيرا إلى استمرار ارتفاع المديونية وهجرة الكفاءات إلى الخارج، معتبرا أن تحسين ممارسة الأعمال لم ينعكس على نسبة النمو المستقر، إلى جانب إجبار المنظومة البنكية لتقوم بدعم الشركات الصغرى والمتوسطة، وتقييم الاستثمار العمومي.