شرعت لجنة المالية بمجلس النواب في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2020، وذلك على مدى يومين، خصصت لمداخلات النواب البرلمانيين، ورد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، صباح أمس الخميس، على هذه المداخلات بتقديم توضيحات مفصلة بخصوص المقتضيات الواردة في المشروع، ومنها بالأساس أولويات القانون، وكذلك المادة التاسعة المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية ضد الدولة، والتي أثارت الكثير من الجدل، كما قدم معطيات وتفاصيل بخصوص المديونية الخارجية. وفي هذه الورقة، ننشر أهم ما جاء في رد الوزير.
دافع وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، بقوة عن مقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2020، مشيرا إلى أن هذا القانون لا يخضع لمنطق التوازنات المالية، بل، على العكس من ذلك، تؤطر المشروع رؤية سياسية واجتماعية واقتصادية واضحة، وتم إعداده في إطار مواصلة تنزيل البرنامج الحكومي مع إعادة ترتيب الأولويات وفقا لتوجيهات الملك محمد السادس في خطبه الأخيرة.
أولويات قانون المالية
قال بنشعبون، خلال رده على مداخلات الفرق البرلمانية في اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، إن أولويات المشروع تتمثل في تكثيف الدعم للقطاعات الاجتماعية، وعلى رأسها التعليم والصحة، وإيلاء اهتمام خاص لتقليص الفوارق، إضافة إلى إعادة الثقة للمواطنين بشكل عام والمستثمرين والمقاولات بشكل خاص، من أجل الرفع من مستوى النمو وخلق فرص الشغل للشباب، مؤكدا أن مشروع قانون المالية تؤطره رؤية اجتماعية، وتم تخصيص أكثر من 30 % من الميزانية العامة للدولة وأكثر من 45 % من المناصب المالية لقطاعي الصحة والتعليم، وتم تخصيص 18 مليار درهم لتقليص الفوارق، و26 مليار درهم لدعم القدرة الشرائية للمواطنين. كما يتوفر المشروع على رؤية اقتصادية، ويتضمن مجموعة من التدابير الموجهة بالأساس لدعم الاستثمار والمقاولة، تجعل من سنة 2020 منطلقا للتأسيس لمرحلة جديدة تنبني على الثقة، وتقديم الدعم للمقاولة الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة عبر تخفيف الضغط الضريبي وتسهيل ولوجها للتمويل من أجل خلق فرص الشغل وبلوغ مستويات أعلى للنمو.
وفي رده على مداخلات اعتبرت أن مشروع قانون المالية مبني على رؤية محاسباتية من أجل ضبط التوازنات، قال بنشعبون، إنه «لو كان الأمر كذلك لما رفعنا استثمارات الميزانية العامة بـ5 ملايير درهم، ولما التزمنا بـ11 مليار درهم في إطار الحوار الاجتماعي، ولما حولنا 6,9 مليارات درهم للجهات، ولما خصصنا 10 ملايير درهم لتصفية دين الضريبة على القيمة المضافة لفائدة المقاولات»، وأضاف «لو كان هذا المشروع مبنيا على رؤية محاسباتية، لما كانت لدينا الجرأة والشجاعة من أجل البحث عن موارد بديلة ومبتكرة لتمويل المشاريع الاستثمارية العمومية في إطار الشراكة المؤسساتية والشراكة مع القطاع الخاص»، مؤكدا أن مشروع القانون سيفتح آفاقا رحبة لتطوير هذا النوع من الشراكات.
الحجز على ممتلكات الدولة
في ما يخص المادة 9 من مشروع قانون المالية، التي أثارت الكثير من الجدل، أكد بنشعبون على أن الحكومة لا تنوي من خلال اقتراح هذه المادة لا خرق الدستور ولا إفراغ الأحكام القضائية من محتواها، وأوضح أن هدف الحكومة في إطار مشروع قانون المالية برمته هو توطيد ثقة المواطن في مؤسسات بلاده وليس العكس، وقال «نحن حريصون أشد الحرص على احترام الأحكام القضائية، وعلى التنفيذ السريع لهذه الأحكام حتى نثبت ثقة المواطن في قضاء بلاده، ولكن نحن حريصون في نفس الوقت على ضمان استمرار المرفق العام في أداء الخدمات المقدمة للمواطن بشكل خاص». وخاطب بنشعبون النواب البرلمانيين بالقول «فلا يمكن أن تقبلوا كممثلي الأمة أن يتم الحجز على أجور الموظفين أو يتم الحجز على ميزانية مستشفى وتتوقف عملية علاج المرضى، وهذه حقوق دستورية نصت عليها مجموعة من الفصول وخاصة الفصل 154 من الدستور في ما يتعلق بوجوب الحفاظ على استمرارية المرافق العمومية في أداء خدماتها»، مشيرا إلى أن ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا بتحصين الأموال المرصودة لتسييرها من الحجز مع إيجاد وسائل بديلة تضمن إلزامية تنفيذ الحكم القضائي في مواجهة الدولة.
وقدم بنشعبون بعض المعطيات المتعلقة بالحجز على ممتلكات الدولة، حيث بلغت الحجوزات على أموال الدولة خلال الثلاث سنوات الأخيرة عشرة ملايير درهم، معتبرا أن هذا الارتفاع الكبير من شأنه تهديد التوازنات المالية للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، إذا لم تتم برمجة كيفية تنفيذ تلك الأحكام بشكل يراعي إكراهات الميزانية العامة ومحدودية المداخيل، وأضاف «فكما أن الحكومة مسؤولة عن هذه التوازنات، فأنتم كذلك كبرلمانيين مسؤولون عنها بموجب الفصل 77 من الدستور»، مشيرا إلى أن اقتراح منع الحجز على أموال أو ممتلكات الدولة، لا يعتبر عاملا تفضيليا للدولة بقدر ما هو إجراء لضمان استمرارية المرفق العام، علما أن منع الحجز يبقى مقيدا بمجموعة من الضوابط المنصوص عليها في المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 لضمان حق المتقاضين في الحصول على حقوقهم كاملة.
وعلاوة على ذلك، يقول الوزير، وفي إطار تبسيط المساطر وضمان تنفيذ الأحكام القضائية، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات من قبيل إدراج بنود تتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية في ميزانيات الإدارات العمومية والمؤسسات، وبرمجة اعتمادات سنوية لهذا الغرض تخضع لمسطرة الأداء بدون أمر مسبق (Sans ordonnancement préalable)، مؤكدا أن الحكومة تحرص على برمجة الاعتمادات الضرورية في إطار قوانين المالية، حيث يفوق مبلغ هذه الاعتمادات مليار درهم سنويا، وأشار، في هذا الصدد، إلى أن العديد من التشريعات الدولية تنص صراحة على مبدأ عدم الحجز على الأموال العمومية، في فرنسا وبلجيكا وكندا وسويسرا ومصر.
وأكد بنشعبون أن المادة التاسعة جاءت تنفيذا لمقتضيات المادة 14 من القانون التنظيمي لقانون المالية، التي تنص على أن نفقات تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة تندرج ضمن نفقات التسيير التي يتكلف قانون المالية للسنة بتحديدها وبيان كيفية أدائها، وبالتالي فإن أجرأة تنفيذ هذه النفقة لا يمكن أن تكون إلا في إطار القانون المالي للسنة، وأن التنصيص على عدم جواز الحجز على الأموال العمومية في إطار تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة، ما هو إلا نتيجة طبيعية ومحصلة قانونية لاحترام تلك الإجراءات عند أداء هذه النفقة، كما أن المادة التاسعة من مشروع قانون المالية جاءت منسجمة مع المقتضيات الدستورية، من خلال تحديد الجهة المخاطبة بالتنفيذ وتحديد أجل معلوم يلزم فيه الآمر بالصرف بالتنفيذ وفي نفس الوقت سعت لحماية المال العام وكل هذا في إطار تحقيق التوازن بين مقتضيات الدستور التي تنص على ضرورة احترام الأحكام القضائية لإلزاميتها، كما تنص في نفس الوقت على مسؤولية الحكومة في ضمان التوازنات المالية للميزانية العامة وضرورة الحفاظ على استمرارية المرفق العام.
الإصلاح الضريبي
بخصوص الإصلاح الضريبي الذي تناولته بشكل مستفيض مجموعة من التدخلات، قدم بنشعبون مجموعة من التوضيحات، وقال «لقد التزمت أمامكم السنة الماضية بعقد مناظرة وطنية حول الجبايات، وقد أوفيت بالتزامي وتم عقد هذه المناظرة شهر ماي الماضي، وقد شارك فيها كل الفاعلين وتم الاستماع إلى كل المقترحات بما في ذلك مقترحاتكم القيمة»، مبرزا أن المناظرة توجت بمجموعة من التوصيات سيتم تجميعها في مشروع قانون إطار يتم تنزيله تدريجيا على مدى الخمس سنوات القادمة. وكشف بنشعبون أن مصالح وزارة الاقتصاد والمالية قامت بإعداد مشروع القانون الإطار، وهو يوجد قيد الدراسة من طرف مصالح الأمانة العامة للحكومة في انتظار عرضه على مسطرة المصادقة وتقديمه للبرلمان في أقرب الآجال، مشيرا إلى أن مشروع قانون المالية يتضمن مجموعة هامة من التدابير التي تندرج ضمن هذه التوصيات، فمن أصل 33 تدبيرا مقترحا في إطار هذا المشروع، هناك 22 تدبيرا منبثقا من توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات.
وأوضح بنشعبون أن توصيات المناظرة تؤسس لمرحلة انتقالية سيتم خلالها اتخاذ مجموعة من التدابير لتوطيد الثقة وخلق مصالحة حقيقية للمواطن مع الضريبة والانتقال إلى مرحلة الامتثال والمواطنة الضريبية، ومن هذا المنطلق تم اتخاذ مجموعة من التدابير تهدف إلى التسوية الطوعية الجبائية، معتبرا أن الهدف من هذه التدابير ليس تشجيع التملص الضريبي أو ضخ موارد إضافية في خزينة الدولة لتقليص العجز، مؤكدا أن ميزانية سنة 2020 لم تتوقع ولو درهما واحدا من الموارد التي ستتأتى من المساهمات الإبرائية المقترحة، بل، على العكس من ذلك، تعتبر هذه المقترحات بمثابة فرصة بالنسبة للخاضعين للضريبة لتسوية وضعيتهم قبل الشروع في تطبيق الاتفاقية التي تربط المغرب والدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والمتعلقة بالتبادل الآلي للمعلومات الخاصة بالحسابات المالية ابتداء من سنة 2021، والشروع في تنفيذ توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات والقانون الإطار المرتبط بها، وبالتالي، ستكون سنة 2020 سنة انتقالية لإصلاح ضريبي أساسها المزيد من العدالة الجبائية والتحفيزات الملائمة للشركات الصغرى والمتوسطة.
وفي ما يتعلق بالتدابير المتخذة للملاءمة مع الالتزامات الدولية، أكد الوزير على أن الاتحاد الأوروبي الشريك، الاقتصادي والتجاري الأساسي للمغرب، اتخذ قراره السيادي بالالتزام باحترام المعايير الجبائية الدولية، كما قامت بذلك العديد من الدول، والمغرب، في إطار هذه الشراكة التي انتقلت إلى وضع جديد يسمى «بالتعاون الأوربي المغربي من أجل التقدم المشترك»، حريص على حماية مصالحه الاقتصادية المرتبطة أساسا بتشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل، وبالتالي فلم يتم اتخاذ أي تدبير في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2020 دون تقييم دقيق لأثره على المقاولة الوطنية والاستثمار بشكل عام.
وفي هذا الصدد، قدم بنشعبون مجموعة من التفاصيل المرتبطة بهذا الموضوع، ففي ما يخص نسخ الإعفاء لمدة خمس سنوات المتعلق برقم المعاملات المحقق من التصدير، فهذا التدبير لن يكون له أثر على المنشآت المصدرة لعدة أسباب، حددها الوزير في أن أغلبية الشركات المصدرة المحدثة تمارس نشاطا صناعيا يستفيد من الإعفاء لمدة خمس سنوات، وستواصل الشركات التي حققت عملية التصدير الأولى قبل فاتح يناير 2020، الاستفادة من الإعفاء الخماسي المتعلق بالتصدير إلى غاية انتهاء مدة هذا الإعفاء، ولا يتعدى معدل السعر الحقيقي الذي سيطبق على هذه الشركات 17 %، أخذا بعين الاعتبار الجدول التصاعدي، كما ستستفيد الشركات الصناعية من تخفيض سعر الضريبة على الشركات المطبق على رقم الأعمال المحقق محليا من 31 % إلى 28 %، مما سيمكن من تعويض رفع السعر من 17,5 % إلى 20 % بالنسبة لرقم الأعمال المتعلق بالتصدير.
أما في ما يخص مراجعة النظام التفضيلي المطبق على الشركات المكتسبة لصفة «القطب المالي للدار البيضاء» والمناطق الحرة التي للتصدير، بتطبيق سعر موحد محدد في 15 %، أكد الوزير على أن التدابير المقترحة في هذا الصدد اعتمدت بعد دراسة معمقة للوسائل الكفيلة بوضع حلول ذكية تمكن من ملاءمة النظام التحفيزي الحالي المخول للقطب المالي للدار البيضاء وللمناطق الحرة للتصدير مع المعايير الدولية، دون المساس بجاذبيتهما وتنافسيتهما، وذلك أنه على عكس ما يقال، فإن هذه التدابير ستحسن من هذا النظام التحفيزي وتحصن مكتسبات الشركات التي تستثمر في هذه المناطق، حيث سيمكن النظام الجديد المقترح من ضمان الإبقاء على النظام الجبائي الجاري به العمل حاليا بالنسبة للمنشآت المقامة في هذه المناطق قبل فاتح يناير 2020، والإبقاء على الإعفاء لمدة الخمس سنوات الأولى للاستغلال بالنسبة للشركات الجديدة التي ستستقر بهذه المناطق، وتخفيض سعر الضريبة على الشركات المطبق على رقم الأعمال المحلي المحقق من طرف الشركات المقامة في هذه المناطق من 31 % إلى 15 %، مما سيمكن من تعويض الزيادة في السعر المطبق رقم أعمالها المتعلق بالتصدير من 8,57 % إلى 15 %، علما أن أغلبية الشركات المعنية لا يتعدى رقم أعمالها المتعلق بالتصدير 60 %.
كما سيمكن النظام من التنصيص على تطبيق سعر 15 % بشكل دائم بالنسبة للمنشآت الجديدة التي ستستقر في المناطق الحرة للتصدير، المدة المحددة حاليا في 20 سنة، فضلا عن إمكانية استفادة بعض الشركات من تخفيض مبلغ الضريبة الإجمالي الذي تدفعه حاليا جراء تخفيض سعر الضريبة على الشركات المطبق على رقم أعمالها المحلي من 31 % إلى 15 %، مع إمكانية تسويق منتوجات الشركات المقامة في هذه المناطق دون شروط أو قيود سواء داخل التراب الوطني أو في الخارج. وأشار الوزير إلى أن بعض الفاعلين في «القطب المالي للدار البيضاء» طالبوا بمنحهم إمكانية اختيار الاستفادة من النظام الجديد نظرا للامتيازات الإضافية التي يخولها تطبيق سعر 15 % على رقم الأعمال الإجمالي، بدل الاستمرار في الاستفادة من النظام القديم.
أرقام وتفاصيل المديونية
في رده على تخوفات النواب البرلمانيين من ارتفاع حجم المديونية، أوضح بنشعبون أن مؤشر الدين الإجمالي للخزينة، عرف خلال العشرية الأولى من سنوات 2000 تراجعا ملموسا، حيث انتقل من نسبة 68,1 % من الناتج الداخلي الخام سنة 2000 إلى 46,1 % سنة 2009، إلا أنه نظرا للظرفية الاقتصادية الصعبة المرتبطة بتأثيرات الأزمة العالمية، عرف هذا المؤشر ارتفاعا ابتداء من سنة 2010 ليصل إلى حدود 58,2 % متم سنة 2012 ثم 63,3 % نهاية 2014 و65,1 % نهاية سنة 2017 و65,3 % سنة 2018، وبفضل الإصلاحات المعتمدة والتحكم في عجز الميزانية، قال الوزير إن الحكومة نجحت في تقليص وتيرة تطور مؤشر معدل المديونية نسبة إلى الناتج الداخلي الخام، حيث تراجعت من 3,9+ نقطة من الناتج الداخلي الخام كمتوسط سنوي بين 2009 و2013، إلى حوالي 1+ نقطة كمتوسط سنوي بين 2014 و2017، ثم إلى 0,3+ سنة 2018 وذلك بالرغم من التراجع النسبي لمعدل النمو الاقتصادي الذي عرفته هذه الحقبة.
وأضاف الوزير أنه، وبالرغم من أن نسبة المديونية قد تبدو مرتفعة، إلا أن الأهم يبقى هو مدى استدامة هذا الدين، إذ إن المستوى الحالي للمديونية يعد بعيدا عن الخط الأحمر، الذي حدده صندوق النقد الدولي بالنسبة للدول الصاعدة في نسبة 70 % من الناتج الداخلي الخام، والحال أن مديونية الخزينة بقيت في حدود 65,3 % نهاية سنة 2018، وقد أثبت اختبار القدرة على تحمل الصدمات المنجز من طرف صندوق النقد الدولي على مستوى الدين الحالي، أن دين الخزينة يبقى مستداما.
وبخصوص دين القطاع العمومي، أوضح الوزير بعض المفاهيم، حيث تبقى الاحصائيات المقدَّمة من طرف بعض الفاعلين بخصوص حجم الدين العمومي محدودة من حيث المعنى المتعارف عليه دوليا لأنها تعتمد على مفاهيم مختلفة ولا تتوافق بالضرورة مع المعايير التي تجب مراعاتها في هذا المجال. وأشار بنشعبون إلى أنه بناء على طلب نواب عن حزب الأصالة والمعاصرة، وضع رهن إشارة لجنة المالية مذكرة توضح المفاهيم المستخدمة لإعداد ونشر بيانات الدين الموحد، وبالتالي، فوفقا للمعايير الدولية الجاري بها العمل في هذا المجال، يبلغ حجم دين الخزينة ما يقارب 65 % من الناتج الداخلي الخام في حين يمثل حجم الدين الموحد للإدارات العمومية ما قدره 55 % من الناتج الداخلي الخام.
وأشار بنشعبون، في هذا الصدد، إلى أن الرقم المتداول لحجم الدين العمومي بالنسبة للناتج الداخلي الخام والمتمثل في 91 %، والذي تم قياسه على أساس مجمَّع للدين العمومي دون اللجوء إلى مبدأ توحيد البيانات، لا يتوافق بتاتا مع المعايير الدولية بما في ذلك تلك المعتمدة من طرف صندوق النقد الدولي، ولا يمكن أن يقبل كأساس للمقارنة بين الدول أو كمؤشر لتحليل استمرارية القدرة على تحمل الدين، مؤكدا أن اللجوء إلى الاستدانة يخضع للترخيص من قبل البرلمان، باعتبار أن مستوى المداخيل والنفقات وحاجيات التمويل السنوية يتم الترخيص لها في إطار قانون المالية السنوي، والذي يحدد سقفا لمستوى التمويلات الخارجية لا يمكن بأي حال تجاوزه، وتتم تغطية الفارق المتبقي من احتياجات التمويل بالموارد الداخلية.
وأوضح بنشعبون أنه، في إطار اللجوء إلى الاقتراض، تعمل الحكومة على احترام عدة مبادئ، أهمها توجيه الموارد المتأتية من القروض أساسا إلى المشاريع الاستثمارية، إضافة إلى إعادة تمويل استهلاك الدين، من أجل ذلك، تم تضمين القانون التنظيمي لقانون المالية قاعدة ذهبية تلزم الحكومة بتخصيص المديونية الإضافية للخزينة كليا إلى الاستثمار (المادة 20 من القانون التنظيمي لقانون المالية(، والتحكيم بين مصادر التمويل الداخلية والخارجية من أجل الحصول على شروط مواتية تضمن أقل كلفة ممكنة مع التقليل من مخاطر تقلبات أسعار الفائدة والصرف، وعلى أساس هذه القاعدة، فإن توقعات المشروع في هذا الباب منسجمة تمام الانسجام مع مقتضيات القانون التنظيمي للمالية، حيث إن المبلغ الصافي للاقتراض (أي 97.2 مليار درهم – 67.5 مليار درهم= 29.7 مليار درهم)، يبقى دون نفقات الاستثمار المتوقعة (78 مليار درهم).